الجلائريون
جلايريون
The Jalayir - Les Jalayirs
الجلائريون
الجلائريون
الجلائريون أو الجلايويون -نسبة إلى قبيلة جلائرJalayir المغولية- وهم سلالة حاكمة بسطت سلطتها على العراق وأذربيجان وخوزستان، منذ منتصف القرن الثامن الهجري /منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. عندما بدأت الدولة الإيلخانية بالتداعي فالسقوط.
اتخذت قبيلة جلائر من محيط مدينة «خُجند»، الواقعة على ساحل سيحون مستقراً لها.
كان «إيلكا ـ نويان» الذي يُشار إليه على أنه الجد الأعلى للسلالة الجلائرية، في عداد حملة هولاكو على بغداد ولذلك كان الجلائريون -فيما بعد- ينسبون إليه أحياناً –الإيلكانيون-.
وقد تزوج آق بوغا بن إيلكانويان من ابنة أرغون حفيد هولاكو ورابع الإيلخانات، ولذلك حمل اللقب المغولي «كَوركَان» الذي يعني صهر الملك. ورزق آق بوغا من هذا الزواج بولده حسين الذي أنجب فيما بعد حسن مؤسس الدولة الجلائرية التي تعد أهم دولة نشأت من انحلال الدولة الإيلخانية.
بدأ حسن حياته السياسية واحداً من رجال الإدارة في عهد أبي سعيد آخر الإيلخانات الأقوياء، ولما توفي أبو سعيد سنة 736هـ/1335م من دون وريث يخلفه على العرش، تنافس على الظفر بالسلطة الطامعون من أمراء البيت الحاكم مع من يحيط بهم من أنصار، وكان حسن الجلائري واحداً من هؤلاء المغامرين، واضطر في سبيل ذلك إلى أن يخوض غمار أربع حروب بين 736-740هـ/1336-1339م، وفي ذي الحجة سنة 740هـ نادى بنفسه حاكماً مستقلاً في بغداد متخذاً لقب «السلطان تاج الدين»، ولكنه اشتهر باسم الشيخ حسن الكبير (حسن بزرك بالفارسية) تمييزاً له من أكثر منافسيه على السلطة شهرة حسن الصغير(كوجك بالفارسية) وكان حسن الصغير ابناً لأبرز القادة العسكريين في أيام أبي سعيد.
شملت سلطة حسن كامل العراق بعد أن قضى على حكم أحد أشراف الحجاز في الحلة، كما بلغ سلطانه خوزستان، وعمل على إعمار ما حلَّ في عاصمته بغداد من خراب منذ حملة هولاكو عليها، وأنفق أموالاً طائلة على إقامة عمارات نفيسة في العاصمة، وفي النجف حيث دفن (757هـ/1359م).
خلف حسن ابنه أويس معز الدين (757-776هـ/1356-1374م)، ويعد أويس من ألمع حكام الأسرة بعد والده، وقد عمل على توسيع رقعة الدولة، فاستولى على أذربيجان من المظفريين حكام فارس سنة 760هـ/1359م، ثم دَفع بحدود دولته شمالاً إلى موغان وأرّان وشمالاً بشرق إلى شروان وسواحل بحر قزوين، واستغل المنازعات بين أفراد البيت المظفري، فمدَّ نفوذه جنوباً إلى حدود كرمان وسواحل الخليج سنة 675هـ/1364م، وكانت آخر أعماله التوسعية ضم الرَّي سنة 772هـ/1371م التابعة لحكومة أستراباد إحدى الدويلات التي قامت بعد سقوط الإيلخانيين في جنوب شرقي بحر قزوين. ونقل أويس عاصمته إلى تبريز، وأقام في ضاحيتها الشهيرة «الربع الرشيدي» وتحوّل العراق إلى ولاية عاصمتها بغداد.
اعتلى العرش بعد وفاة أويس ابنه حسين جلال الدين (776-784هـ/ 1374-1382م) فبادر الأمراء الملتفون حوله إلى قتل أخيه الأكبر حسن حاكم بغداد، خوفاً من أن يقوم بالاعتراض على انتقال العرش إلى أخيه الأصغر. وأسخط حسين سكان تبريز عليه لانصرافه إلى اللهو وإعراضه عن الاهتمام بأمور الرعية، وأغرت هذه الحال جاره شاه شجاع المظفري بانتزاع العاصمة تبريز منه مدة أربعة أشهر اضطر بعدها إلى الانسحاب لثورة قامت عليه في بلده. وتعددت بعد ذلك حوادث شغب الأمراء في تبريز وبغداد وانتهت بمقتل حسين واستيلاء أخيه أحمد على السلطة، (784-813هـ/1382-1410هـ) بلقب غياث الدين.
