logo

logo

logo

logo

logo

الإسكندر الكبير

اسكندر كبير

Alexander The Great - Alexandre Le Grand



الإسكندر الكبير

(356 - 323 ق.م)

 

 

الإسكندر الكبير Alexander the Great ملك مقدونية وأحد العظما في التاريخ القديم، يميز في الكتابات التاريخية بثلاثة ألقاب: (المقدوني) و(الكبير) و(الثالث). ولد في العاصمة المقدونية بلّا Pella، وكان ثمرة زواج فيليب الثاني (ملك مقدونية) زواجاً سياسياً بأولمبياس  Olympias أخت إسكندر ملك إبيروس  Epiros. تلقى الإسكندر في صغره تربية خاصة لم يتلقها أي من ملوك مقدونية ول سيما من الناحية التعليمية، فقد تولى تعليمه وهو في الثالثة عشرة من عمره الفيلسوف الكبير أرسطو (384-322 ق.م).

الإسكندر الكبير (المتحف البريطاني)

ارتقى الإسكندر عرش مقدونية سنة 336 ق.م بعد مقتل والده، ولم يكن قد تجاوز العشرين من عمره. ومع ذلك تصدى بنجاح لثورات عدة قام بها سكان الأقاليم. وبعد تدمير طيبة عاد الإسكندر إلى مقدونية لاستكمال استعدادات والده فيليب الثاني لغزو الشرق. ورث الإسكندر عن أبيه عزمه على محاربة الفرس تحقيقاً لدعوة ايسوقراطس Isokrates الذي كان من أشهر فلاسفة الإغريق، والذي ناشد مدة نصف قرن كل زعما اليونان إنقاذ بلاد اليونان من صراعاتها التقليدية عن طريق توحيد المدن- الدول فيها في حرب قومية على الفرس، والسيطرة على هؤلا بدعوى سمو الحضارة الإغريقية على ما عداها، وبهذا توافر للإسكندر الدافع الأول لغزو الشرق.

وفي خريف سنة 335 ق.م عاد الإسكندر إلى مقدونية لإكمال استعداداته، فاستدعى بارمنيون Parmenion أحد قواد والده، وكان في آسيا الصغرى على رأس قوة استطلاعية. فعاد القائد بعد أن استبقى قسماً من قواته على سواحل مضيق الدردنيل (الهلسبونت)  Hellespont لتوفير رأس جسر لغزو الشرق. وفي ربيع سنة 334 ق.م عبر الإسكندر الهلسبونت على رأس جيش يتألف من ثلاثين ألفاً من المشاة وخمسة آلاف فارس بعد أن ترك قائده أنتيباتروس Antipatros لتصريف الأمور في بلاد اليونان.

كلف الملك الفارسي دارا الثالث[ر] عدداً من ولاته في آسيا التصدي لهجوم الإسكندر، لكن الأخير حقق نصره الأول على الجيش الفارسي عند الضفة الشرقية لنهر غرانيكوس  Granikes.

ودلل الإسكندر على حسن تقديره للأمور، وذلك بعدم تعريض نفسه لمجازفة الاشتباك مع الاسطول الفارسي وكان ثلاثة أمثال أسطوله، فقرر تسريح أسطوله لعجز موارده عن تحمل نفقاته. ورأى بالمقابل أن خير وسيلة للقضا على أسطول الفرس هي الاستيلا على قواعده البرية في سورية ومصر وآسيا الصغرى. وعند أول الساحل السوري كان دارا الثالث ينتظر في موقع إسوس Issos على رأس قواته التي تفوق بكثير قوات الإسكندر. وفي تشرين الأول/أكتوبر 333 ق.م التقى الجيشان، واستطاع الفيلق Phalanx المقدوني - وهو نظام تكتيكي عسكري جديد ابتدعه فيليب الثاني وطوره الإسكندر- إثبات قدراته القتالية وفعاليته تجاه الأنماط التقليدية للحرب القديمة. وهُزم جيش دارا الذي فرّ من موقع المعركة.

ومن هنالك أعاد الإسكندر تنظيم إدارة المقاطعات التي آلت إليه بالتبعية، وثبّت كل الحكومات الديمقراطية في المدن التي انتفضت على الفرس وأعفاها من الضرائب وضمها إلى الحلف الهليني الذي يرأسه، وأقام مشرفين ماليين إلى جانب الولاة المقدونيين الذين عينهم في المقاطعات البعيدة. وبعد هذا التنظيم لم يقتَفِ الإسكندر أثر دارا بل اتجه صوب الساحل السوري للاستيلا على قواعد الأسطول الفارسي. وعلى مقربة من موقع إسوس أسس أول مدينة حملت اسمه في مكان المدينة الفينيقية القديمة مرياندروس  Meriandros  (وهي إسكندرونة اليوم)، ثم تقدم صوب عمريت[ر]  Marathos حيث استقبله ستراتون Straton نائب ملك أرواد والساحل المقابل لها. ومن عمريت كلف الإسكندر قائده بارمنيون الاستيلا على دمشق، وقد وضعت الأموال التي غنمها هناك حداً لمصاعبه المالية. وفي عمريت أيضاً تسلم الإسكندر رسالة من دارا، يعرض عليه فيها تحالفاً وصداقة لكنه رفض. وعندما غادر الإسكندر عمريت جنوباً بلغه نبأ استسلام جبيل[ر] وترحيب سكان صيدا التي دخلها وأعاد إليها دستورها الذي فقدته بعد ثورتها على الفرس سنة 344 ق.م، وفي الطريق استقبل وفداً من سكان صور[ر] الذين عرضوا على الإسكندر- في غياب ملكهم - استسلام مدينتهم. ولكنهم رفضوا طلب الإسكندر السماح له بدخول المدينة لتقديم القرابين للإله ملقارت[ر]، فقام الإسكندر بمحاصرة المدينة مدة سبعة أشهر تعرض فيها لمقاومة عنيفة، لكنه في أواخر تموز/يوليو سنة 332 ق.م تمكن من اختراق أسوار المدينة، والاستيلا عليها بعد مقتل ثمانية آلاف من سكانها وأسر ما يقرب من ثلاثين ألفاً بيعوا في أسواق النخاسة.

وإبان حصار صور تلقى الإسكندر إمدادات من جميع أساطيل الساحل السوري خلا صور، كما تسلم أيضاً رسالة من دارا يعرض فيها محالفته والنزول له عن جميع مقاطعات الإمبراطورية غرب الفرات[ر] ودفع فدية كبيرة وتزويجه بابنته مقابل إنها الحرب، ولكن الإسكندر رفض مرة أخرى. وواجه الإسكندر مقاومة غزة المعتمدة على مناعة أسوارها وتأييد حلفائها من سكان المنطقة، ولكنها سقطت بعد شهرين وقتل عدد كبير من أهلها وأسر الباقون.

وفي أواخر تشرين الثاني/نوڤمبر 332 ق.م وصل الإسكندر إلى مصر التي استسلم واليها الفارسي ورحب به المصريون، خاصة بعد أن أظهر الإسكندر احتراماً كبيراً للآلهة المصرية وقدم لها القرابين وأصر على أن يرسم نفسه فرعوناً وفقاً للشعائر الدينية المصرية. وبعد فراغه من تأسيس مدينة الإسكندرية[ر] قصد معبد الإله آمون Amon في واحة سيوة، حيث تلقى مباركة كهنة الإله الذي ادعى انتسابه إليه. وقبل أن يبرح الإسكندر مصر أوكل إلى أحد إغريق مصر وهو كليومينس النقراطيسي  Kleomenes مهمة الحكم والإشراف على بنا الإسكندرية. وتوجه بعد ذلك باتجاه الشرق لملاقاة الجيش الفارسي، وبالقرب من قرية غوغميلا[ر] Gaugamela  قاد دارا جيشاً كبيراً، يؤازره عدد من الفيل الهندية المدربة وعدد آخر من العربات المنجلية، في مواجهة جيش الإسكندر الذي حقق نصراً مؤزراً فتح أمامه الطريق إلى العاصمة الفارسية برسبوليس  Persepolis وغنم من كنوزها ما وفر له ولخلفائه سك نقود ذهبية. وعندما علم الإسكندر أن دارا الذي فر بعد المعركة يعد العدة لمتابعة القتال في إكباتانا  Ekbatana أسرع لملاقاته قبل أن يُتم استعداداته، ولكن قادة دارا تآمروا على مليكهم بعد يأسهم من قتال الإسكندر واغتالوه قبل وصول الإسكندر إليه، فأمر بأن تدفن جثة غريمه باحتفال ملكي مهيب.

في المرحلة الأخيرة من حملته قام الإسكندر بغزو الهند التي لم يكن يعلم عنها أكثر مما لقنه إياه أستاذه أرسطو من أنها أرض البنجاب. بدأ الإسكندر زحفه باتجاه الهند من باكتيرية[ر] صيف سنة 327 ق.م، واستخدم أول مرة في حملته هدية من الأفيال قدمها له بعض حكام المنطقة، وتمكن بعد جولة سريعة من اكتساح معظم الأقاليم المتاخمة لمملكة بوراڤا  Paurava شمال غربي الهند. ولم يتمكن ملكها بوروس Poros من صد هجوم الإسكندر مع استبساله في المعركة، ولإعجاب الإسكندر بمقاومة بوروس عرض عليه أن يصبح حليفاً له وحاكماً وطنياً يتمتع بالرعاية والحماية. وفي بداية صيف 325 ق.م بدأت مشاق الزحف على الهند تظهر على الجميع ما عدا الإسكندر الذي سا ه تمرد أفراد جيشه، فاعتكف في خيمته ثلاثة أيام في انتظار تغيير الجند مواقفهم. وقرر في النهاية العودة غرباً وسط تهليل الجنود وفرحتهم ولاقى الإسكندر وجيشه عنا ً شديداً في طريقي العودة البري والبحري إلى أن وصل مدينة سوسا Susa الفارسية ربيع سنة 324 ق.م. وفي ربيع سنة 323 ق.م وصل الإسكندر إلى بابل، وراح يعد العدة لغزو شبه الجزيرة العربية ولكن مرضاً خطيراً أقعده وأدى إلى وفاته في بابل في العاشر أو الحادي عشر من شهر تموز/يوليو سنة 323 ق.م، وكان عمره ثلاثاً وثلاثين سنة وامتد حكمه اثنتي عشرة سنة.

تعزو المصادر القديمة للإسكندر تأسيس عدد كبير من المدن والمستعمرات. وتطعن الدراسات الحديثة في صحة أعداد هذه المدن والمستعمرات التي تصل إلى سبعين مدينة، وتشير إلى أن المؤكد منها إنشا الإسكندر ست عشرة مدينة حملت اسم الإسكندرية وواحدة باسم إسكندريتا Alexandretta (إسكندرونة على الساحل السوري). ورغم هذه الطعن في رقم المدن يبقى الإسكندر أعظم منشئ مدن في التاريخ، وأنشأ مدنه شرقي نهر دجلة باستثنا الإسكندرية على الساحل المصري وإسكندرونة على الساحل السوري. وهو ما يؤيد الفكرة القائلة إن الإسكندر رغب في تحقيق أكبر قدر ممكن من المزج والتوازن بين الشعوب في المناطق البعيدة عن التأثير الإغريقي في سورية ومصر وآسيا الصغرى. ولعل أهم هذه الإسكندريات إسكندرية فرادا Phrada أو (بروفثاسيا Prophthasia المرتقبة) وإسكندرية غزني Ghazni وإسكندرية القوقاز وإسكندرية القصوى Eschate (خودجند الحالية) وإسكندرية نيقيه Nicia وإسكندرية بوكافالا Bucephala في البنجاب وإسكندرية اراخوسيا Arachosian أو إسكندرية بوليس وقندهار في أفغانستان، وإسكندرية آريون  Areion وهي هيرات Herat في خراسان، وتعد أشهر مركز تجاري في المنطقة وأشهر مدن إقليم أريانا Ariana، وإسكندرية شمال كابول. وغيرها من الإسكندريات التي عفا عليها الزمن وأغفلتها كتب التاريخ إلى حين.

 

مفيد رائف العابد

 

 

مراجع للاستزادة:

 -  مفيد رائف العابد، سورية في عصر السلوقيين (دمشق 1993).

 -W. W. TARN, Alexander the Great, 2 vols (London, 1951).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : أعلام
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 433
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1077
الكل : 40592531
اليوم : 122346