logo

logo

logo

logo

logo

الأرض الصنعية

ارض صنعيه

Artifical land - Terre artificielle



 

الأرض الصُّنعية

 

استصلاح الأراضي الرطبة

الجزر الصُّنعية

نماذج من الأرض الصُّنعية في العالم 

الآثار المترتبة على إنشاء الأراضي الصُّنعية

 

 

 

الأرض الصُّنعية  artificial land أو الاصطناعية هي أراضٍ جديدة تظهر إثر عمليات تجفيف أو ردم المياه الداخلية أو الساحلية وتحويلها إلى استعمالات بديلة. وتنشأ إما على حساب مياه البحار وإما الأنهار وإما البحيرات، وتمثل أجزاء كبيرة من مناطق العالم؛ حيث جففت أو ردمت أجزاء من شواطئ هولندا وإيرلندا، ونيو أورليانز وسان فرانسيسكو الأمريكيتين، والكيب في جنوب إفريقيا، ومومباي الهندية، ومنطقة وسط بيروت. وتشكل الأراضي الصُّنعية نحو 25 % و22 % من مساحة جزيرتي هونغ كونغ وسنغافورا على التوالي، ونحو 8 % من مساحة أوربا. ووفقاً للتقديرات، تغطي الأراضي الصُّنعية الساحلية نسبة تراوح بين 20 و100  % من إجمالي مساحة المواقع المطوَّرة، بمتوسط يبلغ 54 % في البلدان المطلة على سواحل البحر المتوسط. ومؤخراً ظهرت أنواع أخرى من الأرض الصنعية العائمة؛ كالأراضي والجسور، والمدن العمرانية والصناعية، ومنصات التنقيب عن النفط، والمطارات، وغيرها...(الشكل 1).

الشكل (1): جزيرة النجم الشمالي Northsta للتنقيب عن النفط في بحر بوفورت Beaufort Sea.

تستصلح الأراضي الواطئة برفع مستواها أو حجز المياه عنها. والشكل الأكثر شيوعاً من الاستصلاح هو الذي يحدث في البحر، أو ما يقصد به ردم مناطق بحرية بهدف زيادة مساحة الأرض المتاحة لأغراض السكن أو السياحة أو الزراعة أو التجارة أو إنشاء الأرصفة البحرية وتحسينها. وقد أدى توسيع الموانئ دوراً مهماً؛ حيث الحاجة إلى الواجهات البحرية العميقة لرسو السفن في الموانئ إلى جانب الرصيف والفضاء المجاور لاستيعاب مرافق الميناء المختلفة؛ الأمر الذي دعا إلى ردم المناطق البحرية المجاورة لهذه المشروعات. ومع ازدياد عدد السكان والتنمية الحضرية في البلدان ذات المساحة المحدودة أو الجزرية الصغيرة أو تلك ذات السواحل الضيقة والطويلة؛ لجأ مخططو المدن والمهندسون إلى استصلاح الأراضي لتخفيف الضغط على الأراضي الموجودة ذات الاستخدام المكثف بإيجاد أراضٍ جديدة عن طريق الردم الساحلي للمناطق الضحلة باستخراج الصخور والأحجار من قاع البحر والتلال والحفريات في عمق الأرض، وحتى استعمال مخلفات البناء.

تدخل الأرض الصنعية ضمن مواضيع استصلاح الأراضي، وتنشأ طبيعياً بانحسار مياه البحر عن بعض مناطق الخلجان ومصبات الأنهار بسبب عمليات الإطماء والترسيب، ويتغير بذلك خط الساحل طبيعياً وباستمرار. كما يُعدّ ظهور هذه الأراضي في الأنهار والبحيرات جزءاً من دينامية هذه النظم؛ إلا أن عملية تشكلها طبيعياً تأخذ عشرات السنوات بل ربما مئات السنين مقارنة بالأراضي الصنعية التي تظهر بمساعدة الإنسان في أزمنة قياسية لا تتعدى بضع سنين.

استصلاح الأراضي الرطبة

تعرف الأراضي الرطبة بالمناطق التي يبقى فيها منسوب المياه قريبًا أو أعلى بقليل من سطح الأرض لمعظم أوقات السنة. وهي أراض تُغطى أو تتشبع بالمياه طوال العام أو في جزء منه. وتشمل وفقاً لتعريف اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة  Ramsar Convention on Wetlands (1971)  مناطق المستنقعات أو السبخات أو الأراضي الخُثية، أو البحيرات، سواء كانت طبيعية أم اصطناعية؛ دائمة أم مؤقتة، ذات مياه راكدة أم متدفقة، عذبة أم أُجاجاً أم مالحة، كما تتضمن مناطق بحرية لا يتجاوز عمقها، في مواقع انحسار المياه، ستة أمتار. وتغطي هذه الأراضي نحو 6 % من مساحة سطح الكرة الأرضية، وتحظى باعتراف دولي.

تأخذ عملية تحويل الأراضي الرطبة الساحلية إلى أرض صلبة جافة أشكالاً مختلفة وتسميات عدة؛ كالأراضي المردومة والأراضي المستصلحة والأراضي الجديدة. ويتم ذلك برفع منسوبها فوق مستوى سطح البحر بإضافة الصخور والأتربة والنفايات البلدية الصلبة ومخلفات المباني. ويعرف ردم البحر بالقرب من الشواطئ في دول منطقة الجزيرة العربية بالدفان، ويتركز معظمه في منطقة التقاء البحر اليابسةَ عند معدل المسافة بين المد والجزر. يُعتقد أن عمليات استصلاح الأراضي الرطبة وخاصة تلك التي تقع في مصبات الأنهار والمناطق الشاطئية قد بدأ في اسكتلندا وإيرلندا منذ أيام الرومان، وأن 88 % من مصبات الأنهار في إنكلترا قد استصلح لأغراض الزراعة.  وتشكل نسبة الأراضي الرطبة الساحلية المستصلحة في كوريا الجنوبية  نحو 38 % من المساحة الإجمالية لهذه الأراضي فيها.  ولعل إقامة الجزر الصُّنعية وإعمارها في مناطق مختلفة من العالم، واستصلاح الأراضي من البحر بحجز الماء وضخه بعيداً عنه في هولندا يعدَّان مثالين نموذجيين عن تشكيل الأراضي الصنعية.

الجزر الصُّنعية

تقام الجزر الصُّنعية بعدة طرائق منها:

 -1 توسيع الجزر الطبيعية الموجودة.

  -2 البناء على الشعاب المرجانية.

  -3 ربط الجزر الطبيعية المجتمعة.

  -4 البناء على قاع البحر.

  5- استصلاح الأراضي الرطبة.

  -6 إقامة المنصات العائمة

 
الشكل (2): تصليب المواد المنقولة بتقنيات دك التربة بالأثقال  
 
الشكل (3) : تصليب المواد المنقولة بتقنيات الرج على أعماق مختلفة  

استخدمت الجزر الصُّنعية منذ القرن السابع عشر للدفاع عن المناطق الساحلية، وعُدَّت امتداداً للمناطق الشاطئية. كما يجري استخدامها حالياً  في أعمال التنقيب عن النفط ومنصات الإنتاج. وعلى سبيل المثال لدى اليابان من الجزر الاصطناعية ما ينوف على مساحة 1000 كم2. وقد أتاحت التقنيات الحديثة بناء هذه  الجزر حتى أعماق 70 م، وغدت هذه المنشآت مراكز للجذب البحري السياحي.

يدخل في تحديد مواقع الجزر الصنعية وتصميمها مجموعة عوامل تتعلق بطبيعة المناخ، وعمق مياه البحر والتيارات البحرية وارتفاع الأمواج ونطاق المد والجزر وطبيعة القاع ومصدر مواد الردم. ومن الاعتبارات المهمة أيضاً مخاطر الزلازل وحدوث أمواج التسونامي، إضافة إلى الاعتبارات الخدمية كوجود الممرات الملاحية وخطوط الأنابيب والكبلات البحرية، وبعض الجوانب القانونية؛ إضافة إلى الاعتبارات البيئية. ويمر إنشاء الجزر الصنعية بمراحل تشمل دراسة الجدوى الاقتصادية والتخطيط واختيار الموقع واختبار تربة القاع، ومباشرة عمليات الردم وبدء البناء. وتُجرى الأعمال المساحية باستعمال أجهزة منظومة تحديد الموقع الشامل  Global Positioning System GPS والسونار sonar و/أو التصوير لمسح قاع البحر، كما يستعان بالغواصين لضمان دقة النتائج. وتتأثر عملية الإنشاء ذاتها بعوامل المناخ وحدوث الأمواج وعلوها وتكرارها والعواصف العنيفة.

بعد الانتهاء من عمليات المسح والدراسات التفصيلية للموقع، تُحمى المنطقة البحرية الخاصة بالمشروع بحواجز أو كواسر أمواج غاطسة أو ظاهرة ذات تصاميم مختلفة تبعاً لشروط الموقع. وتبدأ عمليات التأسيس بغرس أعمدة متباعدة في قاع البحر لدعم الصخور التي ستلقى في محيط الجزيرة، حيث توضع الصخور حول هذه الأعمدة لتشكيل الركائز وتشييد كاسر الأمواج. وتنقل الصخور من موقع جمعها أو استخراجها إلى مكان العمل أو أقرب ميناء؛ حيث تُحمَّل على بواخر نقل، وتقطر إلى مكان التنفيذ لوضعها في أماكنها المناسبة بالاستعانة بمنظومة تحديد الموقع الشامل والغوَّاصين. يتم الحصول على مواد الردم من مقالع على اليابسة أو باستخراجها من قاع المناطق البحرية المحيطة بموقع الإنشاء لغاية 5-10  كم؛ حيث يتم اقتلاع الصخور والحجارة، وتشفط الرمال، وتُنقل بالسفن ليصار إلى تفريغها في مواقع الردم، أو يمكن ضخ الرمال من أماكن تجميعها في المياه الضحلة بمضخات عملاقة من على متن سفن.  يتم استخدام الرمال البحرية لما تتمتع بها من ميزات تفوق رمال اليابسة من حيث كبر القطر والوزن وقلة الامتصاصية للماء؛ وبالتالي مقاومتها الكبيرة لعوامل الجرف بفعل حركتي المد والجزر. وتتم عملية تجريف الرمال بعملية تسمى التكريك أو التجريف، وهي مجموعة أعمال الحفر بالمعدات تحت سطح الماء.

تُزاد المقاومة الميكانيكية للرمل أو التربة المنقولة لمنع تميعها في أثناء حدوث الزلازل وهبوط مستواها أو غرقها، ويتم ذلك برص المواد المنقولة المغمورة تحت سطح البحر بتأثير الوزن، ويتم ذلك فوق مستوى سطح الغمر بتقنيات ضغط التربة؛ كرَجِّها أو دكها بإسقاط أثقال من علو عليها، إضافة إلى دحلها، وغير ذلك من تقنيات (الشكلان 2 و3). وتقاس قوة التربة بنقاط اختبارية باستعمال اختباري الاختراق الاستاتيكي cone penetration test  والاختراق القياسي  standard penetration test، ويستخدم الاختبار الأول في حالة الأبنية العالية لإمكان ربط النتائج مباشرة بتحمل الركيزة.

يشيَّد كاسر أمواج يعلوه رصيف باستخدام الصخور، وعادة ما تترك فتحات فيه لتجديد المياه داخل الحيز البحري المحمي. أخيراً، يستعمل الإسمنت سريع التصلب  quick-setting cement في الأعمال الإنشائية تحت الماء بنسبة ماء إلى إسمنت أقل من 0.45، وعيار 400 كغ/م3، ويصب بمضخات من سفن عائمة.

