logo

logo

logo

logo

logo

البيعة (تل-)

بيعه (تل)

Al-Bai'a (Tell) - Al-Bai'a (Tell)

البيعة (تل-)

 

يقع تل البيعة   Tell Bai’aعلى نهر الفرات عند مصب البليخ في الفرات. وللتل شكل غير منتظم، وتبلغ أبعاده 750×650م ، ويصل ارتفاعه إلى 12م عن المنطقة المحيطة به، ويحيط به سور من اللبن بسماكة 6.5م.

اقترح بعض الباحثين أن يكون تل البيعة هو موقع المدينة القديمة توتول، وقد ذكرت كثيراً في نصوص ماري وإيمار؛ تارة على أنها تقع على نهر الفرات وتارة أخرى أنها على نهر البليخ. وهذا يتطابق مع كونها واقعة عند نقطة التقاء الفرات مع البليخ.

مشهد جوي لتل البيعة

قامت بعثة ألمانية بإدارة إيفا شترومنغر Eva Strommenger بالتنقيب في الموقع منذ عام 1980م حتى عام  1995م، وقد أسفرت أعمال التحري الأثري على أن تل البيعة يضم طبقتين أثريتين رئيستين. الطبقة الأقدم تعود إلى العصر البرونزي المبكر، في حين تعود الطبقة الثانية إلى العصر البرونزي الوسيط، ويمكن ملاحظة بعض البقايا الأثرية على سطح التل من قبور ووحدات سكنية تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي.

تل البيعة - مشهد عام

تتميز المدينة العائدة إلى الطبقة الأولى من العصر البرونزي المبكر بسور ضخم من اللبن يصل عرضه إلى 6.5م   وفي بعض أجزائه إلى 8.3م ، وتوجد في هذا السور ثلاث بوابات، في الجهات الشمالية، والغربية، والجنوبية. وقد تركزت  الأبنية الرسمية المهمة وسط المدينة تقريباً. وبينت عمليات الكشف والتحري عن بناء مهم، هو القصر B؛ لكنه مخرب في بعض أجزائه بسبب بناء القصر الأحدث فوقه. يضم القصر B ساحة واسعة أبعادها  13×8م، وتوجد في الجهة الغربية منها قاعة كبيرة أبعادها  8×6م، ويرتقى إليها بدرج من الساحة، وتتميز جدران هذه القاعة المشيدة من اللبن بسمكها الذي يصل إلى متر واحد، وتضم منصة في الجانب الشمالي منها، ومن المحتمل أنها كانت قاعة العرش. إن عمارة هذا القصر ومخططه يذكران بمخطط القصر G في إيبلا [ر] المعاصر له، وقد كشف مجموعة من البيوت إلى الغرب من هذا القصر.

كما عثر إلى الجنوب من القصر على مجموعة من الأضرحة؛ على الأقل ستة، ويبدو أنها تعود إلى قصر أقدم من القصر B، يؤرخ على عصر فجر السلالات الباكرة. وتشترك هذه الأضرحة بالمخطط  نفسه تقريباً، وكل ضريح يتألف من ثلاث حجر مشيدة على الأرض، ويكون مدخلها في الغرفة الوسطى، عثر في هذه الأضرحة على بقايا عدة هياكل عظمية ولقى كثيرة مما تبقى بعد نهبها قديماً. لكن ما بقي من هذه اللقى كافٍ ليشير إلى أن هذه الأضرحة الغنية بموجوداتها؛ خاصة بملوك «توتول». حتى إنه يمكن مقارنتها مع أضرحة «المقبرة الملكية» في أور، التي تختلف عنها في كونها فوق سطح الأرض؛ أما بالنسبة إلى القبور العادية؛ فقد عثر على موضعها في خارج المدينة من جهة الشمال.

توسعت المدينة في الطبقة الثانية بشكل كبير، حتى إن قسماً منها أصبح في خارج الأسوار ومن دون حماية؛ ما حدا الملك يخدون ليم Yahdun-Lim إلى بناء سور جديد للمدينة ليضم التوسعات الجديدة.

كشف عن القصر A المشاد فوق بقايا القصر B؛ وقد غطى مساحة أبعادها  60×42م، وحصّن عن طريق سور ضخم مزود بأبراج بارزة إلى الخارج. المدخل الرئيس لهذا القصر يكون في الجهة الشمالية، وعلى جانبيه برجان، وهو يؤدي إلى غرفة تسبق القاعة الرئيسة (Q)، وتبلغ أبعاد هذه القاعة  7×24م، ويرجح كونها قاعة العرش. وقد ألحقت بالقاعة من جهة الجنوب غرفة صغيرة. وتلاحظ أوجه شبه عديدة فيما بين هذا القصر وقصر الملك زيمري-ليم في ماري.

