logo

logo

logo

logo

logo

آرام

ارام

Arâm - Arâm



آرام

 

آرام معكة آرام النهرين  "آرام - نهرايم
آرام بيت رحوب آرام فدان
آرام دمشق آرام صوبا
 

ما يزال المعنى الذي اشتق منه اسم الآراميين غير محدد حتى الآن، رغم ظهور أكثر من شكل لهذه الكلمة منذ الألف الثالث قبل الميلاد حتى ظهور الآراميين مجموعات متنقلة قبل أن تستقر وتؤسس ممالكها في أنحا مختلفة من بلاد الشام والرافدين. وإذا كان من العسير إرجاع التسمية إلى كلمة بعينها مثل "أراموا" أو "أرامي" وغيرها فإن التفسير اللغوي الشائع للكلمة هو أنها تعني الأرض العالية أو الوعرة. والرمة منطقة عظيمة بنجد تصب فيها أودية، والرم التراب والما ، والرام شجر، وأريم تعني السد والأرض المروية والحقول المحاطة بسلسلة من التلال التي كانت تجمع الما بغرض السقاية، وهي مشتقة من الجذر رم. وبعضهم ينسب الآراميين إلى آرام وهو الابن الخامس لسام. وقد يكون لجميع هذه المعاني علاقة بالاسم الذي كان سبباً في تسمية الآراميين.

ويمكن القول إن آرام مفهوم يدل على مجموعات بشرية سكنت حيزاً جغرافياً يدل على مناطق واسعة من بلاد الشام وجز اً من بلاد الرافدين، قامت عليها ممالك آرامية وحثية صغيرة. ويرى بعضهم أن عبارة "آرام العليا والسفلى" التي وردت في نص المعاهدة الآرامية الوحيدة المعروفة حتى الآن بين متع إيل (ملك أرفاد) وبرجاية (ملك كتك) تدل على سورية بمناطقها الشمالية والجنوبية وعلى بلاد ما بين النهرين. ويذهب آخرون إلى أنها تدل على المنطقة الساحلية والداخلية، فيما يظن آخرون أن هذين التعبيرين يدلان على الشمال والجنوب السوري بسبب أنه كان هناك تحالف آرامي حثي في الشمال، وآرامي فلسطيني فينيقي في الجنوب.

وقد وردت كلمة آرام في الوثائق المسمارية مسبوقة بكلمة "مات" الأكادية التي تعني "بلاد". كما أضيفت هذه الكلمة إلى عدد من أسما الأماكن التي وردت في التوراة مثل "آرام صوبا" و"آرام جشور" و"آرام معكة" و"آرام دمشق" و"آرام فدان"و"آرام النهرين" و"حماة". لكن اسم آرام والآراميين لم يوثق بكثافة إلا في النصوص الآشورية.

حزائيل ملك دمشق (نحو 842 - 800 ق . م) (متحف اللوفر، باريس)

أولاً- آرام النهرين "آرام- نهرايم": من أقدم الدويلات التي أقامها الآراميون والمقصود بالنهرين هما الفرات والخابور. وقد ذكرت مراراً في المصادر المسمارية باسم نهارين أواخر القرن الثالث عشر ق.م. وأغلب المعلومات المتعلقة بها جا ت من العهد القديم. ويظهر أنها اختفت من الوجود نحو القرن التاسع ق.م حينما أخضع الآشوريون جميع الآراميين في هذا الإقليم لسيادتهم.

ثانياً- آرام فدان: وهي دويلة شهيرة لم تكن بسعة آرام النهرين، وكان مركزها في مدينة حران، بحيث إن الكلمتين وردتا مترادفتين في العهد القديم. وحران (ومعنى اسمها الطريق) ذات موقع مهم حيث كان يمر فيها طريق تجاري مهم وازدهرت فيها الثقافة الآرامية ازدهاراً كبيراً. وتقول المآثر العبرانية إن الآبا اليهود الأول جاؤوا من هذه الناحية قبل استيطانهم في فلسطين حيث تزوج إسحق بن إبراهيم امرأة حرانية (وهي رفقة)، كما أن إسحق أرسل ابنه يعقوب إلى حران حيث تزوج أيضاً (ليئه). ويظن أن أجداد العبرانيين كانوا يتكلمون الآرامية قبل استيطانهم في فلسطين واتخاذهم اللهجة الكنعانية المحلية.

ثالثاً- آرام صوبا: مملكة آرامية قديمة، يرجح أن اسمها مشتق من صيهوبا التي تعني نحاس واللون الأحمر، ويحتمل أن معنى صوبا هو "المحلة"، ويظن أن هذا الموضع هو الذي عرف في المصادر الكلاسيكية باسم "كلسيس" أو "خلسيس" (وهي الكلمة اليونانية للنحاس) التي ربما كان مركزها هو عنجر الحديثة جنوب زحلة في البقاع اللبناني. وقد تبعت لها الكثير من المناطق وربما كانت دمشق جز اً منها. ووفق ما ورد في الكتاب المقدس (سفر صموئيل الأول) فإن ملوك صوبا، ومعهم ملوك مؤاب وعمون وأدوم وأمرا بعض المناطق الآرامية (رحوب وطوت ومعكة…) اصطدموا مع القبائل العبرية الساكنة في فلسطين (بزعامة شاؤول ثم داود) نحو منتصف القرن الحادي عشر ق.م ونهايته. وأول ملك ذكر لصوبا هو هدد عزر بن رحوب ثم ابنه هدد عزر الأول قبل أن ينتقل الحكم لسلالة رزون بن أليدع الذي جعل من دمشق عاصمة لملكه.

رابعاً- آرام معكة: من الإمارات الآرامية التي ربما كانت تتبع لمملكة دمشق، وكانت تشغل مقاطعة دان (تل القاضي [ر]) في سهل الحولة بمنطقة الجولان قرب منابع نهر الأردن. وتجري في هذا التل العديد من التنقيبات غير الشرعية عثر خلالها على نقش آرامي مهم.

خامساً- آرام بيت رحوب: من الممالك الآرامية التي يعتقد أنها كانت تقوم جنوب مملكة صوبا عند منعطف نهر الليطاني أو بين اليرموك والزرقا.

منحوتات عاجية لأشكال مجنحة كشفت في أرسلان طاش في سورية
. يعتقد الباحثون أنها أرسلت من قصر حزائيل في دمشق إلى أرسلان طاش بوصفها جزية  (متحف اللوفر، باريس)

سادساً- آرام دمشق: مملكة آرامية، اشتهرت بأهميتها وسعة سلطانها. تأسست أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وقد نمت وتطورت لتصبح دولة كبيرة فاقت أهميتها جميع دول بلاد الشام فامتدت حدودها إلى الفرات شمالاً ووادي اليرموك جنوباً ومنابع العاصي غرباً والبادية شرقاً. وتبعت لها جميع مناطق سورية الداخلية وشمال سورية وحوران. كانت جز اً من آرام صوبا بعهد ملكها هدد عزر الذي تصادم مع العبرانيين قبل أن يستأنف النزاع معهم ملك دمشق رزون الذي انتقلت معه أهمية المملكة الآرامية من صوبا إلى دمشق وتمكن من بسط سلطانه عليهم.

المصادر الوحيدة المتوفرة عن تاريخ هذه المملكة عند بداياتها تقتصر على ما يورده العهد القديم من قصص وروايات كتبت بعد عدة قرون. أما التاريخ الموثق فهو شي قليل من الأخبار التي سطرها الملوك الآشوريون في حولياتهم وتحدثوا فيها عن رحلاتهم الحربية إلى هذه المناطق.

وقد وقفت مملكة دمشق بصلابة ضد الحملات الأشورية على بلاد الشام، ففي عهد حاكمها هدد أدري (هدد عزر) قادت مع حماة (بعهد ملكها أرخوليني) جيش التحالف السوري الشهير والكبير ضد الملك الآشوري شلمنصر [ر] الثالث عام  853 ق.م في معركة قرقر (تل قرقور في سهل الغاب)، مما اضطره إلى الانسحاب من دون أن يحقق هدفه سوى تدمير بعض القرى والمدن الحصينة. كما أعد هذا الملك نفسه ليشن هجوماً جديداً عام 849 ق.م، أعقبه هجوم ثالث عام 841 ق.م في أثنا حكم ملك دمشق حزائيل (الذي اتُّهم باغتصاب العرش)، والذي تحصن بجبل سنيرو (ربما قاسيون أو جبال القلمون)، فتجنب شلمنصر الحرب الجبلية وهاجم المدن والقرى في الغوطة وحوران؛ إذ يذكر في حولياته: "في سنة حكمي الثامنة عشرة من اعتلائي العرش عبرت الفرات للمرة السادسة عشرة، وثق حزائيل ملك دمشق بقوة جيشه، وحشد الكثير من القوات، وتحصن في قمة جبل سنيرو الذي قبل جبال لبنان، قاتلته وهزمته، قتلت ستة عشر ألفاً من رجاله المقاتلين، وأخذت منه 1121 عربة و470 من خيول فرسانه واستوليت على معسكره، وليحفظ حياته فرَّ هارباً، ولكني طاردته وحاصرته في دمشق مدينته الملكية، وقطعت بساتينه وسرت إلى جبل حورانو ودمرت وأحرقت الكثير من المدن وحملت الكثير من الجزية…". ولكن شلمنصر عاود مهاجمة الدويلات السورية ومنها دمشق، وكانت أخطر هجماته في تلك المرحلة تلك التي جرت في العام 831 ق. م. والتي حاصر خلالها دمشق، ولما لم يستطع النيل منها خرب غوطتها ودمر المدن التي كانت تتبع لها. اعتلى عرش دمشق بعد حزائيل من تسميه الوثائق الآشورية "مرئي دمشق" (وربما كان سيد دمشق وليس اسماً شخصياً)، الذي دفع الجزية للملك الأشوري أدد- نِراري [ر] الثالث (810- 783 ق.م) في أثنا حملة الأخير على دمشق وفشله باحتلالها. ويعتقد البعض أن مرئي هو نفسه بر هدد الثالث الذي وصف نفسه في نقش حجري عثر عليه في البريج بأنه ملك آرام: "النصب الذي أقامه برهدد ملك آرام لسيده، لملقرت، الذي نذر له وسمع لقوله"، وهو الملك الذي قاد التحالف الآرامي ضد زاكير ملك حماة عندما ضم لممتلكاته مقاطعة لعش والمناطق التابعة لها. وأخبر زاكير ملك حماة ولعش في نقش عُثِر عليه سنة 1904م - ويعود تاريخه لأواخر القرن التاسع ق.م - عن تحالف كبير قام ضده بزعامة ملك آرام دمشق بر هدد بن حزائيل وعدَّد معه ستة عشر ملكاً ضمهم التحالف من ملوك دويلات شمال بلاد الشام والمدن الكنعانية. وذكر أن قوات المتحالفين هاجمته وحاصرته في حصنه (حزرك)، وأن كبير آلهته بعل شمين سيد السموات ساعده على النجاة منهم.

مسلة زاكير كشفت في تل آفس جنوب شرق حلب عام 1904 في منطقة مملكة حماة القديمة. يقرأ في جز من نقشها «أنا زاكير، ملك حماة ولعش...برهدد بن حزائيل ملك آرام، اتحد ضدي 17 ملكاً...كلهم حاصرو حزرك...قال لي الإله بعل شمين: لاتخف...سوف أنقذك من كل هولا الملوك الذين حاصروك»

