logo

logo

logo

logo

logo

بومبيوس

بومبيوس

Pompeius - Pompée

بومبيوس

(106-48ق.م)

 

هو غنايوس بومبيوس ماغنوس Gnaeus Pompeius Magnus  (يعرف بالإنكليزية باسم بومبي Pompey  وبالفرنسية Pompée) أحد أشهر القادة العسكريين ورجال الدولة الرومان في أواخر العصر الجمهوري الحافل بالأحداث والصراعات السياسية والحربية.

ولد لأسرة نبيلة ثرية حديثة عهد بالسياسة، وصل والده إلى منصب القنصلية عام 89ق.م، وشارك في الحرب الاجتماعية ضد الحلفاء الإيطاليين . تلقى تربية ممتازة كبقية أبناء النبلاء، وتمرس منذ صغره بفنون القتال؛ إذ بدأ حياته العسكرية تحت إمرة والده (بومبيوس سترابو)، وسرعان ما برزت مواهبه القيادية حين شارك في الحرب الأهلية (83-81ق.م) إلى جانب أنصار الحكم الأرستقراطي بقيادة سولا Sulla ضد أنصار الحزب الشعبي بقيادة ماريوس Marius على رأس ثلاث فرق عسكرية كونها لحسابه الخاص من مواليه وجنود والده القدامى، وأحرز من الانتصارات مع صغر سنه ما جعل جنوده وزعيمه سولا يلقبونه بلقب الكبير Magnus تشبيهاً له بالإسكندر الكبير المقدوني؛ وهو اللقب الذي اشتهر به طوال حياته.

اعتمد عليه مجلس الشيوخ الروماني في قمع أعدائه الشعبيين في إيطاليا وإسبانيا، وشارك مع القائد الروماني كراسوس Crassus في القضاء على كبرى ثورات العبيد (73-71ق.م) بقيادة سبارتاكوس Spartacus، وعاد ليحتفل بانتصاراته ويتوجها بتقلده مع كراسوس منصب القنصلية عام 70ق.م.

ولما استشرى خطر القراصنة في البحر المتوسط منحته الجمعيات الشعبية الرومانية عام 67ق.م سلطات استثنائية مطلقة من أجل القضاء عليهم، فتم له ذلك في بحر ثلاثة أشهر فقط. وهذا ما دعا إلى تكليفه قيادة الحرب في الشرق على ملك بونتوس ميثريداتس السادس Mithridates VI (120-63ق.م)، فانتصر عليه، وضم مملكته، ثم أخضع صهره وحليفه تيغرانس Tigranes ملك أرمينيا، وجعل منه تابعاً لروما.

وفي صيف عام 64ق.م زحف بجيشه نحو أنطاكية، وأزاح الملك أنطيوخوس الثالث عشر Antiochos XIII عن العرش معلناً نهاية المملكة السلوقية وبداية عصر جديد في تاريخ سورية التي ضمت إلى الامبراطورية الرومانية باسم ولاية سورية Provincia Syria ، وكان قد أرسل بعض قادته لتحرير المناطق الجبلية والساحلية من القراصنة الذين تحصنوا فيها. ثم انطلق في مطلع عام 63ق.م متوجهاً إلى دمشق، وفي طريقه إليها قام بإخضاع بطلميوس أمير خلقيس الايتوري (تل عنجر في البقاع)، وفرض عليه دفع جزية مقدارها ألف تالنته، وثبت الأمير سمسيجراموس في عاصمته أريتوسا Arethusa (الرستن). وكان الملك أبجر الثاني حاكم إديسا (الرها ) قد قدم له فروض الخضوع؛ مثلما فعل ملك كوماجينه أنطيوخوس الأول في كيليكيا. وعندما وصل دمشق - التي سبقه إليها قائده سكاوروس Aemilius Scauras  - وجد في انتظاره وفود المتصارعين على العرش الحشموني في فلسطين، فأعلن أنه يريد أولاً القيام بحملة ضد ملك الأنباط؛ ولكن حيال احتدام الصراع بين الأخوين أرسطبول Aristobulus  وهركانوس Hyrkanus  الحشمونيين قرر الزحف على القدس (أورشليم) التي حاصرها، واحتلها، وحاصر الهيكل الذي اعتصم فيه المتمردون، ثم اقتحمه، ودخل قدس الأقداس، واقتاد أرسطبول وأنصاره؛ ليسيروا في موكب نصره، وثبت أخاه بوصفه رئيس الكهنة بعد أن سحب منه لقبه الملكي، وتم تقليص المملكة الحشمونية، ونزع عنها أهم المدن التي احتلتها (وهي هيبوس وجدارا وبيلا وجرش وبيسان وسماريا ودورا وغزة ويافا)، وألحقها بولاية سورية، وقد شكلت معظم المدن الواقعة في جنوبيّ سورية اتحاد المدن العشر ديكابوليس ]ر] Dekapolis، وبما أنها نالت حريتها على يد بومبيوس فقد اتخذت ذلك التاريخ بداية تقويم حريتها والذي عرف بالتقويم البومبياني.

ثم غادر سورية بعد أن عهد بولايتها إلى قائده سكاوروس متوجهاً إلى روما؛ ليحتفل بانتصاراته الباهرة ولكن مجلس الشيوخ رفض المصادقة على إجراءاته في الشرق ومكافأة جنوده المسرحين؛ مما دفعه إلى التحالف مع الزعيم الشعبي يوليوس قيصر ]ر[ Iulius Caesar وكراسوس اللذين عقد معهما اتفاق الحكم الثلاثي (Triumviratus) عام 60ق.م لمدة خمس سنوات بهدف الدفاع عن مصالحهم المشتركة، وجاء زواجه بيوليا Iulia ابنة قيصر ليرسخ ذلك التحالف الذي جدد عام 55ق.م، وتكلل بانتخاب بومبيوس وكراسوس لقنصلية ذلك العام وحصولهما بعد انتهائها على ولاية إسبانيا وسورية لمدة خمس سنوات . ولكن بومبيوس بقي في روما بسبب توتر الأوضاع للإشراف على تموينها بالحبوب، وأرسل مندوبين عنه لإدارة إسبانيا.

وتسارعت الأحداث؛ إذ أدى موت زوجته يوليا عام 54ق.م ومقتل كراسوس في معركة حران شمالي سورية عام 53ق.م إلى تفكك عرى التحالف الثلاثي وتحوله إلى تنافس ثنائي. وقد أدى صعود نجم قيصر بعد إخضاعه بلاد الغال إلى التقارب مجدداً بين بومبيوس ومجلس الشيوخ الذي نادى به قنصلاً وحيداً عام 52ق.م من أجل التصدي للاضطرابات التي نشبت بين الفئات السياسية المتصارعة. وبدأ بومبيوس يتخذ مواقف معادية لحليفه القديم قيصر انتهت بإعلان حالة الطوارئ وتكليفه التصدي له حماية للنظام الجمهوري الروماني. فما كان من قيصر إلا أن بادر بالزحف بجيشه على إيطاليا، وهكذا اندلعت الحرب الأهلية عام 49ق.م، واضطر بومبيوس إلى مغادرة روما مع أنصاره وعدد كبير من الأشراف والتوجه إلى الشرق لتعبئة قواته المرابطة هناك. وجرت المعركة الحاسمة في شماليّ بلاد اليونان؛ وهي معركة فرسالوس Pharsalos في صيف عام 48ق.م التي انتهت بانتصار قيصر وفرار بومبيوس الذي أبحر باتجاه الإسكندرية؛ ولكن ما كادت أقدامه تطأ أرض مصر حتى تلقته طعنة غادرة بأمر من الوزير البطلمي الذي وصلته أنباء الهزيمة، فأراد أن ينال الحظوة لدى المنتصر الذي جاء مسرعاً إلى الإسكندرية. ويروى أن قيصر بكى من فرط تأثره على صديقه القديم بومبيوس حين قدم له رأسه، وأمر بإعدام قاتله كما أمر فيما بعد بإقامة تمثال له في قاعة مجلس الشيوخ الروماني، وتشاء الأقدار أن يسقط قيصر صريعاً عند قدمي تمثال بومبيوس بعد أن تلقى الطعنة القاتلة من أقرب الناس إليه؛ وهو بروتوس زعيم الحزب الجمهوري.

كان بومبيوس من أشهر الزعماء الرومان في عصر حافل بالشخصيات العظيمة، وقد برزت عبقريته العسكرية والتنظيمية في عدد كبير من الحروب والمعارك التي خاضها في الغرب والشرق براً وبحراً، كما أنه أظهر احترامه لعلماء عصره. وتذكر الروايات التاريخية زيارته الشهيرة للفيلسوف الرواقي الكبير بوسيدونيوس]ر[ الأفامي Poseidonios المقيم آنذاك في جزيرة رودوس بعد حرب القراصنة وكذلك في طريق عودته من سورية وكيف أنه ترك حرسه خارجاً، ودخل مطأطئ الرأس رهبة وإجلالاً لذلك العالم الجليل، وطلب إليه أن يكتب تاريخ حروبه.

تقلد بومبيوس أرفع المناصب، وكلف أصعب المهام، وأفاد من التحالفات والمناورات السياسية؛ ولكنه كان متقلباً في توجهاته وتحالفاته ومتردداً في قراراته، ولعل ذلك من أسباب إخفاقه في نهاية المطاف. رأى فيه الخطيب الكبير شيشرون تجسيداً للقائد ورجل الدولة المثالي، وأصبح اسمه رمزاً للجمهورية الرومانية في ملحمة فرساليا Pharsalia للشاعر لوكان Lucanus، وأفرد له المؤرخ بلوتارخوس]ر[ مكانة لائقة بين عظماء الإغريق والرومان.

محمد الزين

مراجع للاستزادة :

  - ول ديورانت، قصة الحضارة، الجزء 9،  ترجمة محمد بدران (القاهرة 1972).

- M. Gelzer ,Pompeius 2. Auflage (Munchen 1959).

- G. Downey, A History of Antiochi in Syria (Princeton Univ. Press 1961).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1070
الكل : 40581885
اليوم : 111700