logo

logo

logo

logo

logo

التبريد ب-الليزر

تبريد بليزر

Laser cooling -

التبريد بالليزر

التبريد بأثر دوبلر Doppler cooling effect  الشبيكات الضوئية optical lattices
تبريد دوبلر ثلاثي الأبعاد  التبريد بالتبخير evaporative cooling
التبريد بتدرج الاستقطاب أو تبريد سيزيفوس Sisyphus cooling التبريد بالتأثير (التآزري) sympathetic cooling
الأسر الضوئي المغنطيسي التطبيقات
الأسر الضوئي ثنائي القطب optical dipole trap  

 عصام فواز الجغامي

 

التبريد بالليزر laser cooling تقنية يجري بوساطتها تقليل الحركة العشوائية للجسيمات الدقيقة، مثل الذرات والإيونات والجزيئات؛ وبالتالي تبريدها إلى درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (صفر كلفن)، وذلك باستعمال تآثرها المتبادَل مع أشعة الليزر. لقد أمكن باستخدام هذه التقنية بلوغ درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق قُرْباً يصل إلى الميلي كلفن والمكرو كلفن حتى النانو كلفن؛ أي جزء من ألف أو جزء من مليون، وحتى جزء من مليار جزء من الدرجة فوق الصفر المطلق.

تهدف عملية التبريد بالليزر إلى التحكم بحركة الجسيمات؛ باستخدام قوة ضغط الإشعاع الصادر عن الليزر، وقد بلغت سرعة الجسيمات المبرَّدَة قيماً تساوي قرابة عدة سنتيمترات في الثانية الواحدة فقط. إن مجال السرع هذا يعني أن الجسيمات تتحرك بسرعة أصغر من سرعة ارتداد الفوتون، التي كان يظن- حتى وقتٍ قريبٍ- أنها حاجز لا يمكن تجاوزه. ويمكن في الوقت الحالي تطبيق هذه التقنية أيضاً على أجسام نانونية أو حتى مجهرية، ويأمل العلماء في تطبيقها على أجسام مجهرية في المستقبل القريب.

من وجهة النظر الكمومية (الكوانتية)؛ تقود النتائج الحاصلة من تطبيق عملية التبريد بالليزر إلى استنتاج مهمّ مفاده أن الجسيم يوضع في تراكب توابع موجية كوانتية، حيث يكون في الوقت نفسه في عدة مناطق من الفضاء، يبعد بعضها عن بعض مسافة عدة سنتيمترات. فضلاً عن ذلك؛ جرى تحليل آلية التبريد بالليزر باستخدام إحصاء ليفي Lévy statistics الذي يبين أن حدثاً وحيداً باحتمالٍ صغيرٍ يمكن أن يسيطر أحياناً على النتيجة الحاصلة من عددٍ كبيرٍ جداً من الظواهر العشوائية.

مع أن الأساس الفيزيائي للقوة التي يطبقها الضوء على المادة- وبالتالي تبطئة الذرات وتبريدها- هو نفسه المطبق على الجسيمات؛ لكن بالإمكان تفسير هذا الأساس استناداً إلى الطبيعة المضاعفة الموجية والجسيمية للضوء. فمن وجهة النظر الموجية يُعامَل الجسيم الخاضع لقوة الضوء كوسطٍ ضوئي يتمتع بقرينة انكسار وقابلية للاستقطاب، فيما يُعامَل الجسيم من وجهة النظر الجسيمية كجسيم مهتز كوانتي.

