logo

logo

logo

logo

logo

المياه الجوفية

مياه جوفيه

Underground water - Nappe phréatique

المياه الجوفية

 

المياه الجوفية underground water هي المياه التي تتجمع سواء في المناطق المشبعة أم غير المشبعة مائياً، في «خزانات المياه الجوفية» الرئيسة تحت سطح الأرض، أو في الفراغات والشقوق بين الصخور وحبيبات التربة والرمل والحصى، وتنتقل هذه المياه فيها ببطء، على خلاف التدفق السطحي السريع للمياه. ويعتمد معدل تدفقها على نوعية التربة ومساميتها ونفاذيتها، إذ يتحرك الماء بحرّية في الترب والصخور ذات النفاذية العالية وعلى نحو بطيء في الطبقات الطينية ذات النفاذية المنخفضة.

قديماً كان يعدّ مصدر الماء في باطن الأرض لغزاً محيراً وغير معروف، مما أدى إلى ظهور العديد من النظريات الخاطئة التي اقترن بعضها بالسحر والقوى الخارقة. وقد كان من المسلم به مدة طويلة أن مصدر المياه الجوفية هو البحار والمحيطات التي يتحول ماؤها المالح إلى ماء عذب أو أقل ملوحة نتيجة مسارها الطويل في أقنية وفوهات أرضية تحت تأثير ضربات الأمواج، ولكن تبين فيما بعد أنه لا توجد قنوات مابين البحار وجوف الأرض، ولا تفقد مياه البحر ملوحتها بتسربها إلى جوف الأرض، أو أيضاً أن الهواء يتكاثف، ويتحول إلى ماء في مسامات التربة حيث إن كثيراً من المختصين كان يعدّ أن الماء والهواء مادة واحدة، ولكنهما في طورين مختلفين. وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين منذ بدء نزول القرآن الكريم آمنوا بأن كل ما في الأرض من ماء مصدره السماء، إذْ قال تعالى في القرآن الكريم: )ألم ترَ أن الله أنزلَ من السَّماءِ ماءً فسلكَهُ ينابيعَ في الأرضِ( (الزمر 21) إضافة إلى كثير من الآيات الكريمة التي تصف الدورة المائية التي أعطت المسلمين عنها تصوراً شاملاً وصحيحاً في أذهانهم عن مصدر المياه الجوفية، في حين أن المفهوم الحقيقي للدورة الهدرولوجية عند الأمم الأخرى لم يظهر إلاّ في نهاية القرن السابع عشر.

وعموماً ثبت أن أصل المياه الجوفية هو الماء السطحي سواء أكان هذا الماء طبيعياً مثل الأمطار والأنهار والبحيرات أم ناتجاًً من تدخل الإنسان، مثل المياه المتسربة إلى الأعماق في أثناء الري.

نظريات تشكل المياه الجوفية

1- نظرية التسرب: وهي من أقدم نظريات تشكل المياه الجوفية، وضّحها العالمان الفرنسيان بيرو Perrault وماريوت Marriott بأن التسرب هو عملية انتقال الهطل المائي أو المياه السطحية عبر مسامات الصخور وشقوقها الصغيرة إلى باطن الأرض أما ما يتعلق بتسرب مياه الأنهار والبحيرات والخزانات خلف السدود السطحية إلى باطن الأرض، فلا يمكنها ذلك لأن أحواض الأنهار والسدود تغطيها طبقات غضارية كتيمة، وفي حال غيابها تتوقف المياه عند وصولها إلى طبقة كتيمة أعمق وعلى الرغم من ذلك لم تستطع نظرية التسرب أن تفسر مصدر المياه الجوفية في بعض المناطق الصحراوية حيث تكون كمية الهطل المطري ضئيلة جداً، إضافةً إلى أنها تتبخر سريعاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة فيها.

2- نظرية التكاثف: طرح العالم الألماني فولغر Wolger- عام 1877 في أثناء انتقاده نظرية التسرب - نظريةً تقول إن أبخرة الماء تتكاثف في الصخور المسامية الباردة المتوضعة في الطبقات العلوية من الأرض، ومن ثم تتجمع نواتج الأبخرة لتشكل المياه الجوفية، وحسب رأي فولغر فإن الهواء الحامل لبخار الماء والمتغلغل في مسامات التربة والصخور الباردة الواقعة تحتها وبملامستها يتكاثف عليها بما يشبه الندى.

وقد انتُقدت هذه النظرية من قبل بعض العلماء الذين نفوا حدوث التكاثف بدعوى أنه يكون مترافقاً بإفرازٍ حراريٍ يسبب ارتفاع درجة حرارة الصخور بسرعة، ومن ثم تتوقف عملية التكاثف.

3- نظرية المياه العذرية: طرحها العالم زيوس Zius في نهاية القرن التاسع عشر، وتتلخص بأن اللافا (الماغما) تكون مشبعة بعناصر مختلفة في الحالة الغازية، منها الهدروجين والأكسجين ونتيجة لحركة الماغما بفعل الحركات التكوينية وما ينتج منها من تغيرات في درجة الحرارة والضغط تبدأ هذه العناصر تدريجياً بالانطلاق متحررة من الماغما، ويتشكل من اتحاد الأكسجين والهدروجين بخار الماء الذي يبدأ مع الغازات الأخرى بالصعود باتجاه سطح الأرض عبر الشقوق ومستويات الفوالق والمناطق الضعيفة المقاومة. وفي هذه الأثناء وحسب الشروط السائدة للحرارة وللضغط تؤدي مجموعة من التفاعلات الكيمياوية المعقدة إلى تكاثف المواد الغازية والأبخرة، فتتحول إلى مواد منحلة وغير منحلة ومحاليل مائية، ويتبخر قسم من هذه الأبخرة والغازات في أثناء صعودها، لذلك سميت بالمياه العذرية لأنها لا تشارك في الدورة الهدرولوجية، وتكون ملوحتها ودرجة حرارتها عاليتين.

4- النظرية الترسيبية: تقول الصياغة الأولية لهذه النظرية التي طرحها العالم أندرسون Anderson  ت(1908) بأن المياه الشديدة الملوحة في الصخور ليست سوى المياه المتبقية من البحار القديمة التي تشكلت في الوقت نفسه مع توضعات الترسبات في الأحواض البحرية، ومع مرور الزمن تعرضت هذه المياه لتغيرات كبيرة نتيجة للعمليات المعقدة التي جرت داخل الأرض، وتسمى المياه المتكونة بهذه الطريقة بالمياه الرسوبية أو المياه المقبورة.

5- نظرية المنشأ الكيمياوي: يؤكد العالم زفارنيسكي Safarnysky وجود إمكانات أخرى لتشكل المياه الجوفية إذ من المعروف أن كثيراً من الفلزات والصخور تحوي في تركيبها المياه، ويمكنها أن تتخلى عن قسم منها لتغيّر التوازن في الشروط الفيزيائية والكيمياوية، وتتجمع هذه المياه لتشكل مكمناً للمياه الجوفية.

حالات المياه الجوفية في الأراضي

تصنف في ست حالات كما يأتي (الشكل 1):

الشكل (1) حالات المياه الجوفية في الأراضي

   

1- مياه في حالة البخار الذي يملأ مع الهواء الجزء الحر غير الخالي من الماء في التربة والصخور، ويتميز بقدرته الكبيرة على الحركة في الاتجاهات كافة بفعل فرق المرونة (نسبة تغيرات الرطوبة وفرق الرطوبة).

2- المياه المرتبطة فيزيائياً بسطوح الصخور وبقوى تفوق كثيراً قوة الثقالة الأرضية فكلما زادت سماكة المياه حول سطح جزيء التربة ضعفت قوة الارتباط، وصارت على شكل غشاء حول حبيبات التربة وتدعى حينئذ المياه الغشائية ذات الارتباط الفيزيائي الضعيف.

3- المياه الثقالية: وتسمى المياه النقطية السائلة، تتشكل حينما تتناقص القوى المثبتة للمياه الغشائية على جزيئات الصخر، وتستمر سماكتها بالازدياد إلى حين انعدام تأثيرها، فتبدأ بالخضوع إلى القوى الثقالية التي تسهل حركة هذه المياه في المسامات وشقوق الصخر لتصل إلى مستوى المياه الجوفية مسهمة في تغذيتها.

4- المياه الشعرية: ولها قوة توتر سطحي تسمى قوى الالتصاق أو الشد السطحي، وتكون أكبر من قوى الثقالة الأرضية.

تعد المياه الشعرية حالةً خاصةً من المياه الثقالية التي تتكون بعد انعدام تأثير قوى الشدّ على المياه الغشائية، وتتحرك إلى الأسفل باتجاه مستوى المياه الجوفية، ماعدا جزءاً منها يتحرك إلى الأعلى بفعل الخاصة الشعرية، وتقف هذه المياه في المستوى الذي تتساوى فيه قوى الشد السطحي والثقالة الأرضية المطبقة عليها.

5- المياه المتجمدة: تتكون حينما تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر من المياه الغشائية والمياه الثقالية المتجمدة في الصخور الهشة على شكل بلورات وعدسات أو طبقات جليدية.

6- المياه المرتبطة كيمياوياً: وهي المياه المتكونة في الشبكات البلورية للفلزات.

الطبقات الصخرية

تتوافر المياه الجوفية في الطبقات الصخرية من الأرض (الشكل-2)، ويمكن تصنيفها كما يأتي:

الشكل (2) مناطق المياه الجوفية في الطبقات الصخرية

   

- الصخور الرسوبية: تمثل أنسب الطبقات الحاملة للماء، وتكون نسبة المياه الجوفية فيها نحو 59%.

- الصخور النارية: تحتوي على بعض التشققات أو التجاويف الناتجة من الفقاعات الهوائية التي تسمح بتخزين الماء، وتجعلها وسطاً حاملاً له.

- الصخور المتحولة: وهي فقيرة بالماء باستثناء الرخام المتشقق الذي يمكن أن يكون طبقة جيدة لتجمع المياه فيها.

توضّع المياه الجوفية

حسب العلاقات والأوضاع المتبادلة بين الطبقات الحاملة والكتيمة تُميز أنماط عدة من الطبقات الحاملة للماء، كما يأتي (الشكل-3):

الشكل (3) أشكال الطبقات الحاملة للمياه الجوفية

   

1- طبقة المياه الحرة: وتسمى أيضاً المياه غير الارتوازية أو غير الحبيسة. وهي مجموعة الصخور الحاملة للمياه الحرة المتجمعة في المستوى الأول الحامل للمياه بدءاً من سطح الأرض، ويعرفها العالم ميزر Mezer بأنها المياه التي تصب على نحو حر في الآبار. يكون سطحها الحر خاضعاً للضغط الجوي. وهناك نمط خاص يسمى بالمياه الحرة المعلقة تتوافر فوق المستوى الحر للمياه الجوفية بسبب توافر طبقة كتيمة صغيرة الحجم تفيد في تراكم كميات محدودة من هذه المياه.

2- طبقة المياه شبه الحرة: وهي تنتج من عدم التجانس الطبقي في الطبقات الحاملة للمياه الحرّة إذ قد تتألف من طبقة رمل ناعم في الأعلى وطبقة رمل خشن في الأسفل.

