logo

logo

logo

logo

logo

استرابون

استرابون

Strabo - Strabon



استرابون

 

 

اشتهر استرابون  Strabon بأنه جغرافي، ولكنه كان مؤرخاً قبل أن يكرّس حياته لكتابة مؤلفّه "الجغرافيا"Geographia؛ إذ كان قد ألف كتاباً في التاريخ من سبعة وأربعين جز اً لم يصل أي منها، وكان يعدّ نفسه خلفاً للمؤرخ بوليبيوس Polybios. وقد أعدّ استرابون أعماله حتى تكون مفيدة لرجال الدولة وقادة الحرب أو رجال الإدارة، ويشير إلى ذلك في مقدمته، فيقول: "يجب أن يكون هذا العمل مفيداً عامة، ويخدم المواطن المتنور أو الشعب مثلما فعلنا ذلك في مؤلفنا التاريخي".

ليس هناك معلومات دقيقة حول تاريخ ولادة استرابون أو وفاته، ولا تتوافر معلومات واضحة حول نشاطاته الفكرية، باستثنا عمل واحد من أعماله، وهو مؤلفه "الجغرافيا". تم الاعتماد على بعض الأحداث التاريخية المعروفة التي ذكرت في عمله مثل: "في وقتنا" تقسيم مقاطعة غلاطيا Galatia التي تمت في عام 63 ق.م أو فيما يتعلق بولادة الفيلسوف أنطيوخوس Antiochos بوقت قصير قبله، وهكذا أمكن تحديد ميلاد استرابون في عام 68 ق.م. أما بالنسبة لوفاته وبما أنه لم يعرف عنه نشاطات مهمة بعد 24 أو 25 ميلادي، لذا يمكن تحديد تاريخ وفاته نحو عام 25 للميلاد.

ينتسب استرابون إلى أسرة معروفة، وقد ولد في مدينة أماسيا Amaseia عاصمة مقاطعة بونتوس Pontos على الساحل الجنوبي من البحر الأسود، وكانت هذه المدينة قد تم اختيارها من ملوك مقاطعة بونتوس مركزاً لسكنهم، كما أن عائلة استرابون قد أدت دوراً مهماً في الحياة السياسية لهذه المملكة. ينتمي استرابون إلى الثقافة الإغريقية حيث كان من أصل إغريقي كما أن ذوقه الثقافي كان أيضاً إغريقياً؛ لأنّ الأساتذة الذين درّسوه تمت الإشارة إليهم على أنهم إغريق (مثل أرسطوديموس  Aristodemos أستاذ القواعد والخطابة، تيرانيون  Tyrannion أستاذ الجغرافيا، وإكسينارخوس  Xenarchos الفيلسوف، ويبدو أنه كان هناك آخرون أيضاً؛ لكن لا تتوافر معلومات عنهم، وعلى الرغم من انتمائه إلى المذهب الرواقي، يشير استرابون إلى زينون  Zenon مؤسس هذه المدرسة بطريقة محببة؛ فإنه لا يذكر اسم أي رواقي آخر ضمن قائمة أساتذته الذين درسوه في شبابه، لذلك يبدو أنه كان من أتباع هذه المدرسة الفلسفية عندما كان شاباً وفي أثنا وجوده في روما، حيث كانت هذه المدرسة الفلسفية منتشرة فيها بقوة، وكان استرابون قد ترك معلومات مهمة عن أهمية مدينة روما وعظمتها، حيث أبدى إعجاباً كبيراً بها وبمبانيها المهيبة كما كان معجباً أيضاً بالامبراطور أغسطس  Augustus.

يمكن التعرف على نحو تقريبي إلى تاريخ تأليف كتابه "الجغرافيا"، لكن من المؤكد أن استرابون قد ألّفه بعد كتابه في التاريخ؛ إذ كان قد بلغ سنّ النضج. والفرضية الأكثر احتمالاً أنه قد تم تأليفه نحو عام 7  ق.م، ثم أعيدت مراجعته نحو 18 الميلادي، ولا يشير استرابون إلا نادراً إلى أحداث بين الأعوام 6 ق.م و14 م، وكان قد بلغ 55 عاماً من عمره في أثنا تحريره لعمله للمرّة الأولى في مدينة أماسيا حيث أمضى بقية حياته فيها، ويبدو أنه أعاد صياغة مؤلفه وتصميمه على ضو الأحداث الجديدة الأخيرة، لذلك يلاحظ نوع من عدم التجانس في بعض المعلومات.

وتتألف جغرافيا استرابون من 17 كتاباً، تتوزع مواضيعها كالتالي:

الكتاب الأول: مقدمة، ويعالج في الثاني الجغرافيا الرياضية وينتقد الجغرافيين السابقين، ويتحدث في الثالث عن إسبانيا  وجزرها، وفي الرابع عن بلاد الغال وبريطانيا، وفي الخامس والسادس عن إيطاليا والامبراطورية، وفي السابع عن شماليّ أوربا وشرقها، وفي الكتب الثامن والتاسع والعاشر عن بلاد الإغريق، وفي الحادي عشر عن البحر الأسود وقزوين وطوروس، وفي الكتب الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر عن آسيا الصغرى، وفي الخامس عشر عن الهند وفارس، وفي السادس عشر عن ميزوبوتاميا (بلاد الرافدين) وسورية وبلاد العرب، وفي السابع عشر عن مصر وإثيوبيا وشماليّ إفريقيا

وقد أعد استرابون مؤلفه "الجغرافيا" من خلال تجربته الشخصية حيث حصل على شهادات شفهية عن الوقائع المختلفة أو من خلال رؤيته الشخصية للأراضي والتعرف إلى الشعوب. وهو  يوضح في مقدمته الثانية أنه كتب مؤلفه من خلال مشاهداته الشخصية أثنا زيارته الميدانية للأراضي المختلفة أو في أثنا إبحاره أو أنه حصل على معلومات شفهية أو غير ذلك من مصادر مختلفة، ويؤكد أن جز اً كبيراً من عمله قد حصل عليه من الروايات الشفهية من الرحالة المختلفين، فهو يرى أن الكتابة الجغرافية لا تعني زيارة كل المواقع، بل يمكن الاستفادة من معلومات شفهية أو كتابية وردت من أناس يوثق بهم.

فقد استطاع مثلاً التعرف إلى البلاد العربية السعيدة بفضل روايات صديقه أيليوس جالوس Aelius Gallus الذي قاد الحملة الرومانية المخفقة على اليمن عام 25/24 ق.م، كما تم التعرف إلى مدينة البترا عن طريق صديقه أتنودوروس Athenodoros الذي أقام في هذه المدينة.

ولم يقرأ استرابون أعمال المؤلفين القدما المذكورة في مؤلفّه، بل تعرف إلى كتاباتهم عن طريق المؤلفين المعاصرين له أو القريبين من عصره.

وتمكن من خلال قرا ته لمؤلفات  بوسيدونيوس Posidonius- وهي "المحيط" و"التاريخ"، و"تاريخ بومبيوس"- من الاطلاع على وصف إيبيريا Iberia وبلاد الغال Gallia، كما أتاحت له هذه المصادر معرفة شهادات السابقين مثل إيفوروس Ephoros وإراتوستين Eratosthenes، وبوليبيوس Polybios وأرتيميدوروس Artemidoros، وقد استفاد استرابون من تلك الشهادات والمصادر في التعرف إلى بلدان مثل بونتوس ومصر وسورية.

يعدّ مؤلف الجغرافيا لإراتوستين من أهم الأعمال العلمية في الجغرافيا في نظر استرابون؛ لأنه استطاع بفضل هذا العمل التعرف إلى الهند، كما تمكن استرابون من التعرف على مؤلفين ومؤرخين سابقين.

واعتمد استرابون كثيراً على بوليبيوس؛ حيث استفاد مما ورد عنده من معلومات منهجه في إعداد المؤلف. كما استفاد استرابون من ارتيميدوروس من آفسوس في معرفة إيطاليا وآسيا الصغرى ومصر ومن أبولودوروس Apollodorus في معرفة بلاد الإغريق.

ويُشعر أحياناً بوجود نوع من عدم التجانس في المعلومات الموجودة في مؤلفه "الجغرافيا" على الرغم من أهميتها العظيمة في التعرف إلى البلدان والشعوب وأنظمة الحكم وغير ذلك، فهناك نوع من الخلط بين المعلومات التي حصل عليها بأم عينه أو المعلومات التي حصل عليها شفهياً من الرحالة أو المعلومات الكتابية من المصادر الأقدم منه. ويمكن التعرف إلى النقاط الإيجابية والسلبية حول سورية في مجلد رقم 16 من كتاب "الجغرافيا"؛ إذ ترك استرابون الكثير من المعلومات المهمة والمفيدة عنها، وتتضمن هذه المعلومات شرحاً عن المدن والأنهار والشعوب والأحداث العسكرية  وأنظمة الحكم فيها خلال العصرين الهلنستي والروماني.

 

مأمون عبد الكريم

 

 

مراجع للاستزادة:

- STRABON, La Géographie, I, Les Belles Letters, (Paris, 1969).

- M. ABDULKARIM et al., L’apport des textes de Strabon dans l’analyse environnementale et historique des sites de la vallée de l’Oronte, Photo-interprétation, 40,  (2004).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : أعلام
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 387
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1073
الكل : 40581940
اليوم : 111755