logo

logo

logo

logo

logo

جنبلاط (قصر-)

جنبلاط (قصر)

-

 ¢ جنبلاط

 جنبلاط (قصر -)

 

يقع قصر جنبلاط في مدينة حلب بمحلة البندرة داخل باب النصر جنوبي القلعة، يؤرخ بناؤه على نحو تقريبي في نهاية القرن 10هـ/16م، وبانيه الأمير جانبلاط بن قاسم الكردي القصيري أمير لواء أكراد حلب، وجانبلاط اسم كردي يعني «نفس من الصلب أو الفولاذ»، وهو من كبار رجال الدولة العثمانية.

كان مكان هذا القصر قبل بنائه دور عديدة لبني الأصبع، فاشتراها جانبلاط، واشترى حولها بيوتاً أخرى، وهدمها، وبنى موضعها قصراً واحداً؛ قيل: إنه أنفق عليه آنذاك ما بين 20 - 25 ألف دينار ذهبي.

اشتهر القصر (الدار) بضخامته، حيث ذكره الطباخ في «أعلام النبلاء»، فقال: «هي إحدى الدور العظام القديمة في حلب»، وقد عرف بعد جانبلاط باسم دار ابن السلام نسبة إلى سبيل عبد السلام القريب الذي كان تابعاً لها، حتى آل بعد سنة 1180هـ/1766م للشيخ حسن أفندي الكواكبي مفتي حلب، فأوقفه على ذريته من بعده، وأهمهم الحاج حسن بك بن مصطفى إبراهيم باشا زادة الذي عرف أيام الانتداب الفرنسي باسم «أبونا حسن بك»، وعرفت الدار تجاوزاً باسم بيت الأمة، ومن بعدهم أصبح القصر مقراً لرجال الكتلة الوطنية في حلب، حتى تحول إلى مدرسة لتعليم البنات باسم مدرسة الغافقية.

كان قصر جنبلاط يمتد على مساحة كبيرة تزيد على 5000م2، شُيِّد عليها أبنية عديدة مختلفة كانت تتبع للقصر مثل الثكنة (أي مكان مبيت القادة العسكريين وجنودهم من الحراس والخدم وغيرهم)، إضافة إلى الاسطبلات المختلفة، ولكن- للأسف- فإن جميع هذه الملحقات تهدمت كليّاً بين سنتي 1380-1390هـ/1960-1970م، وانفصلت أرضها عن القصر، إضافة إلى ضياع بعض الأجزاء الأخرى بعد أن تمّ الاعتداء عليها من قبل الجوار عبر مراحل تاريخية مختلفة، والمتبقي اليوم من المساحة الكلية الأولى نحو 2310م2 فقط.

يُدخل إلى القصر اليوم من مدخل مُحدث بالواجهة الشرقية، وذلك بعد أن أُهمل المدخل القديم الأصلي الذي كان واقعاً في الواجهة الغربية.

يتوسط القصر فناء واسع مستطيل المسقط ضخم المساحة، تقع ضلعاه القصيرتان في الشمال والجنوب، ويحتوي هذا الفناء الضخم على حوض كبير للماء مستطيل، عدّه الدارسون أكبر حوض في دور حلب القديمة، طول ضلعه الطويلة 20م. أما ضلعه الأخرى فطولها 12,5م، ترتفع جوانبه الحجرية عن أرض الفناء نحو المتر، ويؤزره من الأعلى أطروفة من أحجار ملونة صفراء وسوداء كبيرة يربط بينها كلاليب رابطة من الحديد، تزيد بعمق الحوض، الذي تتوسطه نافورة بشكل كأس حجري يتدفق منها الماء، ويوجد أسفل هذا الحوض صهريج لتخزين الماء يمتد على مساحة الحوض نفسها.

صحن القصر

يحيط بالفناء الواسع أربعة أضلاع ذات واجهات داخلية غاية في الإبداع المعماري والزخرفي، مبنية أغلبها بالحجر الكلسي الأبيض النحيت، وقد استخدمت المداميك متناوبة الألوان في الواجهة الشمالية حول الإيوان الشمالي للقصر، وكذلك في تأطير بعض فتحات الأبواب والنوافذ كما في الواجهة الجنوبية على طرفي الإيوان الرئيسي، وللواجهتين الجنوبية والشمالية- على الرغم من أنّهما أقصر بالنسبة إلى الواجهتين الأخريين- أهمية معمارية بارزة أعطت للقصر شهرة معمارية منفردة.

الإيوان الشمالي وبركة الصحن

يتوسط الإيوان الرئيسي الواجهة الجنوبية للقصر، وهو المصنف كأكبر إيوان في عمارة مدينة حلب القديمة، حيث ترتفع أرضه كالعادة عن أرض فناء القصر بمقدار درجة واحدة، وهو مغطى بقبو برميلي مدبب ضخم، يفتح على الفناء أمامه بعقد نصف دائري مدبب، مرتفع عن أرض الإيوان، وقد بُلطت أرض الإيوان بالرخام المشقف متعدد الألوان، وثُبّتت بوسطها فسقية (بركة صغيرة).

واجهة الإيوان الرئيسي الجنوبي

ويفتح على جانبي الإيوان بابان يتوصل منهما إلى غرفتين أو قاعتين جانبيتين ملحقتين بالإيوان. تطلّ كلّ منهما على الفناء بباب رئيسي مؤطر بالحجر الأبلق، وله ساكف مستقيم فوقه شريط حجري مزرر، يعلو كلاً منهما تكوين زخرفي بشكل صدر محفور غائر مقرنص، تعلوه بمستوى الطابق الأرضي فتحة شباك معقودة، ويعلو ذلك بمستوى الطابق الأول شباكان كبيران مستطيلان غُشِّي كل منهما بمصبعات من الحديد، ويؤطرهما مداميك متناوبة الألوان (خضراء وسوداء)، يظهر أعلى كل منهما عتب مستقيم يعلوه شريط حجري بشكل صنجات مزررة، يعلوها بكل جانب تكوين زخرفي ثانٍ بشكل حنية أو صدفة مُغشّاة بصفوف من المقرنصات، ويحيط بها إفريز حجري عريض أقل عمقاً، وتحتوي كلتا الغرفتين في جدرانهما الداخلية على خزائن جدارية وكتبيات، ويبلغ عرض واجهة هذا الإيوان 21,33م.

يشكل صدر هذا الإيوان تحفة فنية فريدة، حيث تتوسطه دخلة جدارية رأسية ترتفع عن أرض الإيوان بمستوى درجة واحدة، تنتهي من الأعلى بعقد يشبه العقد الكبير للإيوان، ويشغل كامل الصدر من الأسفل تركيب هندسي من الرخام الملون بشكل وزرات وتراكيب هندسية بحيث كَوّنت كتبيتان على الطرفين، وينصفها باب معقود بعقد وتري ذي صنجات رخامية ملونة، تعلوه لوحة زخرفية ذات إطار من القاشاني، وقد شُغلت كامل المساحة بين الكتبيات والباب بتراكيب من الرخام متعدد الألوان بأشكال هندسية لخطوط وعقود وأفاريز تنتهي جميعها من الأعلى بشريط عريض لأشكال مزررة بألوان بيضاء وصفراء وسوداء، ويغطي باقي جدران صدر الإيوان للأعلى ترابيع بلاطات القاشاني الأزرق والأبيض مزينة بتراكيب مميزة، تنتهي في الأعلى بفتحة شباك معقودة بعقد مدبب.

صورة تاريخية للإيوان الرئيسي

للضلع الشماليّة للفناء أهمية بارزة لاحتوائها على الإيوان الثاني الصغير الصيفي للقصر، حيث بنيت أغلب واجهة هذه الضلع بالمداميك الملونة (الأبلق) تمييزاً لها من باقي الواجهات، وتحتل فتحة الإيوان وسط هذه الواجهة، بينما تفتح فيها على جانبي الإيوان عدّة شبابيك مغشاة بالمصبعات.