3- طبقة المياه الارتوازية: وتسمى طبقة المياه المضغوطة أو طبقة المياه الحبيسة، وتكون عموماً محصورة بين طبقتين كتيمتين من الأعلى والأسفل، وحينما يخترق بئر ما هذه الطبقة يرتفع الماء فوق السطح الفاصل بين الطبقتين الكتيمة العلوية والحاملة إلى ما يسمى بالسطح البيزومتري.

4- طبقة المياه الحبيسة غير المضغوطة: وهي الطبقة التي تكون محصورة بين طبقتين كتيمتين أو ضعيفتي النفوذية من الأعلى والأسفل، تتجمع فيها مياه خاضعة لضغط يساوي الضغط الجوي، وتكون هذه الطبقة غير مشبعة بالماء. ويعدّها بعض حالة من الارتوازية، وبعضهم الآخر حالة من المياه الحرة مغطاة بطبقتين كتيمتين.

حركة المياه الجوفية underground water movement

تعتمد حركة المياه الجوفية وسرعتها رئيسياً على نفاذية الصخور والميل (أو الانحدار) الهدروليكي الذي يساوي حاصل قسمة الارتفاع بين نقطتين من المياه على المسافة الكائنة بينهما.

تخضع دراسة حركة سوائل القشرة الأرضية لقوانين ومقتضيات مختلفة، ويعود ذلك إلى اختلاف الأوساط تحت هذه القشرة، وتبين أن الأوساط التي تتحرك فيها المياه الجوفية هي أوساط مسامية ذات شقوق، وهي غير متشابهة وغير متجانسة لذلك فإن نوع الجريان وشكله وسرعته تتغير حسب الوسط.

كما تكون حركة المياه الجوفية إما مستمرة وإما غير مستمرة، إلا أن السرعة الموجهة للجريان لا تتغير مع الزمن، ويسمى هذا الجريان بالجريان المنتظم، غير أنه لا يتوافر في الطبيعة. وعموماً فإن سرعات الجريان في الطبيعة تتغير مع الزمن، وتصنف في نظامين:

نظام الجريان الصفائحي أو المنتظم، ونظام الجريان المضطرب أو غير المنتظم.

إن جريان المياه الجوفية في الوسط المسامي غالباً ما يكون صفائحياً حيث تكون جزيئات السوائل فيه على شكل خطوط متوازية فيما بينها وغير متداخلة وعلى شكل صفائحي، على خلاف الجريان المضطرب الذي تكون فيه جزيئات السوائل غير منتظمة ومتداخلة وذات سرعة كبيرة لجريانها، ويتغير اتجاهها مع الزمن، لكن متوسط سرعتها يكون ثابتاً.

تكون عموماً سرعة المياه بطيئة في الجريان الصفيحي للمياه الجوفية. ووضع العالم هنري دارسي Darcy عام 1856 قانوناً يعبّر عن هذا النوع من الجريان كما يأتي:

Q = V .A

V = K. I

Q = التصريف، V = سرعة حركة المياه الجوفية

K = معامل النفاذية،

dh: فرق الارتفاع.

L: طول العينة.

A = المساحة العرضية

وبصورة عامة لوحظ أن حركة المياه الجوفية وسرعتها هي أقل كثيراً من سرعة المياه السطحية.

مما تقدم تبين أن حركة المياه الجوفية وسرعتها تعتمد اعتماداً كلياً على نفاذية الصخور والميل الهدروليكي، فكلما زادتا تزداد سرعة المياه الجوفية، والعكس صحيح.

العوامل المؤثرة في تذبذب مستوى المياه الجوفية

ـ الهطل المطري: تتوافر علاقة وطيدة بين الهطل المطري والتذبذب في مستوى المياه الجوفية، فكلما كانت كمية المياه المترشحة إلى باطن الأرض كبيرة ارتفع منسوب المياه الجوفية، وبطبيعة الحال فإن منسوب المياه الجوفية يرتفع في مواسم المطر، وينخفض في مواسم الجفاف، ويحتاج ارتفاع المنسوب إلى مدة زمنية حتى تتمكن المياه المترشحة من الوصول إلى مستوى المياه الجوفية، وهذا يعتمد على نفاذية الصخور.

ـ الجريان السطحي: إن مرور المياه الجارية في جزء من الطبقات المائية الحرة يؤثر في مستوى المياه الجوفية. ويمكن عموماً للجريان ما بين المياه السطحية والمياه الجوفية أن يكون متبادلاً وأن يحدث فيما بينهما، وفي حالة تغذية الطبقات المائية من المياه السطحية يلاحظ انخفاض السطح العلوي للمياه السطحية وارتفاع مستوى المياه الجوفية، والعكس صحيح.

ـ التبخر والنتح (التبخر النتحي): يعتمد تأثير التبخر والنتح في مستويات المياه الجوفية على عمق مستوى المياه الجوفية وعلى شدة التبخر، إذ يكون التبخر والنتح في الطبقات المائية العميقة ضعيفين، ويمكن إهمالهما، أما تذبذبات مستوى المياه الجوفية في المناطق التي لا تحتوي على أغطية نباتية فتكون ضعيفة، ويعود عموماً سبب تذبذباته في مواسم نمو النباتات إلى الفواقد الناتجة من التبخر النتحي، وتعود زيادة هبوط مستوى المياه الجوفية في الأيام المشمسة إلى زيادة الفاقد في التبخر، ويصل هذا الهبوط إلى حدّه الأعلى في منتصف ساعات النهار، وتتناقص سرعته في أثناء ساعات الظلام بحيث لا يزيد على مستواه في أثناء النهار.

ـ الضغط الجوي: إن تذبذبات مستوى المياه الجوفية في الطبقات المائية الحرة الناتجة من تغير الضغط الجوي قليلة جداً، وتعد زيادة ضغط الهواء فوق الطبقات المائية الحرة مسؤولة عن هبوط المستوى المائي، أما زيادة الضغط في نطاق التربة فيقلل حجم الهواء مما يؤدي إلى رفع المياه الشعرية، ومن ثم ارتفاع المستوى المائي، ويحدث خلاف ذلك حين نقصان الضغط. ويسبب تغير الضغط تذبذبات كبيرة في الآبار المحفورة في الطبقات المائية المحصورة، ويلاحظ هبوط في مستوى المياه الجوفية في آبار المراقبة حين زيادة الضغط الجوي.

المصادر الرئيسية للمياه الجوفية

- المياه السطحية، مثل الأمطار والأنهار والبحيرات، أو من تدخّل الإنسان، مثل: ماء الري والمياه المحقونة من المجاري، والمصانع وغيرها.

- المياه المتشكلة في أثناء تكوّن الصخور الرسوبية.

- المياه الصهيرية الناتجة من تبخر الصهير.

- المياه الناتجة من النشاط البركاني.

وضع المياه الجوفية في الوطن العربي

الماء شريان الحياة ونبضها على الأرض، ويعدّ في الوطن العربي أهم الموارد الطبيعية على الإطلاق وعاملاً أساسياً ترتكز عليه حياة الإنسان وأنشطته الاجتماعية والاقتصادية في مختلف المجالات، ولاسيما في المجالات الزراعية والصناعية والمنزلية. يتميز هذا الماء من غيره من الموارد الطبيعية بثبات كميته في الكرة الأرضية وبتجدده المستمر في مدة محددة من الزمن بفضل الدورة الهدرولوجية، هذا وقد أشارت الدراسات الشاملة للتوازن المائي على سطح الأرض إلى أن هذه الموارد المائية تفوق عموماً الطلب على المدى المنظور.

