logo

logo

logo

logo

logo

الإفريز

افريز

Frieze -

الإفريز

 

   

الإفريز Frise هو ما برز عن جدران العمائر والأبنية في هيئة حافة أو شريط أفقي مزخرف. يمتد الإفريز كأشرطة في بعض الأحيان على حواف أجزا البنا أو في الصدارة كلوحة أفقية فنية تخلد أحداثاً مهمة من انتصارات وحروب وأساطير وغيرها، وحقيقة كانت الأفاريز  تمثل قيمة حقيقية للصروح على اختلاف أنواعها؛ إذ لا بد أن تكون على المستوى ذاته الذي يتمتع به الصرح من أهمية بحسب الغاية التي أنشئ لأجلها، وكان لا بد من تسخير الأيدي الخبيرة والماهرة التي سيكون لها الدور البالغ في التأثير من خلال تلك الأعمال الفنية في نفوس ناظريها، فالهدف الواضح من بنا تلك الصروح الضخمة على اختلاف أنواعها - سوا من حيث نوعية المواد المبنيّة منها كالحجر خاصة؛  أم من حيث النقوش الزخرفية من أفاريز وحلي بما تحمله من مواضيع عديدة - هو تخليدها والدلالة على قيمتها وأهميتها على مدى سنوات طويلة.

قلعة سمعان أرشيتراف

تختلف النقوش المنحوتة في الإفريز وتتنوع أشكالها على اختلاف العصور التي يعود إليها، ففي العمائر الإغريقية يبدو منقوشاً في العديد من المباني؛ لكنه امتلك مكانة بارزة خاصة في المعابد، فقد مثلت الأفاريز في واجهاتها كلوحات أفقية فخمة تعكس تاريخاً عظيماً من الأحداث وأفكاراً سادت وتوارثت في تلك العصور.

ويستند الإفريز في المعابد ذات الطراز الدوري فوق الأرشيتراڤ [ر] architrave، ويتألف من حليات عمودية مستطيلة الشكل تسمى تريغليفات triglyphs، تتناوب مع مربعات مسطحة؛ ميتوبات metopes تكون خالية من الزخرف أو مزخرفة بالمشاهد الأسطورية خاصة؛ كصراع الآلهة مع العمالقة؛ أو الإغريق مع الأمازونات [ر]؛ أو اللابيثيين Lapithae (شعب في شمالي اليونان) مع القناطر Kentauri (مخلوقات أسطورية). ومن أهم الأمثلة معبد البارثنون Parthenon المتميز بواجهته الخارجية المصممة وفق الطراز الدوري حيث تظهر على إفريزه مشاهد أسطورية تصور الصراع بين اللابيثيين والقناطرة والتي تفصل فيما بينها التريغليفات. وتزين الأفاريز مباني أخرى كالمذابح المشيدة بالقرب من المعابد؛ أو في الخزائن التي كانت تبنى بهدف تخزين التقدمات العامة والخاصة للمعابد، وكان لكل مدينة خزينتها الخاصة، وكذلك كانت تزين  المدافن أيضاً. ومن الأمثلة التي تشاهد في سورية الإفريز الذي يزين معبد زيوس أولمبيوسOlympian Zeus   في مدينة دورا أوروبوس[ر]، جا ت فيه التريغليفات متناوبة مع الميتوبات الخالية من الزخارف.

سرجيلا أكانثيا مائلة - بيت سرجيلا أكانثيا مستقيمة ومائلة معزول دير سنبل - أكانثيا معزول - بيت

وفي الطراز الإيوني فقد نحت الإفريز بشكل مستوٍ؛ أي جا خالياً من التريغليفات والميتوبات التي تفصل بين المشاهد إن وجدت في الطراز الدوري، كما أنه يختلف عن هذا الأخير باحتوائه على المشاهد الأسطورية؛ أي لم يترك خالياً في بعض الأوقات من النقوش كما هو في الدوري، واستخدمت زخارف نباتية وهندسية أخرى في بعض الأحيان كأوراق الشجر إلى جانب عصابات من اللفائف والحلزونيات وغيرها. وفيما يتعلق بالطراز الكورنثي فقد تبناه الرومان في مبانيهم بصفة رئيسة.

وفي المعابد الرومانية تحتل الأفاريز الدرجة نفسها في المكانة والأهمية، كما شوهدت في بقايا معبد جوبيتر في دمشق الذي ازدان بالنقوش الوفيرة التي تمثل أوراق الأكانثيا المتمايلة والمنحنية كدوائر تحصر بداخلها الزهور وغيرها من الأشرطة الزخرفية المؤلفة من عصابات البيضة والسهم، وحبات العقد البيضوية المتناوبة مع أخرى دائرية الشكل. كذلك لوحظت الأفاريز المتنوعة بمواضيعها الهندسية والنباتية والإنسانية في بعض الأحيان (مدفن إيلا بل البرجي في تدمر) في مختلف أشكال الصروح العائدة إلى العصر الروماني كالقبور وأقواس النصر والمدافن والمسارح. وثمة أمثلة عدة في مدن سورية أثرية؛ من أهمها تلك التي في مدينة تدمر [ر]، وقد اتسمت هذه الأخيرة بتنوع أشكال أوابدها التي احتوت على حلي زخرفية، من بينها الأفاريز  التي أعطى كل منها مثالاً نموذجياً عرفت من خلاله طبيعة الفن في العصر الروماني كما هو الحال في معبد بل [ر]؛ ومدافن تدمر كمدفن جمبليك البرجي؛ وواجهة مسرح تدمر؛ وأقواس النصر التي تحتوي على أنواع مختلفة من النقوش متمثلة بأوراق الأكانثيا المستقيمة المنحوتة مشكلة خلفية أساسية؛ وأوراق نباتية منحوتة تتوضع أمامها بشكل أفقي تحوي بينها حليّاً صنوبرية الشكل، إضافة إلى أشكال الزهور وغيرها من الحلي الورقية الشكل المتراصة بعضها فوق بعض…إلخ.

نماذج متنوعة للإفريز في العمارة الإسلامية

أما في العصر البيزنطي فقد زينت الأفاريز مباني مختلفة الوظائف كالدينية والجنائزية والسكنية… إلخ، ولكن تميزت الكنائس بينها بالدرجة الأولى. وكما هو واضح من خلال أمثلة عديدة وصلت من عصور مختلفة فقد ازداد الاهتمام في نحت الأفاريز والنقوش الزخرفية بكثرة بالتوازي مع أهمية الصروح نفسها، كما في مجمَّع القديس سمعان العمودي[ر] في شمالي سورية حيث تصدرت الأفاريز الواجهات الداخلية والخارجية فوق مداخل الأبواب، نقشت فيها الزخارف النباتية والهندسية على قولبات أو نتو ات منحنية أو مستوية، وأكثر العناصر شيوعاً بينها هي أوراق الأكانثيا التي اشتهر تمثيلها في زخارف المنطقة الشمالية من سورية؛ مع تميز احتوا الأفاريز المنقوشة خلال العصر البيزنطي على الرموز المسيحية كالصلبان على وجه الخصوص، وهذا ما يتضح بكثرة في عدة مبانٍ أخرى كالمدافن والمباني السكنية وغيرها.

استمر الاهتمام بنقش الأفاريز مع استمرار الاهتمام بالبنا وتشييد الصروح على مر العصور؛ إذ لطالما شغف الإنسان بتزيينها وزخرفتها، ففي العصور الإسلامية حملت الأفاريز معاني دينية إسلامية وزادت عليها جمالاً وتميزاً النقوش الكتابية التي تتضمن الآيات القرآنية والمعاني الدينية، المنقوشة إلى جانب الأفاريز ذات النقوش الهندسية الدقيقة والمعقدة، زينت هذه الأفاريز المساجد والأضرحة والمدارس والقصور وغيرها من الداخل ومن الخارج وعلى الواجهات.

 

عفاف ليلا

 

 

مراجع للاستزادة:

 - سليم عبد الحق، الفن الإغريقي وآثاره المشهورة في الشرق (دمشق 1950).

-  مفيد العابد، الآثار الكلاسيكية (منشورات جامعة دمشق، دمشق 1998).

- A. SCHMIDT-COLINET, L’architecture funéraire de Palmyre, Archéologie et histoire de la Syrie, II, (Saarbrücken, 1989) pp.446- 447.

 - J. DENTZER-FEYDY, Le décor architectural en Syrie aux époques hellénistique et romaine, Archéologie et histoire de la Syrie, II, (Saarbrücken, 1989) pp. 457-475.

 

 

التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1100
الكل : 40591998
اليوم : 121813