رد شقرا (تل-)
رد شقرا (تل)
-
¢ رد شقرا
رد شقرا (تل -)
نظمي يوسف
يقع تل رد شقرا Rad Shaqra إلى الجنوب الشرقي من مدينة الحسكة، ويبعد عنها نحو 12كم، على الضفة اليسرى لنهر الخابور، أبعاده 140×130م، ويرتفع عن السهل المحيط به نحو 8م. والتل بيضوي الشكل، تعرض لأضرار كبيرة نتيجة السكن الحديث على سطحه.
![]() |
![]() |
صورة جوية لموقع تل رد شقرا |
عملت في الموقع بعثة أثرية بولونية من جامعة وارسو بين سنتي 1991 - 1995م، بإدارة بيوتر بلنسكي Piotr Bielinski، وكان العمل جزءاً من حملة دولية لإنقاذ المواقع الأثرية التي ستغمرها مياه سد أقيم في المنطقة على نهر الخابور.
كان هدف البعثة الأساسي هو تعرف مراحل الاستيطان البشري التي مرت على الموقع، فتم تقسيمه إلى عدة قطاعات (A-B-C-D-F). وأظهرت الأعمال بقايا معمارية محفوظة جيداً، توزعت على تسع طبقات متتالية، يعود أقدمها إلى فترة فجر السلالات الباكرة الثالثة]ر[ (٢٦٥٠-٢٣٥٠ ق.م) والفترة الأكادية التي تليها، وأحدثها إلى الفترة الآشورية الحديثة (١٠١٠-٦١٠ ق.م). لكن مرحلة الاستيطان المهمة في رد شقرا هي تلك التي تعود إلى عصر السلالات الباكرة الثالثة وبداية العصر الأكادي (بين ٢٥٠٠-٢٣٠٠ق.م)، كان الموقع خلالها مركزاً عمرانياً صغيراً ومنظماً، يحيط به جدار دفاعي ضخم مشيد من الحجر واللبن، وقد تم الكشف عن عدة طبقات أثرية تعود إلى هذه الفترة، عثر فيها على شارع عريض يتجه من وسط المدينة باتجاه سورها الخارجي، تتفرع منه شوارع ضيقة تفصل البيوت السكنية بعضها عن بعض، كما عثر على قنوات لتصريف المياه. وقد تم تمييز ثلاث مراحل استيطان متعاقبة، اعتماداً على شكل العمارة السكنية: في المرحلة الأولى كشف عن الشارع الرئيسي المرصوف الذي يتجه من المركز نحو المنحدر الغربي للتل، وتحيط به المنازل السكنية من الجانبين. والتي تتكون من غرفة واحدة كبيرة الحجم، مبنية من اللبن، تضمنت بعض التنانير، وهناك غرف صغيرة الحجم أبعادها: ١٤٠×١٦٠سم، تقع على مستوى الشارع المبلط ضمن الحي، من المعتقد أنها استخدمت دكاكين.
![]() |
مخطط لتل رد شقرا |
![]() |
وفي المرحلة الثانية ظهر الشارع الرئيسي وكان ذا انحدار أكبر. أما المنازل فقد تألفت من غرفتين، كما عثر على قبرين لطفلين، جدار القبر الأول وغطاؤه من الطين، والدفن فيه بوضعية القرفصاء على الجانب الأيسر وباتجاه الشرق إلى الغرب (الرأس باتجاه الغرب)، وقد عثر بداخله على إبريقين صغيرين و٩٩ حجراً من البلور الصخري (كريستال) والعقيق الأحمر. أما القبر الثاني فجرى الدفن باتجاه الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وبوضعية الدفن السابقة، وقد عثر فيه على إناءين من الفخار. كما عثر في هذه المرحلة على عدد من الدمى الحيوانية المصنوعة من الصدف، وعلى دمية نادرة تمثل ذكر الخنزير مصنوعة من الطين المشوي، إضافة إلى نموذج لعربة بأربع عجلات مزودة بغطاء صنعت من الطين المشوي، وبعض المخارز المصنوعة من العظم، وأختام أسطوانية ومسطحة، والعديد من الجرار الفخارية الكاملة وشبه الكاملة.
![]() | ![]() |
أحد مدافن الأطفال الموجودة تحت أرضيات المنازل ؛ فترة الأسرات الثالثة المبكرة (النصف الثاني من الألفية الثالثة ق.م) | إناء على شكل خنزير |
![]() | ![]() | ![]() |
نموذج لعربة بأربع عجلات صنعت من الطين المشوي | أواني فخاري |
وفي المرحلة الثالثة ازدادت غرف المنازل، ليصبح عددها بين غرفتين وأربع غرف، بنيت من اللبن، واحتوت أحياناً على تنورين، وقنوات لتصريف المياه تصل إلى الطرقات. كما تم الكشف عن بعض القبور، أبرزها قبر امرأة وبجانبها طفلها، وطريقة الدفن فيها بوضعية القرفصاء، ورافقها بعض الأثاث الجنائزي، كالأواني الفخارية، والأدوات المصنوعة من البرونز (أقراط وأساور وسكاكين ودبابيس)، وأنواع مختلفة من الخرز (كريستال و حجر و جص). كما عثر على حالة دفن ضمن جرة فخارية وجد بداخلها رأس طفل.
![]() |
رسم لمخارز ودبابيس |
أظهرت نتائج الأعمال التي تمت في تل رد شقرا أن هذا التل وصل إلى أوج ازدهاره خلال عصر السلالات الباكرة الثالث، والعصر الأكادي، وكان حينذاك يضاهي معظم مستوطنات وادي الخابور المعاصرة له. وتضاءلت أهمية الموقع فيما بعد حتى العصر الآشوري الحديث عندما عاد بعض النشاط إليه، دلت عليه بعض البقايا المعمارية واللقى الفخارية والحجرية التي ظهرت في أعلى الطبقات الأثرية في التل وهي الأخيرة.
![]() |
تمثال (صنم) من تل رد شقرا ، لوحة من الحجر الجيري ، ارتفاع ١١.٣سم ؛ فترة الأسرات الثالثة المبكرة (نحو ٢٥٠٠ ق.م). |
مراجع للاستزادة: - عبد المسيح بغدو، مائة وخمسون عاماً من البحث الأثري في الجزيرة السورية- محافظة الحسكة (دمشق ٢٠٠٩م). -P.Bielinski, Tell Rad Shaqrah: Polish Archaeology in the Mediterranean, 1994. |
- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :