logo

logo

logo

logo

logo

بوادبار

بوادبار

A.Poidebard -

بوادبار (أنطوان -)

(1878- 1955م)

 

هو الأب أنطوان بوادبار Antoine Poidebard باحث فرنسي في رصد الآثار من الجو هو مبتكر علم الآثار الجوي. ولد في مدينة ليون Lyon  الفرنسية وتوفي في مدينة بيروت بلبنان. انتسب إلى سلك الرهبان اليسوعيين (S.J) عام 1897، وعمل مبشراً في أرمينية (1911-1914)، وكان له دور (شبه) دبلوماسي في أحداث منطقة القوقاز في أثناء الحرب العالمية الأولى. استقر به المقام في بيروت منذ عام 1924 وبدأ العمل لصالح الجمعية الجغرافية الفرنسية التي كلفته مهمة القيام بعمل صور جوية للطرق والنقاط المحصنة التي كوّنت خطوط الدفاع الرومانية (ما يعرف باسم الليمس Limes) في سورية التي شهدت بذلك ولادة علم مساعد لعلم الآثار عام 1925. ومن المعروف أن التصوير الجوي استخدم أولاً في العمليات العسكرية الاستكشافية والتجسسية قبل أن يتم إدراك أهميته في مجال الكشف عن المعالم الأثرية؛ إذ أدى دخوله إلى ميدان البحث الأثري إلى اكتشاف العديد من الأوابد والمواقع والتلال الأثرية والخطوط الدفاعية والتحصينات القديمة التي لا يمكن رؤيتها أو تحديدها على أرض الواقع. وهكذا أصبح الرصد الجوي من التقانات الحديثة المستخدمة في المسح الأثري قبل الشروع بالتنقيبات، وهو يقوم على مبدأ بسيط يتمثل بأن الآثار غير المرئية على سطح الأرض يمكن أن تظهر معالمها من الجو بوضوح على شكل ظلال طويلة ولا سيما عند الغروب بتأثير إضاءة معينة وفي زوايا محددة. وقد بوشر بتطبيقه مع بدايات الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان من قبل بوادبار بالتعاون مع سلاح الجو من أجل التعرف على حدود الامبراطورية الرومانية الشرقية وخطوطها الدفاعية مع شبكة المواصلات والطرق المنتشرة في البادية السورية، وكان لابد لتنفيذ هذا المشروع من أن يمر بعدة مراحل تضمنت الدراسة النظرية للتاريخ العسكري والمصادر التاريخية التي تتحدث عن الحدود الشرقية للامبراطورية قبل البدء بعملية المسح والتصوير الجوي والتي يعقبها المسح الأثري على صعيد الواقع للتلال والمعالم المصورة ورسم مخططاتها ودراسة بقاياها ومكوناتها المعمارية وأخيراً يأتي نشر نتائج هذه الدراسات موثقة ومرفقة بالصور والخرائط الطوبوغرافية والمخططات التفصيلية. وقد تمكن بوادبار بوساطة الطائرة من مسح مجالات واسعة لبادية الشام، وتسليط الضوء على البقايا الأثرية المختفية وغير المرئية، ونجح في الكشف عن معالم الطريق الصحراوي القديم الذي كان يربط بين تدمر وموقع هيت على نهر الفرات.

واعتقد بوادبار أنه يستطيع عبر مشاهداته من الجو أن يوضح النظام الدفاعي للامبراطورية الرومانية الذي أقيم في الشرق لمواجهة الفرثيين أي الليمس الروماني السوري. والذي وضع له خرائط تفصيلية تظهر التلال الأثرية وتوزعها والمسافات الفاصلة فيما بينها، وقد نشر نتائج أبحاثه عام 1934 في مؤلف ضخم وهو بعنوان: «أثر روما في الصحراء السورية» الخط الدفاعي من ترايان حتى الفتح العربي، وهو باللغة الفرنسية. ولكن الأبحاث التاريخية والأثرية الحديثة أظهرت أن معظم التحصينات الدفاعية الرومانية في البادية تعود بداياتها إلى عهد الأسرة السيفرية أي القرن الثالث الميلادي وليس إلى عهد ترايانوس.

كما تناولت أبحاثه منطقة الجزيرة السورية ووادي الخابور، ورصد وجود عدة معسكرات رومانية على الجبهة البيزنطية –الساسانية، ومنها  معسكر Castellum تل براك الذي بدأ الكشف عنه على أرض الواقع بعد إجراء الأسبار الأولى، وتبين أنه يعود إلى القرن الرابع الميلادي.

كما استخدم بوادبار في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين التصوير الجوي إضافة إلى وسائل أخرى من أجل اكتشاف المرافئ القديمة في صور وصيدا ثم في طرابلس وقرطاجة، وترك أرشيفاً مصوراً كبيراً عن تاريخ تحرياته وهو محفوظ اليوم في الجامعة اليسوعية في بيروت؛ إذ تمكن من العثور على آثار مرفأين على جانبي مدينة صور وكشف عن وجود كاسرات أمواج أمامهما لحمايتهما. كما درس منشآت مرفأي صيدا وبين اختلافهما عن مرفأي صور، وتبين له في دراسته لمنشآت مرفأ اللاذقية أنه كان محمياً بسور خليج مفتوح  ويستفيد من الأرصفة المغطاة بالمرمر.

وقد سارت المديرية العامة للآثار والمتاحف على نهج بوادبار في عمليات البحث عن الآثار بالتصوير الجوي، وتمكنت من الكشف عن معالم جديدة ومهمة في تدمر. كما استعانت بالصور الجوية التي قدمتها مؤسسة سد الفرات في إنقاذ المواقع والأوابد التي غمرتها فيما بعد بحيرة السد. ومما تجدر الإشارة إليه أنه تم في نطاق مشروع أطلس توبنغن التاريخي للشرق الأوسط تكليف بعثة أثرية ألمانية عام 1975 إجراء مسح شامل للمواقع الأثرية على طول وادي الخابور، والتي استخدمت لتوثيق أعمالها طرق تصوير جوية حديثة تتمثل باستعمال مناطيد هوائية فتم التقاط الكثير من الصور الفوتوغرافية بارتفاعات ومقاييس مختلفة. والتي كشفت كذلك عن تقسيمات الأراضي والشبكات الزراعية وتنظيم المناطق السكنية.

مما لاشك فيه أن أعمال بوادبار كانت رائدة وجديدة في زمانها، وتشكل الأبحاث والصور والمخططات التي تركها مصدراً ثميناً للمعلومات بالنسبة إلى علماء الآثار والمؤرخين المهتمين بدراسة البادية السورية وسكانها وتطورها الجيولوجي المناخي. وتتجلى أهميتها الكبرى اليوم في أنها حفظت مسحاً جوياً لسورية قبل التطور المدني والعمراني الكبير الذي شهدته بعد الاستقلال.

وأهم مؤلفاته:

- Antoine Poidebard, La Trace de Rome dans le désert de Syrie: Le Limes de Trajan à la conquête arabe (Paris, Geuthner, 1934).

- A. Poidebard et René Mouterde, le Limes de Chalcis L’Organisation de la steppe en Haute Syrie romaine, documents aériens (Paris, Geuthner, 1943).

- A. Poidebard, Un grand port disparu,Tyr. Recherches aériennes et sous-marines (Paris 1939).

محمد الزين

مراجع للاستزادة:

- M. Sartre, Dalexandre À Zénobie (Paris 2001).

- Levon Nordiguian Et J. Fr. Salles, Aux Origines De L’archéologie Aerienne. A. Poidebard, 1878 -1955 (Beyrouth 2000).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1104
الكل : 40571843
اليوم : 101658