بقايا معمارية في تل البيعة

يمكن ربط أحداث التاريخ القديم بما حصل في «توتول»، فقد لوحظت آثار التدمير والحرق على القصر السالف ذكره، وهو على الأغلب قد حدث نتيجة هجوم من قبل حمورابي على ممالك المنطقة؛ ومن ضمنها توتول وماري.

والجدير ذكره العثور على مجموعة من الرقم الطينية بلغ عددها الإجمالي  204، من بينها خمسون نصاً تتناول عهد شمشيأدد وكذلك أخييايا Ahi-Yaya  وأشور-مَلك Assur-Malik.  وأغلب هذه الرقم ذات موضوع إداري، تتضمن أيضاً ثلاث رسائل ونصاً رياضياً وآخر له علاقة بالسحر.

أضرحة ملوك توتول

كشف في القطاع C القريب من البوابة الغربية للمدينة عن معبد ذي غرفة عبادة واسعة، ومخططه مشابه لمخططات معابد سبق أن اكتشفت في مواقع الجزيرة والفرات الأوسط، مثل ممباقة وخويرة.

ذكرت مدينة توتول في الألف الثالث قبل الميلاد في نصوص سرجون الأكادي، وكذلك في إحدى نصوص حفيده نرامسين. ووصفت في هذه النصوص على أنها مقر للإله دجان، وقد كتب اسمها بالمقاطع تو- تو-لِ tu-tu-li ki، وكتب أيضاً بحرف الدال دو-دو-ول du-du-ul. وبهذه الصيغة أيضاً ورد اسم هذه المدينة في نصوص عصر سلالة أور الثالثة، واستمر ذكر المدينة في نصوص العصر البابلي القديم؛ وكان يكتب بصيغة توتّول Tuttul أو تولتول .Tultul

تبرز أهمية مدينة توتول الاقتصادية من خلال المشاغل الحرفية التي كشف عنها، وقد ذاع صيت توتول في صناعة السفن، ويذكر أحد النصوص المسمارية أن توتول استدعت أحد المهرة في حرفة النجارة من مدينة «شوبات شمش»؛ ليساهم في بناء ستين قارباً، وهذا يدل على استخدام النقل النهري في نشاط تجاري واسع، استفادت فيه توتول من موقعها الجغرافي المهم عند التقاء البليخ مع الفرات.

وتشير بعض اللقى في توتول إلى مزاولة حرفة النسيج وحياكة الحصر وعصر العنب وتخميره، وكذلك صناعة الزيت وصناعة الفخار بوساطة الدولاب؛ فضلاً عن نقش الأختام وصياغة الذهب والفضة.

بدأ نجم توتول بالأفول بعد نهاية العصر البرونزي الوسيط، وكان الاستيطان الواضح من خلال بعض المنازل الفقيرة، وقد عثر في أحد المنازل على رقيم طيني يحمل نصاً يذكر فيه أربعة أشخاص كان أحدهم من مدينة توتول. وهذا يدل على وجود المدينة على الأقل حتى 1300 قبل الميلاد؛ حين أدى الصراع الآشوري- الحثي إلى قطع العلاقات التجارية بين سورية وبلاد الرافدين.

وهُجِر تل البيعة بعد هذا التاريخ، ولم يُسكَن إلا في الفترة الرومانية ولفترة قصيرة ولاحقاً خلال القرن السادس الميلادي حين سكن تل البيعة أحد الرهبان، وأنشأ فيه دير مار-زكى، الذي اشتهر من علمائه أثنوس المترجم الشهير، وبقي الدير حتى القرن العاشر مركزاً دينياً مهماً.

عمار عبد الرحمن

مراجع للاستزادة:

- إيفا شترومنغر، «نتائج التنقيبات الأثرية في قصر تولول في تل البيعة»، في الحوليات الأثرية العربية السورية، مج 40،   المديرية العامة للآثار والمتاحف (1990)،  ص. ص 177-175.

- Eva Strommenger And Kay Kohlmeyer, Tall Bi’a- Tuttul, Die Altorientalischen Bestatungen, (Saarbrücken, 1998).

 

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 40533409
اليوم : 63224