logo

logo

logo

logo

logo

البوصلة المدوارية

بوصله مدواريه

gyroeompass -

   
   
   

البوصلة المدوارية

محمد وليد الجلاد

مبدأ الظاهرة المدوارية

المواصفات الرئيسية للبوصلة المدوارية

أخطاء الحركة الدائمة وطرائق تصحيحها

أقسام البوصلة المدوارية في السفن

البوصلات المعيدة

البوصلة المدوارية في الطائرات

 

البوصلة المدوارية (الجيروسكوبية) gyrocompass آلة توجُّه ودلالة، ولا تنتمي إلى أسرة البوصلات المغنطيسية، أساسها المدوار (الجيروسكوب) gyroscope، وتعمل عمله، اخترعها الأمريكي إلمر سبيري Elmer A. Sperry سنة 1911.

تدل البوصلة المدوارية -وتسمى أيضاً البوصلة الفلكية astrocompass- على الشمال الحقيقي. ويرتكز مبدأ عملها على دولاب سريع الدوران (مدوّم)، كالدولاب الموازن في المحركات (الحذافة flywheel)، يتغذى بالطاقة الكهربائية. يعلّق الدولاب على ثلاثة محاور متعامدة بعضها على بعض، بحيث يكون حر الحركة حول محوره الأصلي، ويدور مع محوره حول محور آخر أفقي، ويكون مركز الكتلة بكاملها متعامداً مع محور ثالث. من شروط عمل هذا الدولاب أن تكون كتلته متوازنة تماماً، وأن يُدوِّم بسرعة كبيرة، وأن يتغلب تدويمه على قوى الاحتكاك بما يكافئ سرعة دوران الأرض (الشكل 1)، ومحور الدولاب متطابق دائماً مع خط الشمال – الجنوب.

الشكل (1) مدوار حر الحركة.

لا تتأثر البوصلة المدوارية بتشويش الحقول المغنطيسية الناجمة عن الدارات الكهربائية أو عند وجودها بالقرب من المعادن الحديدية، وتعتمد السفن الكبيرة عليها في إبحارها، وتستعين بالبوصلة المغنطيسية بديلاً احتياطياً عادة. يحمل كل مركب بحري اليوم تقريباً بوصلة مدوارية رئيسية واحدة على الأقل مثبتة في حجرة خاصة بها، إضافة إلى منظومة اتصالات متكاملة تربط بينها وبين البوصلات المعيدة repeaters التي تستخدم في المركب لغايات مختلفة، منها: إدارة دفة السفينة steering وتحديد الموقع position finding وتسجيل المسار (المنحى) course recording. كذلك قد تُزوَّد بعض السفن بملاح مدواري (ملاح آلي) gyropilot or" Metal Mike"، يتحكم بدفة السفينة أتماتياً، وهو أدق من التحكم اليدوي.

تتمتع البوصلة المدوارية بالأفضلية؛ لأن لها ميزتين رئيسيتين تتفوق بهما على البوصلة المغنطيسية:

- تدل على الشمال الحقيقي، أي محور دوران الأرض بدلاً من الشمال المغنطيسي.

- لا تتأثر بالمعادن الحديدية الممغنطة التي يتألف منها جسم السفينة (ومن ضمنها الحديد الزهر أو الفولاذ أو الكوبالت أو النيكل أو أي خليطة منها).

مبدأ الظاهرة المدوارية Gyroscopic phenomena:

هذه الظاهرة موجودة في كل الأجسام الدوارة كالدوّامة (البلبل الدوّار أو الخذروف) والدراجة وغيرها، وتعتمد على خاصتين رئيسيتين، هما: العطالة المدوارية ’gyroscopic inertia أو ما يسمى الثبات في الفضاء rigidity in space، والمبادرة (المداورة) precession.

