logo

logo

logo

logo

logo

آسيا الصغرى (منطقة-)

اسيا صغري (منطقه)

-

آسيا الصغرى (منطقة-)

 

   

آسيا الصغرى  Asia Minor شبه جزيرة ممتدة الأطراف تتميز بموقعها الاستراتيجي فهي محاطة بثلاثة بحار؛ البحر الأسود شمالاً، وبحر إيجة غرباً، والبحر المتوسط جنوباً، كما تضمّ بحراً داخلياً في الشمال الغربي هو بحر مرمرة. وتشغل آسيا الصغرى الجز الغربي من القارة الآسيوية، وتُعرف أيضاً باسم الأناضول Anatolia، لكنّ تسمية الأناضول جغرافياً تغطي معظم أراضي الجمهورية التركية حالياً، في حين تقتصر آسيا الصغرى على الأجزا الوسطى والغربية من البلاد ولا تشمل الأجزا الشرقية من تركيا، وبالتالي فإنّ الأناضول تُغطي مساحة أكبر نسبياً من آسيا الصغرى. وتنفصل آسيا الصغرى في الزاوية الشمالية الغربية عن القارة الأوربية بمضيقي البوسفور Bosporus والدردنيل Dardanelles وبحر مرمرة .Marmara  يتميز الساحل الغربي بخصوبته ومناخه المعتدل وموانئه المطلة على بحر إيجة؛ وجزره الكبيرة القريبة من الشاطئ وهي - من الشمال إلى الجنوب – ليسبوس Lesbos، وخيوس Chios، وساموس Samos، ورودس .Rhodes ويُطل الساحل الجنوبي من آسيا الصغرى على البحر المتوسط، أما الساحل الشمالي فيطل على البحر الأسود، وقد أدت هذه السواحل إلى بروز جبالٍ شاهقة. وقد شكّلت سلسلة الجبال البونتية المتوضعة على امتداد الساحل الشمالي مصدراً رئيسياً للأخشاب والمعادن الخام في العصور القديمة. أما سلسلة جبال طوروس[ر] في الجنوب فتتداخل مع خط الساحل لتحدّ من عدد الموانئ والمواقع الصالحة للسكن، وبامتدادها شرقاً تحدّ أيضاً من العبور البري بين جنوب شرقي آسيا الصغرى وسورية الشمالية، مضيقةً الطريق إلى سلسلة من المعابر الجبلية؛ كالبوابات الكيليكية شمالي طوروس وتمتد آسيا الصغرى باتجاه الجز الداخلي من الجبال بسهل قاحلٍ في معظم الأوقات. لا يُعرف بالضبط متى وكيف أُطلق على شبه الجزيرة الأناضولية اسم آسيا الصغرى أو آسيا، ولكن هناك بعض الأدلة من الكتاب القدما مثل هوميروس Homers، وهيرودوت Herodotus، واسترابون Strabo الذين أشاروا إلى هذه المنطقة باسم آسيا وقد استخدمت تسمية آسيا الصغرى لأول مرة في الفترة الرومانية من قبل الجغرافي بطلميوس    Ptolemyفي القرن الثاني الميلادي، واستخدم المعنى الجغرافي الحديث في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي. وكانت الغاية من تسمية "آسيا الصغرى" هي تمييز الأرض التي يدور الحديث عنها من أراضي آسيا الكبرى Asia Major الأوسع والتي تغطي قارة آسيا.

ومع مطلع الألف الثاني ق.م وقبل وصول الإغريق إلى المنطقة خضعت آسيا الصغرى للسيطرة الحثية، ومن المرجح أنّ الإغريق الموكينيين Mycenaeans قد شيدوا بموافقة الحثيين مراكز تجارية على امتداد الساحل الغربي نحو 1300ق.م؛ (الأمر الذي تؤكده اللقى الأثرية من الفخار الموكيني في ميليتوس Miletus  وغيرها من المواقع). وكان الإغريق يتطلعون إلى الحصول على المعادن الخام - كالنحاس والقصدير والذهب والفضة - التي كانت تُستخرج من المناجم المنتشرة في المناطق الداخلية من آسيا الصغرى، إضافة إلى البضائع الكمالية الباهظة الثمن كالعاج المنحوت الذي كان متوفراً عبر الطرق التجارية من سورية وبلاد الرافدين. ومن المؤكد أنّ أسطورة الحرب الطروادية Trojan War تعكس - على نحوٍ محرّف - حقيقة تدمير الإغريق الموكينيين لمدينة واقعية محصنة يقطنها سكانٌ من غير الإغريق في شمال غربي آسيا الصغرى، وكانت هذه المدينة تُعرف باسم طروادة Troy، وبعد سقوط الامبراطورية الحثية نحو عام 1200ق.م خضع وسط آسيا الصغرى لسيطرة شعبٍ آسيوي عُرف أفراده بالفريجيين Phrygians، وقد عُرفت المنطقة الوسطى باسم فريجية .Phrygia وخلال هذه السنوات عُرفت التقنية الحديثة المتمثلة بالصناعات الحديدية التي كانت حكراً فيما مضى على الحثيين، وانتشرت من آسيا الصغرى إلى بلاد اليونان الرئيسية قبل نحو سنة 1050ق.م. وتزعم الأسطورة الإغريقية أنّ الخاليبيين Chalybes - وهم من سكان الجبال في شمال شرقي آسيا الصغرى - كانوا أول الحدادين في العالم.

تعرضت المنطقة الغربية من آسيا الصغرى لغزوٍ إغريقي دائم، واكب الهجرات المترافقة مع سقوط المجتمع الموكيني في بلاد اليونان الرئيسية. ونحو سنة 1000ق.م تقريباً استقر الإغريق من القبائل الأيونية في المنطقة التي أصبحت تُعرف باسمهم أيونيا Ionia، وشيّدوا مدناً مهمةً ازدهرت لفترةٍ طويلة وساهمت في الفكر والحضارة الإنسانية، وتأتي في مقدمة هذه المدن ميليتوس (ملطية)، خيوس، وإفسوس .Ephesus أما الإغريق المتحدرون من القبائل الأيولية Aeolian فقد اتخذوا من جزيرة ليسبوس قاعدةً لهم، واستعمروا شمالي الساحل الغربي الذي أصبح يُعرف منذ ذلك الحين بأيولية Aeolis (بين 1000-600ق.م تقريباً). وقد احتل الإغريق المتحدرون من القبائل الدورية Dorian جنوبي الساحل الغربي نحو سنة 900ق.م، وقد شملت هذه المنطقة: هاليكارناسوس Halicarnassus، وكنيدوس Knidos، وجزيرتي كوس Cos ورودس. وباستيلائهم على أفضل المرافئ والأراضي الزراعية تمكن الإغريق الوافدون من طرد السكان من غير الإغريق كالكاريين Carians الذين تمكنوا من النجاة في المنطقة الجنوبية الغربية التي عُرفت بكارية .Caria وامتدّ الاستيطان الإغريقي إلى سواحل آسيا الصغرى الشمالية والجنوبية خلال  الفترة ما بين أعوام 750-550ق.م، وهي الفترة التي شهدت حركة استعمارٍ متزايد، ففي الشمال كانت مدينة سيزيكوس Cyzicus المطلة على بحر مرمرة، وسينوبه Sinope الواقعة في منتصف الطريق المطل على البحر الأسود؛ من بين المستعمرات التي شيّدها الميليتيون في محاولةٍ منهم للسيطرة على طريق تجارة البحر الأسود. أما على الساحل الجنوبي فكانت المدن الإغريقية الرئيسية - من الغرب إلى الشرق- فاسيليس Phaselis وبِرجى Perge، وأسبيندوس Aspendus، وسيده .Side ازدهرت المستوطنات الإغريقية على طول الطرق البحرية وطرق القوافل، فقد أنجبت المدن الأيونية الشاعر هوميروس نحو عام 750ق.م، وظهر فيها أول الإنجازات الإغريقية على صعيد العلم والفلسفة والمنجزات المعمارية والصروح التذكارية الهائلة كضريح موسولوس Mausolus  أحد عجائب الدنيا السبع، وكان هذا الصرح قائماً في مدينة هاليكارناسوس مسقط رأس أبي التاريخ هيرودوت. وبقيت المنافسة قائمة بين السكان الإغريق وغيرهم من غير الإغريق الذين تركز وجودهم في المناطق الداخلية، فالكيميريون Kimmerians تمكنوا من غزو فريجية ومحاصرة إفسوس. كذلك فرضت مملكة ليديا Lydia سيطرتها على الساحل الغربي نحو عام 550ق.م، ثم خضعت للسيطرة الفارسية وملكهم قورش Cyrus نحو سنة 546ق.م. وفي أواخر القرن السادس ق.م أصبحت آسيا الصغرى كلها خاضعةً لسلطة الملك الفارسي الذي كان يحكم ويجمع الضرائب عن طريق حكامٍ حمل كلٌ منهم لقب ساتراب  satrap، وقد اتخذ الساترابان الرئيسيان المسؤولان عن غربي آسيا الصغرى في عاصمة الليديين السابقة من مدينتي ساردس Sardis وداسكيليون Dascylion  - على بحر مرمرة - قاعدةً أساسية لحكمهم. مع نهاية الحروب الفارسية Persian Wars تمكّن الهجوم المعاكس الذي شنته قوة بحرية إغريقية من تحرير معظم مدن غربي آسيا الصغرى الإغريقية بين عامي 479-477ق.م. وطُرد الحكام المعيّنون من قبل الفرس لتحل مكانهم ديمقراطية ذات طابعٍ أثيني، وأصبحت المدن الإغريقية أعضا دافعة للضرائب  في الحلف الديلي Delian League  المهيمن عليه من قبل الأثينيين. ومع نهاية الحروب البيلوبونيزية Peloponnesian War  سنة 403ق.م خضعت هذه المدن للسيطرة الإسبرطية، وسُلّمِت إلى فارس وفق شروط سلام الملك King’s peace نحو سنة 386 ق.م. وفي سنة 334ق.م قام الإسكندر الكبير Alexander the Great  بغزو منطقة آسيا الصغرى وحرّر مجدداً المدن الإغريقية بعد معركة غرانيكوس Granicus، كما أعاد إلى هذه المدن الديمقراطيات المحلية وألغى الضرائب المفروضة عليها. وبعد وفاته في سنة 323ق.م أصبحت آسيا الصغرى مسرحاً للمعارك التي نشبت بين خلفا الإسكندر (الدياذوخي) .Diadochi وقد خضعت في البداية لسيطرة أنتيغونوس الأول[ر] (مونوفثالموس= الأعور) Antigonus I Monophthalmus الذي قُتل في معركة إبسوس  Ipsus في فريجية سنة 301ق.م، فاقتسم الملكان المنتصران سلوقس الأول نيكاتور Seleucus I Nicator  وليسيماخوس Lysimachus مملكة أنتيغونوس، وبعد هزيمة ليسيماخوس أمام سلوقس في معركة كوروبيديون  Corupedion في فريجية سنة 281ق.م أصبحت آسيا الصغرى كلها خاضعة للسيطرة السلوقية، لكنّ ظهور مدينة برغامون (برغامة)  Pergamon  - في وسط منطقة الساحل الغربي- في منتصف القرن الثالث ق.م أوجد منافساً محلياً للسلوقيين على السلطة، ومع بداية القرن الثاني ق.م أصبحت برغامون واحدةً من أجمل المدن الإغريقية وأكثرها ازدهاراً. وقد ساهم ملوك برغامون الأتاليين Attalid  مع قوة الرومان المتصاعدة في تقدم الجيش الروماني في معركة ماغنيزية Magnesia سنة 189ق.م فأحرز الرومان انتصاراً ساحقاً على جيش أنطيوخوس الثالث الكبير Antiochus III the Great و(223-187ق.م) وانكسرت شوكة السلوقيين في المنطقة نهائياً، في حين أطلقت يد مملكة برغامون لتسيطر على معظم آسيا الصغرى. وبعد موت أتالوس الثالث  Attalus III آخر ملوك برغامون دون ورثة سنة 133ق.م انتقلت السيطرة إلى أيدي الرومان الذين شرعوا بضم المقاطعات المجاورة، مما أثار خوف السكان فتحالفوا مع ميثريداتِس السادس  Mithradates VI  ملك بونتوس .Pontus وفي سنة 88ق.م ارتكبت مجزرة بحق المواطنين الرومان تعبّر عن مدى الاحتقان والغضب الذي ساد أوساط سكان آسيا الصغرى. وبعدها تمكن سولا Sulla من هزيمة ميثريداتِس في الحرب الميثريداتية الأولى، تلاه لوكولوس Lucullus سنة 83ق.م، لكنّ ميثريداتِس الذي لم يكن على استعداد لقبول الهزيمة عاد إلى الحرب مع الرومان نحو سنة 74ق.م، وفي هذه المرة كان قائد الفيالق الرومانية القائد جنايوس بومبيوس[ر] (بومبي) العظيم .Gnaeus Pompeius Magnus  وفي سنة 63ق.م وضع بومبي اللمسات الأخيرة لهزيمة بونتوس فألحق بالإمبراطورية الرومانية المتنامية مناطق ومقاطعات جديدة وأعاد السيطرة على ما تمرد منها، فضمّ سورية، وبيثينيا Bithynia وبونتوس، وكيليكيا Cilicia، وجالاتيا Galatia وكابادوكيا Cappadocia، وليكيا Lycia، وبامفيلياPamphylia ، ومملكة أرمينيا المجاورة. فأصبحت آسيا الصغرى منذ ذلك الحين مقاطعة تابعة على نحو دائم لروما. وقد أسهمت هذه المنطقة التي انصهرت فيها التقاليد الهلنستية والعادات اليونانية مع التأثير الفني الفارسي والتأثيرات الشرقية في ولادة حضارة رومانية مزدهرة في الشرق تجلت في المشاريع العمرانية التي انتشرت في عدد من المدن كبرغامون وإفسوس، وما تزال الآثار الرومانية المحفوظة جيداً تعكس النهضة الحضارية التي شهدتها المنطقة.

وفي سنة 330م، نقل الامبراطور قسطنطين Constantine عاصمة الامبراطورية من روما إلى بيزنطة Byzantium التي أعاد تأسيسها وسماها القسطنطينية Constantinople، وكانت المسيحية قد تجذرت فعلياً في المنطقة قبل نقل العاصمة، ولكن هذا الانتقال أسهم جنباً إلى جنب - مع إدراج المسيحية في الدين الروماني - في جعل آسيا الصغرى مركزاً أكثر أهمية من الناحية الدينية والثقافية، وقد بقيت جز اً من أراضي الامبراطورية البيزنطية حتى القرن الخامس عشر الميلادي لتخضع بعد ذلك للسيطرة العثمانية.

 

باسل زينو

 

 

مراجع للاستزادة:

- David SACKS, Encyclopedia of the Ancient Greek World, Facts On File, Revised Edition, (New York, 2005).

- P. J. RHODES, A History of the Classical Greek World, 478- 323 BC, (UK, 2006).

- Trevor BRYCE, The Routledge Handbook of the Peoples and Places of Ancient Western Asia, The Near East from the Early Bronze Age to the Fall of the Persian Empire, Routledge, (New York, 2009).

 

 

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : بلدان وممالك
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 40613457
اليوم : 143272