رقفت (موقع)

-

 ¢ رقفت

¢ رقفت (مغارة -)

حسام غازي

تقع مغارة رقفت Raqefet في الجزء العلوي من السفح الشرقي لجبل الكرمل في فلسطين. تنفتح هذه المغارة من خلال مدخل عريض متجه نحو الغرب، وهي مؤلفة من ثلاث حجرات متتابعة على امتداد نحو 43 م، أما سقف المغارة فيرتفع نحو 8 إلى 10 م فوق الطبقات التي تشكل أرضيتها.

اكتُشفت المغارة في عام 1956 م، ثم تم تنقيبها خلال ثلاثة مواسم ابتداءً من عام 1970 حتى عام 1972م من قبل هيغز E. Higgs من جامعة كمبردج بهدف فهم طبيعة الاستيطان داخل المغارة في عصور ما قبل التاريخ. وفي عام 2004م أُعيد تنقيب المغارة من قبل لونجيل G. Lengyel، وأسفرت الأعمال عن اكتشاف بقايا من العصر الحجري القديم؛ وأخرى تعود إلى العصر البرونزي حتى العصر البيزنطي.

مغارة رقفت في جبل الكرمل	مغارة رقفت: بقايا هيكل عظمي عثر عليه ضمن الطبقات النطوفية

تم التوصل من خلال تنقيبات هيغز إلى الكشف عن الكثير من البقايا الأثرية العائدة إلى فترة ما قبل التاريخ ، فقد عثر في الحجرة الأولى على بقايا تغطي الفترة الممتدة من بداية العصر الحجري القديم الأوسط حتى نهاية العصر الحجري القديم، حيث عثر في الطبقات العليا من الحجرة الأولى على أدوات حجرية دقيقة هلالية الشكل تعود إلى الثقافة النطوفية التي تؤرخ في الفترة الممتدة من 12500 إلى 10200 سنة قبل الميلاد، وعثر في وسط المقطع الأثري على أدوات حجرية دقيقة هندسية الشكل تعود إلى الثقافة الكبارية الهندسية التي تؤرخ في الفترة الممتدة من 14000 إلى 12500 سنة قبل الميلاد، كما تم العثور أيضاً على أدوات حجرية تغلب فيها المكاشط والأزاميل تعود إلى الثقافة الأورينياسية [ر] المشرقية التي يعود تأريخها إلى الفترة الممتدة من 33000 إلى 24000 سنة قبل الميلاد. أما الطبقات الدنيا من الحجرة الأولى فقد عثر فيها على مصنوعات حجرية لفلوازية موستيرية تغلب فيها النصال؛ وتعود إلى المرحلة القديمة من الثقافة الموستيرية المشرقية التي تؤرخ في الفترة الممتدة من 220000 إلى 160000 سنة قبل الميلاد. أما في الحجرة الثانية فقد عثر على بقايا أثرية تعود إلى الثقافات التي عثر عليها في الحجرة الأولى ذاتها، إضافة إلى بقايا أثرية أخرى تعود إلى فترة النيوليت ما قبل الفخار ب تؤرخ في الفترة الممتدة من 8700 إلى 6900 سنة قبل الميلاد.

أدوات حجرية تعود إلى الثقافة الأورينياسية: ١- مكشط بلسان ٢- مكشط بكتف ٣- مكشط مصنع على نصلة مشذبة ٤- إزميل ثنائي السطوح ٥- مكشط سفيني الشكل ٦- أداة مزدوجة مؤلفة من مكشط وإزميل

تأتي أهمية هذه المغارة من خلال البقايا الأنثروبولوجية التي تم الكشف عنها، حيث تمكن هيغز خلال تنقيباته من الكشف عن خمسة هياكل عظمية بشرية ضمن الطبقات العائدة إلى المرحلة الحديثة والأخيرة من الثقافة النطوفية، وتبين من خلال الدراسة الأنثروبولوجية أن اثنين من هذه الهياكل العظمية يعودان إلى امرأتين يقدر عمر كل واحدة منهما بنحو ثلاثين عاماً، أما الهياكل الثلاثة الباقية فهي تعود إلى أطفال، الهيكل العظمي الأول يعود إلى طفل يقدر عمره بنحو أربع إلى خمس سنوات؛ أما الهيكل العظمي الثاني فيعود إلى طفل يقدر عمره بنحو تسع إلى عشر سنوات؛ وبالنسبة إلى الهيكل العظمي الثالث فهو يعود إلى طفل يقدر عمره بنحو 12 إلى 14 سنة. وتشير الدراسات إلى أنه من بين هذه الهياكل الخمسة تم تمييز ثلاثة هياكل بعناية، وهي تقدم فكرة جيدة عن الطقوس الجنائزية خلال المرحلتين الحديثة والأخيرة من الثقافة النطوفية.

الهيكل الأول: هو لامرأة بالغة، يقدر عمرها بنحو ثلاثين عاماً عند الوفاة، دفنت بالقرب من جدار المغارة، وجهها متجه نحو الغرب، وهي ممددة على جانبها الأيسر ومغطاة بحجر كبير.

الهيكل الثاني: هو لامرأة بالغة، يقدر عمرها بنحو ثلاثين عاماً عند الوفاة، دفنت أيضاً بالقرب من جدار المغارة، وهي ممددة على جانبها الأيمن.

الهيكل الثالث: هو لطفل، يقدر عمره عند الوفاة بنحو 12 إلى 14 سنة، دفن أيضاً بالقرب من جدار المغارة، وهو ممدد على جانبه الأيمن، ومغطى بحجر كبير.