نماذج من الأرض الصُّنعية في العالم

1ـــ الولايات المتحدة الأمريكية:

تُعدُّ سلسلة جزر فينيسيا  Venetian Islands من الجزر الصُّنعية في خليج بيسكين تربط بين مدينتي ميامي وميامي بيتش (الشاطئية) في ولاية فلوريدا. وهي من الغرب إلى الشرق جزيرة بيسكين Biscayne، سان ماركو San Marco، سان مارينو  San Marino ، دي ليدو  Di Lido، ريفو ألتوRivo Alto ، جزيرة بيلي Belle Isle. ويصل بين هذه الجزر ومدينتي ميامي وميامي بيتش جسر البندقية  Venetian Causeway الذي بني عام 1925 (الشكل 4).

 

 

الشكل (4): جزيرة سان ماركو واحدة من الجزر الصُّنعية في خليج بيسكين، ولاية فلوريدا الأمريكية.

2 - اليابان:

تدعى الأراضي المستصلحة في اليابان umetate-chi  وتعني «اطمر وشيّد».  وقد  استصلح نحو 20 % من أراضي خليج طوكيو بردم المياه الضحلة فيه. ويُعَّد مطار كانساي الدولي Kansai International Airport واحداً من أهم الإنشاءات الهندسية العالمية الذي أقيم عام 1994 بهذه التقنية؛ حيث شُيِّد على جزيرة صنعية يبلغ طولها 4 كم، وعرضها 2.5 كم في وسط خليج أوساكا، وطوقت الجزيرة بسور بلغ عمقه أكثر من 30 م باستعمال 48000 كتلة خرسانية، كما تم ردم البحر بنحو 21 مليون م3 من الصخور لإنشائها، ورُبِط المطار باليابسة بجسر بلغ طوله 3 كم (الشكل 5).

 

 

الشكل (5): منظر جوي لمطار كانساي في وسط خليج أوساكا، اليابان.

3 - هونغ كونغ:

تعرف الأراضي الصنعية في هونغ كونغ بالأراضي الجديدة، وتتركز في شمالي الجزيرة الأم وشبه جزيرة كاولون في الجنوب، وتقدر مساحتها بنحو 1000 كم2. ويعد مطار تشيك لاب كوك  Chek Lap Kok الذي بُدِئ في إنشائه عام 1991 واحداً من أكبر المطارات العالمية المُشيَّدة على جزر اصطناعية. وتم تشييده بتسوية جزيرتي لاب كوك  Lap Kokو لام تشاو Lam Chau اللتين تبلغ مساحتاهما 3.02 كم2 و 0.08 كم² على التوالي، واستصلاح 9.38 كم2 من البحر المجاور لتصل مساحته إلى 12.48 كم2. وقد أضاف موقع المطار ما يقرب من 1 % لمساحة جزيرة هونغ كونغ (الشكل 6).

 

الشكل (6): منظر جوي لمطار  Chek Lap Kok في جزيرة هونغ كونغ.

4 - جزر النخلة في دبي:

 

الشكل (7): تجريف الرمال ورشها في موقع الردم بطريقة rainbowing.

 

تُعدُّ جزر النخلة - وهي ثلاث جزر - من أكبر الجزر الاصطناعية في العالم، وقد تم بناؤها على ساحل إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وتتكون من عدد كبير من المناطق السكنية والترفيهية. شُيِّدت جميعها على شكل نخلة بلح في ماء ضحل عمقه 10.5 م؛ حيث تتكون كل منها من جذع وتاج له سعف مع كاسر أمواج على شكل هلال يطوقها بارتفاع 3 م عن سطح البحر. تتكون نخلة الجميرا من جذع، وتاج يحتوي 17 سعفة، وجزيرة على شكل هلال بطول 11 كم يحيط بها ويعمل كاسر أمواج، وتشغل الجزيرة مساحة 25 كم2، وتضيف 78 كم لخط ساحل دبي. وقد بُدئ ببنائها عام 2001 باستخدام 7 ملايين طن من الصخور و4 مليون م3 من الرمل تم شفطها من القاع بطريقة تقنية الحفر rain bowing (الشكل 7). وبمجرد الانتهاء من إقامتها سيتم تطويقها بواجهة بحرية تزيد في مساحتها بـ 50 % وتضم 6 مراسٍ، وحديقة مائية، ومنازل مبنية على ركائز فوق الماء، وممرات مائية تطوق سعف النخلة.