كلف أحمد بالموسيقى والتنجيم، ويجمع معاصروه على وصفه بالغدر والإسراف في سفك الدماء، حتى قيل إنه أقدم سنة 802هـ على قتل ألفين من أمرائه وقواد جيشه في أسبوع واحد بتهمة الميل إلى تيمورلنك.
ينتهي بمقتل أحمد سنة 813هـ/1410م دور الحكام الجلائريين الرئيسيين ليبدأ دور الحكام الضعفاء. كان أولهم شاه ولد بن علي بن أويس، إلا أن زوجته ابنة عمه دوندي بنت السلطان حسين قامت بقتله والحلول محله على العرش، ولكنها أُجبرت على ترك بغداد إلى واسط فتُستر، حينما استولى تركمان الشاة السوداء (القره قوينلو) على المدينة، وحكمت هناك حتى وفاتها سنة 819هـ/1416م وصية على ولديها، الأول محمود حتى وفاته سنة 816هـ/ 1413م والثاني أويس الثاني الذي خلف أخاه، ولكنه لم يوفق باسترجاع بغداد، وخلفه بعد وفاته سنة 824هـ/1421م شقيقه الثالث محمد الذي نقل حكمه إلى الحلة جنوب بغداد. وباستيلاء تركمان الشاة السوداء على الحلة سنة 835هـ/1432م انتهت الدولة الجلائرية.
العلاقات الخارجية
كان للجلائريين علاقات مع أكثر الدويلات التي نشأت في إيران بعد سقوط الدولة الإيلخانية. وكانت هذه العلاقات في الغالب علاقات عدائية تحكمت فيها رغبة كل دويلة منها في القضاء على الأخريات أو توسيع أملاكها على حساب هذه الدويلات.
إضافة لهذه العلاقات العدائية، كانت للجلائريين علاقات مع تركمان الشاة السوداء الذين كانت منازلهم حول بحيرة وان (تقع اليوم في أقصى الحدود الشرقية لتركية)، وقد حاول هؤلاء بعد سقوط الدولة الإيلخانية أن يوسعوا مساحة المناطق الخاضعة لنفوذهم باتجاه الجنوب نحو أملاك الجلائريين في أذربيجان والعراق، فاستولوا على الموصل سنة 766هـ/1364م، ولكن السلطان أويس استرجع المدينة منهم سنة 772هـ/1370م وفي سنة 777هـ/1375م وصل حسين بن أويس إلى غرب البحيرة، مما اضطر هؤلاء إلى إرضائه بجعالة سنوية قدرها عشرون ألف رأس غنم واتخذت العلاقات بين الطرفين منحى آخر في عهد السلطان أحمد عند ظهور مطامع تيمورلنك ورغبته في القضاء عليهما، ولكن حين ابتعد خطر تيمورلنك سنة 806هـ/1404م تمكن قره يوسف أمير القره قوينلو من انتزاع بغداد من أحمد وإجباره على الفرار إلى حلب فدمشق، وعلى الرغم من عودة أحمد إلى حكم بغداد سنة 808هـ فإن مطامع قره يوسف بالمدينة دفعته سنة 813هـ/1410م إلى الإغارة عليها ثانية، وتمكن في هذه المرة من اعتقال أحمد وقتله، وإجبار من تبقى من الأسرة الجلائرية على الخروج منها، وكان قد نجح قبلها بالاستيلاء على تبريز.
أما عن علاقة الجلائريين بالدولة المملوكية فإن حسن الكبير عمل على الاستفادة من موقف العداء التقليدي الذي كانت تقفه الدولة المملوكية من الإيلخانيين الذين كانوا قد استولوا على بغداد وقضوا على الخلافة العباسية، لذلك فقد بدأ اتصالاته بالسلطان ناصر الدين محمد (709-741هـ) منذ أن دخل حلبة الصراع على السلطة مع الطامعين الآخرين، ودأب على تزويد القاهرة بأخبار انتصاراته وبرغبته في تسليم السلطة في بغداد لأحد أبناء الناصر، إذا قبل الناصر إرساله إليه، ولكن الناصر اعتذر بصغر أعمار أبنائه عن تلبية طلب حسن الكبير.
ووقف أويس موقف الحذر من الدولة المملوكية حين أقرّ المظفريون بالتبعية للسلطان المملوكي، ومع ذلك استمرت المبادلات التجارية بين الطرفين كما عادت العلاقات مع القاهرة إلى النشاط في عهد السلطان حسين الذي أرسل إلى القاهرة سنة 784هـ/1382م وفداً لتهنئة السلطان برقوق عند ارتقائه العرش، واتخذ السلطان المملوكي موقفاً صريحاً بتأييده أحمد الجلائري ضد تيمور عندما استمر يهدد أملاك الجلائريين.
ولما كان تيمور يتطلع إلى فتح العالم ويرى نفسه الأحق في وراثة أملاك الدولة الإيلخانية، فإنه بعد أن احتل خراسان أضحت أملاكه على تماس مباشر مع أملاك الجلائريين، وكانت السلطانية أول مدينة استلبها تيمور من أحمد سنة 787هـ/1385م ثم دخل تبريز سنة 788هـ وأجبر أحمد على الفرار إلى بغداد، وفي سنة 795هـ/1393م حاصر تيمور بغداد وأجبر أحمد على الفرار إلى دمشق بعد مقاومة ضئيلة، وولَّى تيمور حاكماً من قبله على بغداد بعد دخولها، ولكن أحمد نجح باسترجاع عرشه في بغداد بدعم من السلطان المملوكي برقوق الذي أمدّه بالمال والعتاد، ولكنه أخفق في استرجاع تبريز سنة 800هـ.
ظلَّ تيمور يتوق إلى الانتقام من أحمد فسير حملة جديدة على بغداد بقيادة أحد حفدته سنة 802هـ/1400م، فأسرع أحمد بالفرار إلى حلب، ثم تابع الفرار إلى بايزيد الأول العثماني في الأناضول. فلما انسحبت الحملة التيمورية بعد حصار شهرين عاد أحمد إلى بغداد، ولكنه أجبر على مبارحتها للمرة الثالثة سنة 806هـ فراراً من حليفه السابق قره يوسف الذي احتل المدينة، وكان مصير أحمد لما بلغ دمشق أن يستقر سجيناً في قلعتها، فلما أغارت حملة تيمورية جديدة على بغداد بعد شهر، فرَّ قره يوسف إلى دمشق، ليلقى مصير خصمه أحمد، ولكن السلطات بدمشق أطلقت سراح الأسيرين عند وصول أخبار وفاة تيمور سنة 807هـ/1405م.
نشط الحكام الجلائريون وأمراؤهم في العمارة فبنوا الجوامع والمدارس، ولا تزال بعض هذه الأوابد قائمة إلى اليوم، وازدهرت في عهدهم فنون الرسم والنقش والخط والموسيقى وتجليد الكتب وتذهيبها، وقد أسهم «الربع الرشيدي» الذي كان يقيم فيه عدد كبير من رجال الفن وأرباب الصناعات الدقيقة في هذا النشاط الفني، ويلاحظ بعض مؤرخي الفنون في الوقت الحاضر بروز المؤثرات الصينية في الفنون الإيرانية، وأن أسلوباً متميزاً في الرسم قد تطور في تبريز برعاية الأسرة الحاكمة الجلائرية.
ومع أصل الأسرة المغولي فإن أغلب أفراد الأسرة اتخذوا أسماء عربية إسلامية، ويفهم من أقوال السخاوي (ت902هـ/1479م) في كتابه «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» أن نوعاً من الصراع نشأ بين الثقافتين الفارسية والعربية في العهد الجلائري، وساعد على رواج الثقافة الفارسية أنها كانت تؤهل صاحبها للولوج إلى مناصب الدولة والظفر بالحظوة لدى الحكام، أما العربية فقد ظلّت لغة الدراسة في العلوم الدينية في المدارس، واقتصرت على عامة الناس في العراق، وفضل أغلب المثقفين العرب الانتقال إلى الأقطار العربية الأخرى.
مظهر شهاب
الموضوعات ذات الصلة: |
الإيلخانيون ـ تيمورـ القره قوينلو.
مراجع للاستزادة: |
ـ عبد الله فتح الله الكاتب البغدادي، التاريخ الغياثي، تحقيق طارق نافع الحمداني (بغداد 1936).
ـ عباس الغراوي، تاريخ العراق بين احتلالين، الجزء الثاني «حكومة الجلائرية» (بغداد 1936).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 637 مشاركة :