وانطلاقاً من هذا الواقع الطبيعي يسود اليوم الاعتقاد أن الموارد المائية هي موارد طبيعية غير محدودة وغير قابلة للاستنزاف، ويمكن استخدامها من دون ضوابط تشريعية أو علمية، ومن ثم فقد شغلت المياه دوراً ثانوياً في حسابات عمليات التنمية إلا أن النمو السكاني وازدياد استهلاك المياه في مختلف القطاعات التنموية التي شهدت تطوراً كبيراً وسريعاً في النصف الثاني من القرن العشرين وظهور أزمات مائية جدّية في مناطق متعددة من العالم أدى إلى تغيّر واضح في المفاهيم المتعلقة بموارد المياه، فنشأت تصورات جديدة ما فتئت أن تحولت تدريجياً إلى قناعات راسخة، مفادها أن الموارد المائية هي موارد محدودة وقابلة للاستنزاف. وتؤكد الدراسات الحديثة أن الإنسان في معظم أنحاء الأرض سيلجأ إلى مياه البحر في مستقبل ليس ببعيد لتغطية حاجاته، ومما يزيد في تفاقم الأزمات المائية أن كثيراً من مصادر المياه صارت عرضة للتلوث ولاسيما في المناطق الصناعية ومناطق التكثيف الزراعي.

تزداد المشكلة تعقيداً في الوطن العربي لأسباب عدة، أهمها كون الجزء الأعظم من أراضيه يمتد عبر أقاليم مناخية جافة وشبه جافة، ومن ثم تجدد المياه يكون ظاهرة غير منتظمة في معظم الأحواض المائية المنتشرة، وتنعدم هذه المياه في الأحواض الصحراوية الكبرى.

ويواجه الطلب المتزايد على المياه والأزمات المائية في الفترات المناخية الجافة باستثمار المخزون الجوفي إلا أن الآثار السلبية التي ظهرت في العديد من الأحواض المائية الجوفية العربية قد ولّدت قلقاً حول مستقبل هذه الأحواض ولاسيما في الأحواض المحدودة الامتداد أو المخزون، وقد زاد في تفاقم الوضع وخطورته تدهور نوعية المياه أو طغيان المياه المالحة في عدد من هذه الأحواض. وفي الواقع فإن هذه المشكلة سوف تزداد مستقبلاً مع تزايد حجم الطلب على الماء، وهذا يقتضي أن يتوافر لدى الجهات المختصة والمعنية تفهم أكبر واهتمام أكثر عمقاً لعوامل توافر المياه وتخطيط بعيد المدى لمواجهة الحاجات المائية والأزمات المتوقع نشوؤها مستقبلاً.

وضع المياه الجوفية في سورية

يتصف مناخ سورية بأنه مناخ المنطقة الجافة أو شبه الجافة، إذ تهطل الأمطار فيها عموماً ما بين شهري تشرين الأول /أكتوبر وأيار/مايو من كل عام، وتسقط الثلوج على مرتفعاتها الجبلية. وتتميز الأمطار بعدم الثبات، وتختلف كمياتها الهاطلة بحدود كبيرة ومن منطقة إلى أخرى ومن عام إلى آخر، ويقدر متوسط هطل الأمطار بنحو/46/مليار م3/سنة.

وقد أدى انخفاض معدلات الهطولات المطرية في القطر والتوسع الكبير في الاستثمار الزراعي للأراضي إلى التوجه نحو استثمار المياه الجوفية بحفر الآبار العديدة لأغراض الري والشرب والصناعة في الأحواض المائية مما سبب استنزاف المياه الجوفية وانخفاض مناسيبها وجفاف بعض ينابيعها وتدني نوعيتها وتلوث معظم الموارد المائية.

تعاني سورية محدودية الموارد المائية ونمواً سكانياً كبيراً يعدّ ضغطاً على الموارد المائية المحدودة، وفي الوقت ذاته تزداد المنافسة على المياه فيما بين الاستخدامات المختلفة.

قسمت سورية إلى سبعة أحواض مائية رئيسة وهي: حوض اليرموك، حوض بردى والأعوج، حوض الساحل، حوض العاصي، حوض البادية، حوض الفرات، حوض دجلة والخابور.

