logo

logo

logo

logo

logo

برغامة

برغامه

pergaman -

برغامة

 

برغامة   Pergamumأو Pergamon واحدة من أشهر مدن العالم القديم في العصور الكلاسيكية، وكانت أشهر مدن مقاطعة موسية Mysia شمال غربي آسيا الصغرى (تركيا اليوم)، وهي تقع على الضفة الشمالية لنهر كايكوس Caicus (بكير اليوم)، الذي يبعد نحو 25كم عن بحر إيجة ونحو 110كم عن سمورنا (أزمير اليوم)، وتدل الآثار على أن تاريخ المدينة يعود إلى فترات موغلة في القدم وأبرزها تلك الآثار من القرنين الثامن والسابع ق.م، علماً أنه لا معلومات تاريخية موثقة قبل 400ق.م، حيث تذكر الروايات أن المدينة بدأت حصناً أنشأه في وقت ما أحد النبلاء الإغريق في المنطقة على إقطاع حصل عليه من ملك فارسي غير معروف. ومع ظهور الحكام الأتاليين Attalids في المنطقة بدءاً من القرن الثالث ق.م؛ برزت المدينة عاصمة لهؤلاء الحكام، وتزايدت شهرتها في العصر الهلنستي 336-30ق.م مع مشاركتها في النشاط السياسي الذي رافقه قدوم الجيوش المقدونية بقيادة الإسكندر الكبير.

وبعد موت الإسكندر[ر] (323ق.م) تبعت برغامة للقائد لوسيماخوس Lysimachos الذي سيطر على آسيا الصغرى، وفي المدينة أودع خزانة حربه وعهد إلى قائده البافلاغوني فيلتايروس Philetaeros بحكم المدينة. وبعد موت لوسيماخوس (281ق.م) أسس فيلتايروس سلالة حاكمة، بدأت بالملك يومنس Eumenes الأول الذي كان عقيماً، فتبنى أتالوس الأول الذي عدّه المؤرخون المؤسس الثاني للمدينة إثر نجاحه في صدّ قبائل الغلاطيين Galatians التي هاجمت المنطقة وخلفت فيها رعباً ودماراً يفوق الوصف بحسب المصادر الكلاسيكية.

 
مدرج برغامة

وإثر انتصار روما على أنطيوخس الثالث سنة 190ق.م  تقلصت ملكية السلوقيين إلى جنوب جبال طوروس، وغنم الأتاليون معظم أواسط الأناضول وغربيها، ومن ذلك الوقت غدت المملكة الأتالية أهم مملكة في منطقة آسيا الصغرى.

 
إعادة تصور للأكروبول في برغامة

يعود سكان برغامة إلى أصول محلية إغريقية، ويبدو أنه لهذا السبب اعتمد ملوكها دستور مدينة دولة إغريقية وجهازاً وظيفياً على الطريقة الإغريقية، إضافة إلى جيش محترف جيد التنظيم. تمتع ملوك المدينة بسلطات واسعة وشابهوا في هذا الملوك السلوقيين، وبرروا لأنفسهم السيطرة على الشعوب المجاورة لاستغلال مناجم الفضة ومراكز تربية قطعان الماشية لإنتاج الصوف والجلود والرقوق Parchments، إضافة إلى إنتاج متميز من الحبوب.

وبحسب المؤرخين الكلاسيكيين كانت برغامة واحدة من أجمل مدن عصرها، وبلغ عدد سكانها في تلك الفترة نحو 200.000 نسمة، وقد  شغلت مبانيها العامة وتراسات قصورها ثلاثة مسطحات كبيرة أقيمت على جوانب التلال الطبيعية وخلف التحصينات على أكروبولها. وكانت بهذا مثالاً رائعاً على تخطيط المدن في العصر الهلنستي حيث امتلأت ساحاتها بتماثيل خلدت صراع المدينة ضد الغلاطيين أشهرها تمثال «الغالي الجريح» وتمثال «الغالي الجريح الذي يقتل زوجه». كما عدت مكتبتها العامة ثاني مكتبات العصر الهلنستي في الأهمية بعد مكتبة الإسكندرية التي احتوت على نحو عشرين ألف مجلد مكتوب على الرقوق والبردي، وهي التي أهداها ماركوس أنطونيوس إلى محبوبته كليوباترا تعويضاً لها مما أصاب مكتبة الإسكندرية من دمار خلال حرب يوليوس قيصر مع معارضيه في الإسكندرية.

 
معبد سارابايس الذي تحول لاحقا إلى كنيسة في العصر البيزنطي

 

وتعود آثار أسوار المدينة إلى القرنين الثالث والثاني  ق.م التي شيدت على التلال المحيطة بموقع المدينة، كما تذكر المصادر الكلاسيكية أن منطقة الأكروبول احتوت على عدد من الأوابد والمعابد ومزارات الآلهة الصغرى أشهرها معبد الإلهة أثينا، ومعبد خصص للإمبراطور الروماني تراجان، إلى جانب تمثال كبير للإله زيوس، ومكتبة المدينة، ومذبح لعدد من الآلهة، وهو المذبح الذي نقل إلى متحف برلين الشرقية وكانت معظم منحوتاته تخلد المعركة بين الآلهة والمرده، كما تخلد في جانب منها انتصارات برغامة على أعدائها من الغال.

 
معبد ترايانوس (تراجان) في برغامة

وفي سنة 133ق.م ولأسباب مجهولة أهدى أتالوس الثالث مملكة برغامة إلى الجمهورية الرومانية، وأصبحت برغامة بعد ذلك التاريخ عاصمة ولاية آسيا الرومانية، وأقيم في المدينة معبد كرس لروما وللإمبراطور أوغسطس، والذي غدا واحداً من أهم مراكز العبادة الامبراطورية، كما أقيم خارج أسوار المدينة مزار ضخم لإله الطب اسكولابيوس Aesculapius، وإلى جانبه مسرح ومشفى خصص للقادمين من خارج المدينة للاستشفاء وهو مركز قصده مرضى كثيرون من كل العالم الروماني. ومع أن برغامة أصبحت في القرن الرابع الميلادي مركزاً لأهم مدارس الفلسفة في العالم؛ إلا أنها تدهورت مع بداية  القرن السابع إلى مجرد قرية تحيط بأكروبولها؛ ثم استعادت بعض شهرتها في القرن الثاني عشر الميلادي.

 مفيد رائف العابد

مراجع للاستزادة:

- إبراهيم نصحي، تاريخ الرومان ، جزءان  (بيروت 1973).

- سليم عادل عبد الحق، الفن الاغريقي وآثاره المشهورة  في الشرق (دمشق 1950).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1095
الكل : 40595098
اليوم : 124913