رجم العبد
رجم عبد
Rajm al-Abd - Rajm al-Abd
¢ رجم العبد
رجم العبد
سلطان المعاني
يقع رجم العبد Rajm-al-Abd في موقع عراق الأمير، على بعد 18كم إلى الغرب من مدينة عمان، ونحو 17كم إلى الغرب من وادي السير، ونحو 29كم إلى الشرق من أريحا.
![]() |
يطلق السكان المحليّون على المبنى اسم كهف الأمير، أو قصر الأمير، أو قصر العبد، وهي تسميات ذات اشتقاق شعبي، لا تستند إلى واقع تاريخي؛ فالرواية الشعبية تحكي قصة حبٍّ بين ابنة هيركانوس وعبد يعمل عند والدها؛ فيستغل العبد غياب هيركانوس، ويشرع في بناء قصر لها؛ غير أن البناء لم يكتمل بسبب عودة والدها.
![]() |
مبنى رجم العبد (بني في العصر الهلنستي وظل مستخدماً حتى العصر البيزنطي) |
وقد ورد ذكر موقع عراق الأمير في برديات زينون Zenon Papyri (253 ق.م) باسم Tyre أو Tyros وتعنيان صور أو المدينة المحصنة (المدينة المحاطة بالأسوار). وعرفت باسم Birtha، وهي تسمية آرامية تعني الحصن..
قام كلٌّ من إربي C.Irby ومانغلز J.Mangle بمسح منطقة عراق الأمير عام 1817م، ووصفا القصر وصفاً أولياً مبسطاً، ثم زاره دي فوغيه De Vogüé في العام 1864م، ووصف طبيعة المنطقة وطبوغرافيتها. وتوالت زيارة الموقع من عدد من الباحثين والمستشرقين؛ فزاره كلٌّ من دي سولسي .de Saulcy 1865) Fم)، وكوندر C.R. Conder (1881م)، وبتلر Butler.H.C (1904م)، وفنسنت Vincent.L.
قامت المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية بعدد من الحفريات الأثرية في الموقع عام 1962م، ترأسها بول لاب P. Lapp، وقد أظهرت الأعمال أن الموقع قد استوطن منذ العصر الحجري الوسيط (الألف الحادي عشر ق.م) واستمر خلال العصور البرونزية ثم إلى العصرين الحديدي الأول والثاني، وكذلك العصر الأخميني والهلنستي والبيزنطي والإسلامي. وأشارت النتائج إلى أن تاريخ بناء القصر يعود إلى ما بين (175-163 ق م).
وفي عام 1976م قام براون Brown من المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية بالتنقيب داخل القصر. وكرّرت دائرة الآثار العامة الأردنية التنقيب داخله في عام 1979م، وأكدت استمرارية سكنى القصر في الفترة البيزنطية خلال القرنين الخامس والسادس الميلاديَّين. وقد تعرض الموقع إلى زلزال مدمر عام 365م، أدى إلى تهدم الكثير من أجزائه.
![]() |
واجهة مبنى رجم العبد |
وأجرى معهد الآثار الفرنسي بالتعاون مع دائرة الآثار العامة حفريات أثرية في الأعوام ما بين (1976 - 1982م)، وتمَّ الكشف عن مخلفات معمارية تمثل جداراً دفاعياً، وهناك أنظمة مائية، ومعاصر عنب لصناعة النبيذ. وقد تبين أن بعض المخلفات المعمارية والفخارية تعود إلى الفترتين الأموية والمملوكية. أمّا الأسبار التي تمت داخل القصر فقد أظهرت طبقات أثرية يمتد تاريخها من العصر البرونزي القديم إلى نهاية الفترة البيزنطية.
وقام الباحث شانغ هو Chang-Ho - في الأعوام بين (1996 - 1999م) - بمسوحات أثرية في الموقع ووادي الكفرين أشار فيها إلى وجود بعض مدافن الدولمن وأخرى مقطوعة في الصخر.
كما أظهرت التحريات الأثرية في الموقع وجود عدد من الكهوف الطبيعية التي استغلت بيوتاً سكنية بعد أن أجريت عليها تعديلات في مطلع القرن الثالث الميلادي. كما يقع إلى جوار قصر العبد برك مائية واسعة، ومعاصر للعنب. وقد عثر في الموقع على جدارين دفاعيَّين سميكين، بنيا بحجارة غير مشذبة، يعود الأول إلى العصر الأخميني؛ في حين يعود الجدار الثاني إلى القرن الثاني قبل الميلاد.
