رقاي (تل-)
رقاي (تل)
Raqai (Tell-) - Raqai (Tell-)
¢ الرقاي
¢ الرقاي (تل -)
عمار عبد الرحمن
يبعد تل الرقاي Tellal-Raqāiعن الحسكة نحو ١٢كم جنوباً على الضفة اليسرى لنهر الخابور[ر]، ويعرف التل محلياً باسم تل رقاعي، وهو من التلال الصغيرة نسبياً؛ إذ لا تتجاوز مساحته نصف هكتار، بيضوي الشكل أبعاده ٠٠١ × ١٢٥٠م، يرتفع 7م عن السهول المحيطة به. وهو يقع في نطاق هطل منخفض، من 200 حتى 250مم سنوياً؛ حيث لا تنمو المزروعات من دون ري. يحده تلان معاصران له في بعض طبقات استيطانه، هما تل كرما الذي يقع شماليه بأقل من 2كم، وتل عتيج الذي يبعد عنه تل الرقاعي المسافة نفسها ولكن جنوباً.
قامت بعثة أثرية هولندية – أمريكية من جامعة أمستردام Amsterdam، وجامعة جونز هوبكنز JohnsHopkins بإدارة هانس كورفرس H. Curvers، وغلين شوارتزG. Schwartz بالتحريات الأثرية لخمسة مواسم من عام 1986 حتى 1992م. وذلك من أجل الحصول على معلومات عن الاستيطان في النصف الأول من الألف الثالث ق.م في حوض الخابور، وهي الفترة التي شهدت تحولات مهمة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وانتشار التمدن في منطقة شمالي بلاد الرافدين وشمال شرقي سورية في منطقة الجزيرة.
![]() |
وقد تبين وجود استيطان رئيس يعود إلى فترة السلالات الباكرة بمراحلها الثلاث، وذلك في ست طبقات أثرية، وتعود الطبقة الأحدث (الأولى) إلى العصر الكلاسيكي وتحديداً الفترة الهلنستية، ظهرت بقايا الطبقة الأولى في السفح الجنوبي للتل حيث تمَّ الكشف عن مجموعة من الغرف المبنية من الحجارة، ويحيط بها سور سماكته نحو1م. وقد أرخ الفخار الموجود البناء في الفترة الهلنستية، وكان نقطة مراقبة للبريد أو حصناً صغيراً. وقد أدى تأسيس السور والأبنية إلى تخريب في الطبقات الأكثر قدماً التي تعود إلى الألف الثالث ق.م.
- أما الطبقة الثانية فتعود إلى نهاية فترة السلالات الباكرة الثالثة، ولم تكن عمارتها واضحة بسبب التخريب الحاصل من الطبقة السابقة؛ ولكن وجدت مصطبة في جنوب غربي التل، وعليها بناء مؤلف من خمس غرف ولها مقاعد من اللبن المشوي بجانب الجدران. وفي المقابل عثر على قبور كثيرة لأطفال وجدت آثارها في السفحين الشرقي والشمالي، وهي محفورة عميقاً في الأرضية، حتى أنها اخترقت الطبقات الأكثر قدماً. وكشف في مواقع أخرى من التل عن قبور، بعضها قبور بسيطة وبعضها الآخر كان مبنياً من اللبن، وضمت لقى جنائزية مختلفة مثل القلائد من الحجر والخرز والصدف والعظام، ومن بينها قلادة من الصدف على شكل طائر.
![]() |
مخطط طبوغرافي يظهر أماكن التنقيب في الموقع |
وتعد عمارة الطبقة الثالثة الأوسع في التل، وتغطي مساحة 1400متر مربع، وتضم مجمعاً دائرياً جرف قسمه الجنوبي، وتحيط به مجموعة من الأبنية المختلفة؛ منها الصغير ويتألف من غرفتين إحداهما كبيرة ، ومنها ما يتألف من عدة غرف صغيرة، كما لوحظ وجود حفر لتخزين الحبوب. ويتوسط هذه العمائر معبد مؤلف من غرفتين وله مذبح له درج (البناء رقم 21)، وهو معزول عن الأبنية الأخرى بجدران طينية من اللبن المدكوك، في داخلها حفرة ومواقد. وقد عثر على شبيه لهذا المعبد في تل حلاوة B على الفرات الأوسط. والملاحظ في هذه العمائر وجود طرق تربط بينها وبين المجمع الدائري، كما عثر على مصارف للمياه في جنوب شرقي التل. وقد أرخت هذه العمائر إلى نهاية فترة نينوى 5 من القرن 27- بداية 26 ق.م، وهو معاصر فترة السلالات المبكرة الثانية.
