logo

logo

logo

logo

logo

بيت أجوش

بيت اجوش

Bit Agush - Bit Agush

بيت أجوش 

 

بيت أجوش Bet-Agushi مملكة آرامية تأسست بداية القرن التاسع قبل الميلاد في شمالي سورية، ونسبت إلى مؤسسها أجوش/جوش، وهو زعيم قبيلة استقرت في المنطقة منذ القرن العاشر. وكانت أكبر دولة آرامية في الشمال السوري، مرت بعدة تغيرات في حدودها خلال المئة والخمسين سنة من تاريخها، لكن أقصى اتساع حققته كان عندما وصل نفوذها إلى حدود كتك وسمأل (زنجرلي حالياً) وكوموخ وكركميش شمالاً، وإلى حدود مملكة حماة ولُعش جنوباً، ووصل غرباً  لحدود العمق/ باتين، ومملكة بيت عديني في الشرق والشمال الشرقي.

يرد أقدم ذكر لبيت أجوش في نصوص حوليات الملك الآشوري أشور - دان الثاني (934- 912ق.م) التي تروي وقائع حملته الثالثة عندما هاجم أرض «ياخان» (إيا خانو Ia- ha- a- nu) المسكونة من قبل الآراميين. كما يرد ذكر الإقليم نفسه في حوليات آشور- ناصر بال الثاني (نحو 870ق.م)، الذي تلقى جزية وغنائم من أجوش ملك ياخان عندما كان في كونولوا Kunulua عاصمة مملكة عمق Umq، وقد تسلم هناك العديد من المواد من بينها الذهب والفضة والملابس والأثاث والمواشي.

استطاع أجوش- الذي حكم تقريباً بين 890-  870ق.م- المحافظة على سيادة مملكته حتى هذا التاريخ، لكن وريثه حادرام/أدرامو Hadram/Adramu- الذي  حكم  بين 860- 834ق.م- لم يستطع المحافظة على هذا الإرث، كما يستدل على ذلك من نص لشلمانصر الثالث (858ق.م) يتحدث فيه عن وقائع حملته الأولى للمنطقة، فيرد ذكر ياخان وبيت أجوش على أنهما اقليمان منفصلان يحكم الأول أدان Adan المتحالف مع الآشوريين، والثاني يحكمه حادرام من عاصمته أرني Arne. وقد دفع حادرام الجزية للآشوريين، ثم تمنع عنها بعد الضعف المؤقت الذي انتاب المملكة الآشورية عقب معركة قرقر عام 853ق.م (تل قرقور في سهل الغاب)، التي واجه فيها الملك الآشوري شلمانصر الثالث التحالف السوري. لكن لم يعرف عن حادرام أنه كان من ضمن المتحالفين ضد الآشوريين في المعركة، إذ اقتصر الحلف على ممالك بلاد الشام الجنوبية والوسطى دون الشمالية. ولم يمنع هذا من مشاركته بحلف آخر شكله ملك بيت عديني، الأمر الذي دفع شلمانصر الثالث إلى معاودة حملاته من جديد في 849 - 848ق.م واحتل العاصمة أرني ومدناً أخرى منها أبارسو Apparasu، وأجادا Agda، وأحرق مئات القرى والمدن في محيط العاصمة، وهذا ما دفع حادرام إلى نقل عاصمته إلى أرفاد(ربما تل رفعت) ليعيد تعزيز قواته وليوجه اهتمامه إلى الجزء الشمالي من المملكة. نجح عتر سومكي/عتر سمك الأول Attar sumki I- الذي خلف أباه حادرام على العرش، وحكم بين 830- 805ق.م- في إبقاء دولته المفتاح الأهم في سورية الشمالية، فانضم إلى حلف لمقاومة الأشوريين، الأمر الذي دفع الملك الآشوري أدد نراري الثالث (810 - 783ق.م) إلى غزو العاصمة أرفاد Arpad، وكان ذلك أول ذكر لها في النصوص الآشورية.

مخطط معبد عين دارة 

 وإلى هذه الفترة تعود معاهدة وجدت على نقش مسماري جاء من منطقة أنطاكية، وعقدت بين عتر سومكي وزكير ملك حماة ولُعش، موضوعها تحديد الحدود بين مملكتيهما وتقسيم الانتفاع بمياه العاصي، وكانت برعاية أدد نراري الثالث. ويبدو أنها جاءت بعد أن وقفت بيت أجوش مع الحلف الآرامي بقيادة برهدد بن حزائيل ملك دمشق - وضم ستة عشر ملكاً- ضد زكير بعد أن قام بضم لُعش لمملكته.

معبد عين دارة 

حكم أرفاد بعد ذلك بر حدد ما بين 800-  796ق.م، ثم عتر سومكي الثاني بين780- 760ق.م، ولا توجد معلومات واضحة عن بيت أجوش خلال فترة حكمهما. ثم جاء متع إيلMati’ Il  آخر حكام المملكة المعروفين- الذي حكم ما بين 754- 740ق.م وأدّى يمين الولاء والخضوع للآشوريين، وتقديم العون إذا ما احتاجوا إليه، لكنه سرعان ما تراجع عن تعهده وشارك مملكة أورارتو (وكان يحكمها ساردوري الثاني 765- 733ق.م) حركة العصيان ضد الهيمنة الآشورية عام 743ق.م، وهذا ما يتبين من نقش آرامي وجد على حجر بازلتي(جاء من السفيرة 25كم شرقي حلب، وهو محفوظ في متحف دمشق الوطني)، وموضوعه معاهدة رسمية أقامها شخص يدعى برجاية؛ ملك كتك مع متع إيل ملك أرفاد. هاجم تيجلات بلاصر الثالث أورارتو، وبعدها اتجه إلى أرفاد فحاصرها مدة ثلاث سنوات قبل أن يحتلها عام 740ق.م ويحولها إلى مقاطعة آشورية، وبسقوطها تحول الشمال السوري كله إلى منطقة تابعة لآشور.

واجهة معبد عين دارة 

من المدن التي ذكرتها النصوص وكانت تتبع لبيت أجوش: خزازو/عزازو Ha-za-zu (ربما إعزاز الحالية)، ومدينة دم ‘Dm (ربما دام الحالية)، ونيربو Nirbu (ربما النيرب)، وتوكو Tuku، وسرونا Sarona، ودنيانو Danianu، إضافة إلى حلب التي كانت مركزاً دينياً معروفاً لعبادة إله الطقس الحلبي منذ الألف الثالث قبل الميلاد.

أسد عين دارة 

أجريت تنقيبات أثرية في عدد من المواقع التي كانت تتبع لهذه المملكة منها تل رفعت (40كم شمالي غرب حلب)، ونقبت به بعثة بريطانية بين الأعوام 1956- 1964م حيث عثرت على عدة سويات أثرية تمتد من الألف الخامس حتى العصر الروماني، ومنها سويات تعود إلى العصر الآرامي الآشوري الحديث. ورغم العثور على الكثير من المنشآت والتحصينات واللقى العائدة إلى هذه المرحلة  ليس هناك دليل قاطع يؤكد أن تل رفعت هو ذاته موقع العاصمة أرفاد، كما كان يعتقد معظم الباحثين، وهناك ميل إلى اعتبار تل عين دارة (7كم جنوب عفرين) هو موقع أرفاد المحتمل؛ لكون الصروح العمرانية التي تزدان بالمنحوتات الفارهة- والتي طالما ميزت العواصم الآرامية والحثية/اللوفية- تلاحظ في عين دارة وليس في تل رفعت. وقد كشفت عن هذا المعبد- وهو أهم معبد آرامي- بعثة أثرية سورية برئاسة علي أبو عساف بين 1980- 1986م. وجرت تنقيبات في قلعة حلب ما تزال مستمرة من قبل بعثة ألمانية برئاسة كاي كوهلمايرKay Kohlmeyer التي بدأت عملها منتصف التسعينيات، وعثرت على معبد إله الطقس الحلبي الشهير هدد.

تثبت الآثار المكتشفة في المنطقة أن بيت أجوش، وبقية ممالك الشمال السوري خلال تلك الفترة كانت مملكة هجينة الثقافة تتكون على نحو أساسي من عناصر آرامية وحثية/ لوفية، وتتجلى مظاهرها في مختلف أشكال الفنون، والمنشآت المعمارية، والممارسات الشعائرية، والنقوش الكتابية، والأسماء الشخصية، ومفردات اللغة التي تكتشف في جميع المواقع بدءاً من مملكة حماة جنوباً حتى كركميش وسمأل شمالاً، مروراً بعين دارة، وتل طعينات، وتل رفعت، وقلعة حلب وبقية المواقع.

محمود حمود 

مراجع للاستزادة:

- Edward  LIPINSKI, The Aramaeans their Ancient History, Culture, Religion, Louvain (Belgium, 2000).

- Hélène SADER, Les États arameens  de Syrie, (Orient Institut, Beirut, 1987).

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1098
الكل : 40610305
اليوم : 140120