logo

logo

logo

logo

logo

البرونز (معدن-)

برونز (معدن)

Bronze (metal) - Bronze (Le métal)

البرونز (معدن -)

 

 

يُطلق اسم البرونز Bronze على مجموعة من سبائك النحاس المعدنية (السبيكة alloy هي خليط بين معدنين أو أكثر) حيث ينشأ البرونز من خلط النحاس بالقصدير بمعدل نحو 90%  من النحاس و 10%  من القصدير. ويمكن أيضاً إضافة عناصر أخرى كالرصاص والزنك والفوسفور الذي يُضاف في صناعة البرونز لإعطائه مزيداً من الصلابة والمقاومة. ويبدو أن تفضيل البرونز على النحاس راجع لكون البرونز ينصهر في درجات حرارة أدنى وبالتالي يمكن صبه وسبكه على نحو أسهل كما أنه يتمتع بصلابة أكبر، وهو أقل تعرضاً للتآكل والتأكسد.

تمثال إيل- برونز موشى بالذهب- أوغاريت

اقترن البرونز بمصطلح «العصر البرونزي» الذي يفصل بين العصرين الحجري والحديدي، والذي استمد اسمه من استخدام البرونز على نطاق واسع خلال مراحله الثلاث: القديم والوسيط والحديث. لقد ارتبط قياس تقدم المجتمعات وازدهار اقتصادها بمدى قدرتها على الوصول لخامات المعادن وإتقان الصناعات التعدينية metallurgy، إذ كان وجود البرونز وغيره من المعادن مؤشراً على رخاء تلك المجتمعات وأهمية أفرادها وقوة نفوذها.

تشير النصوص المسمارية إلى أن مادة النحاس جُلبت من مناطق سلطنة عُمان التي عُرفت قديماً باسم «بلاد مجان». لقد أوضح تحليل المواد المعدنية المكتشفة والعائدة لتلك المرحلة أن السكان استعملوا النحاس المخلوط بالزرنيخ عموماً. فضلاً عن ذلك تم العثور في بعض المواقع السورية على مشاغل للتصنيع، وأهمها تلك التي وُجدت في ماري، حيث كان تصنيع البرونز يتم محلياً. كذلك وجدت آثار لنشاطات تعدينية مهمة في إيبلا وتيرقا (تل العشارة حالياً). مع بداية الألف الثاني، شاع استخدام البرونز المصنوع من خلائط القصدير والنحاس، إلى جانب النحاس المخلوط بالزرنيخ في مناطق سورية وبلاد الرافدين. والحقيقة أن موضوع تحديد مصادر الخامات اللازمة لتصنيع البرونز بقي مثار شك بين الباحثين، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن النحاس والفضة توافرا بكثرة في مناطق جبال طوروس في جنوب شرقيّ بلاد الأناضول، وكانا أهم صادرات تلك المنطقة إلى سورية وبلاد الرافدين. ومن المرجح أيضاً أن القصدير تم جلبه من مناجم في أفغانستان ووسط آسيا عبر شبكة من الطرق التجارية التي ربطت الشرق بالغرب. فقد وصلت شحنات القصدير المصبوب Ingot عبر عيلام في جنوب غربي إيران إلى بلاد الرافدين ومن ثم إلى ماري، ثم تنقل الشحنات إلى إيمار حيث كان يعاد توزيعها على المناطق السورية. وتُعدُّ مدينة جبيل في لبنان مركزاً مهماً للتعدين خلال العصر البرونزي الوسيط. وتجدر الإشارة هنا إلى مناجم النحاس في الأردن في منطقة وادي فينان (فينان 4 وفينان 27) ومناجم منطقة  شبه جزيرة سيناء في مصر. تغير الوضع تدريجياً مع بداية العصر البرونزي الحديث حين تراجع استخدام البرونز وحل محله الحديد على نحوٍ واسع؛ ولا سيما في مجال صنع الأسلحة.

تمثال برونزي يمثل أحد الآلهة - تل المشرفة/حمص

 

تمكن الباحثون بفضل مكتشفات مقبرة أور الملكية في جنوبي بلاد الرافدين من الحصول على معلومات مهمة حول تقانات التعدين وسبك المعادن وصهرها في أفران ذات حرارة عالية. أما في سورية فتذكر النصوص التي تم العثور عليها في إيبلا وماري أن القصر الملكي تولى الإشراف على تزويد الصُنّاع بالمعادن اللازمة لحِرفهم وأعمالهم المتنوعة. فمن بين محفوظات ماري وثائق توضح بدقة المعايير والكميات الواجب استخدامها، من القصدير أو النحاس، لضمان عملية صهر البرونز وصبه بدقة عالية. لقد استُعمل البرونز طوال المراحل التاريخية في مجالاتٍ متعددة، وأهمها صنع الأسلحة، التي شملت الدروع والخناجر والحراب والفؤوس والخوذات. ووضعت تلك الأسلحة في قبور كبار المحاربين والحكام مثلما حدث في تل أحمر وفي تل براك في الجزيرة السورية مثلاً، أو في إيبلا وقطنا. فضلاً عن ذلك، شاع استخدام البرونز في مجالات الزراعة وأعمال البناء، ذلك أنه كان يتم صب البرونز في قوالب على هيئة أزاميل ومناجل ومعاول. وكذلك استعمل البرونز في صناعة التماثيل الصغيرة والقطع المعدنية الفنية الأخرى وبعض الدبابيس وقطع الحُلي المزخرفة.

عرفت بلاد الشام صناعة التماثيل البرونزية بطريقة «الشمع المفقود» كما دلت على ذلك مكتشفات تل الجديدة. وقد تم العثور على كثيرٍ منها في أوغاريت. وتجدر الإشارة إلى أن تلك التماثيل حظيت باهتمامٍ خاص، وكانت مادة تجارية رئيسة. وصُنعت تماثيل الآلهة من البرونز، المطلي بالذهب أحياناً، وأحدثت فيها أجزاء غائرة لملئها بالمعادن الثمينة، وكان يجري سكب سواعدها ورؤوسها على نحو منفصل، وهي عموماً بحجوم كبيرة. واستخدمت بعض القطع البرونزية الصغيرة أوزاناً ومسامير. ولا بد هنا من ذكر اللوحات البرونزية الضخمة التي زيّنت بوابات المعبد والقصر في موقع بلاوات [ر] في شماليّ العراق، والتي صورت فيها مشاهد من حملات الملك الآشوري شلمنصر [ر] الثالث الحربية.

وقد استعملت أدوات من البرونز لزخرفة بعض الأواني الفخارية. كما تم العثور على بعض الأواني والأباريق والمزهريات البرونزية المزخرفة بمشاهد نباتية وحيوانية وهندسية، وكانت تُعدُّ من المواد الثمينة التي تمثل هدايا عالية القيمة كان يتم تبادلها بين البلاطات الملكية في بلاد الشام ومصر القديمة؛ بحسب ما دلت عليه مراسلات تل العمارنة.

نبال محيسن

مراجع للاستزادة:

- هنري هودجز، التقنية في العالم القديم (عمّان 1970 و1980).

- P.r.s. Moorey, Ancient Mesopotamian Materials And Industries: The Archaeological Evidence, (Oxford, 1994).

- J.d. Muhly «Metals, Artifacts Of Neolithic, Bronze, And Iron Ages», In Oxford Encyclopedia Of Archaeology In The Near East, (Ed.) M. Meyers, (1997), Pp. 5-15.

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1100
الكل : 40594031
اليوم : 123846