logo

logo

logo

logo

logo

مانسل (هنري لونغفيل-)

مانسل (هنري لونغفيل)

Mansel (Henry Longueville-) - Mansel (Henry Longueville-)

 

مانسل (هنري لونغفيل ـ)

(1820ـ 1871)

 

هنري لونغفيل مانسل Henry Longueville Mansel فيلسوف إنكليزي تلقى تحصيله العالي في اسكتلندا وفرنسا، نشأ في مرحلة حاسمة من تاريخ الفكر الإنكليزي، حينما كانت التجاذبات الفكرية حول بعض المسائل هي الشغل الشاغل لفلاسفة العصر، وأهم هذه المسائل كانت علاقة الإنسان بالوحي، هذه المسألة التي كانت تُعد العمود الفقري لمعظم الحوارات الفكرية في ذلك العصر، وكان على الفكر أن يحسم نهائياً علاقة الإنسان بالوحي، ومن ثمّ علاقة الإنسان بالمطلق، وفي هذه المرحلة الحاسمة التي ظهر بها مانسل، بدأت الفلسفة تستعيد مكانتها في إنكلترا.

أهم مؤلفات مانسل: «الميتافيزيقا أو فلسفة الوعي» (1857)، «حدود الفكر الديني» «فلسفة المشروط» (1866).

يُعد مانسل تلميـذاً مخلصـاً لـ«وليـم هاملتـون» [ر] (William Hamilton (1788- 1856، وقد كانت معظم مشروعاته الفكرية محاولة جادة لإعادة صياغة أفكار هاملتون بدقة أكبر، وأهم هذه الأفكار هي؛ أن المعرفة الإنسانية لايمكن لها أن تبلغ المطلق، ولا يمكن للعقل الإنساني أن يصل إلى عالم اللاهوت، ومن هنا فإنه من الاستحالة تأسيس لاهوت عقلاني، بمعنى آخر لا يمكن تأسيس علم لاهوت بالمعطيات نفسها التي يتأسس عليها العلم التجريبي، هذا العلم الذي تُعد النسبية أهم صفاته وخصائصه، إذن: هو ينطلق من مبدأ النسبية بالدرجة الأولى وينتهي بعدم جدوى أي محاولة لحل هذا التناقض الكبير، بين إمكانية العلم التي تبقى محدودة ونسبية، ووجود المطلق الذي يحمل بداخله جميع الإمكانات التي لايمكن اكتشافها ولايمكن الوصول إليها، وهذا ما يعني عدم جدوى بناء أي نقد أو اعتراض علمي على المسائل المتعلقة بالوحي، لأن الوحي منزّه عن أي مشكلات أو أزمات يطرحها العلم، بحدوده المرتبطة بصورة نهائية بحدود العقل البشري، هذه الحدود لا تسمح للعقل بأن يُقحم نفسه في المطلق؛ فجميع الإشكاليات الناجمة عن فكرة المطلق هي إشكاليات تقع فوق متناول العقل، فإن تعذر فهم المطلق فلا بد من الإيمان به، وهنا تبرز مشكلة العلاقة بين الإيمان والمعرفة، انطلاقاً من أن المعرفة تتعلق بطبيعة الإنسان المحدودة في حين يتعلق الإيمان بتلك المسائل التي لايمكن للإنسان الوصول إليها، فهي خارج متناول عقله، فبهذا تتبلور نقطة انطلاق مانسل في تفكيره الفلسفي، وهي تلك الصعوبات، والتناقضات، الناجمة عن تلك العلاقة بين محدودية العقل وإمكانية البحث في مسائل اللاهوت المتعلقة بالمطلق، ليبرر ضرورة الإيمان.

ويرى مانسل أن الإيمان بالعقيدة المسيحية، بما يتفرع منها من عقائد فرعية كالنعمة الإلهية والقصاص الأبدي، هو واجب كل مسيحي على الرغم من ذلك التناقض الظاهري الذي قد ينعـكس من علاقة النعمة الإلهية والقصاص، لأن فكرة القصاص الأبدي لا تتناسب مع فكرة الله، مطلق المحبة والتسامح والعدالة، لكن هذا التناقض ليس سوى تناقض ظاهري وليس جوهرياً، لأن الإنسان بطبيعته الدنيوية لايستطيع أن يرى سوى المسائل الجزئية المحدودة ويستحيل عليه أن يرى الكل، وهذه هي طبيعة الإنسان التي من خلالها يمكن فهم مبدأ النسبية في كل ما يحيط بالمعرفة الإنسانية، ولا يوجد أي مسوّغ للإنسان أن يحاول معرفة صفات الله أو أن يحـاول تصور الله بوساطة صفاته الإنسانية، وأخلاقه النسبية، فطبيعة الإنسان المحدودة، لا تسمح له بأن ينتقل بمعرفته وطرائقها إلى الله. وقد صاغ مانسل أفكاره في كتابه «حدود الفكر الديني»  The Limits of Religious Thought. وهو مجموعة من المحاضرات المتفرقة، حاول مانسل فيه أن يُبرر بعض النتائج اللاهوتية المترتبة على مذهب هاملتون القائم على الظاهرية واللاأدرية [ر]، وتتلخص الفكرة المركزية لهذه المحاضرات من أن أي محاولة لمعرفة طبيعة الله لايمكن أن تنجح ولا أحد يستطيع أن يصل إلى معرفة الله، لأن الإنسان المتناهي والمحدود، والذي تقوم طبيعته في الأساس على ما هو متناهي، وهذه الطبيعة بجميع تجلياتها في الأشياء والحواس والعواطف ومحدودية العقل، لايمكن أن تصل إلى إدراك اللامتناهٍ. وقد أثارت آراء مانسل موجة كبيرة من النقد وعلى رأس هؤلاء النقاد جون ستوارت مل [ر] John Stuart Mill (1806- 1873). وقد أسهمت فلسفة مانسل في تحريك الفكر الإنكليزي وتجديد مقوماته، ومن هنا تبرز أهمية مانسل في تاريخ الفكر الإنساني.

عصام عبود

الموضوعات ذات الصلة:

الدين ـ الميتافيزيقا.

مراجع للاستزادة:

ـ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة (دار القلم، بيروت، د.ت).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 573
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 476
الكل : 31104716
اليوم : 6106

الفابية (الفابيانية)

الفابية (الفابيانية)   لم تكن إنكلترا في نهاية القرن التاسع عشر حاضنة لحركات اشتراكية متطرفة في برامجها. فعلى الرغم من شعور الكثرة بضرورة إحداث تغيير اجتماعي، إلا أن المهتمين بأفكار كارل ماركس K.Marx كانوا قلة؛ واليساريين، ولاسيما من الطبقة الوسطى المتعلِّمة، كانوا يطمحون إلى شيء مغاير، أقل عدائية من أفكار ماركس في حال تطبيقها، فوجدوا ما يبغونه إيديولوجياً في «الجمعية الفابية» (ويلفظها بعضهم الفابيانية) Fabian Society التي أسسها في تشرين الأول/أكتوبر عام 1883 إديث نِسْبيت Edith Nesbit وهيوبرت بلاند Hubert Bland اللذان كوّنا مجموعة حوار اشتراكي مع إدوارد پيز Edward Pease.
المزيد »