رشف
Reshep - Reshep2

 ¢ رشف

¢ رشف

محمود حمود

 

 

«رشف» أو «رشب» Reshep، هو أحد أسماء الآلهة السورية القديمة التي عرفت منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وكان إلهاً للشفاء والحرب والبرق واللهيب والعالم السفلي، ويعني اسمه الحريق أو الشعلة، وغالباً ما ارتبط اسمه بآلهة الشمس.

جاء ذكره في نصوص إيبلا[ر] العائدة إلى العصر البرونزي المبكر (٢٤٠٠-٢٢٠٠ق.م)، وكان إلهاً رئيساً فيها. وجاء ذكره في نصوص العصر البرونزي المتأخر (١٦٠٠- ١٢٠٠ق.م)، ومنها نصوص إيمار[ر]، وأوغاريت التي لم يؤد دوراً يذكر في أساطيرها مع أهميته فيها، حيث ظهر اسمه في قوائم الأضاحي على نحو متأخر، وكان أحد آلهة العالم السفلي الذين تلقوا التقدمات فيها، ووقع على عاتقه إخفاء خُمس عائلة الملك كيرت. وقد وصلت عبادته إلى بلاد الرافدين، وجاء ذكره في أحد نصوص أوغاريت مرادفاً للإله الرافدي «نيرجال» إله العالم السفلي المسؤول عن الأمراض والأوبئة، والحامي من أنواع الشر كافة.

استمرت عبادة «رشف» في الألف الأول قبل الميلاد لدى سكان المشرق العربي بما في ذلك الآراميّين والفينيقيِّين؛ فكان أحد أعضاء المجمع الإلهي الآرامي، والذي ورد ذكره في الكثير من النقوش الحجرية، ومنها نقوش شمأل [ر] (زنجرلي حالياً)، ولاسيما في نقشي برراكب، وبنموا بن قرل، وكذلك ورد ذكره في نقش أزتودي (قره تيبه قرب أضنة حالياً). وعلى الرغم من أهمية هذا الإله عند الآراميِّين لكن اسمه لم يستخدم في أسماء العلم بعكس غيره من الآلهة الأخرى، من دون معرفة السبب.

أما سكان الساحل السوري الذين عُرفوا بالفينيقيِّين؛ فقد كان «رشف» من الآلهة المهمة لديهم وعرفوه إلهاً للبرق والنور، ويوازي إله الشمس الإغريقي «أبولو». وعُبد «رشف» أيضاً في المُعَمَّرة الفينيقية قرطاجة ضمن معبد «أبولو»، وارتبط اسم «ملقارت» بإله الشفاء «رشف» إلى حد التطابق، حتى أصبح يطلق عليه اسم» رشف ملقارت»، لكن قدرته على الشفاء ليست بالواضحة دوماً؛ في حين عرف «رشف» في عمريت باسم «شادرابا».

تمثال ملقارت - عمريت

ولقد وصلت عبادة «رشف» إلى مصر والأناضول وجزر اليونان وقبرص، وهذا ما تظهره تماثيله الصغيرة التي صُنعَت من البرونز أو من النحاس المطعّم أو المغشى بالذهب، وعثر عليها في عدد من المدن اليونانية، ومنها ديلوس وفولاكوبي في جزيرة مولس، وفي باتوس في كريت، وفي تيرنس وسردينية. كما وجدت تماثيله في صقلية وقبرص، علاوة على جبيل[ر]، وبعض المواقع الفلسطينية. ويرجع تاريخ معظم هذه التماثيل إلى القرنين الثاني عشر والحادي عشر ق.م، ولا يمكن عدّها بضاعة تجارية؛ بل هي هدايا دينية ثمينة، ذات تأثير سحري كبير.

نقش بر راكب الذي ورد فيه ذكر المعبود رشف - متحف إسطنبول

أما في مصر فقد وصلت عبادة «رشف» إليها منذ عصر الدولة الحديثة، وكان أحد ألقاب المعبود «بتاح»، وكذلك حمل لقب: الرب العظيم، والمُنصت إلى الصلوات. وعُدَّ فيها إلهاً للبرق والرعد والحرب واللهيب، وحامياً من الشرور. ولاحقاً كان إلهاً للعالم السفلي، وشافياً من الأمراض والسموم، وهو ما تؤكده بعض النصوص السحرية. ويظهر «رشف» في هيئة آدمية لرجل يضع قلنسوة مخروطية الشكل على رأسه، ويحمل درعاً ورمحاً في يده اليسرى، ومقمعة أو دبوس قتال في يمناه. وكان «رشب» يُصوَّرُ وهو يلوِّح بمختلف الأسلحة لابساً تاج الصعيد الأبيض، وفوق الجبهة قرنان، أو رأس غزال كامل. وقد عُبدَ «رشف» في منف وتل بسطة شرقي الدلتا، وجاء ذكره في معبد «مونتو» بالكرنك في العصر اليوناني لاحقاً. ولاقت عبادته قبولاً واسعاً بين العامة في دير المدينة التي أصبحت مكان عبادته الرئيس والتي أصبح واحداً من ثالوثها الإلهي مع المعبودين «قدش» و»مين». وعرفت عبادته منذ عهد الملك «أمنحوتب الثاني»، وذلك من خلال نص على إحدى اللوحات التي عُثر عليها بجوار تمثال «أبي الهول»، حيث كتب عليها اسم المعبود، كما ظهر على عدد من اللوحات التي عثر عليها داخل منف.

مراجع للاستزادة:

- ألفونسو أركي، «آلهة إبلا في الألف الثالث ق.م وآلهة أوغاريت»، ترجمة بشير زهدي، الحوليات الأثرية السورية، المجلدان ٢٩-٣٠، دمشق ١٩٨٠، ص ٩٠-٩٧.

- عبد الحليم نور الدين، الديانة المصرية القديمة، الجزء الأول – الآلهة ( القاهرة ٢٠٠٩).

- Dennis Pardee., Ritual and Cult at Ugarit, Leiden, BostonK Koln, 2002.

- Edward Lipinski., The Aramaeans, their ancient history, culture, religion, Louvain(Belgium), 2000.

- W J Fulco., The Canaanite God Reshep, American Oriental Society Essays 8 (1976) 1-32

 


- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق