logo

logo

logo

logo

logo

إدريمي

ادريمي

Idrimi - Idrimi



إدريـمي

 

 

وقع تمردٌ في نهاية عهد إيليم إيلمّا Ilim-ilimma آخر ملوك حلب[ر] أنهى حكمه وأجبر أبنا ه على الفرار إلى إيمار[ر]  Emar (مسكنة حالياً على الفرات)، ومالبثت حلب أن خضعت لحكّام دولة ميتاني[ر] الحوريّة، فلما عاد أحد الأبنا وهو إدريمي  Idrimi بعد سنواتٍ سبع قضاها في المنفى أعلن تبعيته للملك الميتاني الحوري باراترنا Parrattarna، والتزم أن يدفع إتاوةً له، واتخذ ألالاخ[ر] (تل عطشانة على العاصي حالياً غربي حلب) مقراً لحكمه. وقد خلّف لنا إدريمي نقشاً طويلاً يتجاوز مئة سطر كُتب على تمثالٍ له جالساً على عرشه عُثر عليه عام 1939م وتأخر نشره بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية عشر سنين. وبالرغم من أنّ النقش مصوغ بضمير المتكلم كما هي الحال في السيرة الذاتية فأغلب الظن أنّ أحد الكَتَبَة وضعه بعد وفاة الملك، والدليل على ذلك أنّه يُحدّد- في نهايته - مدّة حكم إدريمي بثلاثين سنة، وأنه يذكر الإلهة الميتانيّة خيبات  Hepat وإله حلب "أدد"[ر] جنباً إلى جنب. ويُستهلّ النقش على هذا النحو: "أنا إدريمي بن إيليم إيلمّا خادم "أدد" وخيبات  و"عشتار"[ر] سيّدة ألالاخ وسيّدتي. حدث عملٌ شرير في  بيت أبي (أيْ في حلب)، فهربنا إلى أهل "إيمار" إخوة أمّي (أيْ أخوالي)، وعشنا هناك. وعاش إخوتي - وكانوا أكبر منّي- معي هناك، ولكن أحداً منهم لم يكن يفكّر بما أخطط له…"، ثم يروي ما تعاقب عليه من أحداث، فيقول إنه انتقل إلى منطقة "أمّيا  Ammia" في بلاد كنعان، إمّا بسبب خلافه مع إخوته، وإمّا خوفاً من ملك ميتاني لأنه يقول "لسبع سنين ظلَّ الملك العظيم  باراترنا ملك الحوريين عدوّاً لي". ويبدو أنه جال طوال تلك السنوات السبع في البادية السوريّة فكسب تأييد قبائل السوتو[ر] غربيّ الفرات، واستطاع الحصول على مساعدة قبائل الخبيرو[ر] التي كانت تتنقل بين أطراف بلاد الرافدين والبادية، فلما قويت شوكته ووصل هو وأنصاره إلى منطقة "موكيش" (سهل العمق[ر] حالياً) أدرك الحوريون أنّ إدريمي ذو قوّةٍ ونفوذ في المنطقة الشمالية الغربية من سورية، ولذا أبرموا معه معاهدة يستعيد بمقتضاها ما فقده من مناطق. ويختلف الباحثون في مسألة سيطرته على حلب، فيحتج المعارضون بإقامته في ألالاخ بدلاً من حلب وباللقب الجديد "ملك ألالاخ" أو "ملك بلاد موكيش Mukis" الذي حمله هو وخلفاؤه من بعده، في حين يرى آخرون أن إدريمي تخلّى عن لقب "ملك حلب" فحسب، أما المدينة فإنها ظلت تابعةً له ولمْ تخضع للميتانيين، ذلك أنّ هذا اللقب الذي حمله أسلاف إدريمي كان مرادفاً للقبهم الآخر وهو "الملك العظيم" الذي حملوه عندما كانوا في أوج قوّتهم، فقد ذكرت رسالةٌ من ماري[ر] من القرن 18 ق.م أنّ أتباع "يريم ليم[ر ]" ملك "يمخض" (أيْ حلب) آنذاك كانوا 20 ملكاً، غير أنّ لقب "الملك العظيم" انتقل الآن -كما ورد في النقش - إلى ملك ميتاني، مما يعني أنه لمْ يعد مناسباً لإدريمي بسبب تبعيته له، ويعززون مذهبهم بأنّ حلب أدارها بعد ذلك في عهد "نقميبا [ر]Niqmepa" ابن إدريمي مسؤولٌ بدرجة halSuhlu  أيْ والٍ أو محافظ. على أنّ هذا الوضع الجديد لم يكن يعني التبعية المطلقة لميتاني، بل كان شبيهاً بما يُسمّى اليوم "الحكم الذاتي"، والدليل على ذلك أنّ إدريمي أخذ يُغير على الحثيّين[ر] في المناطق القريبة، وأنه انتصر على مملكة "كيزووتنا Kizzuwatna" (كيليكيا حاليّاً في جنوبيّ تركيا) قبل أن يعقد معاهدةً معها، وقد خلّف لنا قصراً كشفت عنه الطبقة الرابعة من التنقيبات في ألالاخ تزيّنه غنائم المعارك التي خاضها.

تمثال الملك إدريمي جالساً على كرسيه (المتحف البريطاني). تكمن أهمية هذا العمل في النص الذي كتب فوق كامل سطح التمثال حتى على الوجه، ويعد النص واحداً من أمثلة السير الذاتية ويتناول حياة الملك (يعود تاريخه لعام 1500 ق .م)

وهكذا يتبين أنّ هذا الملك (1500- 1470 ق.م) كان رجلاً عالي الهمّة، بعيد النظر، ثاقب الرأي، إذ استطاع - وهو أصغر إخوته - أن يحشد أنصاره في المنفى، وأن يُخضع القبائل التي اعتادت الغزو والسلب، وأن يستعيد مملكة أبيه في ذلك العصر الذي كان فيه الصراع على أشدّه بين القوى الكبرى: الميتانيين والحثيين والمصريين.

 

رفعت هزيم

 

مراجع للاستزادة:

-   عيد مرعي، "إدريمي ملك ألالاخ"، مجلة دراسات تاريخية، العددان 29 و30، 1988م،

 - S. SMITH, The Statue of Idrimi (London, 1949)

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : أعلام
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 273
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1107
الكل : 40586002
اليوم : 115817