logo

logo

logo

logo

logo

الأمويون

امويون

-



الأمويون

 

 

الأمويون أسرة عربية قرشية من مكة، ينسبون إلى أمية ابن عبد شمس، خرج أفرادها مع جيوش الفتح وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي شارك في فتح دمشق 14هـ/635م، ولم يلبث أن صار والياً عليها بعد سنوات قليلة من فتحها، وبعد نحو عشرين عاماً تمكن من أن يصبح خليفة للمسلمين 41-61هـ/661-680م ويتخذ من دمشق قاعدة وعاصمة له؛ لتأخذ الدولة العربية الإسلامية منذ عهده طابعاً أرستقراطياً ذا حكم وراثي يراعي الصلات والقرابات القبلية والأسرية، وقد عاشت الدولة الأموية قرابة قرن من الزمن (41- 132هـ/166- 750 م)، وقد تميز بهذه الدولة خلفا كان لهم مشروع فني معماري نهضوي متكامل؛ وعلى رأسهم عبد الملك بن مروان خامس الخلفا الأمويين؛ الذي يعود إليه الفضل في إطلاق مشروع حضاري عربي أموي كانت العمارة والفنون من أبرز مظاهره، وبعد أن تُوفي عبد الملك ازدهرت في عصور أولاده الوليد وسليمان ويزيد وهشام العمارة على نحو كبير ورائعٍ جداً، وخصوصاً في عهدي: الوليد، وهشام، ويعرف الكثيرون الآن كيف اهتم الرجلان بفنون العمارة وطرزها، سوا الدينية منها أم الدنيوية.

الدولة الأموية في أقصى اتساعها

مع امتداد الفتوحات في عصر الأمويين توسعت الدولة حتى حدود الصين شرقاً وإلى أقصى الأندلس فالمحيط الأطلسي غرباً، وزاد انتشار الإسلام، ودخلت مقاطعات ذات ثقافات مختلفة تحت راية الدولة، وكثر الاتصال بالحضارات المختلفة والتأثر بها، ولم يقف المسلمون عند حد التأثر والاقتباس، فابتكروا وطوروا وأبدعوا، ودخلوا مجال التنافس مع الحضارات الأخرى.

نشأ الفن الإسلامي في بداية العصر الأموي وقبل ذلك لا يمكن الحديث عن فن إسلامي واضح؛ إذ انشغل العرب عن الفنون بالفتوحات، ولم يكونوا حاملين لإرث معماري كبير، وكان لانتقال العاصمة من المدينة إلى دمشق أثره الكبير في الحضارة والفنون والعمارة والحياة الاجتماعية والاقتصادية العربية الإسلامية. فالحضارة الأموية نشأت في أرض بلاد الشام التي ظهر فيها الفن الأموي، وهي التربة الصالحة حضارياً التي عرفت قيام فنون سابقة مهمة، ظهرت مع الدول التي عرفت في المنطقة بالعصور التاريخية القديمة والوسيطة، حيث أثمر الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي إضافة إلى الرغبة الكبيرة من الخلفا الأمويين في الإعمار والبنا والفنون في تفعيل ذلك التراث الحضاري والغني على أرض الشام، وقد ازدهر الفن الأموي في القرنين الأول والثاني بعد الهجرة، وكان طرازاً فخمًاً انتشر في جميع الأقطار الإسلامية بما فيها الأندلس. وقد جا الفن الأموي مميزاً بخصائص مهمة وشخصية مميزة تأثر ظهورها بثلاثة عوامل:

-1 العامل الروحي:

وتجلى فيما أدخله الإسلام من عقائد وأفكار وثقافة وما أحدثه من تهذيب للروح العربية وتفاعل الأجناس والثقافات الموجودة على أرض الشام.

- 2العنصر العملي: ويتجلى في:

> مواد البنا المألوف استعمالها على الأرض التي شيدت عليها العمائر الأموية (حجر، لبن، خشب، آجر).

> التراث المعماري القائم أمام أعين العاملين على إقامة المشاريع الجديدة الذي كان مصدراً للاقتباس ومادة صالحة للتطور.

> اليد العاملة المنفذة وما لها من خبرات فنية وتقاليد  موروثة فهي يد عاملة محلية أتقنت صناعة البنا على الطريقة السورية البيزنطية.

