البركار (كوكبة)

بحث متقدم

أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي

البركار (كوكبة)

بركار (كوكبه)

Circinus -

البركار (كوكبة ـ)

موفق تقي الدين

أصل التسمية

السمات الرئيسة

كوكبة البركار (الفرجار، البيكار) Circinus constellation، ورمزها Cir، كوكبة سماوية صغيرة خافتة (الشكل 1)، وهي الكوكبة الخامسة والثمانون من حيث الحجم من بين الكوكبات الثمانية والثمانين المعتمدة من قبل الاتحاد الفلكي العالمي International Astronomical (Union (IAU في العام 1922.

الشكل (1) رسم لكوكبة البركار.

أصل التسمية

كوكبة البركار واحدة من بين 14 كوكبة استحدثها رسماً الفلكي الفرنسي نيكولا لوي دو لاكاي Nicolas Louis de Lacaille خلال حملته العلمية في رأس الرجاء الصالح بين العام 1750 والعام 1754، وأطلق على هذه الكوكبة باللاتينية اسم compass بمعنى الفرجار (أداة رسم الدوائر)؛ وليس بمعنى البوصلة بالإنكليزية.

السمات الرئيسة

تقع كوكبة البركار عند طالع مستقيم Right Ascension (RA) بين 13,38h و15,30h (وهو البعد الزاوي لجسم سماوي على الكرة السماوية)، وميل declination بين -70,62° و-55,43° (وهو بُعْد الجرم عن خط الاستواء السماوي) لتبلغ ذروة ارتفاعها culmination عند التاسعة مساء 30 تموز/ يوليو من كل عام. تُرى كوكبة البركار بالعين المجردة بالقرب من كوكبة قنطورس (الظُّلمان) Centaurus (الشكل 2) من المناطق الواقعة بدءاً من خط العرض 30°+ حتى جنوبيّ الكرة الأرضية، وتكون أكثر وضوحاً في أمسيات شهر حزيران/ يونيو.

الشكل (2) رسم لموقع كوكبة البركار.

تبلغ مساحة كوكبة البركار 93 درجة مربعة، ويحيط بها من الشمال كوكبتا السبع Lupus ومربع النجار Norma، ومن الشرق كوكبة المثلّث الجنوبي Triangulum Australe، ومن الجنوب كوكبتا طائر الفردوس Apus والذبابة Musca، ومن الغرب كوكبة قنطورس.

يُعرف في كوكبة البركار 493 نجماً، منها نجم واحد يُصنّف نجم ألفا Alpha؛ لأن قدره الظاهري أقل من 4، (والقدر الظاهري apparent magnitude قياس للمعان brightness الجرم السماوي كما يُرى بالعين المجرَّدة من الأرض، ويكون الجرم السماوي ذو القدر الظاهري m=6 أشد خفوتاً من الجرم ذي القدر الظاهري m=5، ولا يمكن رؤية الأجرام بالعين المجردة عندما يكون m>6). يُدل على النجم باسم ألفا سيرسيني Alpha circini ويرمز له αCir، وقدره الظاهري3,19، ويبلغ تألقه luminosity نحو 10 أضعاف تألق الشمس، وطيفه من النوع A، ويظهر فيه طيف السترونسيوم والكروم واليوروبيوم، وهو متغير التألق، وُيعدّ أوضح مثال معروف لنجم سريع التذبذب؛ إذ إن زمن دورة تغير تألقه 6,8 دقيقة فقط. يبلغ قطره نحو 4 أمثال قطر الشمس، وهو أقرب نجوم كوكبة البركار حيث إنه يبعد عن الأرض 54 سنة ضوئية، ويقع على بعد 4 درجات جنوب النجم اللامع ألفا قنطورس Alpha Centauri. يرافق αCir نجم قزم برتقالي، قدره الظاهري 8,5، وينحرف عنه 5,7 ثانية قوسية arc second (والثانية القوسية تساوي جزءاً من 3600 من الدرجة 1/3600 of a degree)، طيفه من النوع K، ويبعد عن النجم αCir بمقدار 260 وحدة فلكية (والوحدة الفلكية AU تساوي بعد الشمس عن الأرض)، ويدور النجمان حول مركز جاذبية مشترك خلال 2600 سنة.

ويأتي النجم بيتا سيرسيني Cir (الشكل 2) في المرتبة الثانية من حيث السطوع بين نجوم كوكبة البركار؛ إذ إن قدره الظاهري 4,06، وهو من النوع الطيفي A، ويبلغ قطره 2,6 مرّة من قطر الشمس، ويبعد عن الأرض 97 سنة ضوئية. أما النجم غاما سيرسيني Gamma Circini الذي يبعد عن الأرض 509 سنوات ضوئية، ويرمز له بـ Cir ، وقدره الظاهري 4,48، ومن النوع الطيفي B؛ فهو في الواقع يتألف من نجمين يدور كلٌّ منهما حول الآخر خلال 2000 سنة، ويبعد أحدهما عن الآخر 2 arcsec، يرمز لأكبرهما
بـ HD 136415، وتبلغ كتلته 5 أمثال كتلة الشمس، وقدره الظاهري 5,1، والنجم الثاني يرمز له بـ HD 136416، تبلغ كتلته 1,2 مرّة من كتلة الشمس، وقدره الظاهري 5,5، وهو من النوع الطيفي F. أما النجم دلتا سيرسيني Delta Circini الذي يبلغ قدره الظاهري 5,04؛ فهو يتألف من نجمين يكسف أحدهما الآخر، فيسبب تغيّراً في القدر الظاهري بمقدار 0,1؛ إذ يُتِمّان دورتهما حول مركز ثقلهما المشترك خلال 3,9 أيام. والنجم الأكبر بينهما هو نجم قزم، وهو الأشد تألقاً في كوكبة البركار، وتبلغ كتلته 21 مرّة من كتلة الشمس، أما النجم الثاني فهو نجم خافت، قدره الظاهري 13,4، وكتلته 12 مرّة من كتلة الشمس، يبعد النجم دلتا سيرسيني عن الأرض 6400 سنة ضوئية.

يُعرف في هذه الكوكبة نجمان تدور حولهما كواكب، الأول هو النجم HD 134060، وقدره الظاهري 6,29، وهو من النوع الطيفي G، ويبعد عن الأرض 79 سنة ضوئية، يدور حوله كوكبان، يرمز لأولهما بـ HD 134060b، وتبلغ كتلته 0,035 من كتلة كوكب المشتري Jupiter، ويبلغ نصف القطر الأكبر لمساره 0,.0444 AU (وحدة فلكية)، وينجز دورته خلال 3,27 أيام. أما الكوكب الآخر فيُرمز له بــ HD 134060c، وتبلغ كتلته 0,15 من كتلة كوكب المشتري، ويبلغ نصف القطر الأكبر لمساره 2,223 AU، ويحتاج إلى 1161 يوماً لإتمام دورته. والثاني هو النجم HD 129445 الذي يبلغ قدره الظاهري 8,81، وهو من النوع الطيفي G، وكتلته تساوي تقريباً كتلة الشمس، ويبعد عن الأرض 220 سنة ضوئية، له كوكب واحد تبلغ كتلته 1,6 مرّة من كتلة كوكب المشتري يدور حوله خلال 1840 يوماً على مسار يبلغ قطره الأكبر 2,9 AU.

اكتُشفت بعض أجسام السماء العميقة deep sky objects في أعماق كوكبة البركار، وهي أجسام خافتة لم يكن اكتشافها سهلاً؛ إذ يحجبها غبار وغازات في مجرة درب التبانة Milky Way. من هذه الأجسام السديم الكوكبي planetary nebula الذي يُرمَز له بـ NGC 5315، وقدره الظاهري الكلي 9,8 (الشكل 3)، يوجد في مركزه نجم خافت قدره الظاهري 14,2، يقع على بعد 5,2 درجة جنوب غربيّ النجم αCir.

الشكل (3) السديم الكوكبي NGC 5315.

ومن أجسام السماء العميقة في هذه الكوكبة تجمع العنقود المفتوح open cluster، ويرمز له بـ NGC 5823، يُرصد على الحدود الشمالية لكوكبة البركار (الشكل 2)، اكتُشف في عام 1975، ويضم أكثر من تسعين نجماً خافتاً، القدر الظاهري لكامل التجمع 7,9، يشغل هذا التجمع منطقة قطرها 12 سنة ضوئية، وتبعد عن الأرض 3500 سنة ضوئية. أما المجرَّة اللولبية ESO 97-G13، وتُدعى مجرَّة البركار Circinus galaxy، وهي مجرَّة خافتة قدرها الظاهري 10,6؛ فلها شكل مستطيل قطره 26,000 سنة ضوئية، وتبعد عن الأرض 13 مليون سنة ضوئية، وقد اكتُشِفت في العام 1977، وتصنّف مع مجرَّات سيفرت Seyfert galaxy (مجرَّات سيفرت لها نواة تُصدر طيفاً لغازات متأينة)، وتُعدّ من المجرَّات القريبة النشطة النواة. ينبثق من الثقب الأسود في هذه المجرة مخروطان عملاقان من الغازات الساخنة على شكل حرف V (الشكل 4)، كما رُصِدَ فيها نجمٌ فائق الاستعار (سوبرنوفا) supernova رُمِزَ له بـ SN 1996cr، وكان يُعتقد- حتى العام 2001- أنه مجرد تغيُّر في سطوع أحد مكونات المجرَّة.

الشكل (4) مجرة البركار Circinus galaxy

سُجِّل في العام 1969 وجود مصدر للأشعة السينية في أعماق كوكبة البركار، أُطلق عليه في العام 1971 اسم Circinus X-1، وتبين باستخدام مطياف الأشعة السينية X-ray spectrum في العام 2001 أن مصدر هذه الأشعة هو نظام نجمي ثنائي يبعد 20,000 سنة ضوئية، ويتكون من نجم نِتروني neutron star يدور وحوله قرص من مادة كثافتها تزيد عدة مرات على كثافة الشمس، وقد بيّنت دراسات في العام 2007 أنه ينبثق منه تيار غازي jet بسرعة 7,2 كيلومتر بالساعة (الشكل 5)، وهي المرة الأولى التي يُعرف فيها انبثاق تيار غازي من نجم نِتروني مشابه لتيار الثقب الأسود.

الشكل (5) نجم نِتروني في المجرة Circinus X-1.

كما اكتُشِف في أعماق كوكبة البركار في العام 1982 نجم نِتروني آخر (الشكل 6) على بعد 18000 سنة ضوئية يُرمز له بـ PSR B1509-58 وصَفته إدارة الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) National Aeronautics and Space Administration (NASA) بأنه نجم نابض سريع الدوران ينفث من قطبه الجنوبي تياراً غازياً يمتد 20 سنة ضوئية معطياً شكلاً يشبه اليد؛ فأطلقت عليه اسم «يد الفضاء».

الشكل (6) يد الفضاء.

وكان الصينيون قد رصدوا في كوكبة البركار في العام 185م ما يُعتقد أنه أول حادثة مسجَّلة لنجم فائق الاستعار، يُرمز لها حالياً بـ RCW 86، وقد استمر سطوعه ثمانية أشهر، وهو بالقرب من النجم ألفا قنطورس وعلى بعد 9100 سنة ضوئية عن الأرض، وقد شغلت الغازات المتناثرة عنه منطقة كبيرة تقارب 45 arc minutes؛ أي أكبر من القمر الذي يبلغ قطره
29 – 34 arc minutes. كما رُصِد في كوكبة البركار نجم مستعر Nova Cir 1926 بلغ قدره الظاهري 6,5 في 3 أيلول/ سبتمبر 1926، وانخفض بعدها ليصبح خافتاً بقدر ظاهري 13 في العام 1929. كما استعر فيها نجم Nova Cir 1995، وبلغ قدره الظاهري 7,2، وهو من النوع البطيء التخامد؛ إذ لم ينخفض قدره الظاهري سوى بمقدار 3 خلال 157 يوماً، واستمر بالخفوت ليبلغ قدره الظاهري 15 بعد 1000 يوم من استعاره.

سُجّلَ رصدٌ للشهب في كوكبة البركار لأول مرّة في 4 حزيران/ يونيو 1977، كانت سرعتها 27 كم/ثا تسمى ألفا سيرسينيد α Circinids، ويُعتقد أنها صادرة عن مذنب ذي دور كبير long period comet، كما افترض بيتر جينيسكنز Peter Jenniskens في العام 2011 أن حطام ذيل المذنب C/1969 T1 يمكن أن يتقاطع مع مدار الأرض لتبدو الشهب صادرةً عن نقطة مجاورة للنجم Cir.