logo

logo

logo

logo

logo

الجامع الكبير (المعرة)

جامع كبير (معره)

-

 الجـامع الكبيـر/مـعرّة النعمان

الجـامع الكبيـر/مـعرّة النعمان

 

 

يتوسّط الجامع الكبير مدينة المعرة القديمة التي كانت إحدى الحواضر المهمة على مفترق الطرق التجارية، فتحها الصحابي أبو عبيدة بن الجراح سنة ١٧هـ/٦٣٨م، وتولاّها الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان فنُسبت إليه، وتُنسب أيضاً إلى النعمان بن المنذر. وقد أصبح جامع المعرة الكبير أهمّ مَعلمٍ أثري في المنطقة، وهو يقع شرقي الساحة المعروفة باسمه وغربي خان مراد باشا (متحف المعّرة)، وتطلّ واجهته الشمالية على شارع الكورنيش.

الموقع العام

والجامع مشيدّة أثرية، وأقدم ما عُرف عن إنشائه في العصر العباسي على لسان ابن الوردي الذي قال: «في سنة ٣٢٣هـ/٩٣٤م عُملت قبلة المسجد بمعّرة النعمان بالرخام والفصوص والجص، عمل ذلك أَخَوان من دمشق، اسم أحدهما متوكّل، ولم يزل كذلك إلى أن أُحرق الجامع المذكور وأكثر الدور...». والذي أحرقه هو الامبراطور البيزنطي نيقفور فوكاس سنة ٣٥٧هـ/٩٦٧م بعد هجومه على المعرّة، ثمّ أحرقه أيضاً الصليبيون سنة ٤٩٢هـ/١٠٩٨م بعد إعادة بنائه، ثم أُعيد بناؤه مرة ثالثة، وتوالت عليه الإضافات والترميمات والتجديدات في مختلف العصور الإسلامية حتى وصل اليوم بوضعه الحالي.

بُنيت جدران الجامع وعناصره المعمارية كافة من مداميك الحجر الكلسي الطحيني، وهو يقع في منخفض، وله مدخلان: مدخل شرقي معقود بعقد مدبّب؛ ومدخل غربي رئيسي معقود بعقد وتري مرتفع، يُهبط إليه بدرج عريض مؤلّف من عشر درجات، حيث يفضي إلى صحن الجامع الواسع ذي المسقط المستطيل الذي يتوسّط القبلية (الحرم الجنوبي) والحجازية (الحرم الشمالي). تتألف أرضية الصحن من مستويين جنوبي وشمالي مرتفعين قليلاً، ومن مستوى وسطي تتوسّطه الميضأة والمِزولة، وتحتوي الميضأة على حوض مياه كبير ذي مسقط مثمن يتضمن عشرة أعمدة أسطوانية ذات تيجان نباتية تحمل عقوداً نصف دائرية، ترتكز عليها قبة نصف كروية مدببة وملساء؛ وأما المزولة فهي من العصر الأيوبي تعلوها قبّة مدبّبة متوّجة بالهلال ترتكز على ستة أعمدة أسطوانية.

الميضأة والمئذنة

وأما الحرم الجنوبي فهو ذو مسقط مستطيل (٨٥×١٢م)، يُدخل إليه عبر ثمانية أبواب كبيرة معقودة بعقد وتري، تعلوها قندليات ثلاثية الفتحات. ويسقف الحرم قبوات متقاطعة ترتكز على دعائم وسطية مربّعة وأنصاف أعمدة ملتصقة بالجدران، وتنتظم ست قباب متماثلة نصف كروية ملساء ترتكز على رقبات مضلّعة على صفّين في وسط السقف الذي أُقيم في العصر المملوكي. وقد زُيّنت نوافذ الجدار الجنوبي بزخارف حجرية هندسية بديعة وزخارف معدنية بنقوش وكتابات نافرة تتألف من السطرين الآتيين:

«حمل لرسم جامع المعرة المعمور

عمل الحاج عمر الريحاني عفا الله عنه»

وأما المحراب فقد كان مكسواً بالرخام قبل إحراقه، والمنبر خشبي بعرض ٨٠ سم. ومما يلي المحراب إلى الشرق كتابة نافرة تؤرّخ التجديد في العصر المملوكي سنة ٧٧٥هـ/١٣٧٣م، وهي مؤلفة من ثلاثة عشر سطراً، أهم ما جاء فيها:

«بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الآمر بالعدل والإحسان الناظر بعين الرحمة إلى كل إنسان، الموفق للعمل الصالح من اختار وشرّف سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة وأظهر مناره، وبعد فلما جدد كان مولانا ملك الأمراء المقر السيف أرغون زين الشرفي كامل المملكة الحموية أعز الله أنصاره وجعل الإحسان شعار أهل المعرة المعمورة التي أضحت من كفالته مغمورة وجدد الجامع وأوقافه..... فبرز المرسوم الشريف بكل فصل منيف وأقر رسمه الشريف العالي المولوي السلطان الملك الأشرف الناصر لا زال يلحظ بمصالح بيوت الله فتغدو عامرة مراحة الغدار ويحفظ مقام جهاتها من بين برّ سعيها.... كتب في تاسع عشرين شوال سنة خمسة (خمس) وسبعين وسبع ماية (سبعمئة) فلذلك رسم بالمقر العالي السيفي المشار إليه أن ينقر على الحجر ليخلد إلى يوم الحشر انتصاراً وعدلاً يردد عنه كلما أذن مؤذن وكبر خطيب وخطب على منبر والله تعالى يلهم ولاية الأمر باستدارته أو بقائل يعتبره من تحجمه وزارة».

وأما الحرم الشمالي (الحجازية) فواجهته أقل تميّزاً من واجهة الحرم الجنوبي؛ فهي تحتوي على أبواب وفتحات سفلية وعلوية متعددة ومعقودة، وسقفه معقود يرتكز على دعائم مربعة؛ غير أنه يخلو من القباب. وقد ضُمّت الغرفتان والرواق في الجهة الشرقية إلى الحجازية، وجعل فيها ميضأة ، وفُتح لها باب إلى القبلة من جهة الغرب في العصر العثماني سنة ١٣١٢هـ/١٨٩٤م. ويوجد لوحة كتابية نُقشت على واجهته الجنوبية ترقى إلى العصر المملوكي سنة ٨٨٦هـ/١٤٨١م نصّها الآتي:

«لما كان بتاريخ الستة أشهر سنة ستة (ست) وثمانين وثمانمائة (ثمانمئة) برز المرسوم....»

قباب الحرم والمئذنة
قبة المزولة والميضأة

شُيِّدت مئذنة الجامع في العصر الأيوبي سنة ٥٧٥هـ/١١٧٩م، مرتفعة بمقدار ٢٧م تقريباً، وهي ذات مسقط مربّع، بُنيت جدرانها من مداميك الحجر الكلسي، وقُسمت إلى ست طبقات متساوية (٣.٨٥م) بوساطة مدماك حجري بارز يفصل بين كل طبقة وأخرى. ولكل منها ميزة زخرفية، حيث تنصّف كل طبقة منها نوافذ متماثلة من جهاتها الأربع؛ لكنها تختلف بين كل طبقة وأخرى: فالطبقة الأولى بعد سطح الحرم تحتوي على نوافذ مستطيلة ضيّقة، والثانية تحتوي على عقود خماسية الفصوص تتضمن قمرية دائرية ذات إطار حجري، والثالثة تحتوي على قمرية ذات إطار حجري شعاعي، والرابعة تحتوي على فتحات واسعة معقودة بعقد نصف دائري، ثم تبرز شرفة المؤذن قليلاً والتي تحتوي على درابزين زخرفي وتغطيها مظلة تبرز عنها، ثمّ يعلوها جذع مربع يصغر عن الجذع السفلي حيث ترتكز عليه قبة نصف كروية ملساء متوّجة بالهلال. وقد نُقش على المئذنة بخطّ نسخي أيوبي «صنعه قاهر بن علي بن قانت رحمه الله». وقد نُقش أيضاً في حجر داخل أعلى المئذنة من الجهة الشمالية الغربية ثلاثة أسطر تفيد تاريخ التجديد في العصر المملوكي سنة ٩٠٩ هـ/١٥٠٣م، نصّها:

«الحمد لله رب العالمين أما بعد فقد جدد هذا البناء المبارك

المعلم إبراهيم الزبداني في نوبة الحاج محمد .......

..... وأولاده علي أبو الحسن المعري سنة تسع وتسعمائة (تسعمئة)».

وفي الطرف القبلي بجانب هذه الكتابة نُقشت لوحة كتابية أخرى تفيد التجديد في أواخر العصر المملوكي، تتألف من ستة أسطر، نصّها الآتي:

«جدد هذا

البناء المبارك

العبد الفقير إلى الله تعالى

الحاج خليل بن الحاج محمد

البيطار المعري عفا الله

عنه وعن عماله»

زكـريا كبريت

مراجع للاستزادة:

- أحمد فائز الحمصي، روائع من العمارة العربية الإسلامية في سورية (منشورات وزارة الأوقاف، دمشق ١٩٨٢م).

- أحمد وصفي زكريا، جولة أثرية في بعض البلاد الشامية (دار الفكر، دمشق ١٩٨٤م).

- فايز قوصرة، التاريخ الأثري للأوابد العربية الإسلامية في محافظة إدلب (منشورات وزارة الثقافة، دمشق ٢٠٠٦م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1098
الكل : 45680443
اليوم : 81126