ومن البقايا الأثرية التي عثر عليها في الموقع أدوات صوانية صغيرة الحجم رقيقة، مثّلت إبراً وأزاميل وشفرات ومكاشط ذات أشكال هندسية وهلالية ميكروليتية تعود إلى الفترة النطوفية من العصر الحجري الوسيط، وكُشفت مكاشط وإبر ورؤوس سهام مصنوعة من العظم والمعروفة باسم صنارة الصيد Harpoons. كما عثر في الموقع على بعض قبور الدولمن تعود إلى العصر البرونزي المبكر، وقبور أخرى مقطوعة في الصخر. وعثر داخل القصر على بعض الأختام الفخارية التي أُرَّخت إلى القرن الثاني ق. م، كما عثر على مخلفات معمارية وفخارية أموية ومملوكية.
تعددت الآراء حول وظيفة المبنى؛ فهناك من عدّه قصراً بني في الفترة الهلنستية، وهناك من عدّه معبداً للإله العموني كيموش الذي يعود إلى فترة العصر البابلي الحديث. والرأي الثالث- وهو الأقل احتمالاً- يصنف المبنى على أنه قلعة أو حصن.
يعدّ رجم العبد أهمَّ مبنى بين خمس منشآت معمارية في عراق الأمير، ويحيط به قرابة عشرين كهفاً، كتب على جدران اثنين منها اسم طوبيا، ويؤرخان إلى نهاية القرن الثالث وبداية القرن الثاني قبل الميلاد. وطوبيا هو اسم آرامي بصيغة المذكر المعرف للجذر (ط ي ب) -طيب، بركة، خير- وهو أحد حكام شرق نهر الأردن، وعرف باسم «طوبيا الخادم» أو «خادم العمونيِّين».
أبعاد المبنى 37 × 18م، وهو ذو جدران سميكة (90 - 92سم)، بني بحجارة بأسلوب الأربطة الحجرية (اللسان والتجويف) بحيث يدخل لسان الحجر في تجويف الحجر الذي يليه، من دون استخدام الملاط للربط بين الحجارة الجيرية البيضاء المتبلورة الصلبة. وقد وضعت الأساسات على الأرضية الصخرية الأم وفوقها مصطبة بحجارة ضخمة بارتفاع متر، تأسّست الجدران فوقها بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر.
![]() |
موقع رجم العبد وأبنيته |
يتألف المبنى من طابقين، يشتمل الطابق الأرضي على أربع غرف وممر، استخدمت جميعها للتخزين. ويتم الوصول إلى الطابق العلوي بواسطة درج من البوابة الشمالية، وهو الجزء الذي لم يكتمل من المبنى، وقد كان مخصّصاً لإقامة الحاكم.
يتكون المبنى من عدد من الأعمدة المنفردة، ومجموعة أخرى من الأعمدة المتصلة، وهي إما أعمدة كاملة وإما ثلاثة أرباع العمود ونصف العمود. ويلاحظ وجود دعائم ذات مقاطع مربعة ومستطيلة تبرز عن سطح الجدار الخارجي للمبنى، وعلى شكل حليات بجوانب الأبواب الرئيسية لتقوية جوانب المداخل ومنعتها.
تيجان الأعمدة وقواعدها كورنثية مغطاة بأوراق الأكانثوس المشرشرة، تزينها بعض النباتات والأشكال الحلزونية، وهناك تيجان أيونية بسيطة تزين واجهات القصر.
وهناك في المبنى تصاميم زخرفية ذات أشكال حيوانية، وطيور ذات أشكال متوازنة تظهر عناصر التجسيم والحركة والظل والضوء، وقد نُحتت بأسلوب واقعي يظهر القوة والحيوية والعظمة. وتمثل هذه المنحوتات الأسود؛ إشارة إلى وظيفة الحراسة وقوة هيركانوس. ونحتت من الطيور ثمانية نسور في الواجهة الداخلية للمبنى، وعلى زاويتي المبنى الخارجيتين بوضع التناظر، ومنها ما يغطي حنايا الأبواب، وهي ذات تأثير سوري يعكس القوة والعظمة والقداسة؛ فتعكس فكرة الخلاص بعد الموت، وتمثل رمزاً للملكية. ومن منحوتات المبنى اللبؤات في الطابق الأرضي منه، وجاءت فاغرة الأفواه تشكل صنابير تتدفق منها المياه.
مراجع للاستزادة: -R. Brown, “Excavation at Iraq el-Emir” ADAJ, 1979, 23: pp.17-30. -J. Ho.Chang,”Archaeological Survey and Settlement Patterns in the Region of Iraq al-Amir” ADAJ 1996, 42:pp. 587-608. -J.Ho.Chang, “The 1998 Season of Archaeological Survey in the Region of Iraq al-Amir and Wadi Al-Kafrayn” ADAJ 43, 1999, pp. 521-539. |
- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :