logo

logo

logo

logo

logo

الأشرفية الجوانية (دار الحديث-)

اشرفيه جوانيه (دار حديث)

-

الأشرفية الجوانية (دار الحديث-)

 

   

تقع دار الحديث الأشرفية الجوانية في دمشق القديمة ضمن السور، منطقة باب البريد في زقاق ابن أبي عصرون، غير بعيدة عن الباب الشرقي لقلعة دمشق. وتتفق المصادر على أنها بنيت مكان بيت الأمير صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي حين قام الملك العادل الأيوبي (578- 635هـ/1182-1238م) بشرائها سنة 630هـ/1233م وتحويلها داراً للحديث وجعل مكان حمامها الكبير مسكناً لشيخها، وأوقف عليها الأوقاف، ووضع بها نعل النبي. وتعرف أيضاً بدار الحديث الشافعية، وبدار الحديث الأولى، وبدار الحديث الأشرفية الدمشقية.

المسقط الأفقي للطابق الأرضي المقطع أ-1 في القبة الرئيسية ويظهر المحراب الموقع العام لدار الحديث الأشرفية الجوانية وجوارها

وقد مرت دار الحديث الأشرفية بأطوار شتى، وتناوبت عليها أحداث الزمان، فبعد بنائها بسبعين سنة تقريباً؛ دُمِّرت واحترقت من جرا هجوم غازان وجنوده على القلعة، فجددها شيخها عبد الله الفارقي سنة 702هـ/1303م، ومازالت الدار تحتفظ بنقش يؤرخ لهذا التجديد. وفي نهاية القرن 12هـ/18م تلاشى أمرها، واستولى المختلسون على أوقافها وعلى الدار المخصصة لمدرسيها، ثم آلت الدار إلى إحدى النسوة، ولما قام العالم المغربي يوسف البيباني بمحاولة لاستعادة الدار؛ عمدت المرأة إلى تأجيرها لأحد التجار النصارى، فسافر الشيخ إلى جزيرة رودس، والتقى هناك الأمير عبد القادر الجزائري، وحسَّن له الإقامة بدمشق، وجا الأمير إلى دمشق، فاشترى الدار سنة 1265هـ/1849م، وجعلها وقفاً على الشيخ المغربي وذريته بعد أن رممها وأصلح حالها. وبعد سنة واحدة احترقت الدار فجددت للمرة الثالثة، وتعرضت سنة 1300هـ/1883م إلى التجديد الرابع كما تشير إحدى اللوحات الرخامية فيها، ثم تسلم مشيختها الشيخ بدر الدين الحسني، محدِّث الشام، وكان يقيم في الدار الموقوفة لها، وفي سنة 1328هـ/1910م كان في الدار 18 غرفة، سبع منها أرضية، وعدد طلابها ستة فقط وشيخها الشيخ أحمد بدر الدين، وظلت في هذه الدار إحدى فردتي نعل النبي الكريم ، في حين كانت الأخرى في المدرسة الدماغية شمالها، فأخذهما تيمورلنك في جملة ما أخذ من دمشق سنة 803هـ/1401م، وقد جددت الدار للمرة الخامسة، وتحول القسم الأرضي إلى مصلى لتجار العصرونية، وفتحت بها مدرسة شرعية في القسم العلوي سنة 1409هـ/1988م.

تتألف الدار من طابقين؛ أرضي وأول، وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو 600 متر مربع، يتم الدخول إلى الدار من زقاق ابن أبي عصرون في العصرونية عبر مدخل شمالي معقود من الحجر المزي والبازلتي، تعلوه لوحة كتابية كتب عليها:

«بسم الله الرحمن الرحيم، عمرت هذه الدار بعد احتراقها وانهدامها بنظر الشيخ الإمام العالم شيخ الإسلام بركة الشام زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي الشافعي وذلك في شهور سنة اثنا وسبعمائة».

 تعلوها لوحة أخرى فيها:

اللوحة الكتابية بعد المدخل الداخلي، على الجدار الشرقي للصحن (نص الوقفية)

هذه مدرسة قــد أشرقت    

  بحديث المصطفى الهادي الكريم

جد ســعد الله في تجديدها   

  مخلصــــاً لله مولاه الكريم

فــجزاه الله من أفضـاله    

  أرخن بجـــده الأجر العظيم

                                         سنة 1300

ويطل على زقاق العصرونية شرقي المدخل المذكور مخزن تجاري وقبر يطل بفتحة صغيرة على هذا الزقاق يرتبط بغرفة داخل الدار، وبجانبها لوحة كتب عليها:

هذه دار حديث المصطفى          

  من عليه الله صلى كل حين

جد في تجديدها قاضي القضا           

  مخلصاً لله رب العالمين

ولسـان السعد نـادى أهلها  

البركة التي تتوسط صحن الحديث
 

 ادخلوهــا بسلام آمنين

شكر الله له السعي بهــا       

  وجــا النصر والفتح المبين

فهي أفـق لبدور العلم كــالنووي الحبر والسبكي المكـــين

فأتى تــاريخها ما أسعد        

  حاز بشرى نعم أجر العاملين

                                         سنة 1266

وعلى حائطها الغربي من الداخل نص الوقفية: «بسم الله الرحمن الرحيم، مما أوقفه السلطان الملك الأشرف أبو الفتح موسى ابن الملك العادل رحمه الله على هذه الدار المباركة، وهو ثلث قرية حزرما وقيسارية العلو بكمالها وعشرة حوانيت وفرنين وإصطبل جوارها وحانوتين وحجرة جوار لكنيسة مريم وأربعة حصص في أربعة حوانيت بباب البريد وحصتين في حانوتين في الحريريين وحصة في حانوت بالحدادين».