من الملوك الذين حكموا بعد ذلك دمشق "خديانو"، وكان معاصراً للملك الآشوري تجلات- بلاصر [ر] الثالث (745 - 727 ق.م). وقد ورد ذكره في نقش مسماري دُوِّن على مسلَّة عثر عليها في تركيا (بازارجيك). وأعقبه في الحكم آخر ملوك دمشق "ردين" (رصين في العهد القديم) الذي دفع الجزية لهذا الملك الآشوري. وقد أقام تحالفاً ضد الأشوريين ضم عدداً من الممالك، الأمر الذي دفع الملك الآشوري لتوجيه حملة مباشرة إلى دمشق وقام بتخريب معظم بلاد المملكة فقطع أشجار الغوطة الغنَّا ، وخرب بساتينها، كما احتل "خضرا" أو "جدرا" (ربما عدرا) التي كانت إحدى منتجعات الملك "ردين". ودمر عدداً كبيراً من المناطق التابعة لدمشق وكل شي كان يصادفه، الأبنية والبساتين وغيرها، وحاصر المدينة عام 733 ق.م، ثم سقطت بيده عام 732 ق.م فأعدم ملكها ودمرها، وهجر ونفى سكانها، وقام بتحويلها إلى مقاطعة آشورية يحكمها والٍ آشوري، وقسمها إلى ست عشرة ولاية يعرف منها: صوبيتي (صوبا) في سلسلة لبنان الشرقية، ومنصوثا وشملت أراضيها البقاع بأكمله، وقرنيم (ربما هي قرية الشيخ سعد جنوب نوى)، وحوران وتضم أراضي محافظتي السويدا وحوران، (إذ ذكرت فيها المتونة على طرف اللجاة الشرقي شمالي شهبا، وكذلك البثنية إلى الشرق من المتونة)، والجولان. وربما كانت الإمارات الآرامية الصغيرة التي أقامتها قبائل في غربي دمشق وجنوبها تابعة لمملكة آرام دمشق.

لم يعثر إلا على القليل من الآثار المادية المتعلقة بدمشق والعائدة إلى هذه المرحلة التاريخية من أهمها: لوح حجري وجد في أحد جدران الجامع الأموي وعليه رسم يمثل أبا الهول (الكائن المركب الأسطوري)، من المعتقد أنه كان موجوداً في معبد الإله الآرامي هدد الذي أقيم على أنقاضه معبد جوبتر الروماني ثم الكنيسة فالجامع.

وهناك نقشان عاجيان وجد الأول في موقع أرسلان طاش [ر] في شمالي سورية (خداتو القديمة)، والثاني في كَلخ (العاصمة الآشورية) يعودان إلى القرن التاسع، وقد نسبا إلى ملك دمشق حزائيل. كما عثر في تل القاضي (دان القديمة) على مسلة تحمل نقشاً آرامياً (ما زال يثير الكثير من النقاش والجدل) يعتقد أنه يصف نصراً حققه ملك دمشق برهدد الأول في تلك المناطق، وأقيمت المسلة تخليداً لهذا الانتصار. وهناك نقش مدون على قطعة برونزية (لجام فرس)، عثر عليها في جزيرة ساموس اليونانية، نقلت في زمن لاحق،  يؤرخ النص لأواخر القرن التاسع قبل الميلاد، ويشير إلى حزائيل ملك دمشق وإلى حملاته على شمالي سورية ومنها منطقة سهل العمق [ر]، أو إلى مناطق سهل البقاع التي كانت تسمى عمق.

وعثر في معبد للرب أبولون بجزيرة أيبو اليونانية على قطعتين برونزيتين تركبان عادة على لجام الفرس، جانب العينين، وقد نقش عليهما نص مشابه لنص لجام الفرس في جزيرة ساموس. وهذه القطع على ما يعتقد هي من لجام واحد لحصان تعود ملكيته إلى حزائيل، وقد وجدتا في مكانين متباعدين، وهذا أمر لافت للنظر. على الرغم من أنه لا توجد وسيلة لإثبات أن حزائيل ملك دمشق هو وحده المقصود في الكتابة على القطع البرونزية.

 

محمود حمود

 

 

مراجع للاستزادة:

 -  طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين، ج1 (بغداد 1973).

 -  علي أبو عساف، الآراميون تاريخاً ولغة وفناً (طرطوس 1988).

 -  سومر دوبون، الآراميون، تعريب ناظم الجندي (طرطوس 1988).

- Edward LIPINSKI, The Aramaeans: Their Ancient History, Culture, Religion, (Louvain, 2000).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : بلدان وممالك
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 315
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 511
الكل : 31747048
اليوم : 22509