logo

logo

logo

logo

logo

الأشرفية (المدسة-) (القدس)

اشرفيه (مدسه) (قدس)

-

الأشرفية (المدرسة -) /القدس/

 

   

تقع في مدينة القدس في فلسطين، وتعد واحدة من أشهر المدارس الواقعة في هضبة الحرم القدسي الشريف[ر] وأضخمها، وموضعها بجوار باب السلسلة، وقد عرفت أيضاً بالمدرسة السلطانية.

تعود بداية بنائها لسنة 875هـ/1470م عندما قام الأمير حسن الظاهري باختيار مكانها والإشراف على بنائها باسم السلطان المملوكي الظاهر خوشقدم 865-872هـ/1461-1468م، وكانت تدعى آنذاك "بـالمدرسة السلطانية"، ولكنه لم يكمل بنا ها، إذ توفي الملك الظاهر، ولما تولى الأشرف قايتباي عزل الأمير "حسن" الذي سافر من فوره إلى القاهرة وقدم المدرسة هدية إلى قايتباي فقبلها وأعاد إليه نظارة الحرمين فنسبت إلى السلطان وسميت بالأشرفية. وقد أنفق الأمير حسن على المدرسة من ماله الخاص ورتب لها مشايخ وفقها ومدرسين للتعاليم الصوفية، وافتتحت للتدريس أول مرة في سنة 877هـ/1472م، واستمرّ التدريس فيها حتى سنة 880هـ/1475م عندما زار السلطان قايتباي مدينة القدس مرّ على المدرسة ولم يعجبه بناؤها فأمر بهدمها. وفي سنة 885هـ/1480م سيّر السلطان إلى القدس من القاهرة جماعة من المعماريين والمهندسين والحجارين للمشاركة في عمارة مدرسته، وكان المتولّي لذلك القاضي فخر الدين بن نسيبة الخزرجي، فأعاد بنا ها وأضاف إليها بعض العمائر الأخرى.  وفرغ من بنا المدرسة سنة 887هـ/1482م، فجا البنا الجديد للمدرسة آية في الفخامة والبها فاقت كلّ ما سبقها وما تلاها من مدارس القدس، ولعلها آخر المدارس الإسلامية الفخمة التي أنشئت من هذا الطراز في مدينة القدس.

الواجهة الخارجية

وقد حازت المدرسة الأشرفية شهرة خاصة بين مدارس القدس لكونها أفخم مدراس القدس بنا ً، حتى عدّها المؤرخون ثالث أشهر أبنية الحرم القدسي الشريف، فقد وصفها مجير الدين الحنبلي بقوله: "كانوا يقولون قديمًاً مسجد بيت المقدس به جوهرتان هما قبة الجامع الأقصى وقبة الصخرة الشريفة. فقلت: وهذه المدرسة صارت جوهرة ثالثة فإنها من العجائب في حسن المنظر ولطف الهيئة".

تأثرت المدرسة بالزلزال الذي أصاب مدينة القدس سنة 902هـ/1497م، فتهدمت أجزا كبيرة منها، فأعيد ترميمها على ما كانت، وقد بلغت المدرسة عز نهوضها حين عين الشيخ الكمالي ناظراً لها بعد مشيخته للمدرسة الصلاحية، وكان قد استوطن القدس وأصبحت مقره. ويقال إن أسرة كمال المقدسية من سلالته، واستمر التدريس بهذه المدرسة إلى القرن 13هـ/ 19م.

زارها عبد الغني النابلسي المتوفي سنة 1143هـ/1730م وترك وصفاً واضحاً للشكل والتصميم المعماري الذي كانت عليه المدرسة قبل أن تتعرض اليوم للتغيرات العديدة  فقال: "ثم سرنا إلى أن وصلنا إلى المدرسة السلطانية، وحين أقبلنا رأينا باباً مرتفعاً عظيماً مصنوعاً من الأحجار المنحوتة الملونة المحفورة، وعليه رواق المدرسة مبنيّ بالأعمدة الرخام والأحجار الكبار العظام، والعقد المبني العالي، ثم عبرنا من باب آخر مصنوع من الأحجار المنحوتة والزخارف والكتابات التي تظل العيون فيها مبهوتة، فوجدنا ممشىً صغيراً مبلطاً بالرخام والدقيق الملوّن من الأحجار العظام. وهناك جهتان مشتملتان على بابين، أحدهما على اليمين والآخر على الشمال، فالذي على الشمال يُتوصّل منه إلى مطبخ وبيت طهارة، وما يُحتاج إليه من الأحوال، فأخذنا من ذلك جهة اليمين، فوجدنا باباً بمصراعين لطيفين، فدخلنا منه إلى ميدان من ألطف الميادين مفروش جميعه بالسماقي الملوّن على الألوان، والرخام الأبيض والدقيق من الحجارة التي تزين المكان، مسقوف بالسقوف العجمية المدهونة التي تحيّر الأذهان، فإذا هي قاعة متقنة البنيان، محكمة الأركان، تشتمل على أربعة إيوانات. وهي مسقوفة بالسقوف العجمية التي هي بأنواع الدهان والأطلية مزخرفات، وجميع جدرانها من داخلها معمولة بالرخام والحجر السماقي الخام، وأنواع الفصوص والأحجار الدقاق، فأرضها تحاكي حيطانها في زيادة البهجة والإشراق، وأرضية الإيوانات الأربعة مفروشة أيضاً بالسماقي والرخام، وأنواع الأحجار الملونة والفصوص المكونة. فإيوانان منها كبيران واسعان متقابلان، أحدهما أكبر من الآخر وأوسع، وهو القبلي، وفيه المحراب العظيم البنيان المتقن غاية الإتقان. وإيوانان صغيران متقابلان، أحدهما أصغر من الآخر، فالصغير منهما له شبّاكان مطلان على الساحة العلوية التي ذكرناها آنفاً، والإيوان الآخر الذي يقابله منفتح الصدر لمّاع، فيه عمودان من الرخام الأبيض، وله شعيرة مبنية من الأحجار الملوّنة في ارتفاع ذراع. وذلك مطل على الحرم الشريف، وصحن الصخرة العالي المنيف، وارتفاع سقوف الإيوانات والمدرسة يسامت تلك المنارة، وكل ذلك معمّر أكمل العمارة. وفي الإيوان القبلي من الشرق ثلاثة شبابيك كبار، معقودة من النحاس الأصفر نزهة للأبصار، مطلات على الحرم وصحن الصخرة. وفي جهته القبلية أربعة شبابيك كبار أيضاً كذلك، واحد منها يطل على الحرم الشريف من جهة القبلة، والثلاثة مطلة على دهليز المدرسة وتلك الظلّة، وشبَّاكان من الجهة الغربية على تلك الساحة المذكورة السماوية، وفي الإيوان الشمالي شباكان كبيران من الجهة الشرقية، مطلان على الحرم وهاتيك المسالك، ومن جهة الغرب شباكان أيضاً مطلان على بيت لطيف لصيق المطبخ المذكور فيما تقدم". وقال فيها شعراً:

وتلك أجلُّ مدرسةٍ تسامت          

  بأنواع المحاســن في الظهور     

بها الحرم المقدس قد تجلى                  

  لســــاكنها بأنواع الحضور

وقبة صخرة لله منـــها                

  تـــــلوح رفيعة شبهُ البدور

وتبدو قبة الأقصى وباقي          

  قبابٍ ثَمَّ قد حُفَّت بســــور

المحراب المدرسة من الداخل المدخل

 

والمدرسة اليوم وبعد العديد من الترميمات التي طالت إعادة بنا أجزا عديدة منها مازالت تتألف من طابقين تأثرت عمارتهما وتبدلت مع تقادم العهود، وتمتد واجهتها الرئيسية على الجهة الشرقية ببائكة ذات عقود حجرية مدببة محمولة على دعامات حجرية، تحصر البائكة خلفها رواقاً يمتد بطول واجهة المدرسة تغطيه قنوات متقاطعة مغطاة باللياسة عليها دهان أبيض. وتتوسط هذه الواجهة كتلة المدخل الرئيسي الأصلي للمدرسة، وهو حجر غائر يرتفع عن سقف الرواق بمقدار الثلث، وينتهي من الأعلى بعقد نصف دائري يحصر خلفه قبواً متقاطعاً حجرياً يغطي كامل فراغ كتلة المدخل، له أربع أرجل هابطة ويتوسطه صرة مجوفة بحيث يشبه كثيراً أقبية أخرى مشابهة مازالت تشاهد  في عمائر قايتباي في القاهرة وخاصة مدرسته الكبيرة في جبانة المماليك. ويفتح على فراغ المدخل حنية رأسية غائرة تنتهي من الأعلى بعقد ثلاثي كسيت ريشتاه بصفوف من المقرنصات المتصاعدة، يوجد أسفله شباك مستطيل يسمح بدخول الهوا والضو للدركاه الواقعة خلف الباب، ويوجد أسفل الشباك صدر مستطيل عليه زخارف لأشكال مزررات بأوراق نباتية ثلاثية، يوجد أسفله عتب مستطيل يغطي فتحة باب الدخول للمدرسة، وتتميز كتلة المدخل بعناصرها المعمارية والزخرفية المتفردة، وتعد قمة التطور الذي عرف لمثيلتها في العمارة الإسلامية عامة، وقد بنيت كامل هذه الواجهة والمدخل بمداميك متناوبة من الحجر المشهر [ر] (الأبيض والأحمر) مما جعلها كتلة متناسقة رغم ضخامتها.

سقف المدرسة

ويدخل من الباب لدركاه مربعة يتوصل منها لبعض الغرف الباقية في الطابق العلوي للمدرسة، ومنه أيضاً يدخل المؤذن ليؤذن من على المئذنة الواقعة في الزاوية الجنوبية الشرقية للمدرسة. كما يتوصل من الدركاه إلى داخل الطابق الأرضي الذي يتألف من صحن يفتح عليه أربعة أواوين، أكبرها الجنوبي الذي يوجد بصدره محراب مبني من الحجر المشهر، يعلو حنيته عقد مدبب كان يستند إلى عمودين مدمجين فقدا منذ زمن بعيد، وتتصل فراغات هذه المدرسة مع محيطها بالعديد من الشبابيك الواسعة التي تؤكد الارتباط العضوي لهذه المدرسة بما حولها من أماكن مقدسة في هضبة الحرم القدسي الشريف [ر].

وتحتوي المدرسة على نقشين أصليين مكتوبين بخط النسخ المملوكي بأحرف كبيرة كالتالي: "أمر بإنشا هذه المدرسة الشريفة مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره بتاريخ مستهل شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثمان مائة. وذلك في أيام المعز الأشرف الناصري سيدي محمد الخازندار ناظر الحرمين الشريفين عظم الله شأنه". وعلى جانب آخر من الجدار نفسه نقشت الكلمات التالية: "أمر بإنشا هذه المدرسة المباركة الإمام الأعظم والملك المكرم السلطان الملك الأشرف أبو النصر قيتباي عز نصره فكان الفراغ من ذلك في شهر رجب سنة سبع وثمانين وثمانمائة".

وبالعموم تتميز هذه المدرسة بعدم تناظرها بسبب وجود باب السلسلة على جانبها الجنوبي، وبأن معظم حجارتها ملونة، كما استخدم بعمارتها الرخام ذو الحجم الكبير بكثرة.

وقد تم مؤخراً إعادة ترميم الأجزا الباقية من هذه المدرسة وتأهيلها، وعلى الرغم من الصعوبات المختلفة الراهنة تم الانتها من إعمال الترميم هذه في سنة 1425هـ/2004م. وشملت أعمال تبليط مميزة، وقواطع خشبية ذات طابع تقليدي، إضافة إلى ترميم البلاط المملوكي الأصلي الذي اكتشف على سطح المبنى. كما تم تزويد المبنى بأحدث وسائل التهوية الصناعية وتكييف الهوا المناسبة للقيام بالوظيفة الجديدة للمبنى، الذي أصبح قسم كبير منه مركزاً لترميم المخطوطات والذي بدأ العمل فيه رسمياً في منتصف سنة 1429هـ/2008م. في حين لايزال قسم منها يستثمر بوصفه ثانوية شرعية للبنات.

 

غزوان ياغي

 

 

مراجع للاستزادة:

 - عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، مكتبة الأندلس (القدس1961).

 - مجير الدين الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل (مكتبة الصفا ، أبوظبي 1999).

 - عبد الغني النابلسي، كتاب الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية (د.م، د.ن ، 1902).

  - K.J. ASALI (ed), Jerusalem in the history, ( England, 1989).

 

 

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1083
الكل : 40605310
اليوم : 135125