 من المتوقع أن تستوعب نخلة جبل نحو 1.7 مليون شخص بحلول عام 2020. كذلك يتم بناء نخلة جزيرة الديرة قبالة شاطئ الديرة بدبي، وهي النخلة الأكبر بين النخلات الثلاث؛ حيث تغطي مساحة بطول 14 كم وعرض8.5  كم، وتتألف من 41 سعفة، ومن المتوقع أن يستخدم 1.14 مليار م3 من الرمال لتشكيلها (الشكلان 8 و9).

 

الشكل (8): مخطط لمشاريع الأراضي الصنعية التي أقيمت قبالة شواطئ دبي.

 

الشكل (9): نخلة الجميرا قبالة ساحل دبي.

 

 جزر العالم:

 

الشكل (10): جزر العالم قبالة ساحل دبي

هي مجموعة من الجزر الاصطناعية على شكل قارات العالم.  بُدئ العمل فيها عام 2004، وتقع على بعد 4 كم من شاطئ دبي، وتشتمل على 300جزيرة متناثرة، تغطي مساحة 54 كم2، ويحيط بها حاجز مائي بطول 27 كم؛ تم بناؤه باستخدام 32 مليون طن من الصخور. استخدم في بناء الجزر 325 مليون م3 من الرمل؛ ما يوازي جداراً بعرض 2 م وارتفاع 6 م وبطول محيط دائرة الأرض (الشكل 10).

5ـــ هولندا:

تقع أجزاء كبيرة من هولندا تحت مستوى سطح البحر، وتشكِّل الأراضي المستصلحة فيها خُمس مساحتها. وقد استصلح مُعظم تلك الأراضي بحجز ماء البحر والتحكم بمستوياته. وعُرفت طريقة الاستصلاح هذه بتقنية البولدر inpoldering، وتعني الأرض المستصلحة من البحر بإنشاء الحواجز والسدود لمنع مياه البحر من غمرها، وضخ المياه التي تغطيها إلى سلسلة من القنوات تجري حتى بحر الشمال. ويعدُّ مشروع الدلتا المتَشكَّلة من نهري الماس والشيلدت وفروع من نهر الراين في الجزء الجنوبي الغربي من هولندا والذي بدأ عام  1958 واحداً من المشاريع الأكبر في هولندا. وقد تسبب البحر قبل إقامة هذه السدود بالكثير من الكوارث؛ حيث غمرت المياه أكثر من 151.800 هكتار من الأراضي، وأدت إلى غرق أكثر من 1800 شخص  في عام 1953. كما تم في مشروع مماثل استصلاح 1838 كم² من بحيرة إيسلمير التي شُكِلت من فصل خليج زيدرزي  Zuider Zee في غرب هولندا عن البحر في عام 1932 بسدِّ بلغ طوله 32 كم بالتقنية ذاتها (الشكل 11).

الآثار المترتبة على إنشاء الأراضي الصُّنعية

1 - الآثار الاقتصادية:

طُوِرت أجزاء كبيرة من المناطق الساحلية في العالم، وأُنشِئت واجهات بحرية ومشروعات ساحلية عملاقة في كثير من البلدان؛ في دول مجلس التعاون الخليجي خاصة على حساب ما يزيد على 40 % من مناطقها الساحلية بكلف تصل إلى 40 مليون دولار أمريكي لكل كيلومتر من خط الساحل؛ فعلى سبيل المثال: تم إضافة نحو 40 كم2 إلى المنطقة الساحلية في البحرين في أقل من 20 عاماً، ويترتب على هذه المشاريع نفقات إنشاء وتشغيل باهظة

 

الشكل (11): استصلاح الأراضي بطريقة إنشاء الحواجز وضخ الماء في قنوات لمنع غمرها بالماء.

تُعدُّ عملية الاستصلاح البحري مجدية اقتصادياً وهندسياً لعمق مياه أقل من 20 م؛ ففي سنغافورا وسواحل الإمارات العربية المتحدة تتم عمليات الاستصلاح في مياه لا يتجاوز عمقها 5-10  م. بيد أن العملية غير مجدية عند أعماق كبيرة. كما تتطلب هذه الأراضي عناية خاصة بعد إنشائها، وعلى سبيل المثال: تعاني كثير من المنتجعات الشاطئية المشيَّدة على أراضٍ اصطناعية تأكّل شواطئها بسبب تغير دينامية الرياح في هذه الأماكن حيث تنشط التعرية الريحية. ويلجأ إلى تعبئة هذه الشواطئ بالرمال المنقولة بجلب الرمال من أماكن أخرى. ويقدر أن المحافظة على هذه الأرض الاصطناعية باهظة جداً؛ حيث تم تعبئة 514 كم من الشاطئ بالرمال في ولاية فلوريدا الأمريكية باستخدام نحو 115 مليون م3 من الرمل، بمعدل 200 م3 للمتر الواحد من الشاطئ وبتكلفة بلغت نحو 10 دولارات لكل م3 في عام 1996. ومن الجدير ذكره أن هذه الشواطئ تحتاج إلى إعادة تعبئة كل 4-5 سنوات بمعدل 4-5 مليون م3 من الرمال سنوياً.

من المتوقع أن تؤثر ظاهرة ارتفاع مستوى سطح البحر بفعل احترار جو الأرض في الكثير من المناطق الساحلية المأهولة بالسكان والجزر الصنعية من خلال غمر هذه المناطق. وستزيد التأثيرات السلبية لارتفاع مستوى سطح البحر من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لسكان المناطق الساحلية وجزرها الاصطناعية؛ إذا عُلِم أن نصف سكان العالم وأنشطته الاقتصادية تتركز في المناطق الساحلية. ويقدر أنه مع ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل متر واحد سيتأثر ما نسبته %3.2 تقريباً من سكان المنطقة العربية مقارنةً بـ 1.28 % من السكان على مستوى العالم، إضافة إلى تأثر نحو %1.49  من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة مقارنة بنسبة %1.30 على مستوى العالم

2 - الآثار البيئية:

تزداد ظاهرة ردم السواحل على نحو كبير، وهي سبب من أسباب تدهور البيئة البحرية؛ حيث تتخرب موائل الأحياء بسبب أنشطة عمليات التجريف والردم المصاحبة لعمليات الاستصلاح، وتتدهور نوعية المياه الشاطئية بازدياد العكارة في عمود الماء، وتختنق مجتمعات الشعب المرجانية المحيطة بمنطقة العمل، وتزول بيئات الحشائش البحرية في المناطق المدَّية، كما تتغير أنماط الحت والترسيب؛ ما يهدد الثروة السمكية.  وفي الواقع يثير ردم السواحل وتشييد الجزر الصنعية المخاوف؛ حيث إنه من المحتمل أن ترتفع الكثافة السكانية في هذه الجزر والمناطق صغيرة المساحة؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى استنفاد المياه الجوفية وتلوث المياه الشاطئية، وتراجع التنوع البيولوجي الساحلي والبحري، وتأكل السواحل. كما أنه من المحتمل أن يكون أكبر ما يهدد هذه المناطق ازدياد تعرضها للكوارث الطبيعية مثل الأعاصير وأمواج التسونامي أو ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة الاحترار العالمي. وعلى سبيل المثال: من بين المناطق المتأثرة بالردم على الشاطئ الشرقي للمملكة العربية السعودية خليج تاروت الذي يمتد من الدمام حتى رأس تنورة (80 كم)؛ حيث قدر الفقد في تجمعات أشجار القرم الساحلية بين عامي 1999 و2007 بنحو 260 هكتاراً. وتظهر المرئيات الفضائية إزالة نحو 7 كم2 من الشعاب المرجانية أو تحويلها على طول سواحل مدينتي الغردقة وسفاجا المصريتين إلى مرافق سياحية بين عامي 1984 و2000.

تُعدّ الأراضي الرطبة أنظمة بيئية عواملها الفاعلة درجة التشبع بالماء وعوامل المناخ. وتوفر هذه النظم منتجات وخدمات بيئية واقتصادية واجتماعية مهمة؛ فهي تنقي المياه، وتستوعب الفيضانات، وهي مصدر غذاء وموائل لأحياء ذات أهمية اقتصادية كبيرة، كما أنها مواطن لمعيشة شعوب بكاملها كعوائل المعدان في أهوار العراق.بيد أن كثيراً من هذه الأراضي تم تحويله إلى استعمالات بديلة من خلال تجفيفها أو ردمها. ويعتقد أن 50 % من الأراضي الرطبة في العالم قد جفف على مر العقود الماضية؛ ما يزيد من حساسية ما تبقى منها، ويحرم البشرية من فوائدها البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

3 - الاعتبارات القانونية:

يثير استصلاح الأراضي الرطبة البحرية جملة تساؤلات تتعلق بحقوق الملكية في المناطق البحرية الخاضعة للسيادة الوطنية؛ حيث تُعدّ مناطق المياه الإقليمية التي تدخل ضمن حدود الدولة من الأموال العامة التي تعود ملكيتها للدولة، ويكون التصرف فيها وفقاً للمصالح العامة. وبموجب حق السيادة الوطنية على المياه الإقليمية؛ فإن الدولة تتمتع بجملة من الحقوق تجاهها؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: حق إقامة الجزر الصُّنعية والمنشآت والأبنية واستخدامها، والحق الخاص في الصيد واستغلال الموارد الحية وغير الحية لقاع المياه الإقليمية وباطنها، والحق في إصدار التشريعات الوطنية التي تنظم الملاحة والصيد، والاستثمار، والتملك ونحو ذلك. ووفقاً لقانون البحار واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 على وجه الخصوص؛ لا يترتب على إنشاء الجزر الصُّنعية آثار قانونية؛ ولاسيما ما يتعلق بتحديد المناطق البحرية الخاضعة للولاية الوطنية. إذ إن المادة (11) من اتفاقية قانون البحار عام 1982 نصت على عدّ أقصى امتداد لأعمال إنشاء الموانئ الدائمة والتي تشكل جزءاً لا يتجزأ من نظام المرفأ أساساً لغرض ترسيم البحر الإقليمي، ولا يمكن عد المنشآت البحرية والجزر الصُّنعية بمقام الموانئ الدائمة.  كما أن هذه الجزر لا تتمتع بالوضع القانوني للجزر الطبيعية؛ حيث لا يمكن لمالكيها إعلان مناطق بحرية خاصة بها بحسب القانون الدولي، بيد أنه يجوز تقرير عرض مناطق السلامة حولها وبما لا يتجاوز مسافة 500 م.

 

محمد عبيدو

 

 

مراجع للاستزادة:

- J. Chen, D. Eisma, K. Hotta & H. J. Walker (Eds.), Engineered Coasts, Springer-Verlag, New York, LLC.,  2002.

- S. E. Honein, The International Law Relating to Offshore Installations and Artificial Islands: an Industry Report, Lloyd’s of London Press, 1991.

- M. Jackson & V. della Dora, Dreams So Big Only the Sea Can Hold Them: Man-Made Islands as Anxious Spaces, Cultural Icons, and Travelling Visions, Environment and Planning A 41(9) 2086 – 2104, 2009.

- F. P. Miller, A. F. Vandome & J. McBrewster,  Artificial Island, Alphascript Publishing, 2010.

- G. Roza, The Creation of Islands,  Rosen Publishing Group, 2009.

- Artificial Islands and Land Reclamation as an Option for Coastal City Expansion: A Comparison in Methods between Japan and the Netherlands. http://oregonstate.edu/international/degree/requirements/thesis/library/engineering/eykelboschp.

- The World Islands Dubai. http://www.dubaifaqs.com/the-world-dubai.php

 

 
التصنيف : البيئة
النوع : البيئة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 583
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 526
الكل : 31194571
اليوم : 19728