logo

logo

logo

logo

logo

أوستراكا

اوستراكا

Ostraca -

 أوستراكا

أوستراكا

 

أوستراكا Ostraka كلمة إغريقية الأصل تعني "كسر الفخار"، ومفردها أوستراكون Ostrakon. ويقصد بها تحديداً كسر الفخار المستعملة للكتابة عليها. تعرَّب الأوستراكا بكلمة لُخاف، ومفردها لُخفة، التي أطلقت أصلاً على قطع رقاق من الحجر الأبيض أو الكسر التي اتخذها المصريون القدماء ألواحاً للكتابة والرسم بالحبر. وتعرَّب الكلمة نفسها بالكلمة العربية قوارات، ومفردها قُوارَة. وهذه الكسر كانت تنتج أساساً من تحطم الأواني الفخارية، وتستعمل مادة لتدوين نصوص أبجدية، عبرانية وآرامية، بدلاً من صفحات البردي أو الرقوق التي تصنع من الجلود. وعلى الرغم من كون الأوستراكا كسراً بأشكال غير منتظمة كانت تحمل نصوصاً كاملة مثل الرسائل والملاحظات أو قوائم بأسماء أشخاص. وهي بذلك تختلف عن الأواني - خصوصاً الطاسات - الفخارية التي كانت تحمل نصوصاً أبجدية كاملة؛ لكنها تتجزأ حين تحطم الإناء، ولذلك فإن كسرها لا تعدّ من ضمن الأوستراكا ذات النصوص الكاملة.

يعود أصل استعمال الأوستراكا إلى مصر القديمة حيث كان يستفاد منها في التدريب على الكتابة بدلاً من المواد المكلفة المستعملة لتدوين النصوص. وحين تم ابتكار الأبجدية في سورية انتشر استعمال الكسر الفخارية في التدوين فضلاً عن البردي والرقوق ورقم الطين التي استعملت بنطاق محدود في تدوين الأبجدية. وكان استعمال هذه الكسر خياراً صائباً، فهي متوافرة بكثرة بعد أن مرت آلاف السنين على صنع الفخار واستعماله. وهذه الكسر مادة متيسرة من دون أن تكلف شيئاً من الجهد أو الأموال مثلما كانت تكلف صحائف البردي والرقوق. ولقد بقيت الأوستراكا على مر الزمن؛ في وقت اندثرت فيه مواد الكتابة الأخرى القابلة للتلف بسبب الرطوبة وعوامل التحلل. والشيء الوحيد الذي قد يسبب ضياع هذه الكسر المدونة هو عدم التمييز فيما بينها وبين الكسر الفخارية المهملة الخالية من الكتابة في التنقيبات الأثرية، فهذه الكسر تكون موجودة بكثرة في المواقع الأثرية وركامها.

لقد وجد الدليل على أول استعمال الأوستراكا في سورية خلال العصر البرونزي الحديث. لكن انتشارها الواسع كان خلال العصر الحديدي، في الألف الأول قبل الميلاد، وبقيت في الاستعمال طوال العهود الفارسية والرومانية. جاءت أكبر المجموعات المكتشفة من الأوستراكا من فلسطين. ففي سبسطية - موقع مدينة السامرة - عثر على أكثر من مئة أوستراكا مدونة بنصوص عبرية، ويرجح أن يعود تاريخها إلى النصف الأول من القرن الثامن قبل الميلاد؛ أي قبل أن تصبح هذه المدينة مركزاً لمحافظة آشورية (في 722 ق.م) ثم بابلية وفارسية. والنصوص المدونة على هذه الكسر إدارية تخص إرساليات خمر وزيت إلى أشخاص من أماكن مختلفة. وجاءت مجموعة أخرى من الأوستراكا من موقع مدينة لخيش [ر] (تل الدوير في فلسطين حالياً). يتجاوز عدد كسر هذه المجموعة العشرين، وقد عثر على معظمها في غرفة صغيرة عند بوابة المدينة في الطبقة الثانية. تتضمن النصوص المدونة على هذه الكسر رسائل وقوائم بأسماء أشخاص. وهذه النصوص غير مؤرخة، ولكن يرجح أن يعود تاريخها إلى ما قبل الاستيلاء البابلي عليها في 589/586 ق.م.

وفي موقع مدينة آراد [ر] القديمة في فلسطين، على بعد نحو 55 كم جنوبي القدس؛ اكتشفت مجموعتان من الأوستراكا؛ تتألف المجموعة الأولى من نحو تسعين كسرة مدونة بالعبرية عثر عليها في الطبقات 12- 6 في القلعة. ونصوص هذه المجموعة إما رسائل وإما أوامر تخص إرسال كميات من الخمور والزيت والخبز والحبوب إلى أشخاص معيّنين في القلعة. ويبدو أنه من بين هؤلاء الأشخاص من كان إغريقياً أو قبرصياً. وكانت إحدى الكسر - من الطبقة السابعة - مدونة بنص هيراطيقي يتضمن قوائم بتوزيع كميات من القمح. ويرجح أن يكون تاريخ هذه النصوص قبل العام 586 ق.م. المجموعة الثانية تتألف من خمس وثمانين كسرة (أوستراكا) عثر على معظمها في حفر ضمن الطبقة الخامسة التي يعود تاريخها إلى العصر الفارسي الأخميني. نصوص هذه المجموعة مدونة باللغة الآرامية، ويمكن تحديد تاريخها في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد. ويبدو أن مضمون النصوص أوامر من الشخص المسؤول عن التحصينات بتوزيع كميات من الشعير.

إحدى قطع الأوستراكا المكتشفة في لخيش

من المواقع الأخرى التي عثر فيها على الأوستراكا بصيرة في الأردن، التي تطابق بصرى القديمة التابعة لمملكة أدوم[ر]. وفي مصر عثر على الأوستراكا في جزيرة فيلة، في جنوبيّ مصر، وهي مدونة بنصوص ديموطيقية وآرامية، وبعضها بالإغريقية، من تاريخ يلي دخول الإسكندر الكبير [ر] إلى مصر. وقد انتشرت الأوستراكا في وادي الرافدين حيث اكتشفت أمثلة منها في موقع العاصمة الآشورية كلخ (نمرود حالياً) وفي موقع العاصمة القديمة آشور (قلعة الشرقاط حالياً). والكسرة التي جاءت من هذا الموقع كبيرة الحجم، وتحمل نص رسالة مدونة بالآرامية. ومن اللافت أن هذه الرسالة التي بعثت من بلاد بابل - في الجنوب - تشير إلى الملك الآشوري شلمنصر [ر] الخامس (726- 722 ق.م) باسم أولولايا Ululaya الذي يعني "المولود في شهر أيلول". ومن المحتمل أنه كان اسم الملك قبل اعتلائه العرش.

إحدى قطع الأوستراكا المكتشفة في آراد بفلسطين (نحو 600 ق.م)

شمل انتشار الأوستراكا قبرص [ر]، حيث عثر على نحو 75 أوستراكا على أرضية أحد المخازن في الجزء الشمالي من القصر في موقع مدينة إداليون Idalion، على بعد نحو 25 كم جنوب غربي المدينة الساحلية الرئيسة الفينيقية كيتيون Kition (لارنكا حالياً). معظم هذه الأوستراكا تحمل نصوصاً أبجدية فينيقية، وبعض قليل منها يحمل نصوصاً إفريقية بخط قبرصي مقطعي، وجميع النصوص المكتشفة ذات مواضيع اقتصادية.

نائل حنون

مراجع للاستزادة:

- J. C. L. GIBSON, Textbook of Syrian Semitic Inscriptions, 1: Hebrew, 2: Aramaic , (London, 1971, 1975).

-Olof PEDERSÉN, Archives and Libraries in the Ancient Near East: 1500- 300 B.C, (Bethesda, 1998).

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1083
الكل : 45621283
اليوم : 21966