زامبيه
Zambia - Zambie

زامبيا

 

زامبيا Zambia، تقع في قلب القارة الإفريقية، بعيداً عن سواحل المحيطين الأطلسي في الغرب والهندي في الشرق، وتحيط بها سبع دول هي: أنغولا من الغرب والكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً) من الشمال وتنزانيا من الشمال الشرقي وملاوي من الشرق و موزمبيق من الجنوب الشرقي وأخيراً زمبابوي وناميبيا من الجنوب. وقد عمل الاستعمار على ربطها بخطوط السكك الحديدية مع الكونغو الديمقراطية و أنغولا و زمبابوي من أجل نقل خامات النحاس إلى موانىء التصدير في هذه الدول، واستيراد المواد الاستهلاكية والوقود إلى مناطق التعدين.

تتألف أراضي زامبيا من نجد يرتفع بين 900 ـ 1500 متر فوق سطح البحر، إذ ترتفع الهضبة تدريجياً باتجاه الشرق نحو إقليم بحيرة نياساNyasa الجبلي الانكساري، كما ترتفع تدريجياً نحو الغرب إلى مرتفعات أنغولا، ونحو الشمال إلى مرتفعات كاتنغاKatanga جنوب الكونغو الديمقراطية، ولكنها تنحدر جنوباً نحو وادي الزمبيزي الأوسط. وقد قُطِعتْ الهضبة تقطيعاً شديداً بفعل نهر الزمبيزي وروافده إلى عدد من الأحواض الصغيرة التي تحتلها بعض البحيرات والسبخات، وقد تصل بين هذه الأحواض جبال وتلال اندفاعية كرد فعل للحركات الإنكسارية المجاورة في الأخدود إلى نهر الزمبيزي، الذي يخترق الجزء الغربي من البلاد، ثم يُكَوِنْ الحدود الجنوبية مع زمبابوي، وينحدر بشدة عند موقع مارامبا(لفنجستون) مكوناً شلالات فكتوريا، ثم يبدأ النهر بالجريان في مضيق أنشىء في نهايته سد عظيم لحجز المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، مكوناً بحيرة يبلغ طولها نحو240كم،هي بحيرة كاريبا الاصطناعية. أما نهر كافوي Kafue فيصرف مياه منطقة مناجم النحاس متجهاً جنوباً، مخترقاً مناطق المستنقعات وغابات الصيد السياحية، ثم يجري في سهل فيضي بالقرب من العاصمة لوساكا، ليصب مياهه بعد ذلك في نهر الزمبيزي، ويعد نهر كافوي أكثر أهمية بالنسبة لزامبيا، لأنه يمد المناجم والمدن في مناطق النحاس بالمياه الضرورية، بينما تصرف مجاري البلاد الشمالية مياهها نحو نهر الكونغو.

سد بحيرة كاريبا على نهر الزمبيزي، غالباً ماتترك عنفات السد مفتوحة في موسم الأمطار

تنتشر الغابات النفضية ودائمة الخضرة، ولاسيما في بطون الأودية، بينما تمتد الحشائش على سطح الهضبة. وقد قُطعت مساحات كبيرة من الغابات لتحل محلها أراضي التوسع الزراعي والرعوي الحديثة، كما احتجزت بعض المساحات لتكون مناطق سياحية للصيد ومحمية طبيعية للحيوانات البرية كما هي الحال في منتزه كافوي Kafue National Park.

و تتباين أنماط التربة ما بين تربة سبخية ملحية فقيرة حول البحيرات والسبخات إلى تربة طفلية حمراء وتربة داكنة صلصالية على سطح الهضبة والمنحدرات الحوضية، وتربة رسوبية فيضية في بطون الأودية وضفاف الأنهار.

يبلغ عدد سكان زامبيا نحو 10ملايين نسمة، يعيشون في مساحة تقدر بنحو 746.25 ألف كم2، بكثافة تبلغ نحو 13نسمة/كم2، وهي كثافة منخفضة بسبب فقر التربة وانتشار ذبابة تسي تسي والجفاف،يعيش نحو 49% من السكان في المدن، ولاسيما العاصمة لوساكا (800ألف نسمة)، وفي مدن كتوىKitwe وندولا Ndola وكابوى Kabwe ولوانشيا Luanshya، بينما يعيش 51% منهم في الأرياف.

يعد معدل النمو السكاني في زامبيا من المعدلات العالية عالمياً، إذ يبلغ هذا المعدل 1.3% سنوياً، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع معدل الولادات (47.5) في الألف، وانخفاض معدل الوفيات إلى 17 في الألف، وهذا يعني أن السكان يتضاعفون كل 22.7سنة. ويعتبر المجتمع الزامبي من المجتمعات الفتية، حيث تصل نسبة السكان دون 15 سنة من العمر إلى 48.9% والسكان بين 15ـ65 سنة إلى 48.8%،بينما يشكل السكان فوق 65سنة 2.3% من السكان.

تحميل كتل النحاس في عربات النقل لشحنها خارج البلاد

وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأمية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، فهي مازالت تتجاوز25% من مجموع السكان، ترتفع هذه النسبة إلى 35% بين الإناث وتنخفض إلى 18% بين الذكور، وقد أدى ذلك إلى تدني الوضع الصحي، ويتجلى ذلك بنقص عدد الأطباء والممرضين والممرضات،إذ يتوافر طبيب واحد لكل 10000 شخص وممرضتان فقط لنفس العدد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع إلى 45.6 سنة لدى الذكور و47.2سنة لدى النساء.

اقتصاد زامبيا زراعي بالدرجة الأولى، إذ يعمل 68.5% من السكان بالزراعة والجمع والصيد، ومع أن مساحة الأراضي الزراعية تعادل 47.4% من المساحة الإجمالية إلا أن الزراعة لا تسهم سوى بنحو 17% من الدخل القومي للبلاد. وتعمل الدولة جادة على رفع المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للفلاحين، فتقدم لهم الكثير من خدمات الري والتقنية الزراعية وإرشاد المزارعين لمتابعة الدورات الزراعية وعلاج فقر التربة وتحسين نسل الماشية ومكافحة الأمراض ونشر التعليم والخدمات المدنية تشجيعاً للفلاحين للبقاء في أراضيهم، إلا أن الزراعة تعاني من قلة اليد العاملة بسبب الهجرة إلى المدن والمراكز الصناعية وكذلك إلى خارج البلاد.

يمارس الفلاحون زراعة المحاصيل الغذائية بصورة أساسية، مثل الذرة والبطاطا الحلوة والكسافا والفول السوداني والبقوليات والخضروات، والمحاصيل النقدية مثل القطن والتبغ وقصب السكر، كما يمارسون تربية الحيوان، وقد وصل إنتاج الذرة إلى 464 ألف طن والفول السوداني 21 ألف طن والبطاطا 4 آلاف طن، أما في المحاصيل النقدية فقد وصل إنتاج قصب السكر إلى1.15 مليون طن والقطن 10آلاف طن والتبغ 5 آلاف طن، يأتي نصف الإنتاج، ولاسيما من المحاصيل النقدية، من المزارع الواسعة التي يملكها بضع مئات من المزارعين الكبار والباقي ينتجه الفلاحون من مزارع فردية صغيرة المساحة، وقد نما الإنتاج الزراعي بعد الاستقلال، ولكن هذا النمو لا يزال بطيئاً بسبب تخلف الفلاحين ومشروعات الري وطرق المواصلات.

سوق شعبية تقليدية في زامبيا

انصب اهتمام المستعمر في البداية على استغلال المعادن، ولا سيما النحاس من إقليم شمال غربي البلاد المجاور لإقليم نحاس شابا في الكونغو الديمقراطية، والكوبالت الذي يعد ناتجاً ثانوياً لتعدين النحاس، والفحم في مناجم «مامبا» في وادي الزمبيزي، وكذلك كميات قليلة من المنغنيز والفضة والحديد في المناطق المتأثرة بالانكسارات.

تأتي زامبيا في المركز الثالث عالمياً بإنتاج النحاس، ويمثل نحو 90% من قيمة الصادرات، وتتركز مناطق الإنتاج و التعدين في نطاقين: الأول في وادي نهر لوانجو و وادي نهر كافوي وما بينهما من أرض هضبية، والثاني في أقصى غرب البلاد ممثلاً في وادي أعالي نهر الزمبيزي وروافده، مثل نهر كابمبو ونهر كواندو وما بينهما من إقليم هضبي.

تطور إنتاج النحاس في أثناء الحرب العالمية الثانية لأهميته في الصناعات الحربية واستمر نمو الإنتاج بعد ذلك، وقد ساعد على زيادة الإنتاج والتصدير توافر وسيلة النقل السريعة والرخيصة المتمثلة بالسكة الحديدية التي تربط مناطق الإنتاج بموانىء التصدير بخطين: الأول عبر الكونغو الديمقراطية وأنغولا إلى ميناء لوبيتو على المحيط الأطلسي، والثاني عبر زمبابوي وموزمبيق إلى ميناء بيرا على المحيط الهندي.

وتعمل الحكومة الزامبية اليوم على استكمال الخط الحديدي عبر تنزانيا الذي سوف ينتهي في دار السلام، الأمر الذي سوف يجنبها الكثير من المشكلات مع الدول المجاورة، إضافة إلى تقليل المسافة بين مناطق الإنتاج وميناء التصدير، كما تعمل على بناء محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية على مساقط فكتوريا داخل أراضيها للاستغناء عن الطاقة المولدة من المحطة المقامة على نهر الزمبيزي، ولكن في أراضي زمبابوي، وذلك من أجل تأمين الاستقلال السياسي والاقتصادي للبلاد.

ومنذ عام 1969 أصدرت الحكومة مراسيم حددت فيها مدة الامتياز للشركات الأجنبية العاملة في التعدين بـ 25 سنة على أن تتقاضى الدولة 51% من الأرباح، مما ضاعف الدخل القومي فانعكس على النمو الاقتصادي المتواصل في مختلف المجالات ولاسيما الزراعة والصناعة والنقل، ورفع المستوى الصحي والثقافي والاجتماعي.

لمحة تاريخية

تشير الدراسات الأثرية إلى قدم إعمار الأراضي الزامبية، فقد عُثر على بقايا الإنسان القديم في مواقع عدة من زامبيا، وقد تشكل المحتوى الإثنوغرافي للسكان بتأثير الهجرات البشرية التي عبرت الحوض الأعلى لنهر الزمبيزي، إذ سيطرت عناصر البانتو الجنوبية على القسم الأعظم من زامبيا.

يبدأ التاريخ الحديث لزامبيا مع توافد الأوربيين إليها في القرن الثامن عشر الميلادي، وقد كانت البداية مع البرتغاليين ثم البريطانيين، ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر خضعت البلاد لإدارة شركة جنوب إفريقيا البريطانيةBritish South Africa Company، و قسمت المنطقة في البداية إلى قسمين: روديسيا الشرقية وروديسيا الغربية، ومنذ عام 1911 تم توحيد القسمين تحت اسم روديسيا الشمالية واستمرت هذه التسمية حتى عام 1964.

أُعلنت روديسيا ( زامبيا ) محمية بريطانية منذ عام 1924 عندما تنازلت عنها الشركة، وبعد افتتاح مناجم النحاس والبدء في تعدينه، قامت سلطات الاستعمار البريطاني بنزع ملكية الأراضي من السكان الأصليين، وسيطر المستعمرون على الأراضي الجيدة وتم ترحيل الأفارقة إلى المناطق غير الصالحة للزراعة واستغلالهم في مناجم النحاس كيد عاملة رخيصة.

 استقلت روديسيا الشمالية في 24 تشرين أول 1964 بعد حل «اتحاد إفريقيا المركزية»، وأصبحت جمهورية ذات سيادة باسم زامبيا العضو في رابطة الشعوب البريطانية.

عبد الرؤوف رهبان

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد نجم الدين فليجة. إفريقيا دراسة عامة وإقليمية (مركز الاسكندرية للكتاب، الاسكندرية 1996).

ـ علي موسى، محمد الحمادي. جغرافية القارات (دار الفكر، دمشق 2001).

ـ محمد حسن، دراسات في جغرافية إفريقية وحوض النيل (مركز الاسكندرية للكتاب، الاسكندرية 1997).


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد العاشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 232 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة