logo

logo

logo

logo

logo

أكتيوم (معركة -)

اكتيوم (معركه )

Actium -



أكتيوم (معركة-)

 

 

هي إحدى أشهر المعارك في التاريخ الروماني، ومن أعظم المعارك البحرية في العصور القديمة، وقد شكلت منعطفاً مصيرياً في تاريخ الحروب الأهلية الرومانية ومهدت السبيل لقيام النظام الامبراطوري على يد القائد المنتصر، كما أنها أدت إلى القضا على المملكة البطلمية وضمها إلى الامبراطورية الرومانية.

 

جرت هذه المعركة في 2 أيلول/سبتمبر سنة 31 ق.م عند رأس أكتيوم Actium (بالإغريقية (Aktion- المحاذي لخليج امبراكية Ambracia على الشواطئ  الغربية لبلاد اليونان المقابلة لايطاليا- بين القائدين الرومانيين أوكتافيانوس Octavianus (اغسطس [ر] فيما بعد) وماركوس أنطونيوس[ر] M. Antonius، ومعه ملكة مصر البطلمية كليوباترة [ر] Kleopatra، وكانا يتنافسان على الزعامة والانفراد بحكم الامبراطورية الرومانية.

بدأت الأحداث التي قادت إلى هذه المعركة بعد اغتيال يوليوس قيصر[ر] Iulius Caesar حيث ادعى كل منهما أحقيته في زعامة أنصار قيصر وخلافته، وقد اضطرتهما الظروف إلى التحالف وخوض معركة مشتركة (معركة فيليبي عام 42 ق.م) مع قتلة قيصر، ثم اقتسما بعد انتصارهما السلطة في الامبراطورية حيث وطد أوكتافيانوس مركزه في روما والغرب، في حين بقي أنطونيوس في الشرق وقد ربط مصيره بكليوباترة ملكة مصر البطلمية.

ولكن في عام 32 ق.م تطور النزاع الخفي بينهما باتجاه الصدام المسلح وأخذا يعدان له بكل الوسائل. وهكذا بدأت الحرب الدعائية بين الطرفين بتبادل التهم، وقد نجح أوكتافيانوس في تأليب المشاعر الوطنية الرومانية ضد أنطونيوس خاصة بعد أن استولى بالقوة على وصيته المزعومة التي منح بموجبها بعض الولايات الشرقية إلى كليوباترة وأبنائه منها، كما أوصى بدفنه في الإسكندرية. واستغل أوكتافيانوس الموقف ببراعة فائقة فاتهم خصمه بالخيانة والعمالة لكليوباترة، وجعل الرومان يقسمون له يمين الولا بوصفه القائد المنقذ من الخطر القادم من الشرق، ثم أعلنها من هيكل إله الحرب مارس [ر] Mars حرباً مقدسة على كليوباترة لاعلى أنطونيوس الذي لم يكن سوى أداة يأتمر بأمرها.

أكمل أنطونيوس استعداداته في مدينة افسوس Ephesos في آسيا الصغرى التي وصل إليها أنصاره من روما وعلى رأسهم القنصلان وعدد كبير من أعضا مجلس الشيوخ الروماني، ولكن وجود كليوباترة أثار استيا الكثيرين فطالبوا بأبعادها، غير أن أنطونيوس لم يستجب لهذه المطالب؛ لأن كليوباترة - فضلاً عن كونها زوجته وحليفته - أسهمت بتمويل استعداداته الحربية، كما أن قسماً كبيراً من بحارة الأسطول كانوا من جنودها. كان تحت إمرة أنطونيوس 30 فرقة عسكرية في الشرق، عبأ منها 19 فرقة (نحو 100 ألف رجل) من المشاة، و12 ألفاً من الفرسان أرسلهم مع أسطوله المؤلف من 500 سفينة حربية لقضا فصل الشتا 32/31 ق.م في بلاد اليونان.

بدأت المناوشات في ربيع عام 31 ق.م عندما أبحر أغريبا Agrippa من إيطاليا بأسطوله المؤلف من 600 سفينة وبدأ بالهجوم على المحطات الساحلية لأنطونيوس، في حين عبر جيش أوكتافيانوس البحر الأدرياتيكي ونزل على البر اليوناني المقابل لرأس أكتيوم شمال خليج امبراكية.

كان أنطونيوس يرابط بقواته على ساحل إقليم ابيروس Epirus متخذاً من مدينة بتراس Patras عند مدخل خليج كورنثة الغربي مقراً له ولقواته البرية، وكان أسطوله يرابط في خليج امبراكية. ولكنه كان يعاني صعوبات في التموين وانتشارَ مرض الملاريا بين بحارته، ولذلك أمر جيشه بالتراجع والانسحاب نحو الشمال.

استطاع أغريبا قائد أسطول أوكتافيانوس المتمرس في الحروب البحرية أن يفاجئ بمناورة بارعة أسطول أنطونيوس ويطوقه. وهنا قرر أنطونيوس كسر طوق الحصار فتقدم على رأس 170 سفينة محاولاً الإفلات من خليج امبراكية، ولكن سفن أغريبا المتفوقة في العدد والسريعة الحركة تمكنت من اختراق صفوف أسطوله وسفنه الضخمة البطيئة الحركة وتكبيدها خسائر كبيرة. وفي خضم هذه المعركة المحتدمة وقبل أن تحل لحظة الحسم بادرت كليوباترة إلى الانسحاب بسفنها الستين التي كانت تشكل النسق الثاني لأسطول أنطونيوس وأبحرت متجهة إلى مصر، ولحق بها أنطونيوس. وتابعت سفنه القتال والمقاومة بعض الوقت، ولكن عندما علمت بانسحاب قائدها من المعركة انهارت معنوياتها واحتمت في رأس أكتيوم ثم اضطرت إلى الاستسلام، وكذلك فعلت قوات أنطونيوس البرية بعد أن انتظرت عودة قائدها أسبوعاً كاملاً بلا نتيجة، وهكذا انتهت هذه المعركة البحرية بانتصار كامل لأوكتافيانوس.

أما أنطونيوس فإنه حاول أن يعبئ ما تبقى من قواته في مصر وبرقة وسورية، ولكنها تخلت عنه الواحدة تلو الأخرى. وفي صيف العام التالي (30 ق.م) زحف أوكتافيانوس بجيوشه الجرارة من الشرق والغرب نحو الإسكندرية، فحاول أنطونيوس التصدي له في خطوة يائسة أخيرة فلم يحصد سوى الهزيمة والخيبة، وأخيراً عمد إلى الانتحار ولحقت به كليوباترة كيلا تقع أسيرة في يد أوكتافيانوس الذي وضع يده على عرش مصر وكنوزها واحتفل في روما عام 29 ق.م بانتصاراته الباهرة وقد غدا سيد الامبراطورية الرومانية بلا منازع.

لقد دار نقاش طويل بين الباحثين - ومازال- حول المجريات الحقيقية لمعركة أكتيوم وخاصة حول انسحاب كليوباترة منها، الذي لم يكن بالتأكيد السبب الرئيسي لهزيمة أنطونيوس كما تصوره المصادر القديمة وعلى رأسها المؤرخان بلوتارخوس Plutarchos (في سيرة أنطونيوس ) وديو كاسيوس Dio Cassius (في تاريخه الروماني). وهنا ينبغي التذكير أن المصادر التي وصلتنا عن المعركة تصور الأحداث من وجهة نظر المنتصر، وهي تؤكد المقولة الشائعة: التاريخ يكتبه المنتصرون. وتخليداً لانتصاره في أكتيوم أقام أوكتافيانوس مدينة جديدة في المكان الذي نصب فيه معسكره قبل المعركة وسماها مدينة النصر (نيكوبوليس (Nikopolis. كما أمر بإقامة ألعاب شبيهة بالألعاب الأولمبية عرفت باسم الألعاب الأكتية  (Aktia(، تجري كل أربع سنوات بد اً من عام 28 ق.م، وتشتمل على مباريات في شتى الألعاب الموسيقية والرياضية وذلك تكريماً للإله ابولون الذي اعتقد أوكتافيان أنه يدين له بانتصاره، وكان له معبد معروف في أكتيوم منذ القدم فقام بتجديده وتوسيعه بصورة فخمة وتقديم القرابين له من مناقير السفن المحطمة في المعركة.

كما تم تخليد هذه المعركة بالنقود التذكارية وبالتقويم الذي حمل اسمها، وعرف بتقويم أكتيوم Actian Era الذي صار أحد التقاويم المنتشرة في الامبراطورية وعملت به بعض المدن السورية وعلى رأسها أنطاكية [ر]  Antiocheia  عاصمة سورية التي سكت نقوداً من فئة الدراخما الرباعية (تترادراخما (Tetradrachma مؤرخة بموجب هذا التقويم الذي يبدأ عام 31 ق.م. كما أن مدينة أفامية [ر] Apameia سكت بدورها نقوداً مؤرخة بحسب تقويم أكتيوم. كما عثر في مدينة أريتوسا Arethusa (الرستن حالياً) على نقش يحمل تاريخين، أحدهما تبعاً للتقويم السلوقي، أما الآخر فجا بحسب تقويم أكتيوم.

وينبغي الإشارة إلى أن أوكتافيانوس اتخذ عدداً من الإجرا ات خلال مروره بسورية، فثبت هيرودس Herodes حاكماً على فلسطين، ومنح مدن الساحل السوري سابق حريتها الذاتية، وخص بيروت برعايته وذلك لأنها ثارت ضد كليوباترة، وأمر بإعدام أمير حمص المدعو إسكندر لأنه وشى بأخيه يمبليخوس لدى أنطونيوس فتسبب بقتله. وقد ثبت معظم الأمرا والملوك المحليين الذين انحازوا إلى جانبه، ووسع إمارات من قدم له خدمات خلال المعارك ضد أنطونيوس.

ومن الرجال الذين خدموا تحت راية أوكتافيانوس ونالوا امتيازات سخية أحد مواطني مدينة روسوس Rhosos الساحلية (حالياً بلدة أرسوز [ر]) وهو سلوقس Seleukos الذي ترك مجموعة من النقوش التي تتحدث عن منحه حقوق المواطنة الرومانية هو وأفراد أسرته إضافة إلى امتيازات أخرى كثيرة، كما تتحدث عن الامتيازات التي نالتها مدينة روسوس التي أرسلت وفداً إلى جزيرة ساموس لتهنئة أوكتافيانوس بانتصاره العظيم في أكتيوم.

محمد الزين

 

 

مراجع للاستزادة:

- سيد أحمد علي الناصري، تاريخ الامبراطورية الرومانية السياسي والحضاري، الطبعة الثانية (القاهرة 1991).

- ول ديورانت، قصة الحضارة، الجز الأول من المجلد الثالث (9) قيصر والمسيح أو الحضارة الرومانية، ترجمة محمد بدران (القاهرة 1968).

- Maurice SARTRE, D’Alexandre à Zénobie, Histoire du Levant antique (Paris, Fayard, 2001).

- W. W. TARN, The Battle of Actium, JRS (=Journal of Roman Studies) no. 21, (1931).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1103
الكل : 40574303
اليوم : 104118