logo

logo

logo

logo

logo

آدوم

ادوم

Edom - Edom



أدوم

 

 

هي إحدى دول شرقي الأردن في الألف الأول ق.م، يحدّها دولة موآب[ر] شمالاً وخليج أيلة (العقبة) جنوباً ووادي عربة غرباً والصحرا شرقاً . ومن الواضح أنّ اسمها يطابق اسم أدوم أو عيسو الأخ التو م ليعقوب - وهما ابنا إسحق بن إبراهيم الخليلu- الذي يقول "سفر التكوين": إنه سكن هو وذريّته في أرض سعير بلاد أدوم". وقد امّحتْ آثارها، فلمْ يُعثر حتى اليوم على قصورٍ أو معابد أو تماثيل أو نقوش خلّفها الأدوميون  Edomites بلغتهم الكنعانيّة؛ لتدلّ على تاريخهم وديانتهم وفنونهم ولغتهم، ماعدا نقوشاً قليلة قصيرة graffiti لا تُغني في هذا كله شيئاً. ولذا يعتمد الباحثون على جمع ما تفرّق من أخبار أدوم  Edom والأدوميين - وهو نزر قليل- في المصادر القديمة: المصريّة  والآشوريّة والبابليّة والتوراتيّة وسواها.

 

إن أول ذكرٍ للأدوميين كان في المصادر المصرية، فقد ورد في نصوص ميرنبتاح بحدود 1206 ق.م، ثم ورد ذكر أدوم و موآب في سجلات رمسيس الثالث[ر] (1184- 1153 ق.م) التي تتحدّث عن حملاته التأديبيّة. أما الأخبار التالية عن أدوم فمصدرها أسفار "العهد القديم"، وأسبقها زمناً هو رفض ملكها - كما ورد في "سِفر العدد"- طلباً من موسىu أن يسمح له ولقومه بالمرور وهم قادمون من مصر، ثم حارب شاؤل أدوم وغلبها، وأخضعها داودu (1004-  965  ق.م) مع جارتيها موآب وعمّون، وأنهى استقلالها، وعيّن لها مَن يحكمها، وأقام فيها حاميات عسكريّة، فهرب ملكها - ويُدْعى "هَدد" - إلى مصر، وتزوّج أختاً لملكة مصر آنذاك، ثم عاد في عهد سليمانu ليكون خصماً له، ولكنه - فيما يظهر- لم يُفلحْ، ولمْ يُخلّف وريثاً. وتتوالى الأخبار بعد ذلك في أسفار "الملوك" و"أخبار الأيام"؛ لأنّ أدوم كانت تجاور مملكة "يهوذا" في فلسطين، فيقرأ فيها أنّ الأدوميين ثاروا في عهد يهورام ملك يهوذا (852- 845 ق.م) واختاروا لحكمهم ملكاً منهم، ثم انتصر أمصيا ملك يهوذا (801 -773 ق.م) بعد نحو قرن على الأدوميين في "وادي الملح"- وهو موقع غير معروف- واستولى على مدينة "سلع" في أدوم، وغيّرَ اسمها إلى "يقتئيل Yoktheel"، ثم استكمل عُزّيّا ملك يهوذا (773- 744 ق.م) الاستيلا على أدوم بعد أن سيطر على "أيلة" في الجنوب، ولكنها ما لبثت أنْ استعادت استقلالها في عهد ملك يهوذا التالي آحاز (744- 729 ق.م).

سلع معقل الأدوميين: منطقة البوابة وبرج من الصخور الطبيعية التي تشكل المدخل الوحيد إلى حصن سلع المتموضع فوق قمة جبل (لاحظ الممر الضيق الذي يؤدي إلى المدينة في الجهة السفبية اليسرى من الصورة)
 
موقع "بصرة" عاصمة الأدوميين (بصيرة اليوم)

لمّا اجتاح الآشوريون الأردنّ وفلسطين أبقوا في عهد أدد نراري الثالث[ر] (804 -782 ق.م) - ثم في عهد تجلات- بيلاصر (745- 727 ق.م)- على استقلال أدوم وعمون وموآب؛ لتكون منطقة عازلة بين بلاد آشور ومصر، ولكنها أُجبرت على دفع الإتاوة، ثم تمرّدت ثلاثتها ومعها يهوذا في عهد ملكها حزقيا (725- 697 ق.م) على سنحاريب[ر] (705 - 681 ق.م) في بداية عهده، وامتنعت عن دفع الإتاوة، فهاجمها عام 701ق.م، وقمع تمردها، وأخضعها .

وتغيّرت الحال بعد سقوط الدولة الآشورية وقيام الدولة البابلية الحديثة[ر]، إذ قضى نبوخذ نصر الثاني[ر] (605 -562 ق.م) بمؤازرة العمونيين والموآبيين والأدوميين على دولة يهوذا عام 586، ويبدو أنه كافأ الأدوميين بأنْ ترك لهم الجز الجنوبي منها، ولهذا كرههم اليهود كرهاً شديداً. وأغلب الظنّ أنّ آخر الملوك البابليين نبونانيد[ر] (555 - 539 ق.م) خشيَ بعد إخضاعه الأدوميين في حملته عام 552 ق.م من تمرّد أدوم ويهوذا، فدفع الأدوميين إلى الانتقال من موطنهم القديم - الذي وفد إليه الأنباط - إلى جنوبي يهوذا مما يؤدّي إلى تنازع الطرفين وإضعافهما معاً.

ولا يُعرف ما حدث للأدوميين في العهد الأخميني، حتى غزا الإسكندر المقدوني الشرق، ثم تقاسم الدولة بعد وفاته عام 333 ق.م  السلوقيون والبطالمة، إذ قُسمت فلسطين في العهد الهلنستي إلى خمس ولايات Eparchia، إحداها ولاية أسدود، والأخرى تُدعى - كما يقول ديودوروس الصقلي - "Idoumaia" باليونانية أي إدوميا، وهذه الولاية - التي سُمّيت باسم سكانها الأدوميين - قسمان: شرقيّ وفيه مدينة Adoraim/Adora؛ وغربيّ وفيه مدينة Marissa/Marescha، ثم اتسعت رقعتها بعد وفاة الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث عام 187ق.م - كما يقول يوسيفوس - بضمّ ولاية أسدود إليها. غير أنّ وصول المكابيين/الحشمونيين إلى السلطة في ظلّ السلوقيين كان وبالاً على الأدوميين، إذ أخضع الأمير المكابيّ هِرْكانوس الأول (135- 104 ق.م) الأدوميين في موطنهم الجديد وأجبرهم على اعتناق اليهوديّة.

وبالعودة إلى المصادر الرئيسة، وهي آثار الأدوميين ونقوشهم؛ فإنّ نتائج التنقيبات الأثرية في واحدٍ من المواقع الأدومية الثلاثة، وهو المينا المسمّى "عصيون جابر" في أسفار "العهد القديم" المجاور لمينا "أيلة" ضحلة جداً، إذ لا تتجاوز نقوشاً قصيرة (نحو: "لِفلان") مكتوبة على أختامٍ أو كسرٍ من الفخّار ostraca، أمّا الموقعان الآخران فيرى الباحثون أنّ أطلال أحدهما - وهو"سلع" المذكور أعلاه - تشمل حصناً أدوميّاً نبطيّاً على بعد بضعة أميال إلى الجنوب الغربي من مدينة "الطفيلة" في جنوبي الأردن، وأنّ الآخر "بُصْرة" هو اليوم "بُصَيْرة" التي تبعد 35 كم إلى الجنوب الشرقي من البحر الميت، وتبدو بشكل معقل طبيعي على رعن مرتفع محاط بأودية عميقة على ثلاث جهات تحيط به. وكان غلويك  N.Glueck أول من استكشف الموقع عام 1933، ثم أجرى بينيت  Cr.-M. Bennett تنقيبات فيه في الأعوام 1971-1974و1980. ويبرز في الموقع مرتفع يغطي نحو 3200 م2 كُشفَ فيه عن مركزٍ إداري محصّن يعود تاريخه إلى القرن 7 ق.م، ومن المرجح أنه استمرّ خلال العصر الفارسي، وهناك أدلّة على استعماله ثانيةً في العهدين النبطي والروماني. ويضمّ هذا الموقع بنايتين كبيرتين كانتا - على الأرجح- معبداً وقصراً مشيّدين على مصطبةٍ من الحجر والتراب لجعلهما في مستوى أعلى من مستوى البيوت المحيطة بهما. للمعبد مدخل ضخم مزوّد بأعمدة، تليه غرفةٌ استعملت - فيما يبدو- للتطهر، وهي مجهّزة بنظامٍ لتصريف المياه. وأما القصر فيضم باحةً واسعة كُسيت جدرانها بالجصّ. وكانت المواد الأثرية الفخمة في الموقع قليلة، كما شملت المكتشفات عدداً صغيراً من الكِسر الفخارية المكتوبة والأختام والأوزان وطبعات الأختام على الفخّار، وتتميز قطع الفخّار في هذا الموقع بدقة الصنع.

وإذا كان المألوف أنْ يُرجع في أسما الملوك والحكّام إلى النقوش؛ فإنّ كتابات الأدوميين تخلو منها، ولكنّ "سفر التكوين" هو الذي يورد أسما سبعةٍ منهم سبقوا داودu! وأوردت المصادر الآشورية أسما أربعة من ملوكهم؛ وهم: "هَدد" المعاصر لداودu و: أرامّ ُ Arammuالمعاصر لتجلات بلاصر الثاني و: قوش مَلَك Qaus malaku  المعاصر لـ سنحاريب و: قوش جَبر Qaus gabri المعاصر لـ أسرحدون [ر]، ولا يُعرف من أسما آلهتهم سوى إلهٍ واحد هو "قوس"- وهو معروف عند الأنباط أيضاً- الذي يرد في أسما الملوك المشار إليها، وهي تُذكّر بنظائر لها في أسما الأعلام (نحو:´bd qs و Br qs و´ km q)s في النقوش اللحيانيّة.

أما في إدوميا موطنهم الثاني فهناك مدينتان - سبقت الإشارة إليهما - ذكرهما "زينون" في إحدى بردياته "enon Papyri" التي تعود إلى عام 259 ق.م؛ إحداهما Adoraim/Adora ("دُورا" حالياً جنوبي الخليل)، وكانت مركز القسم الشرقي منها، والأخرى في القسم الغربي من الولاية، وهي العاصمةMarissa/Marescha  ("تل سَنْدَحَنّه" حالياً) التي كان يقيم فيها آنذاك جالية كبرى من أهل صيدا، ولم تكشف التنقيبات التي أُجريت فيها أواخر القرن التاسع عشر سوى آثار العهد الهلنستي، ومنها نقوش تعود إلى مطلع القرن الثاني ق.م تتضمّن أسما بعض أولئك الصيداويين - وهي فينيقية أو يونانية- ومنها اسم رئيس الجالية في المدينة.

 

رفعت هزيم

 

 

مراجع للاستزادة:

-M.WEIPPERT: Edom, Studien und Materialien zur Geschichte der Edomiter auf Grund schriftlicher und archäologischer Quellen, (Tübingen, 1971).

-M. BENNETT, Excavations at Buseirah (Biblical Bozrah), Median, Moab and Edom; The History and Archaeology of Late Bronze and Iron  Age Jordan and North-West Arabia ,(eds.) J. F. A. Sawyer and  D. J. A. Clins, (Sheffield, 1983).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : بلدان وممالك
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 285
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1100
الكل : 40580269
اليوم : 110084