1- العطالة المدوارية أو الثبات في الفضاء:

تتمثل هذه الخاصة في ثبات الجسم المدوّم وميله إلى البقاء على اتجاه واحد على الدوام؛ أي إنه يحافظ على مستوى تدويمه عمودياً على محوره، وهو ما يتطابق مع قوانين نيوتن في الحركة. فإذا كان المدوار حر الحركة تماماً، ويدوِّم باستمرار، وكان محور تدويمه spinning axis أفقياً عند خط الاستواء بالاتجاه شرق-غرب؛ فإن دولابه المدوّم يدور ظاهريّاً حول محور أفقي متعامد مع محور التدويم بمعدل دورة واحدة revolution في اليوم الواحد بسبب ارتباطه بحركة دوران الأرض حول محورها القطبي، ويبقى محور تدويمه موازياً لوضعه الأصلي في الفضاء (الشكل 2). وعليه ستكون النهاية الغربية لمحور المدوار بعد مضي ثلاث ساعات على تدويمه متجهة ظاهرياً إلى الشمال ومنحرفة بمقدار 45° عن وضعها الأصلي، وسيكون المحور شاقولياً تماماً بالنسبة إلى سطح الأرض بعد مضي ست ساعات على تدويمه منحرفاً عن وضعه الأصلي ربع دورة في ربع يوم. وبعد مضي 12 ساعة يعود المحور أفقياً من جديد، وستبدو نهايتاه على حالهما الأول ظاهرياً بالنسبة إلى مشاهد ينظر نحو الشمال. غير أن الحقيقة؛ أن محور المدوار ظل موازياً لوضعه الأصلي في الفضاء، ويشير إلى الاتجاه الأصلي فيه. تستمر هذه الحركة الظاهرية حتى تُتِم الأرض دورتها الكاملة حول نفسها في 24 ساعة، ويعود محور المدوار إلى موضعه الأول مجدداً.

الشكل (2) أوضاع مدوار يدوّم عند خط الاستواء ومحوره أفقي.

أما إذا دوَّمَ مدوار حر الحركة تماماً ومحوره أفقي عند القطب الشمالي أو القطب الجنوبي للكرة الأرضية، فسوف يكون محوره متعامداً مع المحور القطبي للأرض. ولما كان المدوار يحافظ على اتجاه محور دورانه في الفضاء، فإن له حركة ظاهرية حول محوره الشاقولي (الشكلان 3 و4). وتجدر الإشارة هنا إلى أن حركة المدوار الظاهرية عند القطبين هي حول المحور الشاقولي، ولكن حركة المدوار عند خط الاستواء مرتبطة بالفترة من اليوم، وهي جزئية حول الخط الشاقولي المار في مركز الأرض، وجزئية حول المحور الأفقي للمدوار.

الشكل (3) أوضاع مدوار يدوّم عند القطب ومحوره أفقي. الشكل (4) أوضاع مدوار يدوّم في وضع وسط.

إذا ترك المدوار مدوِّماً عند خط الاستواء ومحوره أفقيٌّ وموازٍ لخط الزوال meridian، فإنه يبقى في الوضع نفسه دالاًّ على الشمال الحقيقي وموازياً لمحور الأرض القطبي، ولا توجد أي حركة ظاهرية؛ إذ يبقى محور المدوار موازياً لمحور الأرض مع أنه يتحرك معها بسرعة دورانها. يضاف إلى ذلك أن محور المدوار يبقى مستقراً بالنسبة إلى ما يحيط به على الأرض، مع بقائه ثابتاً في اتجاهه بالنسبة إلى الفضاء. فإذا توفرت هذه الشروط تسمى هذه الحالة وضع الهجوع أو السكون resting position. وهو الوضع الوحيد للمدوار عند خط الاستواء (الشكل 5).

الشكل (5) وضع الهجوع لمدوار يدوّم عند خط الاستواء.

عند العروض العليا يكون وضع الهجوع الحقيقي الوحيد للمدوار المدوِّم الحر الحركة تماماً إذا بدأ بالتدويم ومحوره موازٍ لمحور الأرض القطبي. وعند خط العرض 50 شمالاً سوف يميل tilt محور المدوار الذي يدوّم في وضع الهجوع الحقيقي بزاوية ميل عن الأفق مساوية زاوية خط العرض (الشكل 6)، ويكون محوره موازياً خط الزوال؛ ونهاية المدوار الشمالية متجهة إلى أعلى. هناك- على كل حال- أسباب لهذا الميل؛ إذ يجب أن يكون محور المدوار في البوصلة المدوارية أفقياً تقريباً. ومن ثَم يكون محور البوصلة المدوارية موازياً للمحور القطبي للأرض لدى استعمال البوصلة عند خط الاستواء فقط.

الشكل (6) المدوار يدوّم بالاتجاه شمال - جنوب بعيداً عن خط الاستواء،
ويتحرك حول محوره الأفقي والشاقولي.

والمدوار الحر الحركة تماماً قابل للنقل إلى أي مكان أو التنقل مع دوران الأرض من دون أن يطرأ أي تغير على اتجاه محوره بالنسبة إلى الفضاء، ولا يتأثر المدوار بأي قوة انتقال مهما كان شأنها.

2- المبادرة (المداورة) precession: هي خاصة مميزة للمدوار عند تطبيق مزدوجة couple عليه تتسبب في تحركه. ولكن حركته لن تكون في اتجاه المزدوجة؛ وإنما بزاوية قائمة على محور المزدوجة المطبقة.

يمكن استعراض هذه الخاصة بتطبيق قوة على المدوار لتبديل مستوى دوران دولابه المدوّم. فإذا كان الدولاب يدوّم باتجاه الأعلى كما يشير السهم في الشكل (7)، وكانت القوة المطبقة عليه تحاول تغيير وضعه حول المحور الأفقي فسوف يقاوم المدوار هذه القوة، وبدلاً من أن يتحرك في اتجاه القوة المطبقة سوف ينعطف باتجاه السهم المشار إليه بكلمة «مبادرة». وسيستمر انعطافه في ذلك الاتجاه ما دامت القوة مطبقة عليه حتى يتوازى مستوى تدويمه مع مستوى القوة، أو حتى تزول القوة تماماً. وعند عكس اتجاه التدويم وتكرار التجربة (الشكل 8) ستتكرر الظاهرة نفسها فيما عدا أن ينعطف الدولاب بالاتجاه المعاكس. إن الحركة الملاحظة التي تسمى المبادرة هي دائماً حول محور المدوار بزاوية قائمة بالنسبة إلى محور القوة الضاغطة، وبزاوية قائمة أيضاً بالنسبة إلى محور الدولاب المدوِّم.

الشكل (7) أثر القوة المطبقة على المحور الشاقولي وحركة المدوار متجهة إلى أعلى. الشكل (8) أثر القوة المطبقة على المحور الشاقولي وحركة المدوار متجهة إلى أسفل. الشكل (9) المبادرة (المداورة) المستمرة.

فإذا ما غدت القوة المطبقة على منظومة المدوار دائمة تغدو المبادرة مستمرة. وهذا موضح في الشكل (9) الذي يبين أن المدوار يدوّم ومحوره أفقي مع ثقل معلق في نهايته. في هذه الحالة سوف يدور الدولاب المدوِّم حول محوره الشاقولي، ويستمر في اللحاق بالثقل، وتكون المحصلة مبادرة مستمرة تتوقف من فور إزالة الثقل. تتناسب سرعة المبادرة طرداً مع القوة المطبقة؛وعكساً مع وزن الدولاب المدوّم وسرعة تدويمه مقدرة بدورة في الدقيقة.

المواصفات الرئيسية للبوصلة المدوارية

إذا وضع دولاب مدوار على الأرض عند خط الاستواء ومحوره موازٍ لمحور دوران الكرة الأرضية فسوف يبقى في دائرة خط الزوال. غير أنه إذا رُكّب المدوار في سفينة فسوف يخضع لقوى تشويش، ناجمة عن حركة السفينة وتمايلها، تحاول حرفه عن دائرة خط الزوال. ولكي يُستعمل المدوار بوصلة يجب أن يبقى محوره ثابتاً على خط الزوال عند أي خط عرض وألا يتأثر بحركة السفينة. وعليه يجب أن تكون البوصلة المدوارية حرة الحركة من دون أي احتكاك لحواملها وأي قوة قد تشوش عليها.

1- البحث عن الشمال North seeking: بوجود الخاصتين السابقتين: العطالة والمبادرة، وبالاستفادة من خاصتي الأرض الطبيعيتين، أي دوران الأرض والجاذبية؛ يمكن أن يُصنع من المدوار باحث عن الشمال north-seeking، فإذا ما وضع محور هذا المدوار على دائرة خط الزوال الحقيقي true meridian؛ فسوف يبقى هناك إلى ما لا نهاية ما دامت التغذية الكهربائية للمدوار مستقرة، ولم يسمح لأي قوى خارجية بالتشويش عليه.

تصمم أغلب البوصلات المدوارية بحيث تكون حركتها متذبذبة (نواسية) pendulous بوساطة ثقل معلق بمحور الدولاب المدوّم (الشكل 10). فإذا افترض أن البوصلة المدوارية عند خط الاستواء ومحور تدويمها أفقي ومتجه نحو شرق خط الزوال، فسوف يكون طرف المدوار الشمالي منحرفاً إلى أعلى ما بقي المدوار محافظاً على اتجاهه في الفضاء؛ في حين تدور الأرض من تحته. لكن الثقالة تجذب الثقل إلى أسفل باتجاه مركز الأرض، ولها التأثير نفسه في القوة المطبقة على المحور الأفقي. ولأن الدولاب يدوِّم باتجاه دوران عقارب الساعة للناظر ووجهه إلى الجنوب، فإن حركة المبادرة ستكون باتجاه الغرب. وكلما ازداد الانحراف نحو الأعلى يزداد عزم الثقالة بمعدل المبادرة نفسه. وعندما يصبح المدوار فوق خط الزوال تماماً يصل انحراف المحور نحو الأعلى إلى أقصاه؛ ومقدار المبادرة إلى حده الأعظمي. هنا يبدأ الانحراف بالتناقص، ويتناقص معه مقدار المبادرة حتى يصبح طرف المحور الشمالي أفقياً، والعزم صفراً، وتنعدم حركة المبادرة لعدم وجود قوة جذب. ولأن الأرض باقية على دورانها فسوف تحاول حرف محور المدوار انحرافاً طفيفاً نحو الأسفل، وينعكس جذب الثقالة بنسبة انعكاس اتجاه المبادرة. يستمر الانحراف نحو الأسفل حتى يعود المحور موازياً خط الزوال؛ في حين تتسارع حركة المبادرة نحو الشرق. عند هذه النقطة يختفي الانحراف ويعود محور المدوار إلى الوضع الأفقي الذي بدأ الاهتزاز عنده. وهكذا تهتز النهاية الشمالية للمدوار النواسي جيئة وذهاباً متقاطعة مع خط الزوال تقريباً (الشكل 11). وفي كل مرّة تمر فيها نهاية المحور المدوّم الشمالية على خط الزوال ينحرف المدوار إلى الأعلى أو الأسفل، ولا يشير إلى خط الزوال إلا في لحظة مروره فوقه، وهذا يعني أنه لا يصلح في هذه الحالة أداة ملاحية. ولكي يُستعمل المدوار النواسي بوصلة من الضروري بقاؤه مستقراً ودالاً على خط الزوال باستمرار، ويجب تخميد اهتزازه أو منعه.

الشكل (10) مدوار نواسي بسيط. الشكل (11) أثر الجاذبية وحركة المبادرة الناجمة عنه.

2- تخميد الاهتزاز damping the oscillations: تستخدم لهذه الغاية تقنية تدعى اندفاع الزيت oil ballistic؛ بوضع خزانين للزيت على الجانبين الشمالي والجنوبي للدولاب المدوم متصلين من قعرهما بأنبوب. فإذا كان الطرف الشمالي لمحور المدوار متجهاً نحو شرق خط الزوال وكان الخزانان على النحو المبين في الشكل (12) والمحور أفقياً، وفي كل من الخزانين كمية متساوية من الزيت؛ فعندما ينحرف (يميل) محور المدوار إلى أعلى بفعل دوران الأرض يسيل الزيت إلى الخزان الجنوبي، أي الخزان الأدنى، ويتسبب الثقل في بدء مبادرة المدوار نحو خط الزوال، أي إلى الغرب. يتابع الزيت الجريان من الخزان الشمالي إلى الخزان الجنوبي بمعدل جريان ضئيل بسبب مقاومة الأنبوب الضيق الذي يمر فيه. وفي اللحظة التي يبلغ فيها محور المدوار الشمالي خط الزوال تكون قد مرت كمية معقولة من الزيت من الخزان الشمالي إلى الخزان الجنوبي، ويتجمع فيه زيت فائض يولد عزماً معاكساً لقوة الثقل. ويبدأ تأثير الثقل بالتناقص مع اقتراب محور المدوار من خط الزوال، وتتضاءل قيمة المبادرة عملياً. وفي حال إيجاد التناسب الصحيح بين نواس المدوار ومعدل انتقال الزيت يمكن وقف الاهتزاز المبدئي أو تخميده (الشكل 13).

الشكل (12) ترتيبات اندفاع الزيت لتخميد الاهتزاز. الشكل (13) أثر تخميد الاهتزاز.

3- المبادرة المستمرة باتجاه خط الزوال continuous precession toward the meridian: لكي يبقى المدوار على خط الزوال دائماً في كل العروض يجب أن يجبر على المبادرة بمحوره الشاقولي نحو الغرب بالسرعة التي تحمل فيها الأرض المدوار بعيداً نحو الشرق.

في العروض الشمالية لا يبقى محور المدوار على خط الزوال إذا حافظ على اتجاهه في الفضاء، وبعد بضع ساعات سوف يكون قد انحرف بمقدار كبير كما في الشكل (14- أ)، والسبب في هذه المبادرة المستمرة غرباً هي القوة المطبقة على محوره الأفقي. ولا تؤثر هذه القوة إلا عندما ينحرف المدوار نحو الأعلى أو الأسفل. تستقر البوصلة المدوارية على خط الزوال مع انحراف محور التدويم انحرافاً ضئيلاً إلى أعلى تنجم عنه قوة مديرة نحو الغرب بفضل عامل النوسان الذي يبقي البوصلة على خط الزوال كما في الشكل (14- ب).

الشكل (14)

أخطاء الحركة الدائمة وطرائق تصحيحها constant motion errors

1- خطأ السرعة speed error: يتوقف مقدار خطأ السرعة على سرعة حركة المركب الحامل للبوصلة ومساره وخط العرض الذي هو عنده. فالمركب على خط الاستواء يكون محمولاً بدوران الأرض بسرعة نسبية velocity تساوي 900 عقدة. وعلى أي خط عرض باستثناء خط الاستواء تصبح السرعة النسبية 900 مضروبة بتجيب خط العرض. فإذا كان المركب متوجهاً إلى الغرب تكون سرعته معاكسة لدوران الأرض.

إذا انطلق المركب (الشكل 15) من النقطة A بسرعة 0.66 م/د (20 عقدة) على طول الخط \A-A وسرعة دوران الأرض 28163 م/د على امتداد الخط A-B؛ تكون السرعة الفعلية والاتجاه الذي تُحمل فيه البوصلة حول الفضاء هو A-C، والمحور الفعلي الذي تدور حوله ليس محور الأرض القطبي N-S (ش-ج)؛ وإنما محور آخر بزاوية قائمة على الخط A-C. ومن ثَم سوف يستقر محور المدوار على الخط N-S وليس على خط الزوال أيضاً. وسوف يكون الشمال الحقيقي إلى الشرق من الشمال المشار إليه بالزاوية ، ومقدارها 1.25° درجة إذا ظلت سرعة المركب 20 عقدة.

الشكل (15) خطأ السرعة والمنحى وخط العرض.

إذا انطلق المركب من خط الاستواء جنوباً؛ فسوف يكون الانحراف إلى الجهة المعاكسة، أي إن الشمال الحقيقي سوف يكون إلى الغرب من الشمال المشار إليه. وأما إذا كان المسار لا إلى الشمال ولا إلى الجنوب؛ فسوف يكون الانحراف بقيمة وسط بين الصفر و 1.25 درجة. وأما إذا سار المركب على درجة العرض 60 شمالاً بسرعة 0.66 م/ د ( 20 عقدة) باتجاه الشمال على الخط \E-E وكانت سرعة دوران الأرض عند خط العرض هذا E-F تساوي 14082 م/ د؛ فإن البوصلة ستحمل بسرعة مقدارها E-G، وتدور حول المحور "N"-S بزاوية قائمة مع الخط E-G. وسوف يقوِّم المحور نفسه؛ ليتطابق مع الخط "N"-S. وهكذا سيكون الشمال الحقيقي عند هذا العرض وبالسرعة المذكورة عند الزاوية 2.5° درجة إلى الشرق عما تشير إليه البوصلة. وعند الإبحار شمالاً أو جنوباً سيكون الانحراف بين الصفر و2.5° درجة.

2- خطأ الانحراف الدفعي (البالستي) ballistic deflection error: يفترض أن محور المدوار في الشكل (16) على امتداد الخط A- O. والخط N- O هو الشمال الحقيقي، والزاوية NOA هي خطأ السرعة بالنسبة إلى المنحى شمالاً، والسرعة هي 20 عقدة. إن خطأ السرعة يساوي الصفر بالنسبة إلى الشرق الحقيقي؛ مهما كانت سرعة الإبحار وعلى أي خط عرض. ومن ثَم يشير محور المدوار إلى الخط O- N؛ إذا كان المنحى شرقاً. أما إذا أبحر المركب شمالاً بسرعة 20 عقدة، وأراد أن يبدل مساره نحو الشرق؛ فسوف يستغرق انعطافه نحو دقيقتين، وفي أثناء ذلك يجب أن يداور الطرف الشمالي للمدوار نحو الشرق، وسوف يشير محوره إلى الخط O-N. فإذا لم يشر المدوار في أثناء ذلك إلى الشمال الحقيقي؛ فسوف تكون القراءة خاطئة على البوصلة وعلى المعيدات. لذا يجب أن يكون للبوصلة مقدار محدد من النوسان عند خط العرض؛ لتداور نحو النقطة المطلوبة للمنحى الجديد. ويصحح خطأ الانحراف الدفعي هذا بتعديل سرعة تدويم المدوار بما يتناسب مع تجيب موضع المركب على خط العرض بوساطة مقاومة متغيرة rheostat على لوحة التحكم.

الشكل (16) خطأ الانحراف الدفعي السفينة تتجه شمالاً.

3- خطأ التخميد الدفعي ballistic damping error: عندما تتعرض البوصلة لقوة عطالة سببها تسارع حركة المركب أو تباطؤها في أثناء تبديل منحاه أو سرعته؛ تسمح ترتيبات التخميد الزيتي في البوصلة بجريان كمية قليلة من الزيت من أحد الخزانين إلى الآخر، ينجم عنه عدم التوازن في كتلة البوصلة ومبادرة حول محورها الشاقولي تتسبب في اهتزاز يجب تخميده. ويجري تلافي الخطأ في كل البوصلات الحديثة عند تبديل المنحى بزاوية 15 درجة أو أكثر عن طريق صمام ذي ملف لولبي solenoid-operated valve تتحكم به قاطعة ضمن منظومة جريان الزيت.

4- الخطأ الربعي quadrantal errors: إن القوى الطاردة المركزية الناجمة عن تمايل السفينة طولاً وعرضاً محيدة في البوصلة عن طريق المحافظة على توزع كتل العناصر الحساسة في المستوى الأفقي. ويتحقق ذلك بتدعيم العنصر الحساس بكرة فولاذية مجوفة تطفو على خزان زئبق مركزي لتوفير استقراره، وبتركيب مدوارين بدلاً من واحد لمنع تأرجح البوصلة شرقاً وغرباً إضافة إلى الشمال- الجنوب.

أقسام البوصلة المدوارية في السفن

تتألف البوصلة المدوارية من الأقسام الأساسية التالية:

1- البوصلة الرئيسية: وتشمل وحدة البحث عن الشمال وغلافها وآلية المتابعة. يراوح وزن الجسم الدوار في البوصلة المدوارية الرئيسية بين 500غ و25 كغ. ويدير المنظومة الدوارة محركٌ كهربائيٌّ بسرعة تزيد على آلاف الدورات في الدقيقة. وأما إطارها الذي يسمى «الشبح» phantom؛ فحركته مستقلة. فإذا بدلت السفينة مسارها؛ يتحرك الشبح مع حركتها؛ ولكن منظومة الدولاب المدوم تحافظ على اتجاه الشمال. ومن ثَم يحدث عدم تطابق بين اتجاه الشبح والمنظومة المدومة، فيرسل الشبح إشارة إلى محركه المدير، ويقوم المحرك بإدارة الشبح حتى يتطابق اتجاهه مع المنظومة الدوارة. وتراوح قيمة هذه الحركة بين أجزاء الدرجة وبضع درجات على حلقة البوصلة. وفي أثناء عودة الشبح إلى التطابق يرسل نبضات كهربائية إلى المعيدات بمقدار درجة انحرافه (الشكل 17).

الشكل (17) البوصلة المدوارية الرئيسية من دون الحامل.

2- لوحة التحكم: وتشمل أجهزة القياس ومفاتيح التحكم والمعايرة الدفعية للبوصلة الرئيسية.

3- لوحة المعيدات: تركب عادة تحت لوحة التحكم، وتشمل مفاتيح التحكم بالبوصلات المعيدة.

4- لوحة المتابعة: وتحتوي على الأنابيب المخلّاة التي تتحكم بآلية المتابعة، وتركب تحت لوحة المعيدات.

5- مجموعة المحرك - المولد المخصصة لتغذية المدوار.

البوصلات المعيدة

وهي تتلقى القراءات من البوصلة الرئيسية من بعد، وتدل على مسار حركة السفينة في مراكز بعيدة عنها عن طريق إرسال مؤشرات البوصلة المدوارية الرئيسية إلى تلك البوصلات المعيدة لقراءتها. وقد يُجهز المركب التجاري المتوسط بأكثر من بوصلة من هذا النوع: كأن يُجهز ببوصلة توجيه steering compass لها شاشة أو قرص مدرج مكبر scale dial، وببوصلة معيدة لقراءة الاتجاه bearing repeater واحدة على الأقل، وبمعيدة قراءة مقرونة بكاشف الاتجاه اللاسلكي radio direction finder ، وبمعيدة متوافقة مع المحرك في رادار تحديد الموقع Radar PPI للمحافظة على اتجاه الشمال. كما يمكن أن يزود المركب أيضاً بمعيدة مع مسجل المسار لتسجيل المسار الدقيق بيانياً من دون توقف.

البوصلة المدوارية في الطائرات

ظل استخدام البوصلة المدوارية في الطائرات غير عملي لسنوات كثيرة بسبب سرعتها الكبيرة وتبدل ارتفاعها السريع والحاد. وكما أشير سابقاً؛ فإن احتمال الخطأ في الاتجاه شمال – جنوب لأي مركب مرهون بسرعته. لذلك تستخدم في الطائرات بوصلات مدوارية معدلة عن البوصلة البحرية. تركب هذه البوصلة على منصة platform يوفّر استقرارها عن طريق إشارات تصدر عن البوصلة. تُوازى المنصة قبل الإقلاع مع المحور الشاقولي المحلي ومع الشمال الحقيقي باستخدام التقنيات المبدئية المطبقة في البوصلة البحرية. وتختصر الدقائق الأربع والثمانون التحضيرية إلى 5-30 دقيقة بحسب الدقة المطلوبة، ويتم ذلك بتضخيم الإشارات الصادرة عن محسات الانحراف والميل أو بوساطة مسرِّعات accelerometers على المنصة للإسراع في موازنة ميل المنصة وتوازيها مع الشمال. ويحفظ الاتجاه والارتفاع بعد تحديدهما في ذاكرة البوصلة طوال الرحلة. يمكن حساب سرعة الطائرة من معطيات المسرّعات، ويستعان بها لتصحيح سرعة المركبة ومنحاها. ويمكن الاستغناء عن التوجيه الأولي قبل الإقلاع والتوازي مع الشاقول المحلّي بالتحكم في هذه المنظومة في أثناء الطيران بمساعدة مِحَسّات سرعة مستقلة، مثل رادار دوبلر أو منظومة المواضع العالمية. إن الجمع بين المنصة المستقرة عطالياً stable inertial platform والرادار يسمح بتحديد المحور الشاقولي المحلي وسرعة الطائرة في أثناء الطيران. تدخل هذه المعطيات إلى مخدم مدوار السمت الخاص بالمنصة؛ ليسمح لها بتنفيذ مهام البوصلة في أثناء الرحلة. ويجب أن يكون رادار دوبلر جيداً وعالي الدقة. ولتحقيق 0.1 من دقة البوصلة يجب أن تكون سرعة الطائرة نحو عقدة واحدة (0.5 ميل/ثا) عند خط العرض 45. في البوصلات المدوارية الحديثة أزيلت مجموعة المناصب المزدوجة gimbals التي تحمل المنصة باستخدام مدوارات مع مسرعات مثبتة فيها body-mounted gyroscopes.

البوصلة ذات المدوار الليزري

أدى تطوير الليزر الحلقي إلى تصميم بوصلات مدوارية خفيفة الوزن صغيرة الحجم بدقة مماثلة وبكلفة أقل من تكلفة منظومة المنصب المزدوج السابقة أو يقوم شعاع الليزر الدائر مقام الدولاب. يمكن استخدام معطيات الرادار دوبلر عن السرعة لتحقيق التوازي في أثناء الطيران. وتُعدّ بوصلة الليزر الحلقي المدوارية ring-laser gyroscopes موثوقة جداً وتحافظ على دقتها زمناً طويلاً جداً. وتُستخدم على نطاق واسع في التطبيقات التجارية والعسكرية. ويستخدم في هذا النوع المدوار الليزري الذي يتألف من نمطي تجاوب يدوران باتجاهين متعاكسين على المسار نفسه، ويستعمل الفرق بين تواتريهما للكشف عن تغير اتجاه الدوران نتيجة تداخلهما الذي يلاحظ خارجياً (الشكل 18).

الشكل (18) بوصلة الليزر الحلقي المدوارية.

 صنع أول ليزر لهذا الغرض عام 1963. وتستعمل حالياً ليزرات مشابهة تستعمل ألياف ضوئية fiber optic gyroscope لمسارات تعطي التجاوب. ومع أن حساسية ليزر الألياف في دورة واحدة أقل من الليزر الحلقي إلا أن إمكان صنعه من ألياف طويلة ملتفة تحسن الحساسية لتتخطى حساسية الليزر الحلقي. ويجب عدم الخلط هنا بين البوصلة المدوارية ومدوار تحديد الاتجاه؛ إذ إن هذا الأخير مدوار يخدم البوصلة المغنطيسية، ولا يبحث عن الشمال تلقائياً. كما أن معظم الطائرات التقليدية مجهزة بمدوار خاص بتحديد اتجاه الشمال.

مراجع للاستزادة:

- M. N. Armenise, C. Ciminelli, F, Dell’Olio, V. M. N. Passaro, Advances in Gyroscope Technologies, Springer 2014.

-R. Anschütz, Gyro Compass Technology for Over Than 100 Years

-R. Anschütz Gyrocompass: Steaming Error, Navis. 2008.

-NASA, NASA Callback Safety Bulletin website, 2005.

-N.Bowditch, American Practical Navigator, Paradise Cay Publications, 2002.

-D.J.House. Seamanship Techniques: Shipboard and Marine Operations, Butterworth-Heinemann, 2004.

- H. C. Lefevre, The Fiber-Optic Gyroscope, Artech House; 2014.


التصنيف : التقانات الصناعية
النوع : التقانات الصناعية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 520
الكل : 31754044
اليوم : 29505