يؤدي المدخل إلى دهليز، ينخفض عن الزقاق بدرجة واحدة، ويتوصل منه إلى يسار الداخل لغرفة، وإلى يمين الداخل إلى المرافق الصحية التابعة للدار. ويؤدي الدهليز إلى باب رئيسي داخلي ينفتح على صحن، تتوسطه بركة ما حديثة العهد، تقع الميضأة بجوارها على الضلع الغربية التي تحتوي أيضاً على غرفتين، وتحتوي الضلع الشرقية على غرفتين وقاعة واسعة، تنفتح على الرواق الذي يحيط بالصحن، وفي الضلع الجنوبية يقع الحرم. ومن الواضح أن الطابق الأرضي على محيط الصحن قد رمم وجدد بما يخدم الوظيفة؛ إلا أن الترميم لم يُبقِ من عناصر الواجهات الأساسية في محيط الصحن سوى على الضلع الشرقية، المبنية من الحجر المكسوّ بالكلسة العربية الملونة، وتنفتح في هذه الضلع عدة نوافذ وأبواب معقودة، تؤدي إلى غرف الضلع الشرقية، ويوجد في الضلع الشمالية درج يؤدي إلى الطابق الأول المحتوي على ثماني غرف، ثلاث منها في الجانب الغربي، وخمس منها في الشرقي، ومواد بنا هذه الغرف حديثة لا تنسجم وطراز البنا ومواده الأصلية، واستخدمت الغرف العلوية لسكن طلاب العلم في الماضي، أما اليوم فتستخدم كثانوية شرعية للذكور، باسم "ثانوية دار الحديث النبوي الشريف".

المنبر المحراب الرواق في الضلع الشرقية لدار الحديث المؤدي إلى الحرم

أما الحرم فهو مستطيل ينتهي بقبة في الجهة الغربية. ويظهر في جدران الحرم أربعة مداميك من الحجر الكلسي الأصفر، وما يعلوها مغطى بالكامل بالطينة والدهان الحديث، مع بعض الأحجار التي تظهر عند المحراب أو التي تشكل إطاراً لبعض الفتحات في جدران الحرم، وللأسف فإن كل هذه الأحجار طليت بمادة "اللكر".

والمحراب دخلة جدارية بها ثلاثة صفوف من الحنايا المتصاعدة التي تنتهي بشكل صدفة محززة، كما يعلو دخلة المحراب صدر غائر به كتابة بارزة بخط الثلث، نصها الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِر. وأما سقف الحرم فهو حديث بالكامل باستثنا القبة، فهي لطيفة ذات رسومات نباتية بديعة، تستند إلى أربع أقواس حجرية، تحمل أربعة مثلثات كروية، كُتب عليها أسما الخلفا الراشدين، ترتكز عليها رقبة القبة التي تتألف من قسمين، القسم السفلي يحتوي على ست عشرة حنية تزيينية تشبه المحاريب، نصفها ذو صدفة محززة، والنصف الآخر ذو صدفة ملسا ، تتوزع بالتناوب على محيط القبة، أما القسم العلوي فيحتوي على اثنتي عشرة نافذة معقودة، زينت الفواصل بينها بزخارف نباتية مشابهة لتلك التي تزين طاسة القبة.

لوحتان رخاميتان عند الميضأة
تؤرخان لتجديد البنا وإنشا السبيل 
قبة الحرم ورسوماتها التزيينية 

إضافة إلى التجديدات التي مرت على الدار عبر الزمن، فقد تم تأريخ أعمال تجديد أخرى نقش تاريخها والقائمون بها على لوحات رخامية ثبتت بجوار الميضأة على الجدار الغربي للصحن، إحداها تمت في سنة 1367هـ/1948م، والأخرى تمت في سنة 1381هـ/1962م، وقد تمت في سنة 1431هـ/2009م آخر عمليات الترميم والتأهيل للبنا ، وتعاني الدار الإشغالات المتعددة على واجهتها.

 

أحمد الدالي

 

 

مراجع للاستزادة:

 -  أكرم حسن العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق 1989).

 - عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (المجمع العربي للتأليف والدراسات والترجمة، بيروت 1986).

 - عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي، الدارس في تاريخ المدارس (دار الكتب العلمية، بيروت 1990).

 

 

التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1063
الكل : 40603444
اليوم : 133259