السراج الوراق
سراج وراق
Al-Sarraj al-Warraq - Al-Sarraj al-Warraq
السِّرَاجُ الورَّاقُ
(615 ـ 695هـ /1218 ـ 1295م )
سِراجُ الدين عمرُ بن محمد المصري أبو حفص، المعروف بالسِّراج الورَّاق، شاعر الظرف والفكاهة، ولد في مصر وتوفي في القاهرة.
تثقف بثقافة عصره، وربطته علاقات مع أدباء عصره أمثال الجزار والحمَّامي وغيرهما، ومع الوزير ابن حنا (ت707هـ)، الذي كان مقرِّباً للشعراء.
تولى كتابة الدَّرج (الورق الذي يكتب فيه) لوالي مصر، غير أنه احترف الوِراقة (وهي الكتابة للآخرين) وبها لُقّب، وترك عمله في كتابة الدرج، وكان يدعو إلى العمل وطلب الرزق، بعيداً عن الشعر والأدب.
قال ابن شاكر: «ملكت ديوان شعره، وهو في سبعة أجزاء»، وقد جمع خليل ابن أيبك الصفدي (ت776هـ) مختارات من شعره، وسماها (لمع السِّراج).
أما شعره فيمتاز بالسهوله والوضوح، لا تكلف فيه ولا تقعّر، وهو حسن التخيل، جيد المقاصد، صحيح المعاني، عذب التراكيب.
وأغراضه الشعرية كثيرة، أهمها المدح الذي تكسب به حيناً، وعبّر به عن فرحه وإعجابه حيناً آخر، مثلما فعل في مديح الظاهر بيبرس الذي شيّد المدرسة الظاهرية في القاهرة.
أما الغزل عنده فهو مقدمات لقصائد المدح، والورَّاق بارع في التقديم معنى وأسلوباً، ولكنه يفتقر إلى الصدق العاطفي، والحرارة المشبوبة، لغياب التجربة الذاتية، فغزله ليس إلا تملح وتظرف، وضرب من التقليد، يغلب عليه التجديد في المعاني، والإغراق في الصنعة، وإيراد الغريب من القول والتشبيه.
ويظل غرض الشكوى أبرز ما في شعره، فنسمعه يندب حظه العاثر، ويرثي فقره، ويشكو ندرة الكرام، وفساد الزمان، ومما قاله في صفة عصره:
أَمَّا السَّماحُ فقد مضَى وَقد انقضى
فَتَسلَّ عنهُ وَلا تَسَلْ عن خُبرهِ
لذلك يُلمح في شعره نبرة اليأس والإحساس العميق بالغربة والوحدة التي اعتاض عنها بالسخرية من نفسه ومجتمعه، فقد يسخر من مركوبه ـ أي الحمار ـ ويُنطق جوخته المهترئة من كثرة لبسها على الوجهين، وهو يغمز من حديثها بآفة النفاق، وشكا من الحُجَّاب والحراس السود، ممن حالوا بينه وبين ممدوحيه، فقال في صفتهم، وقد ربط بين فعلتهم وحظه الأسود:
أَراهُ يَصدُّعنِّي وَهو لاهٍ
بنُوبي كَليلِ الهجرِ وَالصَّدْ
فَإِنْ لم يَرْعَني لبيَاضِ لوني
فيرعاني لحظِّّي وَهوَ أسود
وأما الجانب الفني من شعره فيُظهر تأثر الورَّاق بأسلوب عصره، إذ طغت المعاني الدينية والمصطلحات اللغوية والأدبية، وغيرها من ضروب الصنعة البديعية على شعره، وإن جهد في الأخذ عن القدماء ومضارعتهم في نصاعة صياغتهم وقوة أسلوبهم، وكثرت في شعره المقطوعات، وهي عنده أملح وأجود من القصائد.
وتبقى التورية أبرز صنعة في شعره، قال ابن حجة الحموي (ت837هـ): «لم يزل ابن سناء الملك في باب التورية يتلاعب باختراعاته، إلى أن ظهر السراج، فجلا غياهبها بنور مشكاته».
الورَّاق شاعر الدعابة والفكاهة، وفارس الصنعة، يصوغها كلها بأسلوب سهل، وبساطة في القول، وصنعة قريبة غير عصية على الفهم، من دون أن يؤثر ذلك كله في شعره، فقد كان أديباً فاضلاً، متصرفاً في فنون البلاغة، وهو شاعر مصر في زمانه بلا مدافع.
خليل غريري
مراجع للاستزادة : |
ـ خليل بن أيبك الصفدي، أعيان العصر وأعوان النصر، تحقيق علي أبو زيد وآخرون (دار الفكر، دمشق 1998م).
ـ شوقي ضيف، عصر الدول والإمارات (مصر/ الشام)، (القاهرة 1984م).
ـ محمد زغلول سلام، الأدب في العصر المملوكي (دار المعارف، مصر 1971م).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العاشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 792 مشاركة :