logo

logo

logo

logo

logo

الأميال في العصور الكلاسيكية

اميال في عصور كلاسيكيه

Milles -

 الأميال في العصور الكلاسيكية

الأميال في العصور الكلاسيكية

 

الأميال Milliaria أو "أحجار المسافات" هي أحجار أسطوانية على شكل عمود يبلغ طوله نحو مترين يضيق قطره نحو الأعلى، وله قاعدة مربعة مغروزة في الأرض غير ظاهرة وذلك لتثبيت الأسطوانة العلوية التي تمثل حجر المسافات، وعادة يتم تدوين المعلومات عليها التي تتضمن اسم الطريق واتجاهه، وتزوّد الناس بالمعلومات المطلوبة حول المسافات اللازمة للوصول إلى أقرب مدينة مهمة، كما تتضمن اسم الحاكم الراعي - الذي يكون عادة امبراطوراً- أو من ناب عنه في عملية بناء الطريق أو إصلاحه. ويساوي الميل الواحد 1.6كم تقريباً، وقد استخدمت اللغة اللاتينية للكتابة على الأميال؛ لكن مراعاة للسكان الذين كانوا يعرفون اليونانية فقد تمت كتابة الكلمات المتعلقة بالمسافات أيضاً باللغة اليونانية، وكان نوع الحجر الغالب استعماله في الأميال هو الحجر الكلسي لأنه طري يسهل نحته والنقش عليه، ولكن من مساوئه أنه سريع التأثر بالعوامل الجوية من رياح وأمطار، وبالتالي تتآكل الأحرف المحفورة وتصبح غير مقروءة.

وتدل الأميال المكتشفة في المناطق المختلفة من بلاد الشام على اهتمام أباطرة الرومان ببناء الطرق منذ القرن الأول الميلادي في المنطقة لأسباب تجارية وعسكرية بهدف قيادة جيوشهم إلى الجبهات الشرقية ضد الامبراطورية البارثية. ومن أشهر الطرق طريق ڤيانوڤاVia Nova الذي أُنشِئ في عهد الامبراطور ترايانوس [ر] Traianus والذي يربط سورية بالبحر الأحمر، حيث شاركت قوات الفرقة الثالثة Leg. III Cyrenaïka الرومانية المتمركزة في سورية في بنائه، كما تم العثور على أحجار الأميال في المنطقة الواقعة بين دمشق وبعلبك العائدة إلى عهد الامبراطور هادريانوس [ر] Hadrianus. أما من عهد الامبراطور أنطونينوس بيوس (التقي) [ر] Antoninus Pius فلم يلاحظ وجود أحجار الأميال باستثناء قاعدة حجر ميل على الطريق الواصل بين حماة وتدمر، كذلك لم يتم العثور عليها في مناطق أخرى من هذا العهد كما في فلسطين والولاية العربية؛ مع العلم أنَّ فترة حكم أنطونينوس التقي دامت 22 عاماً، وترجح فرضية إهمال الطرق خلال هذه الفترة، لكن يصعب التأكد من ذلك؛ إذ إنه لم يتم ذكر أي نوع من أعمال الترميم التي تقتضي وضع شواهد مثل حجر التدشين؛ أو ذكر لإهمال هذه الطرق خلال عهد الامبراطور ماركوس أوريليوس [ر] Marcus Aurelius.

اهتم الامبراطور ماركوس أوريليوس ببناء الطرق في بلاد الشام وخاصة في بداية عهده، وقد تم العثور على أحد أحجار الأميال الذي يعود إلى عام 162م على الطريق الساحلي، ويعود السبب الأساسي في إصلاح الطرق في سورية وشقها إلى الحروب البارثية التي بدأت في عام 162م، فقد شهدت الطرق في المنطقة خلال هذه الفترة العديد من أعمال الإصلاح والترميم، كما تم العثور على عدد كبير من أحجار الأميال على طريق ڤيانوڤا في جنوبي سورية التي تعود بتاريخها إلى الأعوام 162-163م. وفي ريف دمشق في موقع سوق وادي بردى تم تعرّف ثلاث كتابات حجرية عائدة إلى الأعوام 163-165م - على الطريق بين دمشق وبعلبك - قامت بها الفرقة (16) فلاڤيا فيرما Flavia Firma، وتحتفل هذه الكتابات بإصلاح الطريق خلال فترة حكم يوليوس سڤيروس، وقد قامت مدينة إبيلا [ر] Abila بتقديم النفقات اللازمة لترميمها. كما اكتشفت شواهد أخرى من موقع عتيبة على طريق درعا- بصرى حيث تم بناء جسر من عام 164م، إضافة إلى كتابة أخرى تعود إلى عامي 161-162م من طريق اللجاة بين دمشق وبصرى معاصرة لها.

ومن عهد الامبراطور كومودوس [ر] Commodus عثر على بعض الشواهد التي دلت على أعمال الترميم لبعض الطرق في جنوبي سورية؛ كتلك التي تتضمن أعمال الترميم التي جرت على طريق ڤيانوڤا في سنة 181م؛ إذ كانت مدينة بصرى Caput Viae محطة مهمة في الجزء الشمالي من هذا الطريق بعد البتراء. ومن عام 186م تم العثور على كتابة ذكرت أعمال ترميم لطريق اللجاة في المنطقة الجنوبية أيضاً.

وفي عهد الأسرة السيڤيرية، أُنجِز العديد من مشاريع الطرقات في جنوبي سورية كترميم طريق اللجاة في عام 195م، وكذلك تم تعرّف العديد من أحجار الأميال في جنوب بصرى على طريق ڤيانوڤا، تعود إلى الأعوام 194م، 214م، 218م، واثنين من عام 222م.

كما أنجزت المشاريع على الطريق الساحلي القديم وخاصة في عهدي الامبراطورين سبتيميوس سڤيروس [ر] Septimius Severus وكركلا [ر] Caracalla؛ حيث تم العثور على الكثير من أحجار الأميال، وقد قامت الفرقة العسكرية الرومانية Gallica بأعمال ترميم للطريق العابر لنهر الكلب، دلت عليها كتابات على أحد أحجار الأميال في مدينة اللاذقية؛ العائد إلى عام 193م.

ومن منطقة صيدا تم العثور على مجموعة من أحجار الأميال العائدة إلى عام 198م، كما تم ترميم الطريق الواصل بين بيروت وبعلبك في عامي 194م و197م. وفي شمال سورية تم شق الطريق بين منطقتي الباب ومنبج، أما في وسطها فقد عثر أيضاً في طريق أفاميا - تدمر على حجري أميال عائدين إلى عام 198م، وخمسة أخرى تعود إلى عام 212م.

حجر ميل من تدمر مكتوب عليه اسم زنوبيا باللغة اليونانية موجود في متحف دمشق الوطني

ودل هذا الاهتمام بالطرق خلال العهد السيڤيري من خلال كثرة وجود أحجار الأميال على الرغبة في إحكام السيطرة الرومانية ولاسيما على المنطقة الواقعة شمال الولاية العربية، كما عثر على كتابات ذات مواضيع عسكرية في المنطقة الواقعة جنوب شرقي حوران؛ أكدت تبعية هذه المنطقة للرومان في هذه الفترة والنشاط العسكري للامبراطورية، إضافة إلى دورها في إظهار شكل التعديلات التي طرأت على الحدود الشرقية للامبراطورية خلال عهد الأسرة السيڤيرية.

وفيما يتعلق بمشاريع الطرق خلال النصف الأول من القرن الثالث فلا تتوافر معلومات كثيرة حولها بسبب قلة أحجار الأميال حتى عهد الامبراطور ديوقلسيانوس [ر] Diocletianus، لكن هذا لا يعني بالضرورة غياب برامج صيانة الطرق وترميمها في تلك الفترة، وقد عثر في جنوب بصرى على حجري أميال على طريق ڤيانوڤا يشيران إلى تنفيذ لأعمال الطرق خلال عصر ماكسيميانوس التراسي (237-238م) Maximinus Thrax، ومن عصر الامبراطور فيليب العربي [ر] Philippus Arabs تم العثور على أحجار أميال على الطريق الساحلي في جنوب صور، وكذلك في جنوب مدينة حمص على الطريق الواصل إلى بعلبك. وقد اهتم فيليب العربي بربط مدينته الأم شهبا بالطريق الشمالي والجنوبي والشرقي. أما في عهدي الامبراطور ڤاليريانوس Valerianus وغاليانوس Gallienus فلم يتم العثور على أحجار الأميال باستثناء حجر ميل وجد على الطريق الساحلي المتجه نحو مدينة بيروت؛ وآخر إلى الشرق من مدينة تدمر، إضافة إلى حجر ميل على طريق ڤيانوڤا.

تم العثور على العديد من أحجار الأميال في عدة مناطق في سورية خلال عهد زنوبيا [ر] وكانت مكتوبة باللغتين التدمرية واليونانية على عكس أحجار الأميال الأخرى التي كتبت باللغة اللاتينية؛ كتلك التي حملت اسم وهب اللات مع ألقابه، وقد عثر عليها على طريق ڤيانوڤا بين بصرى وفيلادلفيا [ر] (عمان) Philadelphia، وفي فلسطين أيضاً.

ومن عهد الامبراطور ديوقلسيانوس الذي عُرف بدوره المهم في إعادة تنظيم الحدود الشرقية في نهاية القرن الثالث الميلادي؛ ومنجزاته التي تركت آثارها في مشاريع الطرق في سورية؛ يُلاحظ وجود العديد من المشاريع، من أهمها الطريق المعروف باسم "ستراتا ديوقليسيانا" Strata Diocletiana الذي كان يربط بين دمشق والفرات عن طريق تدمر، إضافة إلى طريق آخر من الفترة نفسها كان يربط دمشق بتدمر، ويمتد نحو طريق جبل رواق على طريق القريتين والنبك.

مأمون عبد الكريم

مراجع للاستزادة:

- T. BOUZOU, Les routes romaines de Syrie, dans: Archéologie et Histoire de la Syrie, Saarbrücken, (1989), pp. 206- 220.

- R. MOUTERDE et A. POIDEBARD, La voie antique des caravanes entre Palmyre et Hît au II esiècle ap. J.-C. D’après une inscription retrouvée au sud- est de Palmyre, Syria 12, (1931), pp. 101- 115.

- A. POIDEBARD, Les routes anciennes de Haute-Djézireh, Syria, 8, (1927), pp. 55- 65.

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1086
الكل : 45601209
اليوم : 1892