logo

logo

logo

logo

logo

الأفريدونية (دار القرآن-)

افريدونيه (دار قران)

-

الأفريدونية (دار القرآن-)

 

   

تقع دار القرآن الأفريدونية في دمشق القديمة خارج السور، في المنطقة العقارية باب الجابية، في بداية شارع آل البيت المؤدي إلى الميدان، وهي مشيدة مملوكية أنشأها التاجر الكبير شمس الدين أفريدون العجمي الذي كان من خيار التجّار وصلحائهم، تُوفِّي في رجب سنة 749هـ/1348م، ودُفِنَ بمدرسته المذكورة التي جعلها داراً للقرآن العظيم، ووقف عليها الأوقاف الجيدة بالمرج وقرى زبدين وقينية وأرزة وسكاكة وعين ترما وكفر بطنا وكفرسوسة؛ وفي دمشق القديمة داخل السور وخارجه الحصص والبساتين والدور والقيسريات والإصطبلات. تُعرف دار القرآن هذه بمسجد العجمي عند العامّة.

مسقط المدرسة نموذج لمخطط المدارس ذات الإيوانات الأربعة المتصالبة التي انتشرت في العمارة الإسلامية. واجهتها الرئيسية الشرقية حجرية ضخمة مبنية من الأحجار البلقا ؛ يتوضّع المدخل في طرفها الشمالي في حنية تدخل عن سمتها بعمق نحو متر واحد، وبارتفاع يعلو عنها بشكل واضح. ويتوسط الحنية من الأسفل باب الدخول الذي يعلوه ساكف من الحجر المزّي عليه نقش كتابي يؤرخ للدار. ويغطي حنية المدخل عقد مدائني ثلاثي ملئت ريشتاه بصفوف من المقرنصات المتصاعدة ذات الدلايات البديعة أوسطها منقوش عليها اسم المهندس المنفذ "أحمد بن محمد"، وتنتهي هذه الواجهة بإفريز (كورنيش) حجري يؤطرها كاملاً مع واجهة المدخل المرتفعة.

يتوضّع عن يمين المدخل تجويف شباك قاعة الضريح الذي يحتوي على شباك مستطيل مغشى بالمصبعات الحديدية الأصلية، يعلوه ساكف حجري مزّي طُمس نص كتابته المحفور عليه والمتوقع أن يكون منقوشاً عليه اسم الواقف، ثم مدماك حجري مزرّر تعلوه قمرية مستديرة مزرّرة ذات كوة صغيرة، وتستمر الواجهة شمالاً لتنتهي بشطفة تعلوها مقرنصات في أعلى زاويتها كما اعتاد المسلمون أن يفعلوا في عمائرهم المتوضّعة على زوايا الطرق، وهو ظاهر في معظم المشيّدات المملوكية والعثمانية. ثم يتوضع عن يسار المدخل تجويف شباك حرم المدرسة بمواصفات وتفاصيل مماثلة لتجويف شباك قاعة الضريح؛ ولكن ببُعد أكبر عن بوابة الدخول بما يلغي التناظر المألوف في غالبية الترب المملوكية. وتستمر الواجهة جنوباً لتحوي قمرية مستديرة مزرّرة وشطفة بمقرنصات زاوية مماثلتين لقسمها الشمالي.

وأمّا الواجهة الجنوبية المطلّة على زقاق التوبة فهي مبنية من الحجر الكلسي الضارب إلى الصفرة حيث ينصّفها بروز كتلة المحراب الحجرية، ثم تنكسر لتشكل الواجهة الجنوبية لغرفة الإمام مع وجود شباك علوي لإنارتها.

باب الدخول خشبي مستحدث ذو ساكف حجري يعلوه عقد وتري داخلي كان يعلو الباب الخشبي الأثري سابقاً. يفضي هذا الباب إلى دركاه (ردهة الدخول) مربّعة مسقوفة بقبوة حجرية صغيرة تستند إلى مثلثات كروية في الزوايا الأربع. ويُدخل عن يمين هذا المربّع عبر باب خشبي إلى قاعة الضريح الذي يؤطره مداميك حجرية من الأبلق، ويعلوه ساكف حجري ضارب إلى الحمرة، ثم يعلو الساكف مدماك مزرّر ثم أربعة مداميك حجرية، ويُصعد من هذا الباب إلى منسوب أرضية قاعة الضريح المرتفعة التي يتوسطها قبر الواقف الحجري والمغطى بطبقة إسمنتية مستحدثة. يتألف سقف قاعة الضريح من قبة نصف كروية تستند إلى رقبة مثمنة حجرية لها أربع فتحات ذات عقد مدبب وأربع فتحات مصمتة، وهي تستند بدورها إلى مثلثات كروية ذات مقرنصات حجرية بديعة ترتكز على أربعة عقود حجرية مدببة متناوبة الألوان. وفي الجدار الشرقي للضريح الشباك المطل على الشارع، وأما الجداران الشمالي والغربي فيوجد بكل منهما كتبيّة مستطيلة، وكل القاعة مغطاة بطبقة من الطينة والكلسة البيضا .

ويُدخل عن يسار الدركاه أيضاً عبر فتحة ذات عقد حجري مدبب قليلاً إلى موزع مستطيل صغير مسقوف بقبوة حجرية متقاطعة يفتح عبر باب خشبي شرقي ذي عقد وتري إلى درج حجري يلتفّ ليؤدي إلى سطح الدار، وهو مسقوف بعقود نصف دائرية تتدرج ارتفاعاتها بارتفاع الدرجات.

أما المئذنة فهي مبنية فوق سقف المدخل المقبب، وقد جددت حديثاً، ومسقطها مربع، وجدرانها مكسيّة بأحجار متناوبة (أبلق)، ولعلها تكون قد غطّت الجدران الأثرية لجسم المئذنة، ثم تتحول إلى مسقط بدن مثمن عبر مثلثات هرمية تستند إلى الزوايا الأربع، وترتفع الجدران قليلاً لتنتهي بإفريز حجري أبيض يعلوه مطاف المئذنة ذو المظلة والدرابزين المعدني، ثم يستمر الجوسق المثمن والمدهون حديثاً باللون الأخضر، وينتهي بهرم ثماني الأضلاع يعلوه الهلال المفتوح على الغرب.

    ويواجه باب الدخول إلى المدرسة مباشرة فتحة ذات ساكف حجري عقدي وتري تُفضي إلى الإيوان الشمالي لحرم الدار والمسقوف بسقف خشبي مستوٍ، جدرانه مُكلّسة، وتحوي كتبية شمالية وفتحة غربية تؤدي إلى متوضّأ قديم ذي سقف خشبي مع شباك شرقي علوي حديث، ثم يؤدي عبر باب شمالي إلى الدورات المستحدثة غربي قاعة الضريح، لها فتحة سقف مستحدثة تحتوي على شبابيك علوية للإنارة والتهوية، وهي بمجملها مكسيّة بمواد حديثة.

مسقط حرم دار القرآن (المدرسة) متصالب وشبه متماثل، حيث يفتح الإيوان الشمالي على القاعة الوسطى بعقد حجري دائري مدبب واسع على القاعة الوسطى المسقوفة بسقف جملوني خشبي مرتفع عن باقي الأسقف يعلو شبابيك علوية شبه مربعة، وهو محمول على جذوع خشبية دائرية كبيرة تستند إلى الجدارين الشرقي والغربي.

ويتقابل الإيوانان الشرقي والغربي اللذان يفتحان على القاعة الوسطية بعقدين حجريين دائريين مدببين يستندان إلى أنصاف تيجان حجرية مقرنصة جميلة. وينصّف الإيوان الشرقي نافذة مستطيلة يعلوها قمرية يفتحان على الشارع الرئيسي. وأما الإيوان الغربي فينصّفه كتبية تشابه الشباك الشرقي، وكلا الإيوانين مسقوفان بسقف خشبي.

وأما الإيوان الجنوبي - وهو أكبر الإيوانات - فهو مفتوح على القاعة الوسطى عبر عقد حجري متناوب مرتفع، والمحراب عبارة عن حنية نصف دائرية تنتهي بنصف قبة كروية مدببة ذات أحجار منحوتة جميلة. يؤطر المحراب أفاريز حجرية متعددة الأشكال والزخارف والألوان تلتفّ على كامل المحراب ذي العمودين الرخاميين المضلّعين اللذين يعلوهما تاجان منحوتان بزخارف نباتية مختلفة. يعلو المحراب لوحة حجرية زخرفية هندسية ونباتية متعددة الألوان. وتتوضع كتبيتان للمصاحف عن يمين هذا المحراب ويساره. سقف هذا الإيوان من الخشب، وهو يرتفع عن منسوب باقي الإيوانات؛ فيعلو فتحات علوية شبه مربعة.

ويتوضع في الزاوية الجنوبية الغربية للمدرسة غرفة الإمام ذات السقف الخشبي والتي تفتح عبر باب خشبي يعلوه شباك ذو عقد دائري، وتنحرف واجهتها الجنوبية بسبب انحراف الزقاق الجنوبي، وهي تحتوي على شباك علوي ذي عقد وتري خفيف. ويماثل غرفة الإمام غرفة أخرى في الزاوية الجنوبية الشرقية بالمواصفات نفسها، ولكنها تفتح على الشارع عبر قمرية علوية صغيرة.

وعموماً فإن جميع جدران الدار (المدرسة) مغطاة بالطينة والدهان الأبيض مع استحداث وزرة رخامية سفلية.

في الأعلى: قبة التربة من الداخل
في الأسفل: سقف الحرم
واجهة المدخل

وبالرجوع إلى المصادر والمراجع، وبالمقارنة مع الواقع الحالي للمدرسة؛ يتبين أن المدرسة قد أصابها عوامل طبيعية مختلفة من زلازل ومياه أمطار وغيرها أثّرت فيها، وأدّت إلى اختفا عناصر معمارية مهمة، وحلّ محلها عناصر أخرى، وبالإجمال فإن دار القرآن بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل شامل ليرجع إليها رونقها وجمالها.

 

زكريا كبريت

 

 

مراجع للاستزادة:

 - يوسف بن عبد الهادي، ثمار المقاصد في ذكر المساجد، الذيل لأسعد طلس، (المعهد الفرنسي بدمشق، مكتبة لبنان، بيروت 1395هـ/1975م).

 - عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (منشورات المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دمشق 1379هـ/1960م).

 - ولتسينجر وواتسينجر، الآثار الإسلامية في مدينة دمشق، تعريب قاسم طوير (مطبعة سورية، دمشق 1405هـ/1984م).

 

 

التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1085
الكل : 40588789
اليوم : 118604