logo

logo

logo

logo

logo

الميناوية (الحضارة-)

ميناويه (حضاره)

Minoan civilization -

الميناوية (الحضارة ـ)

 

الحضارة الميناوية Minoan Civilization إحدى أشهر الحضارات القديمة في بلاد اليونان عامة؛ وحضارة جزيرة كريت خاصة، تُعرف أيضاً باسم الحضارة الكريتية. وقد حملت اسم الحضارة الميناوية نسبة إلى أن ملوك جزيرة كريت في تلك الفترة كانوا يحملون اسماً واحداً أو لقباً واحداً هو مينوس Minos، وهو اللقب الذي ورد في الأسطورة الشهيرة ثيسيوس والمينوتوروس Theseos and Minotauros التي تتحدث عن ملك كريت (مينوس) الذي رزقت زوجه من ثور أهداه إياه إله البحر بوسيدون Poseidon مخلوقاً نصفه الأعلى ثور والأدنى رجل، ولهذا دعي «مينوتوروس»؛ أي الذي نصفه ثور، ولشكل هذا المخلوق الغريب والمخيف، فقد قرر الملك تكليف مهندس يدعى دايدالوس Daidalos إشادة قصر كبير في عاصمة مملكته كنوسوس Knossos شمالي الجزيرة، لإقامته شخصياً مع تخصيص موقع في أساسات القصر لإقامة المينوتوروس، وأُطلق على القصر اسم اللابورنث Labyrinth أو قصر التيه لاحتواء الأساسات على ممرات يصعب على الإنسان الخروج منها أو الدخول إليها. وتشاء الظروف ـ كما أوردتها الأسطورة ـ أن تنتصر كريت على مدينة أثينا في حرب جرت بينهما في تلك الفترة. وأذعنت أثينا المهزومة لشرط إرسال كل سنة سبعة من أبنائها لتقديمهم أضاحي للمينوتوروس، وهي الحال التي استمرت حتى تمكّن الأمير الأثيني الشهير ثيسيوس ابن الملك ايغيوس Aegeos من تدبير خطة لقتل المينوتوروس، ونجح في ذلك بمساعدة أميرة كريتية تدعى أريادنِه Ariadne أعطته كرة من خيوط الصوف طلبت إليه تثبيتها عند مدخل قصر المينوتوروس والاهتداء بها للخروج من الموقع.

جانب من قصر كنوسوس في جزيرة كريت

وانطلاقاً من القاعدة التي تؤكد احتواء معظم الأساطير شيئاً من الحقيقة ـ ما لم تكن تجافي المنطق السليم ـ فقد دفعت هذه الأسطورة ـ غير المنطقية في عدد من جوانبها ـ الآثاري البريطاني السير آرثر إيفانس Sir.A.Evans إلى محاولة تقصي الواقع المفترض في هذه الأسطورة، وتمكن نتيجة حفرياته في موقع قصر كنوسوس، التي استمرت من 1900 ـ 1905م حتى اكتشاف معالم قصر اللابورنث، كما تمكن من اكتشاف كثير من معالم حضارة عصر البرونز في كريت، وخرج إيفانس بمساعدة عدد من زملائه الذين نقبوا في مواقع متعددة في الجزيرة، أو الذين قرؤوا بعض النصوص، ودرسوا الآثار والأوابد المكتشفة إلى وصف الحضارة الميناوية، بأنها حضارة بحرية شكّل البحر عماد حياتها، وأن سفن الكريتيين كانت تنقل المواد الخام والسلع والأدوات المصنعة من العاج والمعادن إلى مراكز كثيرة على السواحل الكريتية وخارجها. وتشهد أطلال قصر اللابورنث وبقايا العاصمة كنوسوس للمهندسين والعمال الكريتيين بالمهارة الهندسية ورقي فن الرسم على الجدران وخارجها الذي بلغ ذروته في قدرة الفنان على تنويع الأشكال البشرية والحيوانية والنباتية، وكذلك في مزج الألوان الدافئة التي حافظت على نضارتها حتى الوقت الحاضر.

واعتماداً على حفائره وتقاريره الخاصة، وكذلك المحاولات التي قام بها عدد من الآثاريين واللغويين لقراءة النصوص التي عثر عليها في عدد من مواقع الجزيرة، وأشهرهم المهندس مايكل فنتريس M.Ventris، فقد اقترح إيفانس تقسيم الحضارة الميناويه إلى ثلاثة أدوار، الباكر من 3000ـ 2100 ق.م، وهو الذي شهد انتقال الحضارة من العصر الحجري المتأخر Neolithic إلى العصر البرونزي، وعاصر بناة الأهرام في مصر، وكانت الحضارة، وقتها تعتمد في تجارتها مع عالم شرقي البحر المتوسط على الكنعانيين (الفينيقيين)، وهو أمر يرجحه العثور على معظم المراكز الحضارية شرقي الجزيرة المقابل للساحل الكنعاني. والدور الأوسط (2100 ـ 1850 ق.م)، وفيه ازدهرت الحضارة الميناوية ازدهاراً كبيراً، وسادت موجة من الترف في معظم المراكز الحضارية التي انتقلت من شرقي الجزيرة إلى معظم أرجائها، وتزامن ذلك مع بدء اعتماد الكريتيين على أنفسهم في استيراد تجارتهم الخاصة وتصديرها إلى شرقي البحر المتوسط. ولعل أهم ما يميز العصر المينوي المتأخر (1580 ـ 1200ق.م) أنه عاصر فترة بناء الامبراطورية المصرية (الأسرة الثامنة عشرة وما بعدها) التي عمت فيها ظاهرة الاتصال القوي والمباشر مع مصر الفرعونية التي فيما يبدو وفرت لتجار كريت أمناً مكّنهم من تبادل مؤثراتهم الحضارية مع عالم شرقي المتوسط حتى سقوط الحضارة نحو 1200 ق.م لمصلحة الحضارة الموكينية [ر].

وبصورة عامة، اتصفت الحضارة الميناوية برقي لا يدانيه رقي آخر لحضارة أخرى معاصرة، ويأتي في مقدمة إنجازات كريت الحضارية، تلك المجموعة القانونية التي عثر عليها في مدينة غورتونا Gortyna ثالث أكبر مدينة في كريت بعد كنوسوس وفايستوس Phaestus، وهي مجموعة قواعد تنظم العلاقة بين الدولة والأفراد وكذلك بين الأفراد أنفسهم.

جرار تخزين في كنوسوس

وتؤكد الدراسات الحديثة انتساب الكريتيين إلى سلالة البحر المتوسط الذي يتصف باستطالة جماجمه؛ وإن كانوا قد تكلموا لغة خاصة بهم لاتعود بأصولها إلى الشرق أوالغرب في البحر المتوسط، وأنهم كانوا لايميلون ـ أسوة بالمجتمعات اليونانية القديمة ـ إلى التعري، بل كانوا يرتدون ثياباً جميلة، ويسكنون في بيوت مخططة بشكل دقيق، وأن المرأة كانت تتمتع بمكانة اجتماعية تداني مكانة الرجل، كما عبدوا آلهة من الطبيعة، لكن تقديسهم للأمومة جعلهم يعبدون إلهة أنثى أرفع مكانة من زوجها الذكر، وعلى شرف هذه الآلهة كانت تعقد الألعاب الرياضية التي احتلت مكانة عظيمة في حياة الكريتيين الاجتماعية التي اعتمدت على نظام اجتماعي إقطاعي، حيث رأس الملك نظاماً إقطاعياً تعهد بموجبه رجال الملك إمداده بالمساعدة عند الحاجة في حالات السلم أو الحرب مقابل مباركته سلطتهم في إقطاعاتهم. ولإيمان هذه المجتمعات الإقطاعية بالحياة بعد الموت، قام الكريتيون بدفن أدوات المتوفى الشخصية؛ وأحياناً أثاث بيته معه في قبره.

وتدل المعلومات المستقاة من النصوص ـ إضافة إلى موقع الجزيرة ـ على أن الكريتيين القدماء مارسوا زراعة الحبوب بأنواعها وغرس الأشجار المعروفة في منطقة البحر المتوسط، وأبرزها التين والزيتون والعنب، وأنهم ربَّوا الحيوانات الداجنة خاصة الأبقار، واستخدموا الحمار وسيلة لمواصلاتهم، وصنعوا أدواتهم من الفخار والخزف، وكذلك بعض الحلي والأسلحة البرونزية، وكانت تجارتهم المحلية مزدهرة؛ يشهد على ذلك توافر الطرق المرصوفة بين مراكز الاستيطان وكثرة المرافئ والعثور على كميات كبيرة من الموازين والمكاييل المدموغة بعلامات خاصة.

مفيد رائف العابد

 الموضوعات ذات الصلة:

 

أثينا ـ موكيناي ـ اليونان.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ مفيد رائف العابد، تاريخ الإغريق (جامعة دمشق، دمشق 1995).

ـ لطفي عبد الوهاب يحيى، الإغريق (جامعة الاسكندرية، بيروت 1989).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 300
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 40545219
اليوم : 75034

فازوف (إيفان-)

ڤازوڤ (إيڤان -) (1850-1921)   إيڤان ڤازوڤ Ivan Vazov كاتب وشاعر بلغاري، وُلِدَ لأسرة تاجر في مدينة سوبوت Sopot التي تسمى اليوم فازوفغراد Vazovgrad، وتوفي في مدينة صوفيا. التحق في عام 1874 باللجنة الثورية السرية التي وضعت هـدفاً لـها تحرير بلغاريا من النير التركي (العثماني).
المزيد »