logo

logo

logo

logo

logo

الأشرفية البرانية (دار الحديث-)

اشرفيه برانيه (دار حديث)

-

الأشرفية البرانية (دار الحديث-)

 

   

تقع دار الحديث الأشرفية البرانية في حي الصالحية [ر] في الجادة المعروفة باسم حي المدارس التي تعد أحد الأحيا التاريخية المهمة في مدينة دمشق، وتقوم على العقار (388) شركسية، وتجاورها من الجهة الشرقية المدرسة الأتابكية [ر]، وتطل الدار على جادة بين المدارس بواجهتها الشمالية التي بنيت كما الواجهة الشرقية بالحجارة الصفرا .

وتنسب الدار إلى بانيها الملك الأشرف أبي الفتح موسى بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب، الملقب بالملك الأشرف مظفر الدين (578- 635هـ/1183- 1238م) أحد ملوك الدولة الأيوبية الذي عرف عنه حبه للخير والبنا ؛ فإضافة إلى هذه الدار بنى في دمشق دار حديث أخرى فوض تدريسها إلى الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وعرفت باسم دار الحديث الأشرفية الجوانية [ر]. وتعرف دار الحديث الأشرفية البرانية أيضاً بالأشرفية المقدسية.

الموقع العام لدار الحديث الأشرفية البرانية والمباني المجاورة لها العناصر الزخرفية لرقبة قبة دار الحديث الأشرفية البرانية

وقد بنى الملك الأشرف دار الحديث البرانية هذه بسفح قاسيون على حافة نهر يزيد تجاه التربة التكريتية [ر] سنة 634هـ/1237م، وخصصها للحنابلة من المقادسة حصراً كما جا في كتاب الوقف، وقد بناها لأجل الحافظ ابن الحافظ جمال الدين عبد الله بن تقي الدين عبد الغني المقدسي، ووقف عليها خمس ضياع في البقاع، بيد أن الحافظ الذي بنيت من أجله الدار مات قبل إتمام بنائها. وقد تعرضت الدار للسلب والنهب عندما هاجمها جنود غازان الذين احتلوا دمشق سنة 699هـ/1300م وهاجموا الصالحية وعاثوا فيها فساداً.

وقد وصفها عبد القادر بدران - الذي زارها سنة 1328هـ/1910م - وتحدث عنها كمدرسة فقال: "وقفت على هذه المدرسة أثنا تأليفي هذا السفر وقفة باهت متحير مما أنزلها من أوجها بعد عزها، فرأيتها عن يمين الطريق العظمى التي تمر أمام الأتابكية؛ وتذهب إلى جهة الغرب الشمالي إلى المحلة التي أُنشئت حديثاً وسميت بحارة المهاجرين، ورأيت جدارها الشمالي قائماً لم يغيره طول الزمان ولا كر الحدثان، وهو مبني بالحجارة الصفر، ومحلتها الآن يقال لها حارة عرودك، وبجانبها الشرقي الجنوبي باب يصار منه إلى قبة مبنية ببنا متين لكن ما أعلاها قد تهدم، وبها باب يدخل منه إلى المدرسة، وقد اتخذها الآن الناس الذين هناك مخزناً لقش الحصر، وأما المدرسة فإنها اختُلست وصارت دوراً للسكنى وجنائن لزرع الزهور والرياحين، وهي أبدع من أختها المتقدمة وأتقن بنا ً وأتم هندسة".

المدخل الرئيسي الواجهة الشمالية

ووصفها كارل ولتسينجر وكارل واتسينجر Carl Watzinger & Karl Wulzinger في كتابها سنة 1335هـ/1917م، وكان قد بقي منها جدار من الحجارة تليه أبواب من الحجارة المشغولة، وذكر كرد علي أن المجمع العلمي العربي أخذها من الأوقاف ليقيم فيها خزانة كتب، لكن لم يُنفذ المشروع لعدم ترميم المدرسة، وقال طلس الذي زارها سنة 1358هـ/1939م أنها كانت متهدمة وقد اتُخذت دوراً؛ وورا ها قبر مجهول وقبة اتُخذت مسجداً.

كان يدخل إليها من الجادة التي تعلوها بثلاث درجات من خلال باب معدني حديث يتوضع ضمن قوس مدببة معقودة بالحجارة المشابهة لحجارة الواجهة، يعلو الباب الحديدي وضمن القوس المدببة ساكف مستقيم نقش عليه النص التأسيسي للدار ونص الوقفية، تعلوه قوس عاتقة وجا في النص:

"بسم الله الرحمن الرحيم أوقف هذه المدرسة المباركة ابتغا لوجه الله تعالى المولى السلطان العالم العادل المظفر المؤيد المنصور الملك الأشرف مظفر الدين أبو الفتح موسى ابن المولى السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب تقبل الله منه وأثابه الجنة على الحنابلة المحدثين، وأوقف عليها نصف دير أرغي بالبقاع العزيز وريعها ومزارعها في سنة أربع وثلاثين وستمائة، الله محمد".

كما يلحظ على الواجهة بالقرب من المدخل لوحة رخامية تعريفية جا فيها: "دار الحديث الأشرفية البرانية بناها السلطان الملك الأشرف موسى الأيوبي سنة 629هـ"، ولا بد من الإشارة إلى الخطأ الوارد هنا في التاريخ والذي يتعارض مع تاريخ اللوحة التأسيسية للدار، وقد أشار إلى هذا الخطأ قتيبة الشهابي سابقاً منذ عام 1416هـ/ 1995.

تتضمن الواجهة المذكورة أيضاً أربع نوافذ على شكل أزواج، ولكل نافذة منها ساكف مستقيم وعقد عاتق، وقد تم إغلاق إحداها وحولت النوافذ الثلاث الباقية اليوم إلى أبواب.

للدار مخطط مستطيل؛ طوله ضعفا عرضه، ويقسم معمارياً إلى ثلاثة أقسام: دهليز تم إلحاقه بالسكن المجاور، وقسم أوسط جنوبي غربي، والقسم الثالث الشمالي الشرقي. كان يتم الدخول إلى القسم الأوسط من الدهليز (الذي يفضي إليه المدخل الرئيسي) من خلال باب في ضلعه الجنوبية الغربية، أما اليوم فيتم الدخول إليه مباشرة من الجادة من خلال إحدى النوافذ التي حولت إلى باب في الواجهة الشمالية الشرقية، وألغيت النافذة التوأم الملاصقة لها، ولهذا القسم مخطط أقرب إلى المستطيل؛ وسقفه مستوٍ من الخشب التقليدي، وجدرانه سيئة الإكسا ، ويستخدم اليوم مستودعاً تجارياً، ويتوصل من الجدار الشمالي الشرقي لهذا القسم مباشرة إلى القسم الثالث الشمالي الشرقي؛ الذي يتم الدخول إليه اليوم أيضاً من الجادة مباشرة، من خلال بابين؛ كان كل منهما في الأصل نافذة، ولهذا القسم مسقط مربع، تعلوه قبة ترتكز على جدران الفراغ الأربعة التي تتضمن أربع أقواس حاملة، والقبة ملسا كروية مطلية من الخارج باللون القرميدي، أما من الداخل فمكسية بالكلسة البيضا كحال جدران الحجرة. للقبة رقبتان: السفلية منها مثمنة الأضلاع، أربع من أضلاعها ترتكز على الجدران وقد فتح في كل ضلع منها نافذتان معقودتان بعقد مدبب؛ والأخرى على أربعة مثلثات كروية بسيطة في زوايا الغرفة. أما الرقبة العلوية فهي ذات محيط داخلي مثمن ومحيط خارجي من ست عشرة ضلعاً، وتزين طبقات هذه الرقبة نوافذ معقودة بعضها أصم؛ ومحاريب بعضها بدلاية وبعضها بصدفات محززة ذات خمسة حزوز.

النص التأسيسي للدار على ساكف المدخل القبة من الخارج القبة من الداخل

وهذا القسم المغطى بالقبة يحوي بداخله ما يدل على وجود قبر ضمن الأرضية لكنه مجهول الهوية والمعالم (كما ذكر طلس)، وهذا القسم فارغ وخال من أي استخدام، وعموماً حالة التربة اليوم جيدة من الناحية الفيزيائية؛ بل ممتازة مقارنة بما ذكره الباحثون عنها سابقاً، فقد رممت وأعيدت الحياة إليها عند ترميم مباني الحي في أثنا المشروع الذي قامت به محافظة دمشق في المنطقة، لكنها بحاجة إلى التنظيف وبعض الإصلاحات؛ وإزالة التعديات، شأنها شأن الكثير من ترب الصالحية، وهي أفضل الأجزا الباقية من دار الحديث هذه.

 

أحمد دالي

 

 

مراجع للاستزادة:

 -  أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق 1989).

 - عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (المجمع العربي للتأليف والدراسات والترجمة، بيروت 1986).

 - عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي، الدارس في تاريخ المدارس (دار الكتب العلمية، بيروت 1990).

 

 

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 40592459
اليوم : 122274