-3 الحاجة إلى الإبداع:

حيث فرضت الأوامر الدينية حاجات ضرورية في التخطيط والوظيفة، فالحاجة إلى إيجاد مكان مناسب للصلوات الخمس والجماعة والجمعة والأعياد هي التي أدت إلى ظهور المساجد التي طورها الأمويون. وعموماً فقد فرضت الأوامر الجديدة مراعاة الشرع في تصميم أغلب العمائر الإسلامية.

عاش الأمويون في الشام، وبنوا دولتهم بطرازٍ يختلف كثيراً عما عهده المسلمون في العهد الراشدي (الخلفا الراشدين)، فقد وجد الأمويون أنفسهم في منطقة قد شهدت من قبل ازدهاراً واسعاً لمدارس فنية، من أشهرها: (الهلنستية والرومانية والبيزنطية) مع تأثيرات محددة من الجوار الفارسي الساساني، هذا الازدهار والتأثر الذي تجلَّى من خلال العمائر التي شاهدها الأمويون أمامهم في مختلف مناطق بلاد الشام، فنما لدى الأمويين الساعين لتأسيس دولتهم وتأكيد حضورهم الديني كمسلمين، والشخصي كقيادات جديدة في المنطقة إحساسٌ عارمٌ بضرورة أن يكون لهم أفضل مما كان لغيرهم، وسرعان ما شرعوا عندما استتب لهم الأمر بعد تجاوز مرحلة الفتنة، وخصوصاً في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان بتشييد العمائر التي توازي؛ بل تفوق جمال كنائس المسيحيين وعمائرهم التي كانت موجودةً من قبل.

ومن الجدير بالذكر أن الأساليب الفنية في العصر الأموي بلغت غاية تطورها، وذلك بفضل النظام الذي اتبعه الخلفا الأمويون، المتمثل في التزام أقاليم العالم الإسلامي بتقديم الصناع والفنانين ومواد الصناعة أو البنا إلى مركز الخلافة من أجل القيام بالأعمال المعمارية والفنية الضخمة. وهذا النظام كان له فضل كبير في جعل الخلفا الأمويين يقومون ببنا أعظم العمائر الدينية في ذلك الوقت كالمسجد الأموي والمسجد الأقصى وقبة الصخرة؛ أو تجديد بعضها الآخر وتوسعته كالمسجد النبوي الشريف وجامع الكوفة وجامع البصرة وجامع الزيتونة وجامع سيدي عقبة بالقيروان.

يعدّ طراز العمارة الأموية من أقدم طرز العمارة الإسلامية على الإطلاق، بل يمكن القول من دون تحرج: إن الفن المعماري الإسلامي قد قام أول ما قام في عصر بني أمية، وإن الطراز الأموي الذي ينسب إليهم هو أول الطرز أو المدارس في الفن العربي الإسلامي.

وكانت البداية في تأسيس هذه المدرسة من خلال تجديد ما سبق أن شيده من هم قبلهم سوا في عصر النبيr أم الخلفا الراشدين، فعملوا بداية على توسيع المساجد التي كانت قائمة؛ إذ ازداد عدد المسلمين زيادة كبيرة، ولم تعد المساجد الأولى قادرة على استيعابهم، وبدأت ملامح المدرسة الفنية الأموية تتكامل من خلال مجمل هذه الأعمال، فهذا البلاذري يشير في كتابه "فتوح البلدان" إلى التجديد المتميز الذي تمَّ في مسجد النبيr في المدينة المنورة على يد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك نحو سنة 88 هـ/707م حيث يقول البلاذري: "ثم لم يحدث فيه شي إلى أن ولِّي الوليد بن عبد الملك بعد أبيه، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز، وهو عامله في المدينة، فأمره بهدم المسجد وبنائه، وبعث إليه بمالٍ وفسيفسا ٍ ورخامٍ وثمانين صانعاً من الروم والقبط من أهل الشام ومصر، فبناه وزاد فيه".   

وكان معاوية بن أبي سفيانy قد أمر بتجديد مسجد البصرة سنة 44 هـ/665م، حيث قام زياد ابن أبيه عامل معاوية على البصرة ببنا المسجد بالآجر والجص، وزاد فيه زيادة كبيرة، وسقفه بالساج، وحمل قبلته خمسة أعمدة، وبنى له مئذنة من الحجارة، وأتى بأعمدته من جبل الأهواز، وجعل يطوف فيه وينظر إلى البنا ، ويقول لمن معه من وجوه أهل البصرة: أترون خللاً، فيقولون: ما نعلم بنا أحكم منه، وأنشد أحدهم:

بنَى زيادٌ لذكرِ اللهِ مصنعةَ         

   منَ الحجارةِ لم تعملْ منَ الطِّينِ

لولا تعاونُ أيدي الأنسِ ترفعُها     

   إذاً لقلنا منْ أعمالِ الشَّياطينِ

وكذلك فعل زياد في مسجد الكوفة سنة 50 هـ/675م حيث جدده معتمداً على مهندسين من الفُرس، وبناه باللبن وجعل أعمدته من الحجارة، ولما رأى زياد الناس ينفضون أيديهم إذا تربت، وهم في الصلاة؛ قال: "لا آمن أن يظن الناس على طول الأيام أن نفض الأيدي في الصلاة سنة، فأمر بجمع الحصى وإلقائه في كل من مسجد الكوفة ومسجد البصرة".

وعندما فتح عقبة بن نافع إفريقيا عام 50هـ؛ بنى مدينة القيروان، وبنى  فيها المسجد الجامع بين عامي 50 - 55 هـ، الذي كان منذ تأسيسه يمتد على مساحة واسعة، وكان في هيئة هندسية معمارية متطورة حتى قيل: "لم يبنِ عقبة مدينة لها جامع، بل بنى جامعاً له مدينة".

ذلك لأنه عندما أسس عقبة" مدينة القيروان كانت عمارة المساجد في البلدان الإسلامية قد انتقلت من مرحلة التأسيس والتكوين إلى مرحلة إعادة البنا والتوسيع.

أما جامع عمرو بن العاص في الفسطاط فقد شهد عمليات تجديد عديدة، ربما أبرزها ما فعله الوالي مسلمة ابن مخلد عندما شيَّد أربع صوامع فوق أركان المسجد الأربعة، وكانت هذه أول ما عُرف من المآذن في مصر، ثم ما فعله الوالي قرة بن شريك سنة 92 هـ/711م حين أعاد بنا المسجد، وأحدث فيه المحراب المجوف.

والواقع أن المساجد الأولى لم تكن لها مآذن، ولا منابر، ولا مقصورات ولا محاريب مجوفة… ويتفق المؤرخون على أن أول المآذن، أو الصوامع، أو المنائر التي بنيت في الإسلام هي التي أمر الخليفة معاويةy عامله مسلمة في مصر أن يبنيها لجامع عمرو بن العاص، وأغلب الظن أنها كانت متأثرةً بالأبراج الأربعة التي كانت على سور المعبد الوثني القديم في دمشق والذي قام مكانه فيما بعد الجامع الأموي الكبير في دمشق

 كانت المآذن التي شيدها مسلمة بن مخلد لجامع عمرو ابن العاص أبراجاً صغيرة مربعة، وما يزال هذا النوع من المآذن منتشراً في بلاد المغرب حيث تُعرف المئذنة باسم "الصومعة"، وكذلك هذا النوع من المآذن انتشر في بلاد الجزيرة الفراتية كما يتبين من مآذن حرّان وديار بكر والرقة.

وكما أحدث الأمويون المآذن؛ أحدثوا كذلك المنابر، فقد عرف الإسلام قبلهم منبر النبيr في المدينة المنورة والمصنوع من خشب الأثل، وله ثلاث درجات، ولكن عمرو بن العاصy اتخذ منبراً في جامعه في الفسطاط، ويتحدث المؤرخون عن هذا المنبر، فمنهم من يرى أنه كان مستمداً من المنابر المسيحية، بل إن ابن دقماق يشير إلى أن هذا المنبر كان هديةً من ملك النوبة المسيحي إلى عبد الله بن أبي السرح، ويقول أيضاً: إن ملك النوبة أهدى هذا المنبر، "وبعث نجّاره حتى ركَّبه…" ويعتقد أن المقصورة في المسجد قد أحدثها معاوية ابن أبي سفيانy واتخذها الخلفا من بعده سنّةً.

ولم يكن المحراب المجوف معروفاً في المساجد قبل عصر الوليد بن عبد الملك، وذلك في أثنا تجديد مسجد النبي[ رغم أن مجموعةً من المسلمين كانوا ضد هذا الأمر.

وبعد شوطٍ من أعمال التجديد والإضافة؛ بدأ إبداع الأمويين في العمارة، في عهد عبد الملك بن مروان (65- 86هـ /685 - 705م) بدأ إنشا المباني الضخمة والمتميزة التي ما زالت قائمة حتى الآن محتفظة ببنيانها تشهد على عظمة الفن والعمارة الأموية المبكرة، فكانت قبة الصخرة [ر] في بيت المقدس الذي شرع البنّاؤون فيه سنة 66هـ/685م، وفرغوا منه سنة 72هـ /691م، وقد بالغ الخليفة عبد الملك باهتمامه بهذا المسجد حتى قيل: إنه "رصد لبنائه خراج مصر لسبع سنوات"، وصمم البنا وأشرف عليه مهندسون مسلمون، هما رجا بن حيوة الكندي أحد علما الإسلام من بيسان ويزيد بن سلام من القدس، والواقع أن استخدام القباب كان معروفاً عند المسيحيين الشرقيين، فأراد عبد الملك بن مروان أن يظهر بها   ما كان موجوداً في المنطقة وعظمته، ومهما يكن من أمر فإن قبة الصخرة تمثل إبداعاً معمارياً استثنائياً، وما زالت تحتل مكاناً ممتازاً بين العمائر الإسلامية، وثمة من يرى أنها تفوق سائر المباني الإسلامية في الجمال والرونق وإبداع الزخرفة كما أن الشكل المثمن لم يظهر ثانيةً في تصميم الجوامع على الإطلاق، فظلَّت قبة الصخرة فريدةً في بنائها.

وكذلك جا المسجد الأقصى [ر] الذي يغلب أنه بني على موضع مسجد قديم يقال: إن عمر بن الخطاب قد أمر ببنائه بعد فتح بيت المقدس سنة 17هـ/638م.

ويغلب أن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك قد أمر بالمباشرة في بنا المسجد سنة 90هـ/709م، واستمر البنا به حتى سنة 59هـ/714م أي قبل نهاية بنا الجامع الأموي بعام.

والجامع الأموي [ر] الكبير في دمشق الذي يُعدُّ من أقدم الجوامع الإسلامية التي بنيت بطراز إسلامي صرف لم يفتأ أن صارت عمارته مثالاً أثّر في كل الجوامع والمساجد التي بنيت بعده في شرقي العالم الإسلامي وغربيه.

وما زال المسجد الذي بدأ ببنائه سنة 86هـ/705م - واستمر البنا فيه عشرة أعوام حتى95هـ/ 715م - يحافظ على التخطيط الأموي نفسه من دون أي تغير، منذ أن بناه الوليد ابن عبد الملك على أرض الهيكل الذي يتوسط المعبد الروماني والذي كان يضم في جزئه الغربي كنيسة هدمها الوليد، بعد أن عوض المسيحيين عنها بكنائس عدة في شرقي دمشق وغوطتها.

وقد أمر الوليد أن يكتب بالذهب على اللازورد في حائط المسجد الأموي نصّ يؤرخ ذلك، رآه المسعودي سنة 332هـ/944م، جا فيه: "ربنا الله، لا نعبد إلا الله، أمر ببنا هذا المسجد، وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله أمير المؤمنين الوليد في ذي الحجة سنة سبع وثمانين".

فالنصوص الواردة أعلاه تذكر بصراحة لا لبس فيها أن الكنيسة هدمت، وأن الوليد بنى المسجد من جديد، وهذا ينفي آرا بعض المستشرقين الذين يدّعون أن الوليد حول الكنيسة إلى مسجد.

ثم أعيد في عهد الوليد بنا جامع القيروان، ثم أضيفت إليه في عهد هشام بن عبد الملك مئذنة مربعة. وفي عهده بدأ ببنا المسجد الأموي الكبير في حلب [ر] سنة 92هـ/710م ولكنه تُوفي قبل أن يتمه 96هـ/714م؛ فأكمله أخوه وخليفته سليمان بن عبد الملك على شاكلة المسجد الأموي الكبير بدمشق، وبُني جامع أموي في بصرى الشام وآخر في درعا وثالث في حماة.

