logo

logo

logo

logo

logo

تآثر الأنواع

تاثر انواع

Species interaction -

تآثر الأنواع

آليات تآثر الأنواع

السيادة

الانقراض

عدنان علي نظام

 

لما كانت الأحياء في احتياج دائم إلى الغذاء والمكان والموئل المناسب، وتقع تحت تأثير عامل أو أكثر من العوامل المحددة في البيئة؛ فإنها تنزع إلى تسوية أوضاعها بأساليب مختلفة، فيضطر الفرد وحيداً أو ضمن جماعة إلى الصراع أو التعايش أو بذل ما هو ممكن للانتشار والتكيف والبقاء، ونادراً ما يجد فرصة للاستمرار بدوامة الحياة منفرداً، فالنباتات والأسماك والحشرات أو غيرها تترك ذريتها في تداخل حتمي فيما بينها نتيجة لإفراطها في إنتاج الذراري؛ ومع غيرها أيضاً بسبب تشابه المتطلبات البيئية، فهي واقعة حكماً في ظاهرة تآثر الأنواع species interactions. ولابد من تسوية هذا التداخل عن طريق سيادة بعض النباتات على بعضها الآخر أو إعاقة نمو بعضها الآخر أو إزالته، وما يبقى منها يجد نفسه في طاحونة الحياة التي لا ترحم بتأثير استعمال الموارد وأحجام الجماعات والظروف المؤثرة ضمن النظام البيئي. يمثل النوع species أدنى وحدة تصنيفية، وهو مجموعة من الأحياء المتجانسة وتملك خواص مشتركة في الشكل والوظيفة، ولها القدرة على التزاوج والتناسل فيما بينها.

يدل النوع على تفرده بوصفه نوعاً قائماً بذاته، ويقابله تشابه في الخواص الفيزيولوجية، يعود إلى وجود مورثات genes متشابهة.

تآثرات الأنواع حتمية ونادراً ما تميل إلى الحياد، وقد تكون قاسية تقضي على الفرد بافتراسه تماماً أو بالتطفل عليه، أو تميل إلى التسامح معه فينزع إلى المساكنة والمعايشة، وتظهر بين ذلك أنماط متدرجة متباينة في قوتها ومداها. وبعض التآثرات أصبح حتمياً لا يمكن فصل عُراها إطلاقاً. ويمكن تقسيم أنماط تآثرات الأنواع إلى ستة أنماط types هي: التنافس، الاستفراد، الافتراس، التطفل، التكافل (التعايش)، المساكنة.

1- التنافس competition (-،-): ينشأ على مورد مشترك ويتسبب في احتدام العلاقات في حال محدودية الإمكانات أو ازدياد العدد، فالنباتات الراقية تتعرض للإجهاد باستمرار بسبب التنافس؛ فهي تشترك في متطلباتها، وتكون الغلبة في النهاية للأفراد أو الأنواع ذات الكفاءة العالية. فالتنافس وضعٌ ينشأ من نمو النباتات في موطن واحد لا يكفي فيه عامل أو أكثر من العوامل الضرورية لتلبية احتياجات جميع الأنواع. فعندما يجتمع أفراد من نوع أو أكثر تكون احتياجاتها أكثر مما توفره البيئة التي تعيش فيها، ويكون البقاء للأصلح أو الأقوى، ويحدث ذلك في المجتمعات المستقرة، ويؤدي إلى نقص نمو بعض الأنواع وانخفاض إنتاجيتها ولاسيما في سنوات الجفاف، حيث يكون الماء عاملاً محدداً، ويؤدي التنافس على الموارد إلى تطور المظهر الخارجي للأنواع.

فالقامة الطويلة عامل حاسم؛ إذ إن الأشجار الكبيرة في الغابة تظلل الأشجار الفتية وتنافسها على الماء والمواد الغذائية؛ ولاسيما الآزوت (النتروجين) والفسفور. كما أن نقص الإضاءة سبب رئيس في الموت السريع لبادرات الصنوبر أو النمو الضعيف للأشجار الفتية وموت الكثير منها. وفي البيئة الرطبة تكون النباتات ذوات الهامات العالية أكثر نجاحاً من غيرها بسبب احتكارها للضوء. وصورة النمو أمر مهم؛ إذ إن الجملة الجذرية الكبيرة أو النمو العشبي في كتلة ضخمة يكسب النباتات قوة للمنافسة، والبذور الكبيرة ذات الجنين الكبير تنتج بادرة كبيرة بمجموع خضري جيد، ففيها كميات كبيرة من المواد الغذائية التي تساعد على سرعة نموها، والنوع أو الفرد الأسرع نمواً يستأثر بالمكان ولا يُتيح لغيره فرصة البقاء، والنبات الذي يصل إلى موقع ما أولاً يمكنه- ولو كان متخلفاً في شكله- أن يستبعد نباتاً له إمكان النمو إلى حجم كبير. كذلك يحصل التنافس بين كثير من أنواع الحيوانات عند البحث عن الغذاء أو الملجأ أو مكان وضع البيض.

2- الاستفراد allelopathy (الإبعاد التضادي 0، -): يحدث بين نبات وآخر بإفراز مركبات كيميائية عديدة في الوسط المحيط تؤدي إلى إبعاد الأنواع المنافسة أو القضاء عليها كلياً. كما يحدث من خلال المواد الناتجة من تحلل أجزاء النباتات الميتة؛ كالأنواع النباتية أو الأحياء الدقيقة، وتفرز الجُمَل الجذرية أو الإعاشية أو كلتاهما أو الثمار أو البذور هذه المركبات؛ وهي فينولات أو ألدهيدات أو كومارينات أو غلوكوزيدات أو تربينات أو غيرها، سائلة أو صلبة أو غازية، ويتوقف تأثيرها على تركيبها وتركيزها واستمرارها وعلى عوامل الوسط المحيط. على سبيل المثال:

تؤدي نباتات الجوز Juglans regia إلى ضعف نمو النباتات تحتها أو تثبيطه بسبب إفراز الأوراق مركب الجوزين (الجوغلون) juglone، وتفرز أوراق الشيح المر Artemisia absinthium مركب الأبسينتين absinthin الذي يثبط نمو كثير من النباتات، وفي مرحلة النمو النشط لتجمعات المشطورات diatoms من الطحالب تبدي خلايا النجمية اليابانية Asterionella japonica تأثيراً مثبّطاً للبكتريا الموجبة بصبغة غرام. أما خلايا السكِلِتونيما Skeletonema costatum فتبدي تأثيراً متبايناً في نمو البكتريا؛ منشّطاً للفلافوبكتريوم Flavobacterium؛ ومثبّطاً للزائفة Pseudomonas، ويرتبط ذلك بالإنتاج المستمر للمفرزات الخلوية.

3- الافتراس predation (+،-): يحدث عندما يلتهم المفترس فريسته كلياً أو أجزاء منها، وغالبية الأنواع المستهلِكة تتغذى على أجسام أنواع الأحياء الأخرى، وقد تقع تداخلات دموية ومبارزة متصاعدة. تعتمد المفترسات على الاقتناص عن طريق المشي أو السباحة أو الطيران أو المطاردة أو الكمين أو التمويه أو الحرب الكيميائية chemical warfare، وبالمقابل قد تنجو الفريسة نتيجة الركض أو السباحة أو الطيران أو الحماية (القواقع والنباح والأشواك، والتمويه، والحرب الكيميائية، والألوان التحذيرية، والمحاكاة mimicry، والمظاهر الخادعة، والسلوك الخادع) فيؤدي كل منهما إلى تطور الآخر، فالظباء سريعة تجعل الفهد الصياد أسرع من أجل بقائه، وهكذا الأرانب والثعالب، والطيور الجارحة والعصافير أو القوارض، ويستأثر الافتراس بأهمية كبيرة في الاصطفاء selection وضبط أحجام الجماعات.

4- التطفل parasitism (+،-): يمثِّل العلاقة بين اثنين من الأحياء يعيشان معاً، يستمد الطفيلي parasite قوته وموئله أو انتشاره على حساب الثوي (المضيف) host الذي يخضع لتأثير سلبي، ولكنه نادراً ما يقتل ثويه كالافتراس، وقد يؤدي أو لا يؤدي إلى موته، ومن اللافت أن أكثر من ثلث الأنواع الحية في العالم تعيش طفيليات على الأحياء الأخرى، فكل كائن هو موئل لغيره غالباً، والطفيليات أصغر جداً عادة من أثويائها، وتقع ضمن مجال واسع من الأحياء.

تكون الطفيليات غالباً ذات حجم مجهري وزمن جيل قصير كالفيروسات والبكتريا والفطريات والأوالي الحيوانية، وهي ممرضة غالباً، وتنتقل مباشرة من ثوي إلى آخر عادة بالهواء والماء والحيوانات، وقد تكون الطفيليات ضخمة نسبياً، وتمتلك زمن جيل طويل كاللافقاريات؛ مثل الدودة الكبدية والقرّاد ومفصليات الأرجل، ومن الفقاريات الوقواق Cuckoos، وهنالك أنواع تتضمن دورة حياتها أكثر من ثوي واحد عادة، مثل الدودة الشريطية Tenia echinococcus التي تعيش في أمعاء الإنسان والخنزير والعديد من اللواحم والقوارض، وكذلك بعوضة الملاريا. والطفيليات نمطان: منها داخلية تعيش في جسم الثوي ضمن الدم أو النسج في بعض أطوار حياتها كالنيماتودا Nematodes، ومنها خارجية تعيش على الثوي أو على البطانة الظهارية لتجاويف الجسم، فعلى المجموع الجذري للنباتات الباذنجانية يعيش الهالوك Orobanche والحامول Cuscuta، وعلى المجموع الخضري يتطفّل الهدّال Loranthus curviflorus (على الأكاسيا Acacia)، وفطر Cystopus candidus على النباتات الملفوفية Brassicaceae، ويقتصر عيش دودة الحرير على أوراق شجرة التوت.

5 - التعايش symbiosis (+،+): هو علاقة حيويّة مفيدة تنشأ بين أفراد نوعين مختلفين من الأحياء المتعايشة التي تتنامى معاً وتتحفّز، وقد يصبح التبادل حتميّاً، فمثلاً تتنوّع مجموعات البكتريا في معدة المجترّات وتبلغ أعدادها20 مليار خليّة في الغرام الواحد من محتوياتها؛ ولاسيّما تلك الهاضمة للسلولوز، وتنمو النباتات البقوليّة على نحو ضعيف في التُرب المحرومة من الآزوت الذي تزوّدها به بكتريا العقد الجذريّة Rhizobium المثبّتة له.

6- المساكنة (المشاركة) commensalism (+، -): فيها يستفيد نوع واحد من دون أن يتضرر الآخر، فيتحمل بعضها بعضاً، كتعشيش الطيور في الأشجار، ونقل حيوان صغير على متن حيوان أكبر، وتثبيت جذور النباتات العالقة epiphytes على أخرى لتوفير الإضاءة الجيدة وامتصاص الرطوبة الجوية، ويُستعاض عن التربة بالمواد الدبالية الناتجة من تحلل البقايا النباتية، وتحيط بجذور النباتات العالقة طبقة شديدة الشراهة للماء، وغالبية هذه النباتات تتميز بضغط حلولي مرتفع، وتحصل على الآزوت من مياه الأمطار التي تكون غنية بهذا العنصر في المناطق المدارية، وتنبت بذور النباتات المتسلقة في التربة، ويكون نموها سريعاً من دون تكوين نسج دعامية كافية بحثاً عن الضوء اعتماداً على الأشواك أو المحاجم suction discs كنبات الأسل الهندي (الروطان) Calamus، والجذور العرضية كنبات الفانيلا Vanilla؛ فتلتفّ السوق بحركة لولبية ممسكة بجذوع الأشجار وفروعها، ثم تبدأ الساق بالتخشب، وأهمها اللبلاب Convolvulus، وتساعد المحاليق tendrils في نباتات الكرمة على التثبّت، وهناك نباتات شبه عالقة hemiepiphytes تبدأ حياتها إما نباتات متسلقة وإما نباتات عالقة، وقد يحدث التحام جذور أنواع مختلفة ولاسيما الأشجار، وإن كان أكثر بين جذور النوع الواحد، وعندئذ يمكن انتقال الماء والغذاء والطفيليات من نبات إلى آخر.

آليات تآثر الأنواع

إن وجود طبقات من البقايا النباتية تحت الأشجار؛ أي المهاد من القش فوق سطح التربة، والنظم الجذرية المتطورة تجعل النباتات أكثر نجاحاً في البيئات الجافة قليلة الخصوبة، وتشغل مواقع بيئية متباينة من حيث الطبوغرافيا والرطوبة وغيرها؛ كوجود مجموعة من العصافير في مجتمع على جزر معزولة؛ ومنها ما يعيش على الأرض ومنها ما يوجد على الأشجار، وتتباين جميعاً من حيث حجم الجسم وحجم المنقار وشكله وفقاً لنمطها الغذائي، منها ما يتغذى على الحشرات ومنها ما يتغذى على البذور ومنها ما يتغذى على الثمار، وفي مواقع أخرى قد تشترك عدة أنواع من الطيور في عش مشترك بهدف تحسين شروط الدفاع ضد الأعداء.

يعد التنافس صفة عامة للمجتمعات النباتية، ولا وجود له في المراحل الأولى من تكونها، عندما تكون النباتات متباعدة، ويزداد تدريجياً بازدياد عدد الأفراد وازدياد كثافة المجتمع النباتي، وقد طوّر بعض الأنواع أساليب مختلفة لاستعمال الموارد أو استعمالها في أوقات متباينة. ويظهر التنافس في أشد صوره عندما يقع بين الأفراد التي تتشابه احتياجاتها من المورد نفسه في وقت واحد. ويحدث التنافس على أسس متكافئة تقريباً، فلا تنافس بين ثوي وطفيلي يعيش عليه، بل بين طفيلي وطفيلي آخر على المضيف نفسه. وتتميز النباتات ذات القدرة العالية على المنافسة بخواص مهمة، فلا ينافس نبات شجري سائد في الغابة عشباً حولياً صغيراً ينمو في الظل في مستوى الطبقة السفلية للغابة، بل يستفيد العشب في الوسط الذي يهيئه له ذلك النبات الشجري، ولكن يمكن أن ينافس العشب بادرات الأشجار لأنها تتشارك المورد نفسه، وتبدو أنواع معينة عقبة أمام النمو الطبيعي لأفراد أنواع أخرى؛ إذ يسبب بعض النباتات إعاقة إنبات البذور لنباتات أخرى. وفي المناطق الباردة تسود الحزازيات والأشن وتغطي التربة تغطية كاملة؛ فعندما تسقط بذور الأنواع العشبية أو الشجرية لا تصل إلى سطح التربة، وتحتجز فوق الحزازيات؛ ومن ثمّ تبقى معرضة لعوامل الوسط كدرجة الحرارة العالية والبرودة المنخفضة فتنفد المواد المدخرة قبل أن تصل جذور البادرات إلى التربة أو تموت. أما إزالة الحزازيات والأشن فيفسح المجال لعدد كبير من البذور النباتية؛ وتزداد فرص حياة البادرات، ويكون التأثير ضاراً فيؤدي إلى تمزيق الأوراق وتكسير الفروع حديثة النمو ولاسيما عند الاهتزاز الشديد بالرياح في المناطق المعتدلة غالباً؛ إذ يسبب اهتزاز أغصان البتولا تخريب أوراق التنوب Picea وفروعها. ويؤثر التنافس في التوزع الجغرافي للأنواع والمجتمعات النباتية، فعند دخول نباتات جديدة منطقة جديدة - وكانت أكثر قدرة على التكاثر والانتشار من الأنواع المحلية- فإنها تزيل الأنواع الأصلية تدريجياً من المنطقة وتحل محلها، وهكذا يتسع انتشار مجتمع البلان Poterium spinosum، ويسمح القطع الجائر لغابات الشوح Abies cilicica لأنواع شجرية كالشرد الشرقي Carpinus orientalis والصلع Ostrya carpinifolia أليفة الضوء بالانتشار في المواقع المتدهورة، بيد أن الظل الذي تولده هذه الأشجار يتيح لبذور الشوح البقاء تحت الغطاء والنمو، ومع مرور الزمن تعود سيادة الشوح من جديد؛ فأشجار الصلع والشرد تجد صعوبة في السيادة تحت ظل الشوح الكثيف؛ وتوزع غابات السنديان العادي على الترب الناشئة من الترب الحمراء الغنية بالغضار التي يجف سطحها بشدة في فصل الجفاف فيشكّل حاجزاً لنمو بادرات الصنوبر البروتي نتيجة التنافس على الماء مع نباتات مجتمع السنديان العادي؛ فالسنديان العادي يتحقق استمرار وجوده لأنه يخلف بعد القطع عند مستوى سطح الأرض ويعطي نموات جديدة. وتتصف الحيوانات بأهمية كبيرة في حياة النباتات عند الرعي والتغذي والانتقال وفي عملية التلقيح، وعملية الانتشار (البعثرة). كذلك توجد أنماط عديدة للتعلُّق suspension، كالتعلّق الفيزيولوجي؛ إذ تكون العلاقة غذائية إما بالتعايش وإما بالتطفل، والتعلّق بطبيعة النمو؛ أي النباتات العالقة، والتعلق بالشروط البيئية اللازمة لكل نوع كالنباتات المتسلقة lianas.

وتبدي الأحياء الدقيقة تداخلات أخرى كالتابعيّة metabiosis (syntrophism)، وهي ظاهرة تحدّدها علاقات استقلابيّة تكون فيها نواتج النوع الأوّل مادّة غذائيّة للآخر، فالنشادر الذي تحرره البكتريا المنشدرة مادة حتميّة لنمو المُنتَرِجات، وهذه العلاقات واسعة الانتشار، وهي أساس دورة العناصر في الطبيعة، وتفرز أنواع من البكتريا موادّ نموّ كالفيتامينات والأكسينات أو الحموض الأمينيّة في الوسط فتحفّز تنامي أفراد النوع الآخر كالخمائر والرزميات، وكثيراً ما تفرز البكتريا الكحولات والحموض والقلويات المثبطة لغيرها، أو تنتج موادّ كالصّادّات antibiotics التي تبيد الأنواع الأخرى أو تثبّط نموّها، وتعدّ هذه الظاهرة أكثر شيوعاً بين الشعيّات actinobacteria ثمّ الفطريّات وأشكال البكتريا المتبوّغة في ظاهرة تسمى التصاديّة antagonism.

وللإنسان تأثير مباشر أو غير مباشر في التنوع الحيوي biodiversity بسبب الاحتطاب وتحويل الغابات في المناطق الجافة، وإنشاء مجتمعات نباتية جديدة بعملية التشجير مثل اتساع رقعة زراعة القمح والذرة، وهو من العوامل المهمة في الاصطفاء والانتشار والتحسين على نحو واع ومدروس أو لا إرادي.

السيادة

يمكن أن يسود نوع أو أكثر من المجتمعات الحيوية، وتسمى الأحياء السائدة dominants، وتتناسب السيادة dominance طرداً مع الوفرة abundance وعكساً مع التنوّع diversity، ويرى آخرون أن السيادة للأنواع التي تتميز بوظائف معينة في المجتمع ولاسيما كفاءة نقل الطاقة من مستوي غذائي إلى آخر، ويرى فريق آخر أن النوع السائد يقلل من التنافس بين الأنواع عن طريق الافتراس، وهذا نمط من التحكم في المجتمعات عن طريق توازن المنظومات البيئية، ويرى آخرون أن النوع السائد يستغل المكونات الغذائية والعوامل اللاأحيائية على نحو أفضل كالغذاء والحرارة والرطوبة وغيرها، فهو أقدر على الاستمرار عند تعرض المجتمع لمؤثر بيئي معيّن، ثم جاء اقتراح المعايير مثل الغطاء النسبي والكثافة النسبية والتردد النسبي، وتسمى المجتمعات الحيوية ولاسيما النباتية منها على أساس السيادة؛ فالاسم يدل على أن النوع الأول هو السائد والنوع الثاني يأتي بعده في السيادة، وهناك النوع المرتكز keystone species؛ إذ يمكن لحضوره أو غيابه أو تكاثره أو تدهوره في الغزارة أن يترك تأثيراً قوياً في الأنواع الأخرى ضمن المجتمع، وإزالة نوع معين تسبب فقدان نوع آخر من المجتمع "التأثير الموجي"؛ إذ يؤدي انقراض طائر معين من البيئة إلى اختفاء نوع شجري عند اعتماد إنبات البذور على مرورها في جهازه الهضمي بعملية التغذية على ثمارها، وعموماً تسود الأنواع ذات الخصائص المتفوّقة.

الانقراض

هو عملية التناقص المستمر في أعداد أفراد النوع الواحد من الأحياء من دون تعويض حتى موت جميع أفراد النوع، والأنواع النادرة rare والمهددة endangered هي تلك المدرجة على القائمة الحمراء red list، وقد حدث انقراض جماعي في البر والبحر، إذ انقرض 99% من الأحياء التي عاشت على الأرض منذ 3,8 مليار سنة. أما الانقراض الجماعي الحديث فحدث منذ 65 مليون سنة أدى إلى فقدان كثير من الأحياء وأهمها الديناصور، وينقرض من الأنواع الحالية نحو 100 نوع يومياً وأغلبها على اليابسة وإن كان ما يوجد على الأرض حالياً نحو 8.7 مليون نوع فقط. إن ما نسبته 11% من الطيور و25% من الثدييات و20– 30% من النباتات مهددة بالانقراض، ولاريب في أن انقراض أي حي ظهر يوماً على الأرض ضياع لمخزونه الوراثي، فكيف بانقراض نوع كامل؟!. ويتسبب في تدهور الأنواع الحية وندرتها وانقراضها عوامل كثيرة، منها: تدمير الموائل والتلوث وانعدام توفر الغذاء والماء، وعدم القدرة على التكيف، وتدخّل الإنسان عن طريق الاصطفاء والرعي الجائر والحرائق وإزالة الغابات والتوسع الزراعي والتوسع الحضري. وتبين وثائق الفاو (FAO 2012) أن 20-30% من الأنواع النباتية والحيوانية سيقع في خطر عالٍ نتيجة الاحتباس الحراري، ولاسيما الأنواع المتوطنة التي قد تنقرض نحو عام 2050، ويعود ذلك إلى التغيّر المناخي climate change، فتغير استعمال الأنواع البرية للأغذية واعتماد الإنسان على محاصيل الطاقة المتجددة سيغيّر انتشار الأنواع؛ إذ إنه يعزز بعض الأنواع والجماعات ويحدّ من أخرى.

مراجع للاستزادة:

- إبراهيم نحال، أساسيات علم البيئة وتطبيقاته، كلية الزراعة بجامعة حلب، حلب 1999.

- عدنان علي نظام، العوالق النباتية، كلية العلوم بجامعة دمشق، دمشق 2009.

- P. Chesson, Mechanisms of maintenance of species diversity, Annu. Rev. Ecol. Syst. 2000.

- International Union for Conservation of Nature, Guidelines for using the IUCN. Red List: Categories and Criteria. IUCN, Gland, Switzerland and Cambridge, United Kingdom, 2008. Available from:

http://intranet.iucn.org/webfiles/doc/SSC/RedList/RedListGuidelines.pdf.

- E. Kaeslin, et al., Food and Agriculture Organization of the United Nation, FAO Forestry paper 167 Wildlife in a changing climate, Rome, 2012.

- G. G. Mittelbach, et al., What is the observed relationship between species richness and productivity? Ecology, 82, 2381–2396, 2001.

- W. G. Wilson, et al., Biodiversity and species interactions: extending Lotka–Volterra community theory. REPORT, Ecology Letters, Blackwell Publishing Ltd/CNRS, 2003.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 31774332
اليوم : 49793