logo

logo

logo

logo

logo

الميكانيك السماوي

ميكانيك سماوي

Celestial mechanics - Mécanique céleste

الميكانيكُ السَّماويُّ

 

الميكانيك السماوي celestial mechanics هو ذلك الفرع من علم الفلك الذي يدرس الحركات الانسحابية والدورانية والتشوهية للأجرام السماوية، الطبيعي منها والصنعي، نتيجةَ التجاذباتِ التثاقلية المتبادلة بين هذه الأجرام. وكان الفيزيائي الإنكليزي إسحاق نيوتن[ر]Isaac Newton  ت(1642-1727) أوّلَ من قدم عرضاً رياضيّاً متَّسقاً للميكانيك السماوي عام 1687م، مستنداً في عمله إلى قوانينه الثلاثة في الحركة وقانونه في التجاذب التثاقلي الكوني.

وتجدر الإشارة إلى أن الأساس الذي اعتَمد عليه نيوتن في التوصّل إلى نتائجه؛ هو أعمال الفلكي البولوني نيقولا كوبرنيك Nicolaus Copernicus ت(1473-1543)، والفلكي الإيطالي غاليليه (غاليليو غاليلي)[ر] Galilee (Galileo Galilei) ت(1564-1642)، والفلكي الدنماركي تيخو براهي[ر] Tycho Brahe ت(1546-1601)، والفلكي الرياضي الألماني يوهانس كبلر[ر] Johannes Kepler ت(1571-1630).

وقد سمحت قوانينُ نيوتن الأربعةُ بصوغ مسائلِ الميكانيك السماويّ (الذي يُسمّى أحياناً الميكانيكَ التثاقليَّ gravitational mechanics) بلغة المعادلات التفاضلية العادية[ر] من المرتبة الثانية. وغالباً ما تكون الحسابات التي تُجرى لتعيين حركات الأجرام السماوية جدّ معقدة، لأن هذه الأجرامَ واقعةٌ باستمرار تحت تأثير عدد كبير من القوى المختلفة، إضافةً إلى كونها دائمة الحركة.

كان نيوتن أيضاً أوّل من توصّل إلى حلٍّ كاملٍ لمسألة جسمين two- body problem (أي تعيين حركة جسمين نتيجة تجاذبهما التثاقلي المتبادل، بإهمال القوى الأخرى)، ومن ثَمَّ تمكَّن من تعيين حركاتِ أقمارِ كوكبِ المريخ[ر]حوله؛ وحركة القمر حول الأرض، وحركةِ الأرضِ حول الشمس. ولابدّ من الإشارة إلى أن مسألة جسمين هي المسألةُ الوحيدةُ التي حُلّتْ حلاًّ كاملاً في الميكانيك السماوي. و يُعيِّن حلُّ هذه المسألة موقعَ كلٍّ من هذين الجسمين بالنسبة إلى الآخر في أيّ وقتٍ،إضافة إلى تعيين كتلة ِ كلٍّ منهما. بَيْدَ أن مسألة جسمين تفترضُ وجوداً مثاليـاً لهما لا يتحقق في الطبيعة؛ ذلك أنّ ثمة قوى أخرى تؤثر فيهما باستمرار؛ مصدرُها أجسامٌ مادية وظواهرُ فيزيائية أخرى. ومع ذلك، ففي كثير من الحالات (أنظمة النجوم الثنائية مثلاً) توفر مسألةُ جسمين وصفاً لحركتيهما قريباً جدّاً من الواقع. وعندما يكون عددُ الأجسام أكبر من اثنين (الشمس والكواكب في النظام الشمسي، الحشود النجميّة، وغيرها)، تصبحُ مسألة تعيين حركات هذه الأجسام غاية في التعقيد.لذلك يقال غالباً: إنه لا يوجد لمسألة ن من الأجسام n-body problem عندما يكون ن 3 حلٌّ تحليلــيٌّ كاملٌ، لكنها تُحَلُّ عددياً باستعمال الحواسيب المتطورة، التي توفر للمعادلات التفاضلية للحركة حلولاً عددية قريبةً من الحل الحقيقي لها بأي درجة مطلوبة من الدقة. وتجدر الإشارة إلى أن أستاذ علم الفلك بجامعة كولومبيا الأمريكية والاس إيكرت Wallace Eckert كان أول من استعمل الحواسيب بكثافة لحساب مدارات الأجرام السماوية.

تتجلى أبسط حالة لمسألة جسمين في حركة ساتلٍ (قمر) صنعيٍّ في مدارٍ دائريٍّ حول الأرض. في هذه الحالة، تكون الكتلة ك للساتل مهملةً مقارنةً بكتلة الأرض كـ، ومن ثـَمّ يكون تأثيرُه التثاقلي في الأرض مهملاً، وهذا يعني أن من الممكن إهمال التسارع الذي يُحدثه الساتل في الأرض. وفي حركة الساتل الدائرية المنتظمة حول الأرض، تكون قيمة قوة جذب الأرضِ له مساويةً ك سر2/ر حيث سر سرعة الساتل، ر نصف قطر مداره حول الأرض. لكن قوة الجذب هذه تُحَدَّد بقانون نيوتن الرابع، أي بالقيمة ثا ك كـ/ر2، حيث ثا هو ثابت الجاذبية. إذن:

ك سر2/ ر = ثا ك كـ/ر2

ومنه ينتج أن

توفر هذه المساواة البسيطة سرعة أيّ جسمٍ صغير الكتلةِ يدور في مدار دائريٍّ حول جسم آخر كبير الكتلة نسبياً. لكن السرعة الحقيقية للسواتل التي تدور حول الأرض وفق مدارات دائرية تختلف قليلاً عن السرعة المحدَّدة بالمساواة الأخيرة لعدة أسباب من ضمنها الشكلُ غيرُ الكرويِّ للكرة الأرضيّةِ؛ وتوزعُ الكتلة فيها؛ وقوى الجذب التثاقلّيةُ للقمر والشمس؛ والضغطُ الإشعاعيُّ؛ ومقاومةُ الجوِّ الأرضيِّ (عندما يكون مدار الساتلِ قريباً من الأرض). وتسمَّى القوى الناشئة من هذه الأسباب قوى غيرَ مركزيّة non-central forces، ويُحْسَبُ حسابها عادةً بإضافة حدود إلى معادلات حركة جسمين؛ تُسمّى حدوداً اضطرابيَّةً perturbation terms.وتعيَّن هذه الحدود باستعمال نظرية الاضطرابات perturbation theory التي تَدْرُسُ الطرائق الرياضية المستعملة في إيجاد حلِّ مسألةٍ لا يمكن إيجاد حل تام لها؛ وذلك انطلاقـًا من حل مسألة قريبة منها؛ مثل مسألة حركة جسمين.

ولابدّ من الإشارة إلى أن قوانين نيوتن في الحركةِ وقانونه في الجذب العامّ تعجز أحياناً عن تقديم تعليل لبعض الحركات المتعلقة ببعض الأجرام السماوية. وكمثالٍ على ذلك لم تسمح هذه القوانين بتفسير الحركة التقدمية لحضيض كوكب عُطارد في مداره حول الشمس. لكن عندما سمحت نظريةُ أينشتاين في النسبيّة العامة[ر] بتفسير هذه الحركة وغيرها من المسائل الفلكية - مثال ذلك تحديد مدارات النبّاضات الثنائية binary pulsars - تبيَّن للفلكيين أنه لابد لهم في بعض الحالات من تطبيق نظرية النسبية العامة. ومع ذلك مازال من الممكن حل معظم مسائل الميكانيك السماويِّ حلاَّ مرضياً باستعمال الميكانيك النيوتنيّ التقليدي. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، مازال هذا الميكانيك مستعملا ًبنجاح كبير في مسائل السواتل الصنعية؛ إذ تستند المعادلات المستعمـَلة في تحديد حركاتها استناداً كاملاً تقريبـاً إلى طرائق الميكانيك التقليدي.

خضر الأحمد

الموضوعات ذات الصلة:

الفلك ـ الكواكب ـ النسبية.

مراجع للاستزادة:

ـ خضر الأحمد، أسس الميكانيكا السماوية (عمادة شؤون المكتبات - جامعة الملك سعود، الرياض 1981).

ـ ألان و. هيرشفيلد، اختلاف المنظر النجمي، ترجمة خضر الأحمد (مكتبة العبيكان، الرياض2003).

ـ توماس ت. آرني، استكشافات ومقدمة في علم الفلك، ترجمة أحمد الحصري وسعيد الأسعد ( دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق 1998).

- H. POLLARD, Mathematical Introduction to Celestial Mechanics (Prentice- Hall, New Jersey,1968). JOHN D. FIX, Astronomy: Journey to the Cosmic Frontier (Mosby 1995).


التصنيف : الرياضيات و الفلك
النوع : علوم
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 259
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1086
الكل : 45602458
اليوم : 3141

الغرر (عقود-)

الغرر (عقود ـ)   مفهومها ورد مصطلح عقود الغرر contrats aléatoires في التقنينات المدنية العربية، حيث ذُكِرَ عنواناً للباب الرابع من الكتاب الثاني من القسم الأول من التقنين المدني السوري وكذلك المصري، وقد استمُدَّت هذه التسمية من الفقه الإسلامي فالمؤلفات القانونية غالباً ما تشير إلى هذا النوع من العقود باصطلاح العقود الاحتمالية. وتقارن عقود الغرر عادةً بالعقود المحددة التي يستطيع فيها كل من المتعاقدين ـ وقت إبرام العقد ـ تحديد القدر الذي أُخِذَ والقدر الذي أُعطي. ففي عقد البيع[ر] ـ بثمن ومبيع محددين ـ يستطيع كل من البائع والمشتري تحديد قيمة المبيع والثمن وقت إبرام العقد. أما العقد الاحتمالي فهو الذي يكون المقابل فيه احتمال مكسب أو خسارة لكل من المتعاقدين احتمالاً يتوقف تحققه على حادثة غير مؤكدة الوقوع، وبالتالي فإن المتعاقدين لايستطيعان ـ وقت إبرام العقد ـ تحديد مقدار الغنم والغرم من عقدهما.   ويعدّ الفقه الإسلامي هذا النوع من العقود باطلاً لأن النبيr قد نهى عن بيع الغرر. لذلك فإن أي جهالة بالمعقود عليه وقت إبرام العقد يعد غرراً داخلاً في دائرة التحريم مما يؤدي إلى بطلان العقد.
المزيد »