يبلغ وسطي الموارد المائية المتجددة نحو/9929/مليون م3/سنة من دون حصة سورية من نهري دجلة والفرات موزعة بحسب مصادرها كما يأتي:

- موارد مائية سطحية من دون الفرات:/4296/مليون م3/سنة.

- موارد مائية جوفية متجددة:/5633/مليون م3/سنة.

أما حصة سورية من مياه نهر الفرات وفق الاتفاقية المؤقتة الموقعة مع تركيا عام 1987 التي نصت على تخصيص كل من سورية والعراق بغزارة/500/م3/ثا والاتفاقية السورية العراقية عام 1989 التي نصت على توزيع هذه الغزارة بنسبة «42%» لسورية و«58%» للعراق، وبذلك تكون حصة سورية المؤقتة «210» م3/ثا أي «6627» مليون م3/السنة لذا يكون إجمالي الموارد المائية «16.55» مليار م3/سنة.

وقد تبين أن سورية تعاني عجزاً مائياً في ثلاثة أحواض مائية حسب الجدول التالي:

العجز المائي المتوقع لسنة متوسطة (مليون م3)

المجموع

الفرات وحلب

دجلة والخابور

الساحل

العاصي

البادية

اليرموك

بردى والأعوج

-15.8297

-

-4.1897

-

-

-

-9.70

-1.94

وبهدف المحافظة على الموارد المائية في سورية وترشيد استخدامها وتنميتها لابد من مراعاة مايأتي:

1- تحديث قاعدة بيانات الموارد المائية وإحداث قاعدة معلومات مائية وطنية.

2- تنمية المصادر المائية التقليدية وغير التقليدية.

3- اعتماد الأساليب الحديثة في الري الزراعي وترشيد استعمالات المياه للأغراض المختلفة في الأحواض المائية ودراسة إمكانية استثمارها وتطويرها.

4- اتخاذ إجراءات تمنع الحفر العشوائي للآبار لمنع استنزاف المياه الجوفية.

5- التركيز على رفع كفاءة شبكات الري ومشروعات الري الأخرى للتخفيف من الضياعات.

6- الاستفادة من رواجع المياه غير التقليدية بعد المعالجة وتحديد صلاحياتها للاستعمالات المختلفة.

7- حماية الموارد المائية ومراقبة التلوث.

8- وضع مخطط مائي شامل متكامل عام للجمهورية العربية السورية لاعتماده قاعدة أساسية للتخطيط المتكامل للموارد المائية واستعمالاتها الحالية والطلب المستقبلي على المياه لجميع الأغراض ولاسيما للتخطيط البعيد المدى.

9- ضرورة توفير دورات تدريبية اختصاصية سواء داخل البلد أم خارجه لتأمين الخبرات الضرورية في مجالات إدارة الموارد المائية.

رياض بلدية

الموضوعات ذات الصلة:

 الفيجة (نبع ـ) ـ المياه المعدنية.

 


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 166
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 538
الكل : 29668317
اليوم : 48327

بلاسـا (بالنت-)

بَلاسا (بالِنْت ـ) (1551ـ1594م)   بالِنْت بَلاسا Bálint Balassâ  شاعر هنغاري، ولد في بلدة زوليوم Zólyom  في شمالي هنغارية من أسرة بروتستنتية أرستقراطية. كانت حياته محفوفة بالمخاطر في محاربة الأتراك العثمانيين ولاختلافه مع بعض أفراد أسرته الذين حاولوا حرمانه من ميراثه، وقتل في حصار إيسترغوم Esztergom. تلقّى بَلاسا علومه الأدبية على يد الكاتب الشاعر والمصلح الداعية اللّوثري بيتر بورنميزه  Peter Bornemisza ، واكتسب منه معرفته بفن الأدب الإتباعي.
المزيد »