تحريض كهرمغنطيسي
electromagnetic induction - Induction électromagnétique

التحريض الكهرمغنطيسي

 

التحريض الكهرمغنطيسي electromagnetic induction ظاهرة تنشأ حين يتحرك ناقل (موصل) في حقل مغنطيسي ساكن، أو حين يوضع ناقل في حقل مغنطيسي متغير؛ وتتجلى بظهور قوة محركة كهربائية (ق.م.ك) تحريضية، أي فرق في الكمون بين طرفي الناقل.

ويعود الفضل في كشف ظاهرة التحريض الكهرمغنطيسي إلى كل من ميخائيل فارادي Michael Faraday عام 1831 في إنكلترة، وجوزيف هنري Joseph Henry في العام نفسه في الولايات المتحدة.

ويبين الشكل (1) بأجزائه المختلفة توضيحاً لبعض التجارب الأولية البسيطة التي تلقي الضوء على ظاهرة التحريض الكهرمغنطيسي وعلى ظهور القوة المحركة الكهربائية التحريضية. ففي الجزء (آ) يدل المقياس الغلفاني على مرور تيار متحرض في الوشيعة الساكنة في أثناء حركة المغنطيس. وفي الجزء (ب) تتكرر الظاهرة نفسها لدى استبدال دارة كهربائية يمر فيها تيار بالمغنطيس السابق. أما الجزء (جـ) فيبين أن الدارة المحرِّضة ساكنة بيد أنه يمكن تغيير التيار المار فيها عن طريق فتح قاطعة أو غلقها، أو تغيير شدة التيار فيها بوساطة مقاومة متغيرة (معدِّلة).

إن الشيء المشترك في تلك التجارب التي يبينها الشكل (1) هو تغير الحقل المغنطيسي الذي يجتاز الدارة المتحرِّضة، ومن ثم تغير التدفق المغنطيسي الذي يجتازها.

القوة المحركة الكهربائية الحركية

يبين الشكل (2) ناقلاً C في حقل مغنطيسي منتظم تحريضه  ويتحرك بسرعة ثابتة (السهم فوق الحرف يعني أنه متجهة). إن كل إلكترون يحمل شحنة سالبة e في الناقل يخضع لقوة مغنطيسية عمودية على كل من و وتكون جهتها بحيث تدفع الإلكترون باتجاه طرف الناقل عند A. وهكذا تتحرك الإلكترونات الحرة في الناقل متجمعة عند A فتتكون شحنة إضافية سالبة عند A وأخرى موجبة عند B فينشأ حقل كهربائي  يتجه من B إلى A وهو يطبق قوةً كهربائية على الإلكترون  وتتجه هذه القوة من A إلى B أي بعكس اتجاه القوة المغنطيسية.

وتستمر عملية انتقال الشحنات الموجبة والسالبة كما يستمر تراكمها عند الطرفين A وB من الناقل، ومن ثم يزداد نمو الحقل  إلى أن يغدو قادراً على وقف حركة الشحنات، وبذلك تتساوى القوة الكهربائية e والقوة المغنطيسية في القيمة وتتعاكسان في الجهة فتفني إحداهما الأخرى، وتصل الشحنات إلى حالة التوازن التي يكون عندها كمون طرف الناقل عند A أعلى من كمون طرفه عند B.

ويحسب فرق الكمون بين طرفي الناقل A وB، ومن ثم فإن (ق.م.ك)εالمتحرضة بينهما من التكامل الخطي لفرق الكمون العنصري dv بين طرفي عنصر صغير منه dl يقع عند النقطة M والذي يمثل تجول الحقل الكهربائي بين هاتين النقطتين.

وتستخدم في كثير من التطبيقات أجسام ناقلة كبيرة الحجم (ليست سلكية) تُجعل في حقل مغنطيسي متغير أو تتحرك في حقل مغنطيسي ثابت كما في الشكل (3).

إن تجول بين نقطتين A وB من الناقل يختلف باختلاف الطريق الواصل بينهما (الجزء آ من الشكل 3). كما أن القوتين المحركتين الكهربائيتين ε1 وε2 الموافقتين للطريقين مختلفتان، ومن ثم فإن (ق.م.ك) المحصلة في العروة لا تكون معدومة مما يؤدي إلى مرور تيار كهربائي فيها. وتدور هذه التيارات المتحرضة في جسم الناقل وتدعى بالتيارات الدوارة Eddy currents بسبب طبيعتها، وتعرف باسم تيارات فوكو Foucault نسبة إلى كاشفها وهي تيارات غير مرغوب فيها لأنها تسخن الناقل وتسبب ضياعاً للطاقة. بيد أنه يمكن تخفيفها كثيراً بصنع الناقل على هيئة طبقات رقيقة منفصلة بعضها عن بعضها الآخر بعازل لزيادة المقاومة وانقاص التيار إلى حد كبير.

قانون فاراداي

ينص قانون فاراداي في التحريض على أن (ق.م.ك) المتحرضة ε في دارة تساوي معدل تغير التدفق f الذي يجتاز الدارة وتعاكسه في الإشارة. ويعبر عن هذا القانون بالمعادلة:

 

الحقول الكهربائية المتحرضة

إذا كانت النواقل ساكنة في مواضعها، فلا شك في أن التغير في التدفق المغنطيسي الذي يجتاز الناقل يمكن أن يسببه حقل مغنطيسي متغير. ولا بد من استنتاج أن التيار المتحرض في الوشيعة يسببه حقل كهربائي متحرض. إن مثل هذا الحقل لا تولده شحنة كهربائية بل يولده الحقل المغنطيسي المتغير. وهو يختلف عن الحقل الكهربائي الناتج عن شحنات كهربائية ساكنة، ولتأكيد الاختلاف بين هذين الحقلين فقد جرت العادة على تسمية الحقل الكهربائي المتحرض بالحقل الكهربائي غير الساكن، ويرمز له بـ En.

وإن الحقل الكهربائي المتحرض حقل غير محافظ لأن تكامله الخطي على طريق مغلق لا يساوي الصفر على عكس الحقل الكهراكدي.

قانون لنْتز

ينص قانون لِنتز Lenz’s law على ما يأتي: «إن جهة (ق.م.ك) المتحرضة (أو التيار الناتج عنها) تعاكس السبب الذي أدى إلى حدوثها». وتشير إشارة الناقص في قانون فارادي إلى هذا التعاكس.

إذا كان «السبب» ناتجاً عن حركة المغنطيس كما في الشكل (4). فإن الجزء (آ) منه يشير إلى زيادة التدفق في الوشيعة لذا يجب أن يتحرض فيها تيار i تكون جهته بحيث يكون وجه الوشيعة شمالياً N كما هو مبين في الشكل (4 ـ أ) وكذلك تعيَّن جهة التيار المتحرض لدى ابتعاد المغناطيس عن الوشيعة بحيث يكون وجه الوشيعة جنوبياً S كما هو مبين في الشكل (4 ـ ب).

وفي كل الأحوال ومهما يكن سبب تغير التدفق المغنطيسي في الوشيعة فإن جهة التيار المتحرض المار فيها تكون بحيث تؤدي إلى حقل مغنطيسي يعطي تدفقاً يعاكس التغير الذي طرأ على التدفق المحرِّض.

ويعد قانون لِنتز صيغة أخرى لمبدأ انحفاظ الطاقة الذي يجب أن يبقى ساري المفعول في هذه الجملة.

فاعتماداً على هذا المبدأ، يعني مرور التيار صرف طاقة كهربائية في دارة لا تحتوي على منبع للطاقة. وبما أن سبب التيار هو الحركة فإن هذه الطاقة يجب أن تكون معادلة للعمل المبذول من الوسيط الخارجي الذي يقوم بالحركة والذي يلاقي قوة تقاوم هذه الحركة.

كمية الكهرباء المحرَّضة

تؤدي كمية الكهرباء المحرّضة دوراً يشير إلى مجمل ما حدث. ويمكن أن تحسب بفرض أن للوشيعة التي يمر فيها التيار في الأشكال (1) أو (4) مقاومة غير مهملة تساوي R، فإن (ق.م.ك) المتحرضة فيها تولد تياراً i يعطى بالعلاقة:

 

ففي أثناء مدة قصيرة dt، تمر كمية من الكهرباء المحرَّضة dq:

 

فإذا استمر مرور التيار المتحرض مدة تحرضت كمية من الكهرباء:

 

حيث تمثل Δ f تغير التدفق في المدة الزمنية ما بين t1 و t2.

وتشير المعادلة الأخيرة إلى أن قياس التغير في التدفق يعطي قياساً لكمية الكهرباء المحرَّضة في الدارة. وبالعكس، إذا قيست كمية الكهرباء أمكن قياس Δ f ومن ثم أمكن قياس حقل التحرض المغنطيسي الذي أحدثها. وهذه إحدى الطرائق المتبعة لقياس التحريض المغنطيسي.

تطبيقات التحريض الكهرمغنطيسي

لظاهرة التحريض الكهرمغنطيسي عددٌ من التطبيقات فيما يلي بعضها:

1 ـ المولدات التحريضية: وهي تعطي قوة محركة كهربائية إما متناوبة كما في المنوبات، أو متصلة كما في الدينامو. ويعتمد مبدأ تشغيلها على تغير التدفق في وشيعة تدور في مجال يوجد فيه حقل مغنطيسي ثابت.

2 ـ محولات التيار المتناوب: تتألف المحولة من دارة أولية مقترنة مغنطيسياً مع دارة ثانوية. إذا مر تيار متناوب في الأولية تحرض تيار متناوب في الثانوية بسبب التدفق الذي يجتازها لأنه ينتج عن حقل مغنطيسي متغير يولده تيار الأولية المتناوب.

3 ـ المحركات الكهربائية: يعتمد مبدأ تشغيل المحرك على مرور تيار كهربائي في وشيعة موضوعة في حقل مغنطيسي، فتؤثر فيها قوى مغنطيسية لها عزم يؤدي إلى دورانها.

4 ـ تسريع الإلكترونات في المسرِّعات: يستخدم الحقل الكهربائي المتحرض الناتج عن تغير التدفق لتوليد (ق.م.ك) تعمل على تسريع الإلكترونات في البيتاترون. [الذي يُعدّ مثالاً حياً لواقعية الحقول الكهربائية المتحرضة].

5 ـ هناك كثرة من التطبيقات تعتمد على تيارات فوكو كالتسخين في أفران التحريض وكالتخميد أو الكبح المغنطيسي في الأجهزة التي تعمل على التحريض.

 

محمد قعقع

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

تيارات فوكو ـ البيتاترون (مسرعات الجسيمات).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ بيير فلوري، جان بول ماتيو، الفيزياء العامة والتجريبية، الترجمة العربية، مطبوعات المجلس الأعلى للعلوم ـ الكتاب الأول.


- التصنيف : الكيمياء و الفيزياء - النوع : علوم - المجلد : المجلد السادس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 68 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة