logo

logo

logo

logo

logo

الأثاث في العصور التاريخية

اثاث في عصور تاريخيه

Furniture in Historical Times - Meubles dans les Temps Historiques



الأثاث في العصور التاريخية

 

 

منذ أن بنى الإنسان البيوت والمساكن والمنازل طوّع الحجر بما يملك من أدوات ليكون أكثر نعومة وراحة، وشكّل مجالس وكراسي من الطين والخشب والعيدان وسعف النخيل والقصب وغيرها مما وفّرته له الطبيعة ونجّدها بالريش والقش والصوف، وبتعاقب العصور أضفى الإنسان نوعاً من الجمال والأناقة والفن على أثاثه مستعملاً التأطير والتطعيم والصقل والرسم والحفر حسبما تجود مهارته وفنه فارتقى لصنع أثاث أجمل وأكثر راحة وأسهل استعمالاً. واستمر التطوير في صنع الأثاث حتى اختصّ بعض الحرفيين في صنع صنوف من الأثاث للملوك والعامة، وازداد الأثاث فخامة وأخذ يستعمل فيه التطعيم بالعاج والذهب والفضة والصدف والأحجار الكريمة على مادة خشبية أو معدنية.

رقيم جهاز عرس الملكة آخات - ميلكو (المتحف الوطني في دمشق 4261 ش)

لم تعثر البعثات المنقّبة في مواقع سورية التي تعود إلى عصور البرونز على أثاث في البيوت إلا ما ندر؛ لأن مادة الأثاث غالباً كانت تعتمد على الخشب وهو مادة سريعة العطب. أما في القصور فالأثاث غالباً ملبّس بمادة ثمينة صلبة مثل العاج وحجر اللازورد والمعادن مثل الذهب والفضة والبرونز. وتتحدث الرقم المسمارية منذ الألف الثالث ق.م عن مشاغل وورشات لصناعة الأثاث المنزلي، فنصوص إيبلا تشير إلى 50 ورشة نجارة، كل ورشة فيها عشرة عمال؛ أي إنه كان هناك 500 عامل نجارة لصنع الأثاث. كشفت التنقيبات الأثرية في إيبلا عن عدة قطع من خامات اللازورد ويبلغ معدل وزنها نحو 500 غ، ومن المرجح أن تكون تلك القطع الثمينة من اللازورد الخام قد حفظت في المستودعات الرسمية بانتظار تسليمها إلى الصناع الفنيين أو إِلى أحد التجار المكلفين بالإِتجار بها في الخارج، وقد وجدت عليها آثار القطع والحز الناجمة عن عملية التقطيع الأولي إِلى كتل صغيرة أكبر بقليل من حجم القطعة الفنية المراد صياغتها من قبل صانع الحلي والجواهر. من الجدير بالذكر أن اللازورد استعمل أيضاً في تزيين الأثاث.

لوح من صفائح العاج - أوغاريت (المتحف الوطني في دمشق 3599 ش)

أما الرقم المسمارية في مملكة ماري [ر] فتتضمن منذ بداية الألف الثاني ق.م إشارات إلى قطع الأثاث؛ خصوصاً في تجهيزات الزواج، ففي النص الخاص بمهر الأميرة إنباتم Inbatum يرد ذكر قطع أثاث مثل: الأواني؛ سراج؛ حوض غسيل؛ إبريق؛ وعا برونزي؛ سجاد؛ سرير؛ كراسي؛ طاولات؛ مسند للقدمين؛ صندوق خشبي، ومن قطع الأثاث الأخرى المذكورة في نصوص ماري:

صناديق قابلة للحمل؛ أرجل سرير؛ مرايا؛ كراسي بمساند؛ كراسي من دون مساند؛ كراسي بحشوات؛ حقائب.

تاج المنضدة المصنوعة من عاج الفيل- أوغاريت (المتحف الوطني في دمشق 4507 ش)

وفي مملكة أوغاريت [ر] تذكر الرقم المسمارية المصنوعات الخشبية التي تم شغلها ضمن جهاز عرس الملكة آخات - ميلكو زوجة نقمادو الرابع. ومن مواد هذا الجهاز: حلي وأوانٍ منزلية ثمينة (ذهب أو فضة)، ألبسة، مفروشات، أدوات برونزية، زيت عطري وعلب مساحيق تجميل. ويشهد هذا النص على غنى الأثاث الذي لابد أنه كان موجوداً في القصر الملكي.

 
  وعا حجري كبير في زاوية إحدى الغرف في أوغاريت حيث كشف أول مرة ويعد دلالة مهمة على استخدام الناس لهذا الوعا في شرب الما منذ آلاف السنين
 
نحت نافر من أوغاري يعود تاريخه إلى القرنين 2 - 1 ق.م يمثل مشهد شراب يظهر فيه كرسي بمسند (المتحف الوطني في دمشق 4507 ش)   قوائم أسد مبسوطة من العاج - أوغاريت

وبين عامي 1952- 1956 كشفت التنقيبات الأثرية في أوغاريت عن العديد من القطع العاجية التي كانت تزين قطع الأثاث في القصر الملكي، وهذه القطع كانت تستعمل على أطر الأسرّة والمناضد. وتورد النصوص من أوغاريت إشارات إلى تطعيم خشب الأسرّة والمناضد والمقاعد بالقطع العاجية.

عينات خشبية عثر عليها في أثنا حفريات البعثة الفرنسية كانت ضمن أثاث القصر الملكي
 
ختم أسطواني من أوغاريت يظهر فيه كرسي بلا مسند
 
زجاجة للشرب على شكل سمكة من أوغاريت (متحف اللوفر)

ومن المواد الأثرية المكتشفة في أوغاريت لوح من صفائح العاج منحوت على وجهيه، يتضمن مشاهد مختلفة من حياة القصر الملكي، ويؤلف جز اً من سرير أحد ملوك أوغاريت أو أمرائها، وقد حفر بيد فنان أوغاريتي تأثّر بفنون مصر وطعَّم بها فنه، فأبدع قطعة أتت غاية في الدقة من حيث الموضوع والنحت والتعبير الواقعي عن حياة مدينته. وهناك قطعة نفيسة شكلت سطح منضدة مستديرة الشكل، وهذه القطعة مصنوعة من صفائح العاج الرقيق، وقد وجد بالقرب منها قطعة عاجية بشكل مخالب حيوان؛ ربما كان أسداً رابضاً، وهذه القطعة كانت قاعدة رجل المنضدة، والمنضدة نفسها صنعت على الأرجح من صفائح خشبية لم يعثر عليها بسبب اندثار الخشب، وقد اكتشفت هذه القطعة في القصر الملكي في أثنا موسم التنقيب عام 1953 لكنها وجدت مجزّأة إلى كسر عديدة؛ جمع بعضها إلى بعض ليتم التوصل إلى شكلها الأصلي، وهي واحدة من مجموعة قطع عاجية تعد من أندر المجموعات العاجية المكتشفة. وفي أوغاريت أيضاً اكتشفت رقائق تغليف ذهبية غير مزخرفة، والمرجح أنها كانت تغلف أجزا خشبية من قطعة أثاث، وقد تكون قطعة الأثاث هذه عرشاً ملكياً.

 
عناصر ترصيع من الزجاج واللازورد كانت ضمن أثاث القصر الملكي في أوغاريت   نقش في أسفل صحن من الذهب (من أوغاريت ، 14 - 13 ق.م)

إن إحدى ميزات أثاث القصر في سورية القديمة استعمال مواد من نوعيات مختلفة لإنتاج ابتكارات تركيبية متعددة الألوان شبيهة بتلك المذكورة في جهاز عرس آخات - ميلكو؛ ملكة أوغاريت، مثل قطع الأثاث المغلفة بالذهب والمرصعة باللازورد. وقد عثر على أجزا من التزيينات غير العاجية في أثنا التنقيب في قصر أوغاريت، وتتألف من قطع للترصيع من اللازورد والزجاج الأزرق المقولب على هيئة قضبان مغزلية الشكل وحلقات أو تويجات. وتبين المشاهد الفنية المنقوشة على الأختام الأسطوانية المكتشفة في موقعي مدينتي ماري وأوغاريت بعض أنواع الكراسي والعناصر المستعملة.

 

ميسر يبرودي

 

 

مراجع للاستزادة:

- J. GACHET- BIZOLLON,”Les ivoires d’Ougarit, Ras Shamra-Ougarit XVI“, ERC, (paris, 2007).

- E. GUBEL, Phoenician Furniture: A Typology Based on Iron Age Representation with Reference to the Icon೿o­graph೿i೿cal Context, (Louvain, 1987).

- S. LACKENBACHER, Texts akkadiens d’Ugarit: Textes venant des vingt -cinq premières campagnes, Littératures anciennes du Proche- Orient 20, (Paris, 2002).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : أثاث وأدوات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 172
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1102
الكل : 40557537
اليوم : 87352