الحضانة custody اصطلاحاً: تربية الولد والقياد بمصالحه.وهي ثابتة على الصغير باتفاق الفقهاء، وحق لكل من الصغير المحضون وللحاضن القائمة بحضانته والأصل فيها أن تكون للإناث، كما تكون للرجال المستحقين لها إلا أن النساء يقدمن عليهم لأنهن أشفق وأصبر، ثم تصرف إلى الرجال، لأنهم على الحماية والصيانة أقدر.

"/>
حضانه
Custody - La garde

الحضانة

الحضانة

 

الحضانة custody اصطلاحاً: تربية الولد والقياد بمصالحه.وهي ثابتة على الصغير باتفاق الفقهاء، وحق لكل من الصغير المحضون وللحاضن القائمة بحضانته والأصل فيها أن تكون للإناث، كما تكون للرجال المستحقين لها إلا أن النساء يقدمن عليهم لأنهن أشفق وأصبر، ثم تصرف إلى الرجال، لأنهم على الحماية والصيانة أقدر.

وتكون للأبوين عند قيام الزوجية بينهما، فإن افترقا فالحضانة للأم باتفاق الفقهاء، لما ورد «أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إن ابني هذا كان بطني له وعاءً وحجري له حواءً وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني، فقال صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به مالم تنكحي».

وهل تجبر الأم على الحضانة؟ ذهب جمهور الفقهاء إلى إجبارها مطلقاً خلافاً للحنفية، فلا تجبر عليها عندهم لاحتمال عجزها، ولكونها حقاً لها تجبر على الاستيفاء إلا إذا لم يوجد غيرها، أو وجد لكره الصغير امتنع عن قبول غير أمه، أو لم يكن له مال، أو كان أبوه معسراً فتجبر عليها حينئذ بالاتفاق وجمهور الفقهاء على أن أم الأم مهما علت تلي الأم في استحقاق الحضانة إذا أسقطت الأم حضانتها أو سقطت لمانع، تقدم فيهن الأقرب فالأقرب، فإذا انعدم وجود الحاضن في جهة أم الأم فهل تنتقل إلى جهة الأب فتصير لأم الأب وإن علت أم للخالة أخت الأم، أم للأب؟ وإذا انعدمت الحاضن في هذه الجهات فهل تكون للأخت أم للعمة؟ أم للجد؟ خلاف بين الفقهاء تولت المصادر الفقهية بيانه بالتفصيل، واعتمد منه قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (139) الترتيب الآتي: «حق الحضانة للأم، فلأمها وإن علت، فلأم الأب وإن علت، فللأخت الشقيقة، فللأخت لأم، فللأخت لأب، فلبنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، فبنت الأخت لأب، فللخالات، فللعمات بهذا الترتيب، ثم للعصبات من الذكور على ترتيب الإرث».

وعالج القانون مـسألـة تعدد أصحاب الحق في المرتبة والجهة الواحدة، فأعطي للقاضي حق اختيار الأصلح منهم للمحضون من دون التقيد بالأكبر أو الأشفق كما ذهب إليه بعض الفقهاء، فنصـت المادة (140) منه على ما يأتي: «إذا تعدد أصحاب حق الحضانة فللقاضي اختيار الأصلح» وهو نظر سديد كما لايخفى.

ولما كانت الحضانة من الولايات وكان الغرض منها صيانة المحضون ورعايته لزم أن يتوافر في الحاضن شروط خاصة تؤهله لأداء هذا الواجب، تولى الفقهاء بيانها.فذكروا الشروط اللازم توافرها في الحاضن عموماً مثل البلوغ والعقل والرشد والأمانة في الدين والاتحاد فيه بين الحاضن والمحضون، والقدرة على القيام بشأن المحضون، وألا يكون فيه مرض معدٍ أو منفّر، كما ذكروا أمن المكان الذي يقيم فيه، وعدم سفر الحاضن أو الولي عنه سفر نقله.

وذكروا من شروط الحاضن من الرجال: أن يكون مَحْرماً للمحضون إذا كان أنثى مشتهاة، وأن يكون عند الحاضن أنثى تتولى أمر الحضانة معه.

وذكروا من شروط الحاضن من النساء: أن تكون ذات رحم محرم من المحضون كأمه وأخته، وألا تقيم في بيت من يبغض المحضون ويكرهه، وألا تكون متزوجة من أجنبي عن المحضون، إلا في حالات منها عدم وجود غيرها، أو ألا يقبل المحضون غيرها، أو عند عدم قبول المرضعة إرضاعه فيكون عندها ولو كانت متزوجة، وألا تمتنع عن إرضاع الطفل إن كانت أهلاً للإرضاع.

وقد أجمـل قانون الأحوال الشخصية السوري هذه الشروط في المادة (137) ونصها: «يشترط لأهلية الحضانة: البلوغ والعقل والقدرة على صيانة الولد صحة وخلقاً» وقرر في الفقرة الثالثة من المـادة (147) أنه: «إذا ثبت أن الولي ولو أباً غير مأمون على الصغير أو الصغيرة يسلّمان على من يليه في الولاية».

ويبدأ وقت الحضانة من الولادة، ولا خلاف في هذا، أما حد النهاية فقد اختلفوا فيه، فعند افتراق الزوجين هل تنتهي الحضانة عند بلوغ المحضون السابعة أم الثامنة أم التاسعة أم البلوغ، أو عند الزواج ودخول الزوج بالمحضونة؟

وهل يختلف الأمر بين الذكر والأنثى؟ وهل للصغير خيار عند نهايتها فيمن يكون عنده أم تجري القرعة؟ والذي اعتمده القانون السوري في المادة (146) أن الحضانة تنتهي بإكمال الغلام التاسعة من عمره والبنت الحادية عشرة.

وإذا كان الولي غير الأب؛ فقد أعطى القانون للقاضي حق اختيار الأصلح من الأم أو الولي أو من يقوم مقامهما حتى تتزوج البنت أو تبلغ، أو يبلغ الصبي سـن الـرشـد، وذلك في الفقرة الأولى من المادة (147).

كما قرر في المادة(145) أن للقاضي إذا نشزت المرأة وكان الأولاد فوق الخامسة أن يضعهم عند أي الزوجين شاء على أن يلاحظ في ذلك مصلحة الأولاد بالاستناد إلى سبب موجب.

والأصل المتفق عليه في مكان الحضانة أن يقيم المحضون مع الحاضن حيث تقيم، لكن لو اضطرت الحاضن أو ولي المحضون إلى السفر والانتقال إلى بلد آخر لايتاح للولي بسببه رؤية المحضون، فهل يرخص لهما بذلك؟

فرق الفقهاء في هذا بين أن تكون الحاضن أماً أو غيرها، وبين سفر الحاضن وسفر الأب، وبين أن يكون السفر للنقلة والانقطاع أو يكون للزيارة والأغراض العابرة. والمهم عند الجميع توفير الفرصة لرؤية الصغير وعدم انقطاع اتصاله بوالديه.

وقد عالج القانون السوري حالات السفر بالمواد(148، 149، 150). فنصت الفقرة الأولى من المادة(148) على منع الأم من السفر بولدها أثناء الزوجية، إلا بإذن أبيه، ورخصت الفقرة الثانية منها سفر الأم الحاضن مع المحضون بعد انقضاء عدتها إذا كان سفرها لبلدها الذي جرى فيه عقد نكاحها ولو بدون إذن الأب. وأجازت الفقرة الثالثة منها للأم الحاضنة أن تسافر بالمحضون داخل القطر إلى البلدة التي تقيم فيها أو إلى البلدة التي تعمل فيها لدى أي جهة من الجهات العامة شريطة أن يكون أحد أقاربها المحارم مقيماً في تلك البلدة، وأعطت الفقرة الرابعة منها للجدة لأم نفس الحق المعطى للأم بالفقرتين الثانية والثالثة السابقتين، وأعطت الفقرة الخامسة منها لكل من الأبوين حق رؤية أولاده الموجودين لدى الآخر دورياً في مكان وجود المحضون، وعند المعارضة في ذلك أجازت للقاضي أن يأمر بتأمين هذا الحق وتعيين طريقة تنفيذه فوراً دون حاجة إلى حكم من محاكم الأساس، وعلى من يعارض في الإراءة أو في طريقتها أن يراجع المحكمة، وتطبق على من يخالف أمر القاضي أحكام المادة (482) من قانون العقوبات السوري التي تنص على أن الأب والأم وكل شخص آخر لايمتثل أمر القاضي فيرفض أو يؤخر إحضار قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة مئة ليرة سورية.

أما المادة (149) فقد منعت الحاضن إذا كانت غير الأم من السفر بالصغير دون إذن وليه، كما منعت المادة (150) سفر الأب بالولد في مدة حضانته إلا بإذن حاضنته.

واتفق جمهور الفقهاء على أن نفقات المحضون من طعام وشراب ولباس في مال المحضون إن كان له مال، وإلا فعلى من تلزمه نفقته، واختلفوا في الأجرة على الحضانة هل تستحقها الحاضنة سواء أكانت أماً أم غيرها، وهل يختلف الأمر بين أن تكون الأم في عصمة أبي المحضون أو مطلقة، وبين أن يكون الأب موسراً أو معسراً، وبين أن يكون للمحضون مال أو لايكون، كما اختلفوا في نفقة السكنى للمحضون والحاضن.

وقد عالج قانون الأحوال السوري مسائل الأجرة في المواد 142و143و144، فقرر في المادة (142) أن أجرة الحضانة واجبة على المكلف بنفقة الصغير وتقدر بحسب حال المكلف بها، وقرر في المادة(143) أن الأم الحاضنة لاتستحق أجرة على الحضانة حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق، وقرر في المادة (144) أن المكلف بأجرة الحضانة إذا كان ميسراً أو عاجزاً عنها وتبرع بحضانة الصغير أحد محارمه، خيرت الحاضن بين إمساكه بلا أجرة أو تسليمه لمن تبرع بها.

وعالج مسائل الأجرة على الرضاع في المادتين 152 و153، وأما مسائل النفقة العامة فقد عالجها في الباب الرابع (نفقة الأقارب) ضمن المواد (154 و155 و156 و159)، فقرر في المادة 154 أن نفقة كل إنسان في ماله، وفي المادة 155جعل نفقة الولد على أبيه إذا لم يكن للولد مال، إلا إذا كان الأب فقيراً عاجزاً عن النفقة والمكسب، لآفة بدنية أو عقلية، وأن النفقة تستمر للأولاد إلى أن تتزوج الأنثى، ويصل الغلام إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله.

وفي المادة (156) بيَّن أن المكلف بنفقة الولد عند عجز الأب عنها من تجب عليه عند عدم وجود الأب، وتكون هذه النفقة ديناً للمنفق على الأب يرجع عليه بها إذا أيسر.

وفي المادة (159) قرر أن نفقة كل عاجز عن الكسب لآفة بدنية أو عقلية على من يرثه من أقاربه الموسرين بحسب حصصهم الإرثية.

وتسقط الحضانة بالاختيار إذا رغب عنها من له الحق فيها، فيحل محله من يليه في الأحقية إلا إذا لم يقبل الصغير غير صاحب الحق فيجبر الحاضن حينئذ، ولا خيار له في تركها رعاية لجانب الصغير، كما تسقط حكماً إذا فقد من له الحق شرطاً من الشروط المعتبرة يقدح في قدرته على رعاية الصغير وحفظه، كما يسقط بزواج حاضنته من غير القريب المحرم للصغير، إلا في حالات سبقت الإشارة إليها ضمن شروط الحاضن من النساء. واتفقوا على أن عمل المرأة لايسقط حقها في الحضانة ما دامت قادرة على القيام بشؤون الصغير، وقد بين القانون السوري ذلك في المادة (139) فقال: «لايسقط حق الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة»، كما اتفق جمهور الفقهاء على أن حق الحضانة إذا سقط لموجب يعود إذا زال موجب السقوط وبهذا أخذ القانون السوري في المادة (141).

محمد هشام برهاني 

الموضوعات ذات الصلة:

الزواج ـ الطلاق. 

مراجع للاستزادة:

ـ شمس الدين محمد بن أحمد عرفة الدسوقي، الشرح الكبير (دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1382هـ/1962م).

ـ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني على مختصر الخرقي (مطبعة الإمام، القاهرة، 1384هـ/1964م).

ـ مرعي بن يوسف الحنبلي، غاية المنتهى (طبعة أمير قطر، قطر 1377هـ/ 1957م).


- التصنيف : الشريعة - النوع : دين - المجلد : المجلدالثامن، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 356 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة