logo

logo

logo

logo

logo

ألفار

الفار

AlFar -



ألفار

 

 

تظهر أطلال مدينة ألفار ماثلة للعيان بشواخصها وأسوارها الضخمة. وتبعد هذه الأطلال مسافة 70كم شمالي الرقة، و6كم عن الضفة الشرقية لنهر البليخ، وهناك قناة توصل المياه من نهر البليخ إلى هذه المدينة. سُكنت هذه المدينة في العصر الأموي، واتخذت شكلاً مربعاً طول ضلعه 320م، وأحاط بها سور ذو أبراج. وفي العصر العباسي - وتحديداً خلال القرن الثالث الهجري- امتدت مساحة المدينة إلى ما ورا السور في جهة الجنوب، واحتوت  على مبانٍ إضافية. وللموقع الجغرافي لمدينة ألفار أهمية خاصة تأتي من كونه عند تقاطع الطرق الرئيسية بين بلاد الرافدين والجزيرة وبلاد الأناضول؛ ويمر بها الطريق بين الرقة والرها (أديسا Edessa).

ابتدأت أعمال التنقيب في مدينة ألفار في سنة1402هـ/1981م، حينما قام نسيب صليبي[ر] - من المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية - بالتحري عن خزان مياه واسع، وفي السنة التالية حَدَّد موضعي خزانين آخرين للمياه من خلال مجسات سبر في الموقع. ثم تابع فريق عمل ألماني التنقيب لسبعة مواسم في مدينة ألفار وبإدارة كلاوس بيتر هازه K. P. Haase.

كشفت التنقيبات الآثارية في موقع مدينة ألفار عن وجود طبقتين استيطانيتين، الأولى من العصر الإسلامي المبكر، والثانية تعود إلى القرن 3هـ/9م. في الطبقة الأولى اتخذت المدينة شكلاً مربعاً بمساحة 102400م2 وسور سماكته 1م من اللبن. ويوجد اثنا عشر برجاً وبوابة في كل ضلع من أضلاع السور. وقد عثر على بقايا من اللبن عند البوابة الشرقية تدل على أن برج هذه البوابة كان مقبباً.

صورة جوية للسور تظهر العضائد بين القلعة والمدينة المربعة في الشمال. يحتمل أنها جسر على واد

إن أغلب الأبنية الموجودة داخل السور تعود إلى الطبقة الثانية الأحدث. وذلك أن أبنية الطبقة الأولى الأقدم قد أزيلت كلها؛ على ما يبدو، وأصبحت أنقاضاً، ومن ثم قامت أبنية القرن 3هـ/9م، ويعزو بعض الباحثين ذلك إلى حدوث هجوم عنيف أو زلزال. وعلى الرغم من ذلك يمكن تتبع آثار قنوات صغيرة كانت تخدم أبنية الطبقة الأولى. وتتركز أهم أبنية هذه الطبقة في مركز المنطقة المسورة، وأبعادها نحو 40×80م. ويبدو في الجهة اليمنى حمام صغير يضم ستة عشر عموداً حجرياً مرتبة بشكل دائري لتحيط بحوض مثمن الأضلاع ذي ملاط عازل للمياه. وهذا الحمام شبيه بآخر في موقع خربة المفجر (Nymphaeum)  في فلسطين. وسوى هذا لم يتوفر الكثير من عناصر العمارة الإسلامية المبكرة، التي كانت غالباً أموية. أما اللقى فإن ما اكتشف منها يشمل القطع الصغيرة غير المزججة. وهناك قطع مزججة ومزينة بالزخارف، من أهمها صحون ذات لمعان وزخارف هندسية حمل أحدها كتابة «طيب».

خزانة جدارية من الجص التزييني

الطبقة الثانية - الأفضل حفظاً- واسعة وتغطي مساحة قد تصل أبعادها إلى 2000×800م. وقد اختار فريق العمل الألماني تحديد الأبنية الضخمة عن طريق المسح الجيوفيزيائي الذي أعطى نتائج مهمة؛ إذ أظهرت معالم مبانٍ جديدة في المدينة المسورة القديمة، وكذلك تبين وجود توسع كبير فيما ورا السور الجنوبي.

وأما الأبنية الموجودة في المركز فهي بيوت فخمة ملاصقة لبعضها، وتشتمل على باحات واسعة. وفي الجهة الغربية عثر على ثلاثة بيوت محاطة بسور ثانوي. وعثر في أساسات البيت الأول على كتابة بالخط الكوفي، في حين كشف في البيت الثاني عن قاعات استقبال فارهة تميّزت بوجود رسوم فسيفسائية على الأرضيات، إلى جانب مراحيض أنيقة وحجرات الاستحمام في الجانب الشمالي وكوى في الجدران ذات زخرفة جصية. وعثر في هذه البيوت على لقى مميزة، أهمها مسكوكات تعود إلى العصر العباسي الأول. وهذه المسكوكات هي التي أكدت على نحو نهائي تاريخ هذه الطبقة في مدينة ألفار. ومن بين المكتشفات الأخرى مقابض عظمية لسكاكين والكثير من اللقى البرونزية والمسامير الحديدية؛ فضلاً عن قطع فخارية عديدة.

صحن ذو بريق معدني ورسوم زرقا تحت التزجيج مع كتابة «طيب»

توصل بعض الباحثين إلى مطابقة مدينة ألفار مع حصن مسلمة بن عبد الملك؛ الأمير الأموي الذي كان على رأس الجيوش المقاتلة ضد البيزنطيين حينها. ويورد ياقوت الحموي وصفاً لهذا الحصن على النحو الآتي: «بناه مسلمة ابن عبد الملك، بينه وبين البليخ ميل ونصف، وشرب أهله من مصنع فيه، طوله مئتا ذراع في عرض مثله، وعمقه نحو عشرين ذراعاً». وذكر ابن حوقل أن طائفة من بني أمية كانت تسكن فيه. وفي العصر العباسي الأول وُسّع الحصن، وجُدّد، وأُعيد استعماله لأغراض أوسع من الهدف الأصلي ورا بنائه.

استوطن البدو الموقع في أوقات متفرقة، وأقاموا قبوراً متفرقة في القاعات، واستخدموا المساحات الخضرا الكبيرة لرعي أغنامهم.

 

عمار عبد الرحمن

 

 

مراجع للاستزادة:

- ك. ب. هازه، أعمال التنقيب في مدينة ألفار، أمكنة وأزمنة، 25 عاماً من الأبحاث الأثرية في سورية: 1980- 2005م (دمشق 5002ص، 56-59).

-Klaus-Peter HAASE, Une ville des débuts de l’Islam d’après les fouilles effectuées à Madinat al-Far, Archéologie islamique XI, (2001).

 

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1077
الكل : 40632575
اليوم : 15467