logo

logo

logo

logo

logo

الاسطرلاب

اسطرلاب

The Astrolabe - L'Astrolabe



الاسطرلاب

 

الاسطرلاب المسطح

الاسطرلاب الخطي (ويسمى الطوسي)

الاسطرلاب الكروي

أهم استخدامات الاسطرلابات

 

الاسطرلاب أداة فلكية دقيقة تصور عليها حركة النجوم والأجرام السماوية ورسم البروج وحل الكثير من المسائل التي لها صلة بعلم الفلك الكروي، وتصنع من صفائح معدنية رقيقة كالنحاس والفضة. اخترعه الإغريق، ومن أهم من قام بشرح أسسه وأصوله عالم الفلك اليوناني بطلميوس الذي عُرف باسم بطلميوس القلوذي صاحب كتاب "المجسطي"؛ إذ عُدَّ كتاب بطلميوس مرجعاً للفلكيين لفترة زمنية طويلة، وفي كتابه ورد أقدم ذكر للاسطرلاب وترجم إلى العربية ترجمة دقيقة أوضحت أدق التفاصيل عن الاسطرلاب للعرب المهتمين به فقاموا بدراسته وتطويره.

نبغ العرب المسلمون في صناعة الاسطرلاب وأضافوا تغييرات في شكله واستخداماته، وورد ذكر أول من صنع اسطرلاباً لدى المسلمين في "الفهرست" للنديم، وهو أبو إسحاق إبراهيم حبيب الفزاري (ت180هـ/796م)، وكان من فلكيي الخليفة المنصور العباسي، وكذلك ذكر النديم مكان صنعه: "الاسطرلاب وآلات الفلك كانت تصنع في مدينة حران ثم ظهرت وكثر صناعها في الدولة العباسية منذ زمن المأمون".

وفسر الفلكي والمنجم ما شا الله بن أثري (توفي نحو 200هـ/815م) في كتابه "صنعة الاسطرلاب والعمل بها" كلمة الاسطرلاب، فقال: هو اسم يوناني معناه "أخذ النجوم". وشرح أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي (توفي نحو 232هـ/847م) الاسطرلاب وفسر عمله على أنه "قياس النجوم".

انتشرت صناعة الاسطرلاب في أرجا دار الإسلام حتى بلغت الهند والصين وبلاد المغرب والأندلس ومنها دخلت إلى أوربا. كانت صناعة الاسطرلابات واستعمالاتها من أكثر الموضوعات المفضلة لدى الفلكيين العرب والمسلمين، ومن أشهر من صنع الاسطرلاب في الأندلس أبو إسحاق إبراهيم النقاش المعروف بالزرقالي (ت493هـ/1099م) الذي صمم صفيحة إضافية للاسطرلاب طورت استعماله واشتهرت باسمه "الصفيحة الزرقالية" فتوصل إلى ما يسمى بالاسطرلاب الشامل الذي استخدم في الكثير من الوظائف، وبقيت هذه الصفيحة تستخدم عند المسلمين، واستخدمها الأوربيون في بداية عصر النهضة وقد أخذوا هذا العلم من المسلمين عن طريق الأندلس في بداية القرن الثاني عشر الميلادي ومنهم الفلكي الشهير نيكولاس كوبر نيكوس الذي استخدم الاسطرلاب في جميع إرصاداته الفلكية.

استمر المسلمون بتطوير الاسطرلاب فاخترع أحمد بن عبد الله حبش الحاسب المروزي (ت250هـ/864م) صفيحة أسماها "الصفيحة الآفاقية" فكانت البداية للاسطرلابات الشاملة، ثم تلاه العالم الأندلسي علي بن خلف الشكاز باختراع "الصفيحة الشكازية"، ثم جا الحسن بن باصة الأندلسي فجمع مميزات الصفائح التي قبله في صفيحة واحدة سماها "الصفيحة الجامعة" لكل العروض. تلاهم أحمد بن السراج الذي طور اسطرلاباً شمل خواص كل ما سبقه مستنداً إلى الصفيحة الشكازية؛ مقسماً الكون إلى أربعة أقسام لكل قسم مقنطرات وصفائح. هذا الاسطرلاب الشامل ذو المزايا الخمس أصبح يستخدم في أرجا العالم، ووجدت نسخة وحيدة من هذا الاسطرلاب لدى العالم الفلكي عبد العزيز الوفائي مخترع آلة المعدل، وهي محفوظة اليوم في متحف "بيناكي" بأثينا باليونان.

هناك علما مسلمون اخترعوا أنواعاً مختلفة من الاسطرلاب، منهم العالم المعروف شرف الدين المظفر بن محمد الطوسي (ت610هـ/1213م) الذي صنع الاسطرلاب الخطي - وهو آلة رصد ثلاثية الأبعاد وليست ثنائية الأبعاد ترسم الكون على صفيحة ثنائية الأبعاد طول وعرض فقط - فقام بإسقاط خط مستقيم على الصفيحة الثنائية سميت "عصا الطوسي".

صنع أبو الحسن علا الدين المعروف بابن الشاطر (ت777هـ/1375م) في القرن الرابع عشر الميلادي آلة لضبط وقت الصلاة سماها "البسيط" ووضعها في إحدى مآذن المسجد الأموي في دمشق حيث كان يعمل، كما قام بتصحيحٍ للمزاول الشمسية التي بقيت تتداول لعدة قرون في كل من الشام ومصر والدولة العثمانية، كما ترك ابن الشاطر عدداً من المؤلفات جلها في الفلك والرياضيات منها رسالة عن صنع الاسطرلاب، وكتاب المختصر في عمل الاسطرلاب، ورسالة في أصول علم الاسطرلاب. ولم يصنع الاسطرلاب فعلياً في أوربا إلا في القرن السادس عشر الميلادي.

أنواع الاسطرلاب:

أولاً: الاسطرلاب المسطح: يتكون من الأجزا التالية:

آ- جهاز التعليق: يتكون من ثلاثة أجزا : وهي الكرسي والعروة والحلقة.

 > الكرسي: هو قطعة معدنية بشكل مثلث مثبتة في الاسطرلاب ممتلئة بالزخارف.

 > العروة: هي المحبس تتصل بأعلى الكرسي وتتصف بسهولة إدارتها باتجاهين.

 > الحلقة: هي مكان تعليق الاسطرلاب.

ب- جسم الاسطرلاب: وله وجهان؛ يتكون أحدهما من الحجرة وهي إطار خارجي محيط بالداخلي ويقسم إلى 360 درجة.

جـ- الأم: قطعة معدنية يخط عليها عرض المدن.

د- العنكبوت: هو منطقة البروج zodiac وتقسم إلى اثني عشر قسماً؛ كل منها مقسم 30 درجة.

هـ- العضادة أو المسطرة المعدنية: مستطيلة، ويوجد بها ثقبان أحدهما لرصد النجوم والقمر، والثاني لارتفاع الشمس.

يختلف عدد الأجزا (الصفائح) من اسطرلاب إلى آخر، ويعد أفضل إذا زاد العدد على تسع. وثمة اسطرلابات تختص بعرضٍ جغرافيٍ محددٍ؛ في حين أن هناك اسطرلابات أخرى تصلح أجزاؤها لعروض متعددة، وتدعى "الصفيحة الآفاقية" أو "الجامعة".

دفعت ضرورة وجود صفيحة خاصة لكل موضع أو موقع العالم الفلكي الأندلسي أبا إسحاق النقاش إلى ابتكار اسطرلاب جعل مركزه نقطتي الانقلابين الربيعي والخريفي، وجعل دائرة السمت (الكبرى) المارة بنقطتي الانقلابين الصيفي والشتوي هي مستوى الإسقاط، وأطلق على آلته هذه اسم "العبّادية" تيمناً باسم أمير إشبيلية المعتمد بن عباد (461-484هـ/1068-1091م)، فاقتصرت على صفيحة واحدة بدل عدة صفائح مع قطعة صغيرة ملحقة بها، ويمثل وجه الصفيحة خط الاعتدال والمدارات والممرات (دوائر الميل) ودائرة البروج (الدائرة الظاهرية لمسير الشمس) مع دوائر الطول والعرض بمسقط أفقي مجسم بدلاً من المسقط القطبي العمودي الذي أصبح هنا مسقطاً لدائرة البروج ودائرة الاعتدال بشكل خطين مستقيمين يتقاطعان في المركز، فتكونت صفيحة واحدة صالحة لجميع العروض الجغرافية. وبما أن مسقطي نصفي الكرة متطابقان تماماً فيكفي إضافة أسما النجوم الرئيسة فيهما إلى الصفيحة عوضاً عن الشبكة في الاسطرلابات السابقة. أضيفت إلى هذا الاسطرلاب مسطرة معترضة مثبتة في مركز الوجه وتدور عليه سميت "الأفق المائل"، تقوم مقام الصفائح، فإذا أميلت هذه المسطرة بزاوية مناسبة مع خط الاعتدال (الاستوا ) يمكن الحصول على أفق المكان، ويمكن على أساسه حساب بُعد الجرم السماوي شرقاً وغرباً عن الأفق؛ أو حل أي مسألة فلكية أخرى، وخلف الصفيحة توجد العضادة والعلامات الأخرى التي تُرى على الاسطرلابات الأخرى.

جا بعد ذلك إبراهيم بن يحيى الزرقالي فأضاف إلى الاسطرلاب المسطح دائرة جديدة "دائرة القمر" تمكنت من متابعة القمر، كما صمم أيضاً مربعاً لحساب الظل، ونسب العرب هذا الاسطرلاب إلى الزرقالي.

 
اسطرلاب مسطح من الخلف   اسطرلاب مسطح من اليمين

ثانياً: الاسطرلاب الخطي (ويسمى الطوسي): ينسب إلى مخترعه المظفر الطوسي، ويتألف من قطعة واحدة تشبه مسطرة الحساب عليها خيط مثبت في منتصفها هو مسقط  القطب الشمالي، وخيط آخر مثبت عند أحد طرفيها يمثل ميل دائرة الأفق، وخيط ثالث سائب عند طرفها الآخر حر الحركة، ويمكنه إجرا كل العمليات، ويعد أقل دقة بالحسابات عن غيره من الاسطرلابات.

اسطرلاب كروي

ثالثاً: الاسطرلاب الكروي: وهو الأسهل استخداماً لأنه يتمثل بالحركة اليومية للكرة السماوية وما يرى من النجوم والكواكب لتحديد مكانها وسيرها. ومن أشهر الفلكيين الذين ساهموا بتطوير الاسطرلاب الكروي: قسطا بن لوقا (ت 300هـ/912م) وأبو العباس الفضل بن حاتم النيريزي (ت 310هـ/922م)، ومحمد بن أحمد البيروني (ت 440هـ/1048م)، والحسن بن علي عمر المراكشي (ت 660هـ/1262م)

أهم استخدامات الاسطرلابات:

معرفة سمت القبلة: جا اكتشاف الاسطرلاب وسيلة سهلت على المسلمين معرفة اتجاه القبلة، فبعد زيادة أعداد المسلمين واتساع رقعة الدولة الإسلامية صعب توجيه القبلة ومعرفتها على نحو دقيق، وكان الاسطرلاب من أدق الوسائل لضبط اتجاه القبلة.

معرفة المناسبات والأعياد: من أهم فوائده معرفة مواقيت الصلاة، ومعرفة الحَوْل الضرورية للزكاة، وإتيان الحج والعمرة في الأشهر المعلومات، وكان يستخدم الاسطرلاب أيضاً في تحديد بدايات الأشهر العربية ونهاياتها؛ ولاسيما شهر رمضان الذي يتطلب دقة شديدة لتحديد غرته ونهايته، وقد ذكر أبو الحسين علي بن بسام الشنتريني في كتابه "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" أهمية استخدام الاسطرلاب وفوائده في التنبؤ بهلال رمضان والعيد.

معرفة الطالع والتنجيم:

نهى الدين الإسلامي عن التنجيم، وقد تراجع الاهتمام به في بداية الإسلام، ثم بدأ بالظهور مجدداً في العهد الأموي حين أخذ المنجمون يشقون طريقهم إلى بلاط الخلفا . وازدهر التنجيم في العصر العباسي، ومن أهم أسباب ازدهاره نقل  كتب العلوم الفارسية والهندية والإغريقية وترجمتها، ويعد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136هـ- 158م/754-775م) من أوائل العباسيين الذين اهتموا بالتنجيم وأمروا بترجمة الكتب الفلكية، ولم يقتصر الاهتمام بالتنجيم على الخلفا ، بل انتقل إلى الأمرا والوزرا والولاة والقواد والقضاة.

وقد ظل الاسطرلاب يستخدم حتى القرن الثامن عشر في الملاحة البحرية، ولكن بعد اختراع التلسكوب وآلات الرصد الحديثة في أوربا بدأ الاسطرلاب يفقد مكانته تدريجياً حتى آل إلى الإهمال مع إدخال آلة السدس sextant في عمليات الملاحة منذ عام 1731م.

 

فاطمة السليطي

 

 

مراجع للاستزادة:

 - البيروني، استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الاسطرلاب، تحقيق محمد أكبر جوادي الحسيني (مؤسسة الطبع التابعة للآستانة الرضوية المقدسة، 1422هـ).

 - شريم جلال حسين، علم الفلك والتنجيم وإثبات الهلال (دار المحجة البيضا ، 2002).

- David KING, Astronomy in the Service of Islam (1993).

- Carlo NALLINO, “Arabian Astronomy: its history during the medieval times” Oriental papers for publications, second edition in Arabic, (Beirut, 1993).

 


التصنيف : آثار إسلامية
النوع : أثاث وأدوات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 402
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1080
الكل : 40583750
اليوم : 113565