logo

logo

logo

logo

logo

أدد

ادد

Adad - Adad



أدد

  

 

عرف إله العواصف والأمطار والظواهر الجوية في المشرق العربي القديم باسم أدد Adad في النصوص المسمارية، وهذه هي الصيغة الأكادية لاسمه في مقابل الصيغة السومرية إشكور Ishkur. وبطريقة الكتابة الرمزية (لوغوغرام) كتب اسمه بالعلامة المسمارية نفسها التي كانت تكتب بها كلمة الريح. وتعود أصول عبادته - على قدر ما هو معروف من النصوص المدونة - إلى عصر فجر السلالات في الألف الثالث قبل الميلاد على أقل تقدير. ذلك أن اسمه ظهر في أقدم قائمة بأسما الآلهة في المعتقدات القديمة.

مسلة تمثل الإله أدد فوق ثور ويحمل بيده العاصفة ( متحف اللوفر). كشفت هذه المسلة في أرسلان طاش شمالي سورية عام 1928

كتب اسم أدد في النصوص القديمة أيضاً بصيغة أدّا Adda أو أدّو Addu. وفي الكتابة الأبجدية يكتب بالحروف هـ د د التي تقرأ هَدَد Hadad أو هَدّو Haddu. وشاع بين الأموريين اسم الإله وير Wer، أو مير Mer، الذي عُدَّ مظهراً شعبياً لأدد. وقد لاقت عبادة هذا الإله انتشاراً واسعاً في بلاد الرافدين وسورية على امتداد العصور التاريخية لحضارتهما القديمة. فكون أدد تجسيداً لقوة العواصف والأمطار جعله الإله المتحكم في أكثر القوى تأثيراً في حياة السكان بحسب معتقداتهم القديمة. ومسؤوليته هذه كانت تشمل كلا الجانبين السلبي، فيما يخص العواصف ورعودها والبَرَد والفيضان، والإيجابي الذي ينجم عن فوائد الأمطار ومجاري المياه العذبة في الجبال. وتزداد أهمية ما يجسده هذا الإله في مناطق تعتمد على الأمطار في الزراعة، وهي مناطق واسعة في المشرق العربي وما يحيطه. ولم تكن وظائف هذا الإله في المعتقدات القديمة تتوقف عند هذا الحد، وإنما كانت تتضمن كونه «المشرف على قنوات الري»، جوجَلُّ Gugallu في اللغة الأكادية وجو- جال GU-GAL بالسومرية. وكانت هذه وظيفة كونية له، لكونه مسؤولاً عنها في السما ، ودنيوية لكونه مسؤولاً عن الري على الأرض. وقد أشير إلى الإله هدد بوظيفته هذه في نص «هدد- يسعي» المنقوش بالآرامية على تمثال هذا الملك، المكتشف في تل الفخيرية في منطقة الخابور في سورية والمحفوظ حالياً في المتحف الوطني في دمشق، إذ يصف النص الإله هدد على أنه «جوجُل شمين وأرقِ مشقي لمات كلن جوجُل نهر كلم» ومعناه في العربية «المشرف على ري السموات والأرض، مسقي البلاد كلها، المشرف على ري الأنهار كلها». كما يلقب في النص نفسه بـ«سيد الخابور».

إن أهمية تأثير العواصف والأمطار في حياة السكان القدما أدت إلى أن يقوم هؤلا السكان على اختلاف أصولهم، وكذلك الأقوام القديمة في المناطق المجاورة بعبادة الإله المجسد لها. من هنا وجدت عبادة أدد صدى واسعاً لها في المنطقة، وعُدَّت الآلهة القديمة آلهة مضاهية له في الصفات والوظائف، وأحياناً مطابقة له مع حمل أسما مختلفة. فهو عند الحوريين تيشوب  Teshup، وعند الكاشيين بورياش Buriash  الذي قد يكون الأصل الشرقي البعيد لاسم إله الريح الشمالية عند الإغريق بورياس Boreas.

عد أدد في الأساطير القديمة ابناً لإله السما آنو  Anu، وسميت شالا  Shala زوجة له، وهي إلهة من أصل حوري وعدت أيضاً زوجة للإله دجان  Dagan. وكتب اسمها في النصوص الأبجدية السورية القديمة - مثل نص هدد- يسعي الآرامي- بصيغة سول. وكان له وزيران من الآلهة الصغرى هما شُلاّت  Shullat وخانِش  Khanish.

شيد معبد مزدوج في العاصمة الآشورية القديمة آشور (قلعة الشرقاط حالياً في العراق) لعبادة أدد وآنو. وضم هذا المعبد زقورتين، أو برجين مدرجين، خصصت كل منهما لأحد هذين الإلهين، وشيدت لأدد أيضاً معابد في عدة مدن مهمة في بلاد الرافدين، مثل بابل، أوروك، أشنونّا، كُربائيل، زابّان، خانا (مدينة عانه على الفرات الأوسط). وكان المركز الرئيس لعبادته في بلاد الرافدين في مدينة كَركارا Karkara التي كان اسمها يكتب بالعلامة المسمارية نفسها التي يكتب بها اسم أدد. وفي سورية كانت حلب المركز الرئيس لعبادة أدد منذ عهود مبكرة. وقد كشفت التحريات الأثرية الحديثة في قلعة حلب عن معبد يعود تاريخه إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وفوقه شُيِّد معبد آخر في الألف الثاني قبل الميلاد. ويرجح أن هذا المعبد كان مخصصاً لعبادة الإله أدد.

يتضمن أحد النصوص المكتشفة في موقع مدينة ماري (تل الحريري) تقريراً عن فأل أوحى به أدد. وفي أوغاريت عُدَّ الإله بعل تعبيراً عن أدد بوظائفه وتخصصه، لكن اسم أدد أو هدد يرد في عدة نصوص وفي أسما أعلام كثيرة في غربي سورية منذ العصر البرونزي المتأخر. أما في العصر الحديدي فقد انتشرت عبادة هدد، ولم تعد مقتصرة على مدينة  معينة أو على واحدة من تلك الممالك الآرامية التي قامت في سورية حينذاك. ففي دمشق أصبح إلهاً لمملكتها وللأسرة الحاكمة فيها، حتى إن اسمه يدخل في تركيب أسما ثلاثة من ملوكها. وحمل في دمشق لقب رَمّان أو رامون بمعنى «الراعد»». واتخذته مملكة بيت- بخياني الآرامية، وعاصمتها جوزانا (تل حلف حالياً في منطقة الخابور الأعلى) إلهاً رئيساً لها. وإلى معبد هدد في مدينة سكاني (تل الفخيرية حالياً) القريبة من العاصمة جوزانا كرس ملكها هدد- يسعي (793- 763ق.م) تمثاله المشهور. وفي موقع العاصمة جوزانا نفسها، تل حلف، وجدت ألواح منقوشة بنص يشير إلى معبد لإله العواصف والأمطار كانت موجودة أصلاً في بناية المعبد- القصر الموجود هناك وأعيد استعمالها من قبل الملك الأخير كبارا  Kapara  ت ( 760 - 730 ق . م) في تشييد قصره. ومورست عبادة هدد في مدن أخرى مثل سمأل (زنجرلي حالياً) وبعلبك.

أدخل الإغريق عبادة هدد في سورية إلى ديانتهم وأدمجوها مع عبادة زيوس Zeus الذي طابقوه مع هدد. وأشار الكاتب الإغريقي لوكيانوس Lucianus إلى عبادة هذا الإله في مدينة منبج، التي دعاها الإغريق هيرابوليس  Hierapolis. وقد عبدت معه في هذه المدينة الإلهة أترجاتيس  Atargatis التي عدت زوجة له، وعد الإله سيميوس Simios  ابناً لهما. وطابق الرومان هدد مع جوبيتر  Jupiter واستمرت عبادته في معبد هدد- جوبيتر في دمشق.

كان يرمز إلى أدد بعلامة الصاعقة، ومن الحيوانات عد الثور أو الأسد- التنين رمزاً له. ويصور الإله نفسه في المشاهد الفنية مرتدياً خوذة مقرنة وممسكاً علامة الصاعقة بيده، وأحياناً يحمل هراوة.   

 

نائل حنون

 

 

مراجع للاستزادة

 -  د. إدزارد وآخرون، قاموس الآلهة والأساطير، ترجمة محمد وحيد خياطة (حلب 1987م).

-  سبتينو موسكاتي، الحضارات السامية القديمة، ترجمة السيد يعقوب بكر (القاهرة، ب.ت).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : عقائد
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 268
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1089
الكل : 40612620
اليوم : 142435