الإيوان الرئيسي الجنوبي

يفتح هذا الإيوان المرتفع على الفناء بعقد حجري من الأبلق مدبب مخموس، يتوصل إليه عبر سلمين صاعدين بكل منهما اثنتا عشرة درجة، يؤديان إلى بسطة واسعة تتقدم كامل مساحة الإيوان، ويعلو الإيوان من الأعلى رفرف خشبي عريض، وزين الإيوان من الداخل بتراكيب زخرفية من الرخام مختلف الألوان إضافة إلى ترابيع القاشاني الأزرق والأبيض، ويوجد بصدره اليوم حنية جدارية خالية من الزخارف، تشير الدراسات إلى أنها كانت تضم سلسبيلاً مميزاً كونت واجهته من بلاطات القاشاني المشابهة لمثيلاتها من باقي أجزاء القصر، وقد تمّ نقل هذا السبيل في زمن غير معروف ليٌعرض في حديقة المتحف الوطني بحلب.

 

الإيوان الشمالي

يفتح بالجدران الداخلية للإيوان بابان، الأيمن يدخل منه إلى غرفة غطيت بسقف مستوٍ محمول على دعامات خشبية، وفتح بحيطانها ثلاث خزائن جدارية ونافذتان مستطيلتان مغشيتان بالمصبعات، واحدة تطل على الفناء، والثانية على الشارع المجاور.

 

زخارف صدر الإيوان الرئيسي

أما الباب الثاني يساراً فيتوصل منه إلى غرفة تحتوي على خمس خزائن جدارية، وتطل على الفناء بثلاث نوافذ مستطيلة مغشاة بالمصبعات، كما تحتوي على درج صاعد مؤلف من عشر درجات يتوصل منها إلى غرفة ثالثة علوية ذات سقف مستوٍ محمول على دعامات خشبية وثلاث خزائن جدارية ونافذتين تطلان على باحة مكشوفة بشكل حديقة صغيرة بالزاوية الشمالية الغربية للقصر، كما يوجد على يمين الدرج الصاعد للإيوان باب بمستوى أبواب الطابق الأرضي يدخل منه إلى غرفة أخرى صغيرة.

 

القاشاني في الإيوان الرئيسي

ويتوصل إلى الباحة الصغيرة (الحديقة) من الفناء الرئيسي للقصر عبر ممر مكشوف يؤدي مباشرة إليها، حيث يشرف على هذه الباحة ستة أبواب يدخل منها إلى ستّ غرف مغطاة بأسقف مستوية محمولة على دعامات خشبية، وتطل على الباحة بنوافذ متعددة جميعها تحتوي على خزائن جدارية مميزة.

وتحتوي الضلعان الغربيّة والشرقيّة على واجهتين تتميزان بكثرة نوافذهما التي تتوزع على ثلاثة مستويات سفلية وعلوية تكون بشكل فتحات صغيرة تنتهي من الأعلى بعقود منكسرة، وكلها مغشاة بمشبكات من الحديد، ومستوى ثالث وسطي يحوي شبابيك كبيرة مستطيلة تنتهي من الأعلى بعقود موتورة يغلق عليها مصاريع من خشب وزجاج، وتشغل المساحات الداخلية لهاتين الضلعين عدة قاعات واسعة وغرف كثيرة مختلفة المساحات ممتلئة جدرانها بالخزائن الجدارية.

 

لوحة من القاشاني في الإيوان الرئيسي

كما يحتوي أسفل الضلع الغربيّة على قبو ضخم يتوضع تحت كامل مساحة القاعتين الرئيستين الواقعتين بهذه الضلع، وهو مفتوح على الفناء بتسع نوافذ سفلية سبق وصفها، إضافة إلى حنية جدارية بها بئر ماء.

غزوان ياغي

مراجع للاستزادة:

- كامل الغزي، نهر الذهب في تاريخ حلب (دار القلم العربي، حلب 1993م).

- محمد راغب الطباخ، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (دار القلم العربي، حلب 1992م).

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1042
الكل : 45599085
اليوم : 144066