logo

logo

logo

logo

logo

بعرين (قلعة-)

بعرين (قلعه)

-

بعرين (قلعة-)

 

 

تقع قلعة بعرين على بعد 15كم إلى الجنوب من مدينة مصياف، محافظة حماة، عرفت خلال الحروب الصليبية  لدى الفرنجة باسم Montferrand أو  Mons Ferrandus، ولدى العرب المسلمين باسم بارين أو بعرين، وهي تعرف في الوقت الحالي باسم بعرين، وهو اسم البلدة الحديثة الواقعة على السفح الجنوبي لجبل القلعة. وصفها أبو الفداء في «تقويم البلدان» على أنّها «بلدة صغيرة ذات قلعة وقد دثرت، ولها أعين وبساتين، وهي غربي حماة بميلة يسيرة إلى الجنوب، وبها آثار عمارة قديمة تسمى الرفنية، لها ذكر شهير بكتب التاريخ. وحصن بارين حصن أحدثه الفرنج في بضع وثمانين وأربع مئة، ثم ملكه المسلمون وبقي مدة ثم أخربوه». وتتربع القلعة فوق قمة هضبة جبلية عند أقدام الكتف الشرقية لجبال الساحل السوري الغربية، التي عرفت قديماً باسم جبل بهراء وتنوخ، تشرف على سهل واسع يحيط بها من جميع الجهات ماعدا الجهة الغربية حيث تتصل بهضبة ثانية أشيد فوقها مزار ديني «النبي خايا» يعود الى القرن 13هـ/19م. تتصل القلعة بالنظر شمالاً بقلعة مصياف، وغرباً بسهل نيصاف حيث توجد بقايا مدينة  رفنية القديمة Raphanea  المشهورة في العصر الروماني.

يتميز موقع القلعة مع موقع رفنية بأهمية استراتيجية فهو يتحكم بتقاطع عدد من الطرق القديمة الرئيسة التي كانت تربط طرابلس بحماة. وأفامية بمصياف وحمص، ثم حصن سليمان وطرطوس.

تشير المعطيات الأولى المتعلقة بحصن بعرين التي تعود إلى نهاية الخامس الهجري /مطلع القرن الثاني عشر الميلادي، وإلى عصر ريموند دوسان جيل بالتحديد إلى أن هذا الأخير في أثناء محاصرته لطرابلس في سنة   496ه/1102م. اتجه شمالاً للاستيلاء على رفنية، ولهذه الغاية قام ببناء حصن على قمة تشرف على المدينة من جهة الشرق بهدف حصارها، وقد سماه Montferrand   وهو اسم مستوحى- كما يشير رينيه دوسو-  من الاسم اللاتيني Mons Ferrandus،  الذي يذَكر بالفيلق العسكري الروماني السادس  Ferrata، الذي احتل منطقة رفنية محل الفيلق الثاني عشرFulminata  خلال القرن الأول الميلادي. وفي السنة اللاحقة  497ه/1103م. بدأ طغتكين أتابك دمشق بمهاجمة مناطق انتشار جيش سان جيل المحاصر لطرابلس حتى منطقة رفنية، وقد تمكن في المحرم من سنة 499هـ/1105م من استعادة رفنية، ولكن الصليبين استعادوها سنة 519هـ/1126م لتدخل بعدها في حلقة الحروب الصليبية حيث تبادل العرب والفرنجة السيطرة عليها حتى عام 636ه/1239م. حين قرر حاكم حماة الملك المظفر تقي الدين بن ناصر الدين محمد تخريب القلعة حتى الأساسات. أهملت القلعة فترة طويلة ثم استعادت شيئاً من أهميتها في العصر العثماني عندما جعلت سكناً للعديد من الأسر، ثم تطور الرَبَض الواقع على السفح الجنوبي للحصن، ثم هُجر في النصف الثاني من القرن العشرين.

الجزء الغربي من القلعة 
الجهة الغربية 

واليوم تنتشر بقايا القلعة فوق سطح الهضبة ذي الشكل الإهليلجي الذي يميل من الغرب باتجاه الشرق. تتوزع هذه البقايا على قسمين، الأول: ويمثل الجزء الرئيسي الذي يمكن مشاهدته اليوم، يقع في الجانب الغربي العلوي من قمة الهضبة، وهو يشكل الحصن العلوي، والقسم الثاني: في الجانب الشرقي المنخفض أو القلعة السفلية. في الوقت الراهن يلاحظ وجود خندق يحيط بالحصن العلوي من جهة الغرب والشمال والجنوب يصل عرضه في بعض هذه الأماكن إلى عشرة أمتار، في حين تختفي آثار هذا الخندق في محيط القسم الشرقي السفلي من القلعة نتيجة الردم الحاصل فيها.

الجزء الجنوبي من القلعة 

أما القسم الجنوبي من القلعة - وهو المطل على القرية الحديثة - فهو محاط من الخارج بسفوح حجرية  يمكن  أن يُميز فيها ثلاثة سفوح تتراكب فوق بعضها؛ مما يدلّ على تعاقب الاهتمام بتصفيح القلعة خلال فترات متعددة متتالية. استخدمت في بناء هذه السفوح الحجرية أنواع مختلفة من الحجارة المشذبة الكبيرة والصغيرة، بعضها كلسي والآخر بازلتي. عند أسفل هذا السفح نشأ  (ربض) أو قرية سكنية تعود في وضعها الراهن إلى العصر العثماني وهي تضم العديد من المنازل القائمة على نحو جيد حتى الآن، تداخلت بعض المساكن فيها مع أبنية الحصن نفسه. والقرية الحديثة التي تمتد باتجاه أسفل سفح جبل القلعة من هذه الجهة هي امتداد للقرية القديمة. في الجانب الغربي من الحصن العلوي المطل على موقع رفنية يبرز سفح الحصن بروزاً واضحاً، وهو مكون من حجارة بازلتية صغيرة الحجم وتميل بدرجة تقارب  45 درجة. تتركز الأجزاء القائمة والباقية حتى اليوم من القلعة العلوية في الجانب الغربي، وهي تتكون من عدد من القاعات، في حين أن الأجزاء الواقعة إلى الشرق من الحصن العلوي متهدّمة ومطمورة على نحو كبير تحت التراب. يغلب على هذه القاعات استخدام العقود المتقاطعة والعقود السريرية مع الأبواب ذات السواكف الحجرية المستقيمة، كما يلاحظ وجود جدار مضاعف في  الجهة الغربية الخارجية للحصن، وهي تشير إلى أعمال إعادة بناء وتعديل في وظائف هذه الجدران خلال فترات متعاقبة. هذه المنشآت تعود بالإجمال إلى العصرين الأيوبي والمملوكي، وقد أصابها بعض التعديل في العصر العثماني إذ تحولت العديد من القاعات إلى مساكن وخاصة في القسم الجنوبي. من جانب آخر يلاحظ في بعض هذه المنشآت إعادة استخدام بعض العناصر المعمارية التي تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي في أساس الزاوية الشمالية الغربية لجدار الحصن، وهي من دون شك مجلوبة من الموقع الأثري القديم  المجاور في رفنية، أو إنّها من أساس بناء دفاعي بني في هذا المكان ويعود إلى ذلك العصر.

هيثم حسن

مراجع للاستزادة:

 - ابن الأثير، الكامل في التاريخ، مجلد 10 (دار صادر، بيروت 1979م).

 - أبو الفداء، تقويم البلدان، تحقيق رينود والبارون ماك كوكين ديسلان (باريس 1850م).

 - إبراهيم عميري، سلسلة الجبال الساحلية (دمشق 1995م)، ص.ص 311-312.

- Paul Deschamps, Les Châteaux Des Croisés En Terre Sainte, Tome Iii, La Défense Du Comté De Tripoli Et De La Principauté D’antioche. Editeur Paul Geuthner, (Paris  1973).

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1074
الكل : 40533951
اليوم : 63766