ووفقاً للنظرية الموجية؛ يمكن عدّ قوة الضوء نتيجة مباشرة لانكسار الضوء وامتصاصه. فإذا كانت قرينة انكسار الجسيم أكبر من قرينة انكسار الوسط المحيط فإن الضوء ينكسر باتجاه مركز الجسيم، فيكتسب اندفاعاً في الاتجاه نفسه، وبالنتيجة يخضع الجسيم إلى قوة في الاتجاه المعاكس. يمكن تحليل هذه القوة إلى مركّبتين: الأولى باتجاه الحزمة الضوئية، وهي قوة تبعثر، أو قوة ضغط الإشعاع؛ والأخرى هي قوة تدرج gradient force أو قوة ثنائي قطب تتجه باتجاه مركز الحزمة. أما إذا كانت قرينة انكسار الجسيم أصغر مما هي للوسط المحيط؛ فإن الضوء ينكسر بالاتجاه الذي يبتعد فيه عن مركز الجسيم، وعندها تسعى قوة الضوء إلى دفع الجسيم بعيداً عن منطقة الشدة المرتفعة للحزمة. وإذا كان الجسيم قادراً على الامتصاص ولو قليلاً؛ عندها ينتقل جزء من اندفاع الضوء الوارد إلى الجسيم مباشرة؛ مما يؤدي إلى زيادة قوة التبعثر. تقود هذه الأسباب إلى نتيجةٍ مختلفةٍ قليلاً في حال كون الجسيم شفافاً ويقع في طريق حزمة ضوئية بعد محرقها بقليل. إذ يسعى الانكسار في الجسيم إلى تجميع الحزمة المتفرقة الواردة عليه؛ مما يقود إلى زيادة اندفاع الضوء في اتجاه الانتشار، وبالنتيجة تسعى قوة ثنائي القطب إلى دفع الجسيم باتجاه المحرق. أخيراً إذا كانت قدرة الجسيم على الامتصاص كبيرة؛ فإن قوة التبعثر سوف تدفع الجسيم بعيداً عن موضع توازنه قليلاً باتجاه انتشار الحزمة.

أما من وجهة النظر الجسيمية؛ فبالإمكان تفسير قوة الضوء المطبقة على الذرات وفقاً لقانوني انحفاظ الطاقة والاندفاع خلال عمليتي الإصدار والامتصاص. وكما هي عليه الحال للجسيمات المجهرية، يمكن تقسيم قوة الضوء إلى نوعين: قوة تبعثر scattering force يمكن عدّها الآن نتيجة لدورات عمليات الامتصاص والإصدار التلقائي؛ وقوة ثنائي قطب dipole force تنجم عن دورات الامتصاص والإصدار المحثوث stimulated emission. فحالما تمتص ذرة كتلتها فوتوناً طاقته حيث ثابتة بلانك وν تواتر الضوء؛ تتحول طاقة الفوتون بكاملها تقريباً إلى طاقة داخلية في الذرة، وتنتقل عندئذٍ إلى حالة مثارة. مع هذا يؤدي الاندفاع إلى ارتداد الذرة باتجاه الضوء الوارد، وتتغير سرعتها بمقدار يساوي حيث ثابتة بلانك مقسومة على π2 و متجهة موجة الفوتون، ثم تعود الذرة إلى حالتها الأساسية بإصدار تلقائي لفوتون آخر. وبسبب انحفاظ الاندفاع في عملية الإصدار التلقائي؛ فإن الذرة ترتد مرّة أخرى؛ ولكن باتجاه يعاكس اتجاه الفوتون الذي أصدرته. ولما كان الإصدار التلقائي عملية عشوائية ذات توزع متناظر في جميع الاتجاهات؛ فإنه لن يسهم في أي تغير محصِّل بالاندفاع عند أخذ الوسطي لدورات متعددة من الامتصاص والإصدار التلقائي، أو أخذ عينة كبيرة من الذرات. يبيِّن الشكل (1- أ) تغير سرعة الذرة خلال دورة واحدة من الامتصاص والإصدار التلقائي. يعطى- وفقاً لقانون نيوتن الثاني- وسطي قوة التبعثر خلال زمن بالعلاقة (1):

 

يدل على زمن الحياة الطبيعي للحالة المثارة، و ذلك الجزء من الذرات الواقعة في الحالة المثارة.

تنشأ قوة ثنائي القطب من التآثر بين عزم ثنائي القطب الكهربائي الذري المتحرض والحقل الكهربائي لموجة الليزر، ولهذا يمكن الحصول على صورة بسيطة لوصف هذه القوة عن طريق الأخذ بالحسبان تغير الاندفاع خلال دورات الامتصاص والإصدار المحثوث. يبين الشكل (1- ب) الطريقة التي تكتسب فيها الذرة اندفاعاً إضافياً قدره بعد عملية الإصدار المحثوث. فإذا امتصت الذرة فوتوناً من الحزمة القادمة من اليسار؛ فإنه بالإمكان حثها على الإصدار إلى اليسار بحيث يتغير اندفاعها بمقدار . وتنجم عملية إعادة التوزع المترابط للفوتونات عن طريق التداخل بين الضوء الوارد والصادر، ويظهر هذا في تدرج الحقل، ولهذا تسمى هذه القوة أيضاً قوة التدرج.

 
الشكل (1): قوى الضوء المؤثرة في الذرات بحسب النظرية الجسيمية للضوء. (أ) قوة التبعثر: تنتقل الذرة بعد امتصاصها فوتوناً اندفاعه إلى الحالة المثارة. ثم تتحرر الطاقة الداخلية للذرة عن طريق إصدار تلقائي عشوائي. (ب) قوة ثنائي القطب الناجمة عن الإصدار المحثوث: بعد امتصاص الذرة لفوتون يمكن حث الذرة على الإصدار والعودة إلى الحالة الأساسية عن طريق فوتون حزمة ضوئية واردة معاكسة فيصدر فوتونان وتكتسب اندفاعاً إضافياً قدره

 

التبريد بأثر دوبلر Doppler cooling effect

إن المثال الأول على التبريد بالليزر- والذي مازال أسهل طريقة وأكثر استخداماً- هو التبريد بالليزر بأثر دوبلر، وذلك اعتماداً على انزياح التواتر الناجم عن حركة الذرة وتوليف الليزر بصورة مناسبة للاستفادة من ذلك؛ ليتم الامتصاص أو الإصدار بحسب الحاجة، ولما كان لأثر دوبلر الدور الرئيسي في عملية التبريد هذه؛ فقد سُمّي اختصاراً تبريد دوبلر. يبين الشكل (2) المبدأ البسيط للتبريد بالليزر بأثر دوبلر أحادي البعد. يمكن أن تنتقل الذرة من سوية طاقة منخفضة إلى أخرى مثارة عن طريق امتصاص فوتون، إذا كان تواتر هذا الفوتون؛ وبالنتيجة طاقته توافق فرق الطاقة بين سويتي الطاقة اللتين يحصل بينهما الانتقال، ولما كان لكل سوية طاقة فعلياً عرض في الطاقة صغير؛ ويساوي مقلوب زمن الحياة الطبيعي للحالة المثارة، فإن الذرة بإمكانها امتصاص الفوتونات التي تواتراتها محصورة في مجالٍ صغيرٍ من التواترات.

 

الشكل (2): تبريد دوبلر أحادي البعد. (أ) يجري زحزحة توليف تواتر الليزر التجاوبي بمقدار ؛ (ب) تخضع الذرة لقوة من كل من الحزمتين الواردتين بعضهما باتجاه بعض، (المنحني الأحمر والأزرق). وتكون القوة عظمى من أجل شدة تساوي شدة الإشباع. يدل المنحني الأخضر على محصلة القوى الناجمة عن الحزمتين، حيث يظهر التخامد اللزج في جوار .

 

أي إن احتمال امتصاص الفوتون من قبل الذرة كتابع للتواتر يمتلك قيمة عظمى عند تواتر مركزي محدد؛ يسمى تواتر التجاوب، وينخفض هذا الاحتمال بشدةٍ باتجاه تزايد هذه التواترات أو انخفاضها. ولهذا السبب عند التبريد بالليزر بأثر دوبلر يجري توليف تواتر الليزر على تواتر أخفض قليلاً من التواتر المركزي للانتقال الموافق في الذرة بمقدار . فعندما تتحرك الذرة باتجاه حزمة الليزر، فإنها ترى- بسبب أثر دوبلر- أن تواتر ضوء الليزر أعلى قليلاً من التواتر المركزي لانتقالها، وهذا ما يزيد من احتمال امتصاصها للفوتون. في حين ترى الذرة المتحركة مبتعدةً عن حزمة الليزر أن تواتر حزمة الليزر أخفض قليلاً ومبتعداً عن التواتر المركزي لانتقالها، وهذا ما يقلِّل من احتمال امتصاصها للفوتون أو حتى انعدامه. يقود هذا إلى امتصاص تفضيلي لضوء الليزر تقوم به الذرة المتحركة باتجاه الحزمة. ولما كان هذا هو الاتجاه الذي تتلقى فيه هذه الذرة ارتداداً في اندفاعها باتجاه يعاكس جهة حركتها؛ فإن سرعتها تقل، وتتباطأ حركتها. تقوم الذرة بعد امتصاصها للفوتون وخلال زمن من مرتبة - زمن الحياة الطبيعي للحالة المثارة - بإصدارٍ تلقائي لفوتون آخر، وتعود إلى سويتها الأساسية. تؤدي عملية إصدار الفوتون إلى ارتداد الذرة؛ لكن في اتجاه عشوائي. تعاود الذرة عمليات الامتصاص والإصدار التلقائي مراراً وتكراراً، وبالنتيجة تكون محصلة عمليات الارتداد العشوائية الناجمة عن الإصدار معدومةً. لهذا تتلقى الذرة عند كل عملية امتصاص اندفاعاً يتجه باتجاه انتشار حزمة الليزر، أي بعكس اتجاه حركتها، ويكون الأثر الوسطي المحصِّل للعديد من عمليات الارتداد هو تباطؤ الذرة وتبريدها.

تعطى قوة الضوء المحصلة التي تخضع لها الذرة في تبريد دوبلر أحادي البعد عند تطبيق حزمتين متقابلتين من ضوء الليزر؛ بالعلاقة (2):

 

يدل المقدار على معدل التبعثر من الحزمتين بتطبيق أثر دوبلر، ويعطى بالعلاقة (3):

 

حيث شدة ضوء الليزر، و شدة الإشباع التي توافق ذرة بحالة التجاوب تبقى مدة زمنية تساوي زمن عمرها في الحالة المثارة، و مدى الابتعاد عن السوية المثارة، (الشكل 2).

يسمى الحد العملي لدرجة حرارة التبريد الذي يمكن بلوغه حد درجة حرارة التبريد بأثر دوبلر، أو اختصاراً حد دوبلر ، ويعطى بالعلاقة (4):

 

حيث تدل على ثابت بولتزمان، و عرض الخط الطيفي الذي يساوي مقلوب مدة الحياة الطبيعي للحالة المثارة. من المهم الإشارة إلى أن الإصدار التلقائي يقتضي ضمناً عدم تعيين في الزمن من مرتبة المقدار ، ووفقاً لمبدأ هايزنبرغ Heisenberg يكون عدم التعيين في الطاقة من مرتبة المقدار .

على سبيل المثال: بلغ حد دوبلر- من أجل الانتقال التجاوبي عند طول الموجة في ذرات الصوديوم- المقدار ، وحصل عند إزالة توليف تواتر ضوء الليزر باتجاه الأحمر بمقدار . عملياً يمكن أن تبرد ذرات الصوديوم المتحركة بِحُرِّية في حجرة مخلاة من الهواء درجة حرارتها - بسرعة تساوي الجذر التربيعي لوسطي مربع سرعتها البالغة - إلى درجة حرارة . بعبارةٍ أخرى: تنخفض سرعة ذرة الصوديوم من كل عملية امتصاص بمقدار يساوي قرابة . لهذا يتطلب اختزال المسقط المستقيم لاندفاع ذرة الصوديوم إلى الصفر قرابة فوتون. لما كانت الليزرات المستخدمة بالتبريد تنتج قرابة فوتون في الثانية الواحدة؛ فإنه جرى إيقاف ذرة الصوديوم في الخلاء خلال زمن يساوي قرابة .

تبريد دوبلر ثلاثي الأبعاد

إن أول من اقترح طريقة التبريد بالليزر بأثر دوبلر ثلاثي الأبعاد هما العالمان هانش T. Hansch وشافلوف A. Schawlow من جامعة ستانفورد عام 1975. لكنها لم تتحقق عملياً إلا عام 1985 على يد تشو Chu في مختبرات بيل في الولايات المتحدة الأمريكية. تتضمن التقنيات التجريبية المستخدمة توجيه الحزم الليزرية من ثلاثة اتجاهات متعاكسة نحو العينة باستعمال ستة ليزرات؛ كي تعطي ثلاثة أزواج من الحزم على طول المحاور الإحداثية الثلاثة، لهذا سُميت هذه الطريقة تبريد دوبلر ثلاثي الأبعاد. تتحرك الذرات عادةً في منطقة تقاطع الحزم الليزرية باتجاه إحدى الحزم على الأقل، ولهذا سوف تتأثر بقوة الضغط الضوئي المعاكسة لحركتها. إن هذا النوع من القوى يشبه القوى التي تؤثر في الجسيمات المتحركة في الأوساط اللزجة، ولهذا السبب سُميت هذه التقنية "الدبق الضوئي" optical molasses. كان تشو أول من أطلق هذه التسمية، وعرّف هذا بأنه الأثر "الدبق أو اللزج" الفعال للحزم الليزرية في تقليل سرعة الذرات. بالفعل، حالما تدخل الذرات منطقة الدبق الضوئي؛ فإن سرعتها تنخفض من قرابة إلى أقل من . يبين الشكل (3) صور الدبق الضوئي حيث تنحصر الذرات المبردة بالليزر.

 

الشكل (3) ذرات مقيدة في الدبق الضوئي: أ- يُشاهد الدبق الضوئي على هيئة بقعة مضيئة في الوسط.

ب - الدبق الضوئي على هيئة بقعة مضيئة إلى اليمين.

التبريد بتدرج الاستقطاب أو تبريد سيزيفوس Sisyphus cooling

بيّنت القياسات العملية الدقيقة لدرجات حرارة التبريد أنها أخفض من القيم المتوقعة نظرياً. عُزي ذلك إلى إهمال عدم تجانس شدة الحقل الإشعاعي من جهة، ومن جهةٍ أخرى إلى امتلاك الذرات في الحالة الأساسية سويات فرعية لزيمان Zeeman. فُسِّر ذلك بافتراض وجود نوعين متميزين من تدرجات الاستقطاب ينجمان عن تداخل مجموعتين من الحزم الليزرية مختلفتي الاستقطاب. يبين الشكل (4 –أ) أن الاستقطاب في المجموعة الأولى يتغير من خطي إلى دوراني ومن ثم إلى خطي بالاتجاه المعاكس، ليعود مرّة أخرى إلى خطي من جديد على مسافة تساوي، في حين يبيِّن الشكل (4-ب) أن الاستقطاب خطي في أي موضع على طول الحزمة لكن يتغير اتجاه الاستقطاب مشكلاً حلزوناً. إن تغير حقل الاستقطاب على طول محور انتشار الحزمة يقود إلى تغير شدة الحزم تغيراً جيبياً مع الموضع. سُميت طريقة التبريد هذه التبريد تحت حد دوبلر Sub-Doppler cooling أو التبريد بتدرج الاستقطاب polarization gradient cooling.

 
الشكل (4) أنواع استقطاب الحقل الكهربائي للحزم الليزرية المستخدمة في التبريد بتدرج الاستقطاب: (أ) الحزمتان مستقطبتان استقطاباً خطياً لكن باتجاهين متعامدين. (ب) الحزمتان مستقطبتان استقطاباً دورانياً إلى اليسار واليمين .  

سمحت هذه الطريقة بتبريد ذرات السيزيوم Cs في دبق ضوئي ثلاثي الأبعاد إلى درجة حرارة تساوي ، في حين بلغ حد دوبلر المقدار .

الأسر الضوئي المغنطيسي

في الواقع يمكن التحكم بحركة الذرات عن طريق التحكم بتواترات الليزرات؛ ما يجعل حصر حركتها في منطقة معيّنة، أي أسرها، ممكناً. وإن أكثر الطرائق شيوعاً للتبريد بالليزر هي التبريد بأثر دوبلر مع قوة أسر مغنطيسي للحصول على أسر (مصيدة) ضوئي مغنطيسي magneto-optical trap؛ أي استعمال أثر زيمان وأثر دوبلر معاً في عملية التبريد بالليزر. تعتمد عملية الأسر المغنطيسي على توليد حقل مغنطيسي غير متجانس شدته معدومة في مركز الأسر، وتزداد خطياً بعد ذلك، أي توليد حقل مغنطيسي رباعي الأقطاب ذي تناظر كروي في مركز الأسر. يبين الشكل (5) مبدأ عمل الأسر الضوئي المغنطيسي، حيث يمثل العدد الكمومي المغنطيسي في أثر زيمان، وتمثل جهتي الاستقطاب الدوراني.

 
الشكل (5) مبدأ عمل الأسر الضوئي المغنطيسي: (أ) تمثيل أحادي البعد لانشطار سويات الطاقة الذرية بفعل أثر زيمان. (ب) تمثيل ثلاثي الأبعاد لتأثير استقطاب الحزمتين الضوئيتين. 

الأسر الضوئي ثنائي القطب optical dipole trap

إذا وجد ثنائي قطب كهربائي لجسيم، سواء كان متحرضاً أم أصلياً في منطقة تدرج حقل كهربائي؛ فستتقيد حركته، ويتجه نحو منطقة الشدة العظمى للحقل؛ وبالتالي يمكن أسر الجسيم واستعمال الطريقة في التبريد.

الشبيكات الضوئية optical lattices

تُنتِج الأمواج المستقرة للحقل الليزري كموناً دورياً يمكنه أسر الذرات في بنية مرتبة تشبه البنية البلورية للأجسام الصلبة، تسمى الشبيكات الضوئية. يبين الشكل (6) آبار الكمون في الشبيكات الضوئية ثنائية الأبعاد. يظهر الكمون الضوئي الناجم عن تقاطع الموجتين المستقرتين للحقل الليزري المنتشرتين على طول المحورين الإحداثيين و والمستقطبتين استقطاباً خطياً على طول المحور Z.

 

الشكل (6) شبيكات ضوئية ثنائية الأبعاد.

التبريد بالتبخير evaporative cooling

يمكن اعتماداً على التبخير بلوغ درجات حرارة تبريد أخفض مما تمتلكه مجموعة من الذرات المأسورة، كما في حالة تبريد سائل عند تخليصه من الذرات ذات الطاقات الحركية المرتفعة.

التبريد بالتأثير (التآزري) sympathetic cooling

هناك تقنيات أخرى للتبريد بالليزر تُستخدم غالباً عندما لا يمكن إجراء التبريد المباشر بالليزر لنوع من الجزيئات، أو يكون ذلك فعّالٍ إلى حدٍ كافٍ، كما هي الحال عند تبريد الجزيئات ذات البنية الإلكترونية المعقدة. وأمكن استخدام التآثر الداخلي بين بعض الجسيمات القابلة للتبريد بالليزر لتحريض التبريد في مثل تلك الجزيئات التي لا يمكن تبريدها مباشرة بالليزر. يُعرف هذا المبدأ الفيزيائي باسم تقنية التبريد بالتأثير.

التطبيقات

تستعمل عملية التبريد بالليزر على نحو رئيسي في تجارب الفيزياء الكمومية (الكوانتية) قرب درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق، وذلك لمراقبة الآثار الكوانتية الفريدة واختبارها على المستوى الذري، فهي تتضح عند هذه الدرجات المنخفضة من الحرارة.

استعمل التبريد بالليزر، حتى وقت قريب فقط، على المستوى الذري لتبريد العناصر؛ لكن التقدم التقني أدى إلى نجاح عمليات تبريد الأجسام المجهرية إلى درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق. ففي عام 2011 استطاع فريق من الباحثين العاملين في معهد كاليفورنيا للتقانة وفي جامعة فيينا تبريد جسم ميكانيكي منمنم إلى حالته الكوانتية الأساسية. كان الجسم النانوي مصنوعاً من السليكون، وقد جرى تبريده بالليزر إلى أن وصل إلى حالته الكوانتية الأساسية حيث تكون الاهتزازات الميكانيكية أصغر ما يمكن على الإطلاق. إن دراسة مثل هذا الجسم البارد قد يساعد على كشف القوى والكتل الصغيرة جداً؛ التي عادةً ما يُحجب وجودها بالضجيج الناجم عن الاهتزازات الحرارية للكاشف.

بدأ تطبيق تقنية التبريد بالليزر على الجزيئات مؤخراً في عام 2010. ويعود السبب في ذلك إلى المشاكل المتعددة التي تصادف هذه العملية. فقد أمكن تبريد جزيئات أحادي فلوريد السترونسيوم باستخدام ثلاثة ليزرات إلى درجة حرارة تساوي قرابة بتقنية التبريد بالليزر بأثر دوبلر، في حين بلغت درجة الحرارة قرابة عند تطبيق تقنية تبريد سيزيفوس.

يُستعمل التبريد بالليزر أيضاً في القياسات الطيفية التي تتطلب دقة فصل عالية جداً، مثل التواترات العيارية في الساعات الذرية. إذ تعمل هذه الساعات على أساس الذرات أو الإيونات فائقة البرودة حيث يحذف الاتساع الناجم عن أثر دوبلر.

تُعدّ زيادة سطوع العينات الذرية- أو ما يسمى زيادة كثافة الطور المكانية phase-space density- واحدة من التطبيقات المهمّة للتبريد بالليزر. ففي حالة مجموعة ذرات تخضع لإحصاء بوز-أينشتاين Bose–Einstein؛ أي من أجل البوزونات، تتداخل أمواج دوبروي للجسيمات المتجاورة تداخلاً بنّاءً بحيث تتكاثف الجسيمات جميعاً في أخفض حالة طاقية مشكلةً تكاثف (كُثافة) condensation بوز- آينشتاين؛ ممّا مكّن من دراسة سلوكها.

كما يُستخدم التبريد بالليزر في دراسة الموائع الفائقة ذات اللزوجة المعدومة وعملية تشكل الدوامات الكوانتية quantum vortices، التي تُعدّ كياناً مهمّاً يظهر في ميادين الفيزياء المختلفة. ففضلاً عن دور هذه الدوامات الرئيسي في ميكانيك الموائع، وفي كمات التدفق في الناقلية الفائقة؛ فهي تتعلق بالأوتار الكونية والعيوب الطبولوجية في الفضاء المكاني الزماني (الزمكان)؛ إذ يعتقد أنها تشكلت خلال طور التمدد السريع للكون البدائي.

وأمكن باستخدام ضوء الليزر أسر الجسيمات المجهرية، مثل الخلايا الحية والبكتريا والمتعضيات داخل الخلايا، وسُميت هذه التقنية الملاقط الضوئية optical tweezers.

مراجع للاستزادة:

- F. Bardou, J.-P. Bouchaud, A. Aspect, and C. Cohen-Tannoudji, Lévy Statistics and Laser Cooling: How Rare Events Bring Atoms to Rest, Cambridge University Press, 2002.

- C. Cohen-Tanoudji, Advances in Atomic Physics, World Scientific. p. 791. 2011.

- C. J. Foot, Atomic Physics, Oxford University Press, 2005.

- J. T. Mendonca, H. Tercas, Physics of Ultra-cold Matter, Springer Science Business Media, 2013.

- C. Savage, Introduction to light forces, atom cooling, and atom trapping, http://arxiv.org/abs/atom-ph/9510004.

- U. Vogl and M. Weitz, Laser cooling by collisional redistribution of radiation, Nature, 2009.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 550
الكل : 29580261
اليوم : 35177