logo

logo

logo

logo

logo

بوركهارت

بوركهارت

L.Borchardt -

بوركهارت (يوهان لودفيغ -)

(1784-1817م)

 

يوهان لودفيغ بوركهارتJohann Ludwig Burckhardt  مستشرق ورحالة سويسري الجنسية ألماني الأصل عمل في خدمة بريطانيا من أجل اكتشاف منابع نهر النيجر في غربي إفريقيا التي كانت مجهولة للأوربيين في بداية القرن التاسع عشر الميلادي. ولد في لوزان Lausanne بسويسرا. وبعد دراسة الفلك والطب والفيزياء والقانون في جامعتي لايبزيغ وغوتنغن بألمانيا انتقل في صيف عام 1806م إلى لندن حاملاً رسالة توصية من الأنثروبولوجي الألماني يوهان فريدريش بلومينباخ J. F. Blumenbach إلى السير جوزيف بانكس Sir J. Banks رئيس الجمعية الملكية البريطانية ومؤسس «الرابطة الإفريقية» African Association (تأسست في عام 1788م في لندن) التي كان الهدف من تأسيسها إرسال المغامرين والرحالة والمستكشفين إلى إفريقيا تمهيداً للسيطرة عليها. وقد عرض عليه القيام برحلة لاكتشاف منابع نهر النيجر عن طريق مصر على حساب الرابطة الإفريقية، فوافق بوركهارت على ذلك نتيجة ظروفه المعيشية السيئة آنذاك.

وللتحضير لذلك أمَّن له السير بانكس منحة لدراسة الفلسفة والكيمياء والفلك والتاريخ ومبادئ اللغة العربية والدين الإسلامي في جامعة كمبردج، وذلك بهدف تهيئته لرحلة الشرق المقررة ليزود «الرابطة الإفريقية» بالمعلومات التي تخدم مصالح الامبراطورية البريطانية.

وأخذ بوركهارت بالتدرب على المشي من دون قبعة في الريف الانكليزي أوقات الحر، وتناول الطعام النباتي، والنوم على الأرض، ليكون قادراً على تحمل ظروف الحياة القاسية في الشرق.

غادر بوركهارت لندن في آذار 1809 قاصداً مالطا، منتحلاً شخصية طبيب هندي ومزوداً بتوصية من شركة الهند الشرقية لتسهيل سفره، ووصل في خريف ذلك العام عن طريق أنطاكية إلى حلب التي أقام فيها ثلاث سنوات قضاها في استكمال تعلم اللغة العربية، والاطلاع على القرآن الكريم، والتعرف على الشريعة الإسلامية وعادات السكان، كي يلقى قبولاً ومساعدة من المسلمين. ولاستكمال استعداده لرحلاته أعلن اعتناقه الدين الإسلامي، وسمَّى نفسه الشيخ إبراهيم بن عبد الله وارتدى الملابس الشرقية وأطلق لحيته. وهناك بعض الإشارات التي تدل على أن اعتناقه الإسلام كان عن قناعة، لكن عائلته تنكر ذلك. وقام بترجمة قصة روبنسون كروزو إلى العربية.

بعد حلب قام بوركهارت بزيارة تدمر وبعلبك ودمشق والجولان، وتجول بين مضارب القبائل البدوية وكتب عنها، ولاسيَّما قبيلة العنزة المشهورة. وفي عام 1812م اكتشف- وهو في طريقه إلى مصر- البتراء، فكان أول أوربي يدخلها ويكتب عن آثارها حيث قال:

«صرفت فترة خمسة عشر يوماً في الصحراء ما بين البحر الميت والبحر الأحمر... وفي وسط المسافة بين هذين البحرين تقوم آثار مدينة مهيبة تقع في وادي موسى ويحتمل أن تكون البتراء. فيها نشاهد مدافن منحوتة في الصخر وبقايا معابد وقصور ومدرجات وقنوات مياه وغيرها من الغرائب والروائع النادرة التي تجعل هذه المدينة أكثر إثارة للاهتمام من أي شيء آخر شاهدته في حياتي».

لكن على الرغم من هذا الاكتشاف المهم جداً لم ينس بوركهارت هدفه الأساسي وهو الوصول إلى منابع نهر النيجر، فتابع سيره إلى مصر ووصل إلى القاهرة في أيلول 1812م وفي نيته الانضمام إلى قافلة متوجهة إلى فزان في ليبيا، ومنها إلى تمبكتو. ولمَّا علم أنه من غير الممكن أن تنطلق قافلة من هناك إلى غربي إفريقيا إلا في شهر حزيران من العام التالي، قرر عدم إضاعة الوقت سدى فسافر جنوباً بمحاذاة نهر النيل إلى صعيد مصر لعله يجد من هناك طريقاً يوصله إلى هدفه. وعندما أدرك وهو في أسيوط أنه غير قادر على السفر من جنوبي مصر إلى غربي إفريقيا قرر الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج لاعتقاده أن لقب «حاج» سيسهل مهمته في المستقبل. وقام قبل انضمامه إلى قافلة حجاج نوبيين وسودانيين بزيارة النوبة وشمالي السودان وشرقيه (1813-1814) على هيئة تاجرٍ سوري فقير، حاملاً معه رسائل توصية من محمد علي حاكم مصر والسودان آنذاك تظهره على أنه الشيخ إبراهيم بن عبد الله الشامي، وذلك لضمان حمايته من الاعتداءات.

ومن اكتشافاته المهمة في النوبة معبد أبو سمبل الذي كان مدفوناً في الرمال، ويعدُّ بوركهارت أول أوربي يشاهده. وقام بتدبير عملية نقل رأس تمثال رعمسيس الثاني الضخم من الأقصر إلى الإسكندرية، ثم نقله الرحالة الإيطالي جيو فاني بيلزوني من هناك إلى المتحف البريطاني في لندن حيث ما يزال معروضاً فيه.

أبحر بوركهارت على ظهر سفينة من ميناء سواكن السوداني على ساحل البحر الأحمر في أوائل تموز 1814م، فوصل جدة في منتصف الشهر وأصيب فيها بمرض الكوليرا. انتقل بعد شفائه إلى الطائف لمقابلة محمد علي باشا حاكم مصر الذي كان يشن حملة حربية آنذاك ضد الدولة السعودية الأولى في شبه الجزيرة العربية، وقد سمح له هذا بزيارة مكة والمدينة بعد توسط طبيبه الأرمني.

دخل بوركهارت مكة في 8 أيلول 1814 حيث أدى فريضة الحج، وكتب عن سكان مكة وعن طقوس الحج ورمضان وعن عادات البدو في الحجاز ونجد، وعن عادات الوهابيين. وكان أول من رسم خريطة حديثة لمكة، ووضع وصفاً جيداً للمسجد الحرام، ويعدُّ ما كتبه عن الحجاز-ولاسيما عن مكة والمدينة- الأشمل والأدق من بين ما كتبه الأوربيون في ذلك الوقت. بعد ذلك انتقل إلى المدينة التي وصلها في 28 كانون الثاني 1815 حيث زار قبر الرسول وقبور الصحابة، ثم عاد إلى مكة وقضى فيها ثلاثة أشهر، ثم غادرها إلى ميناء ينبع حيث استقل سفينة أوصلته إلى مصر، ودخل القاهرة في 24 حزيران 1815 في حالة ٍمزرية نتيجة التعب والمرض. ومع ذلك قام في ربيع العام 1816 بزيارة جبل سيناء وخليج العقبة. وبعد عودته إلى القاهرة في حزيران بدأ بالاستعداد من جديد لرحلته الموعودة إلى تمبكتو، ولكن المرض لم يمهله لتحقيق هدفه فتوفي في 15 تشرين الأول  نتيجة إصابته بالزحار أو بسبب تناوله وجبة سمك فاسدة، ودُفن على الطريقة الإسلامية في مقبرة باب النصر شرقي القاهرة. وكُتبت على قبره العبارة الآتية:

«هذا قبر المرحوم إلى رحمة الله تعالى الشيخ الحاج إبراهيم المهدي بن عبد الله بوركهارت اللوزاني تاريخ ولادته 10 محرم 1199هـ وتاريخ وفاته إلى رحمة الله بمصر المحروسة في 16 ذي الحجة سنة 1232هـ الموافق 1817م».

نشرت الرابطة الإفريقية أعماله بعد وفاته على التوالي:

 - Travels in Nubia, 1819.

وتُرجم إلى العربية بعنوان: جون لويس بوركهارت، رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان، ترجمة فؤاد أندراوس، تصدير حسن نور، القاهرة 2007.

- Travels in Syria and the Holy Land, 1822.

- Travels in Arabia, 1829.

- Arabic Proverbs, or the Manners and Customs of Modern Egyptians,1830.

- Notes on the Bedouins and Wahabys, 1831.

ترجم الدكتور عبد الله الصالح العثيمين الفصول المتعلقة بالوهابيين من هذا الكتاب بعنوان:

مواد لتاريخ الوهابيين للرحالة جوهان لودفيج بوركهارت، جامعة الملك سعود، الطبعة الثانية 1412هـ.

تتميز كتابات بوركهارت بالدقة، وتعدُّ حالياً مصدراً مهماً عن تاريخ القبائل والمناطق والبلدان التي زارها. وعلى الرغم من إعجابه بشخصية محمد علي وتمتعه بحمايته خلال تجواله في مصر والسودان، إلا أنه لم يتورع عن أن يكتب عن معاناة الفلاحين المصريين واستغلال محمد علي لهم. كما كتب عن الأمثال الشعبية المصرية Arabic Proverbs.

وكان يكتب رسائله باللغة الفرنسية ويوقعها باسم جان لويس بوركهارت Jean Louis Burckhardt. وقد أوصى بمجموعة مخطوطاته لجامعة كمبردج.

عيد مرعي

مراجع للاستزادة:

- Katharine Sim, The Life Of Jean Louis Burckhardt, (London 2000).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 40607071
اليوم : 136886