وقد أظهرت الطبقة الرابعة أن المجمع الدائري بُني منذ بداية فترة السلالات المبكرة (الطبقة السابعة) وظل مستخدماً حتى نهايتها، ومخططه هنا أكثر وضوحاً؛ فقد بلغ قطره 20م، وظلت جدرانه محفوظة حتى ارتفاع 3م، وسوره الدائري بعرض 1م، أما في الجهة الجنوبية فيبلغ 2م. وهو يتألف من قسمين: الشرقي: بعض أجزائه نصف مدفونة في الأرض وغرفه من دون أبواب، ومن المرجح أنها مخازن، ويلاحظ أن الفراغ رقم 18 ضم العديد من المواقد. كما عثر على العديد من الغرف المقببة مثل 1 - 2 - 21 - 27 - 28، ويلاحظ أن الغرفة رقم 1 هي غرفة عميقة حتى 4م، ولها سقف مقنطر ولها عدة طلعات ولها نوافذ مستطيلة الشكل، تناسب عمارة هذه الغرف لتكون مخازن للحبوب كما تمَّ ذكره.
![]() |
أبنية يحيط بها سور دائري (الطبقة ٤) |
أما في القسم الغربي فثمة غرف لها سقف مقنطر (الغرفة رقم 7)، كما كشف في الغرفة 14 عن حصيات طينية، اثنتان منها عليها طبعات أختام أسطوانية، وعثر على مسارج فخارية محززة وكسر لدمى طينية، كما حمل جدار في الغرفة 9 رسوماً لشخص.
ممّا سبق يتبين أن الوظيفة الأساسية للمجمع الدائري هي التخزين، وهي سمة معروفة خلال منتصف فترة نينوى 5 ونهايتها (من القرن 29 وحتى القرن 27 قبل الميلاد)، وتوجد أمثلة أخرى لها من تل كرما[ر] القريب من الموقع.
ومن أقدم الطبقات في تل الرقاي هي 5 و6و7؛ حيث أظهرت دراسة الكسر الفخارية في البناء أن المنطقتين الجنوبية والغربية في المجمع الدائري هما أكثر طبقات الموقع قدماً، وكشف فيها عن شبكة أبنية مشابهة لتلك المكتشفة في الطبقة الرابعة التي استخدمت للغاية نفسها (تخزين الحبوب)، وهي تتمتع بنظام تجفيف للحبوب، وشبيهة بمخازن من تل الثليلات[ر]. وقد عثر بداخلها على أوان للطبخ صنعت باليد وكسر فخارية من نموذج نينوى 5 الملون، والملاحظ في هذه الطبقات أن الفخار قليل وغالبية الفخار تعود إلى نوع بسيط خشن coarse ومصنع باليد، ومنها طاسات لها عنق فيه ثقوب معروفة من موقعي تل بديري [ر] تل ميلبية[ر].
من خلال التحاليل المخبرية للبقايا في طبقات تل الرقاي تبين وجود تنوع قليل في أنواع النباتات المستخدمة، ومن ضمنها الشعير والقمح. أما بالنسبة إلى تحليل البقايا الحيوانية فقد دلت على استخدام الحيوانات البرية في الطبقات الأكثر قدماً؛ في حين اعتمد على الحيوانات المدجنة -ولاسيما الغنم- في الطبقات الحديثة.
مراجع للاستزادة: - Glenn Schwartz and Hans Curvers, Tell al-Raqāʹi 1989 and 1990: further investigation at a small rural site of Early Urban Northern Mesopotamia. AJA vol.96, no.3(Jul. 1992), pp.397-399. - Glenn Schwartz and Hans Curvers Excavations at Tell al-Raqā’i: A Small Rural Site of Early Urban Northern Mesopotamia, American Journal of Archaeology, Vol. 94, No. 1 (Jan., 1990), pp. 3-23. - P.M.M. G. Akkermans & G. Schwartz, The Archaeology of Syria from Complex Hunter-Gatherers to Early Urban Societies (ca. 16000-300 BC), (Cambridge Press, 2003. |
- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :