logo

logo

logo

logo

logo

أرسوز (مدينة-)

ارسوز (مدينه)

Arsuz (City-) - Arsouz (Ville-)



أرسوز (مدينة -)

 

 

أرسوز Arsous مدينة ساحلية صغيرة، ومنتجع سياحي جميل في لوا إسكندرون [ر]. تقع في السهل الذي يحمل اسمها على خليج صغير إلى الشمال من رأس الخنزير ومصب نهر العاصي في البحر المتوسط، في منتصف المسافة بين مدينة إسكندرون الواقعة في شمالها ومدينة سلوقية بيرية Seleukeia Pieria  (السويدية) في جنوبها، وقد عرف القسم الجنوبي من جبال الأمانوس الذي يفصلها عن مدينة أنطاكيا بجبل أرسوز.

عرفت المدينة في العصور الكلاسيكية باسم روسوس Rhosos الذي جا منه اسمها الحالي، وقد ذكرها سترابون [ر] Strabon في جغرافيته عندما تحدث عن سورية ومدنها في كتابه السادس عشر، كما أوردها بطلميوس Ptolemaios في جغرافيته بين مدن الساحل السوري. أما المؤرخ الأنطاكي يوحنا ملالاس Johannes Malalas فينسب تأسيسها الأسطوري إلى كيليكس Kilix ابن ملك صور أجينور Agenor، الذي أرسله مع أخويه للبحث عن شقيقتهم المختطفة أوربا [ر] Europe فجا إلى المنطقة التي حملت اسمه فيما بعد وهي كيليكية Kilikia، وهذا يعني أن تأسيسها يعود إلى سكان الساحل السوري الكنعانيين الذين ينسب إليهم أيضاً تأسيس مرياندروس Myriandros الفينيقية، التي خلفتها مدينة  إسكندرية ايسوس Alexandreia ad Issum، أي الإسكندرونة التي منحت منطقة اللوا اسمها الحالي.

ورد أول ذكر لها في المصادر التاريخية بمناسبة زواج الملك سلوقس Seleukos مؤسس السلالة السلوقية بزوجته الثانية استراتونيكي Stratonike ابنة الملك المقدوني دمتريوس Demetrios في إطار التحالفات والمصاهرات السياسية التي عقدت بين الملوك الهلنستيين في أعقاب معركة أبسوس Ipsos عام 301 ق.م، وقد جا ت استراتونيكي إلى روسوس مع والديها على متن سفينة ملكية فخمة ثم انطلقت مع زوجها في موكب ملكي بهيج إلى مدينة أنطاكيا Antiocheia، كما تذكر إحدى الروايات ان تمثالاً برونزياً للإلهة تيكي[ر] Tyche قد نقلت إليها من مدينة أنتيجونية Antigoneia على يد سلوقس.

تمتعت روسوس مثل كثير من المدن السورية بالحكم الذاتي وبعض الامتيازات في أواخر حكم السلوقيين، وأصدرت نقوداً تحمل اسمها وهي مع الأسف غير مؤرخة، ولكنها تذكر الألقاب التي حصلت عليها المدينة وهي: "المقدسة" (Hiera) و"المحرمة" (asylos)، أي التي تملك حق اللجو . ثم يظهر إصدار نقدي مؤرخ بالعام السادس من حصولها على لقب مدينة حرة ذات حكم ذاتي autonomos.

كما سكت روسوس نقوداً في العصر الامبراطوري الروماني تحمل صور كل من الأباطرة كلاوديوس [ر] Claudius وترايانوس [ر]  Traianus وكومودوس [ر] Commodus  وكركلا ]  Caracalla، وكلها تحمل تاريخاً مع اسم المدينة ولقب المقدسة.

نالت روسوس لقب مدينة حرة بحكم ذاتي على يد القائد الروماني ماركوس أنطونيوس[ر]  Marcus Antoniusخلال حكمه لسورية (42-31 ق.م)، ولكنها لم تفقد امتيازاتها بعد هزيمته كما يظهر من النقوش العائدة لأحد أبنائها وهو المدعو سلوقس بن ثيودوتس الذي ذهب على رأس وفد من مدينته لتهنئة أوكتافيانوس [ر] Octavianus  بانتصاره في معركة أكتيوم [ر[ Actium وهو في طريقه إلى سورية.

وقد استقبل أوكتافيانوس وفد روسوس بحفاوة وأغدق على رئيسه سلوقس مظاهر التكريم ووعدهم بالحفاظ على امتيازاتهم في المستقبل، وأن يعمل كل ما بوسعه من أجل مدينتهم وذلك إكراماً للقائد البحري سلوقس الذي ثبت خلال الحرب كلها في الميدان وأثبت بأعماله ولا ه وإخلاصه.

لقد عثر في مقبرة روسوس على أربعة نصوص منقوشة على باب ضريح هذا القائد، وهي محفوظة حالياً في متحف أنطاكيّا وهي تتضمن:

 -1 رسالة أوكتافيانوس إلى سكان روسوس، وفيها يخاطب الامبراطور حكام المدينة ومجلسها وشعب روسوس، المدينة المقدسة والمحرمة وذات الحكم الذاتي، ويذكر أنه أقيم لسلوقس نصب على الكابيتول في روما، وأن الامتيازات الممنوحة له سجلت في أرشيف الدولة وقد أرسلت نسخ منها إلى مجلس مدينته الأم روسوس وشعبها مثلما أيضاً إلى مجلس طرسوس Tarsos وشعبها وإلى مجلس أنطاكيا وشعبها وإلى مجلس سلوقيا Seleukeia وشعبها لتسجل عندهم.

 -2 يمنح الامبراطور سلوقس حق المواطنة الرومانية والحصانة تقديراً لخدماته في المعارك وولائه لشخص الامبراطور، له ولوالديه وزوجته وأبنائه وكل أنساله وتسجيلهم في قبيلة كورنيليا Cornelia مع منحهم حق التصويت معها، ولهم كل حقوق المواطنين الرومان وأنه يمكنهم أن يختاروا بين محاكم مدينتهم أو محاكم روما في حال وجود دعوى، كما منح سلوقس إعفا من الضرائب وحق ممارسة التجارة في الولايات الأوربية والآسيوية من دون جمارك.

3 ــــ 4- أما النصان الثالث والرابع فيتضمنان رسائل موجهة بهذا الخصوص إلى مدينة روسوس.

لقد نال سلوقس كل هذه الحقوق والامتيازات بسبب دوره الكبير - كما يبدو-  بوصفه قائداً بحرياً (Nauarchos) بارزاً في صراعات الحرب الأهلية الرومانية التي أعقبت اغتيال يوليوس قيصر [ر] Iulius Caesar عام 44 ق.م. وهي في الحقيقة امتيازات استثنائية حقاً، وظهر أثرها في تكريم مدينته الأم روسوس التي حظيت باهتمام القائد المنتصر أوكتافيانوس وتأكيده استمرار امتيازاتها، بالرغم من أنها حصلت عليها أيام غريمه ماركوس أنطونيوس.

يبدو واضحاً من هذه المراسيم أن روسوس كانت مدينة Polis تتمتع بالحكم الذاتي ضمن ولاية سورية، ولها دستور ينظم إدارتها ومؤسسات تحكمها تتمثل بمجلس المدينة وشعبها المؤلف من مجموع مواطنيها.

ومع أن روسوس كانت مدينة إقليمية محلية، ولا يمكن مقارنتها من حيث الأهمية بالمدن الكبرى في سورية مثل أنطاكيا وأخواتها (سلوقيا واللاذقية وأفاميا) فإن أبنا ها في جزيرة ديلوس Delos - المركز التجاري الكبير في شرقي المتوسط - يعملون بالتجارة مثل كثير من أبنا سورية آنذاك.

لقد اهتم الأباطرة الرومان بمالية المدن وخزائنها فعينوا موظفين للإشراف عليها، ويذكر أحد النقوش العائدة لعهد الامبراطور ماركوس أوريليوس [ر] Marcus Aurelius وابنه كومودوس  Commodus ت (160 - 192م) وجود محاسبين (logistes)   في كل من سلوقيا بيريه وإسكندرية ايسوس وروسوس.

كانت روسوس من أوائل المدن التي اعتنقت المسيحية لأنها تجاور أنطاكيا حاضنة المسيحية منذ بداياتها الأولى. ويذكر أوسيبيوس [ر] Eusebios كنيسة روسوس في تاريخه الكنسي.

وبعد انتصار المسيحية تتبع روسوس كنسياً ولاية كيليكية الثانية وعاصمتها أنازربه Anazerbe الواقعة في وسط السهل المحيط بخليج  إسكندرون. ومن أساقفتها المعروفين الأسقف رومانوس Romanos في أوائل القرن السادس في عهد بطريرك أنطاكيا سڤيروس Severos وكان من أصحاب الطبيعة الواحدة (المونوفيزيقية).

وقد ورد ذكر مرفأ أرسوز في أخبار الحروب الصليبية حيث عرف باسم مينا بونيل Port Bonnel  (كما يعتقد دوسو في كتابه طبوغرافية سورية القديمة والوسطى).

وأرسوز هي موطن المفكر العربي الكبير زكي الأرسوزي الذي عين في سنة 1924م مديراً لناحيتها، وإليها تنسب أسرته.

تبعد أرسوز نحو 30كم عن مدينة إسكندرون عاصمة اللوا ، وقد أكسبها موقعها الممتاز على خليج الإسكندرون وشواطئها الرملية وطبيعتها الجبلية أهمية سياحية، وهكذا فإنها تشتهر حالياً بكونها من الأماكن السياحية المهمة في لوا إسكندرون.

 

محمد الزين

 

 

مراجع للاستزادة:

- R. DUSSAUD, Topographie historique de la Syrie antique et médiévale  (Paris, 1927).

- Maurice SARTRE, D’Alexandre à Zénobie. Histoire du Levant antique (Fayard - Paris, 2001).

- Inscriptions grecques et latines de la Syrie, III, 1, 718, pp. 395-411.

- P. ROUSSEL, Un Syrien au service de Rome et d’Octave, Syria XV, (1934). (pp. 33-74).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : مواقع وأحياء
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 349
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40609914
اليوم : 139729