ورغم أن هذه المساجد الحالية الموجودة الآن تختلف إلى حدٍّ كبيرٍ عما كانت عليه؛ إذ تم إجرا العديد من أعمال التجديد والترميم والتوسيع بحيث أضيفت نكهات فنية من مدارس معمارية لاحقة كما في المسجد الأقصى أو غيره، ولكن كل ذلك لم يؤثر في جوهر التخطيط الأموي لعمارتها، ويؤكد أنها مدرسة معمارية أموية متفردة بفنها الرفيع.

وإلى جانب حركة بنا المساجد التي مثلت العمائر الدينية في الطراز الأموي، أبدع الأمويون كذلك في بنا العمائر المدنية كالدور والقصور، ومن أعظم ما تبقى من تلك العمائر مجموعة القصور الصحراوية التي شيدها الأمويون خارج المدن في البادية في سورية والأردن وفلسطين ولبنان، وتمتاز قصور الأمويين [ر] بسمات عامة من البيئة التي شُيِّدت فيها؛ إذ جا ت عمائرها على هيئة الحصون الصغيرة، حيث كان يحيط بها أسوار مرتفعة مدعَّمة بأبراج، ولها مدخل واحد مزود بحجرات أو أبراج للمراقبة. أما من الداخل فكان يتوسط تلك القصور صحون مكشوفة تحيط بها من الجوانب ملاحق ووحدات معمارية، بعضها سكني، وبعضها الآخر يضم القاعات والمجالس والحمَّام، إلى جانب ملاحق الخدمات. كذلك تمتاز عمائر تلك القصور باستخدام مواد بنا مختلفة، منها الحجر المنحوت والحجر الغشيم والآجر والجص.

وفي الحقيقة، فإن تلك القصور كافة تعبِّر عمارتها وكذلك زخارفها عن الاستفادة الكبيرة التي حصل عليها العرب من فنون الأقطار التي فتحوها، وهي - في الوقت نفسه - شاهد على عظمة فن العمارة الأموية المدنية في تلك الفترة.

وهكذا جا الفن الأموي في بدايته متأثراً بما وجد من تراث معماري في بلاد الشام؛ ولكن الفنان المسلم عمد إلى الاستعاضة والمزج بين العناصر المختارة واستبعاد مالا يتناسب مع توجهات العقيدة والتعويض عنها بمواضيع ملائمة، وهذا ما أدى إلى ابتكار الفن الجديد الفن الأموي، والمدرسة المعمارية الأموية من أكثر المدراس المعمارية التي أثرت في الفن المعماري الإسلامي؛ نظراً لأنها تعدّ المدرسة الأولى في هذا المجال، فقد كانت هذه المدرسة تستقي خصائصها من حضارة أموية إسلامية كانت تعتمد على إذابة ثقافات العالم القديم في بوتقة واحدة، وإنشا حضارة جديدة ذات طابع شمولي.  

ولا يُنسى أن هذا الطراز الأموي لم يلبث أن انتقل مع الأمويين إلى الأندلس [ر]. ومن العمائر الوثيقة الصلة بالطراز الأموي هناك جامع قرطبة في الأندلس الذي بدأ تشييده سنة 169 هـ/786م.

وهكذا يمكن القول: إن فن العمارة الإسلامية ولد في عصر بني أمية، ونما وترعرع سريعاً، وبدأ بامتلاك خصوصيته ووحدته الإسلامية، فكان ركيزة قوية لمدارس وطرز رائعة لم تلبث أن ظهرت في فن العمارة الإسلامية.

 

غزوان ياغي

 

 

مراجع للاستزادة:

- كريزول، الآثار الإسلامية، ترجمة عبد الهادي عبلة وغسان سبانو، ط/1 (دار قتيبة، دمشق 1984).

- كمال الدين سامح، العمارة في صدر الإسلام (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1991).

- أرنولد لدبريجد كريسني، تراث الإسلام في الفنون الفرعية والتصوير والعمارة، ترجمة زكي محمد حسن (دار الكتاب العربي، ط/1، دمشق 1984).

- Robert HILLENBRAND, Islamic Art and Architecture (Thames & Hudson, Singapore, 2010).

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1063
الكل : 40601293
اليوم : 131108