logo

logo

logo

logo

logo

محفوظ (عصام-)

محفوظ (عصام)

Mahfouz (Issam-) - Mahfouz (Issam-)

محفوظ (عصام ـ)

(1939 ـ 2006)

 

عصام محفوظ، شاعر وكاتب مسرحي وناقد لبناني، يعدُّ رائد المسرح اللبناني الحديث على مستوى التأليف في النصف الثاني من القرن العشرين. ولد محفوظ في جديدة مرجعيون في جنوبي لبنان، كان والده عبد المسيح شاعراً وطبيب أسنان. تلقى عصام تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس بلدته، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية سافر إلى باريس، حيث حصل على دبلوم الدراسات المعمقة من «معهد الدراسات العليا» في الأدب الفرنسي، وعاد إلى الوطن ليعمل في الصحافة المحلية منذ عام 1959، واستقر في بيروت.

بدأ عصام محفوظ نشاطه الأدبي شاعراً، فرافق تجربة مجلة «شعر» بين عام 1958- 1968 الرائدة في الشعر العربي الحديث، إلى جانب يوسف الخال، وأنسي الحاج، وأدونيس وغيرهم، ونشر أول دواوينه عام 1959 بعنوان «أشياء ميتة»، ثم «أعشاب الصيف» (1961)، و«السيف وبرج العذراء» (1963)، و«الموت الأول» (1973). ثم أعلن هجره الشعر نهائياً إلى لغة تعبير جديدة، هي المسرح، بعد أن تركت قصائده بصمة واضحة في مسيرة الشعر العربي الحديث.

شهدت بيروت في مرحلة الستينات وحتى منتصف السبعينات تجارب خصبة أدبياً وفنياً وفكرياً، وتطورات سياسية راديكالية في الوسط الثقافي تسعى إلى تغيير المجتمع والعالم. ومحفوظ ابن تلك المرحلة وأحد المسهمين في صناعتها؛ كان على الصعيد النظري ماركسياً منحازاً إلى الفقراء والمضطهدين، وانتسب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم انسحب منه رافضاً صرامة التنظيم وطغيان الفكر الإيديولوجي. ومع بروز جيل جديد من المخرجين المسرحيين والممثلين الذين تأثروا بتجارب المسرح الأوربي الحديث شرقاً وغرباً، دخل محفوظ خضم التجربة المسرحية مؤلفاً. وما يلفت النظر هنا هو كونه أول الداعين إلى الابتعاد عن اللغة الشعرية في المسرح، وهو الشاعر، وأول من خطا في لبنان الخطوة الحاسمة لفصل النوع المسرحي عن النوع الأدبي. وهو برأي الباحثة خالدة سعيد، كاتب أول مسرحية قابلة للعرض على الخشبة، تتعامل مع القضايا والمواقف الإنسانية والفكرية التي صدرت عنها الحركة الحديثة، من دون أن يجيء ذلك من خلال العبارة الأدبية والتعبير المجرد، بل من خلال المشهد والموقف المسرحي وبناء الشخصية وعلاقات الشخصيات فيما بينها وبناء المشاهد. لذلك من الطبيعي أن يكون صاحب البيان المسرحي الحديث رقم 1، الذي نشره في مقدمة مسرحيته الأولى والرائدة «الزنزلخت»، كتب محفوظ هذه المسرحية عام 1964 ونشرها عام 1969، لكنها عُرضت عام 1968 بمشاركة أبرز ممثلي تلك الحقبة: ريمون جبارة، ومادونا غازي، ونبيه أبو الحسن، وفيليب عقيقي، وبإخراج بيرج ڤازليان. وفي أواخر التسعينات عادت إليها المخرجة الشابة عبلة خوري لما وجدت فيها من نضارة مسرحية وراهنية سياسية لم تنضب.

كتب محفوظ جميع مسرحياته باللغة المحكية اللبنانية، داعياً إلى لغة مسرحية تشبه لغة الحياة اليومية بدل أن تشبه لغة الكتب، ورأى في ذلك جزءاً من عملية فصل المسرحي عن الأدبي، وشرطاً من شروط تعزيز اللغة المشهدية المبنية على الموقف والعلاقة والحركة. وانطلاقاً من ذلك قدَّم محفوظ تصوره اللغوي لمسرحية بيكيت[ر] «في انتظار غودو» التي أخرجها الفنان شكيب خوري عام 1967 في عرض لافت، أكَّد موقف محفوظ لغوياً في الترجمة. وتابع الكاتب توجهه هذا في مسرحيته الثانية «القتل» (1969)، ثم انخرط عام 1970 في تجربة العمل المسرحي الجماعي وقدَّم مع «محترف بيروت للمسرح» نصه الجديد «كارت بلانش» بمشاركة كل من روجيه عساف ونضال الأشقر [ر. لبنان (المسرح في-)]. ونحو عام 1970 أيضاً كتب محفوظ مسرحية «الديكتاتور»، ثم مسرحية «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71؟».

كان عام 1970 منعطفاً أساسياً في حياة عصام محفوظ العملية والإبداعية، ففيه صار أستاذاً لمادة التأليف المسرحي في الجامعة اللبنانية، وبدأ في صحيفة «النهار» بتحرير صفحة أسبوعية تظهر كل يوم سبت، استمرت سبعة وعشرين عاماً، وكان لها تأثير محسوس ومهم في الوسط الثقافي، نتيجة ما كانت تقدمه للقارئ من زاد ثقافي ومعرفي بأفق تقدّمي حداثي وجذاب شكَّل مدرسة وتياراً في النقد الصحفي وعرض الكتب ومحاورة الأفكار.

وبعد صدور مسرحية «قضية ضد الحرية» (1975)، وعند اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، غادر محفوظ بيروت إلى باريس حيث أقام حتى عام 1981. وعلى الرغم من نشره عام 1984 مجموعة «مسرحيات قصيرة» ثم مسرحية «التعري» (2001) إلا أنه كان عملياً قد فقد الإيمان بدور المسرح التغييري في المجتمع عقب تجربة الحرب ونتائجها، ولاسيما أن مسرحه كان سياسياً بامتياز.

وكما تخلّى محفوظ عن لغة الشعر سابقاً، تخلى في ذلك الحين عن لغة المسرح على الخشبة، ودخل ميدان الدراسات الأدبية والكتابات النقدية في صياغات جديدة مشبعة بالتراث الحواري الآتي من تجربته المسرحية الناقدة ذات السمات الجمالية الخاصة، فقدَّم مجموعة من الكتب الحوارية تستنطق التراث الفكري العربي فتضيئه بنور تجديدي يقاوم تحنيطه، ومنها «سيناريو المسرح العربي في مئة عام» (1981)، و«مسرح القرن العشرين» في جزأين (2002)، و«حوار مع الشيخ الأكبر ابن عربي» (2003)، و«حوار مع الملحدين في التراث» (2004)، وغيرها كثير، فقد بلغ عدد كتبه المطبوعة نحو خمسة وأربعين، بعضها في الرواية والشعر والفن التشكيلي والسياسة إضافة إلى المسرح.

في أواخر عام 2005، أصيب محفوظ بجلطة دماغية وشلل نصفي أديا إلى وفاته، في حالة مأساوية من العوز المادي والعزلة الاجتماعية.

محمد نبيل الحفار

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

لبنان ـ المسرحية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ علي الراعي، «المسرح في الوطن العربي»، سلسلة عالم المعرفة، العدد 248، الكويت 1999.

ـ خالدة سعيد، الحركة المسرحية في لبنان (1960- 1975) تجارب وأبعاد (منشورات مهرجانات بعلبك الدولية، بيروت 1998).


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 33
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 598
الكل : 31217955
اليوم : 43112

الحَبكة (في الأدب)

الحبكة في الأدب   الحبكة (plot بالإنكليزية و intrigue بالفرنسية) مصطلح حديث الاستخدام نسبياً في لغة النقد الأدبي، والحبكة في الأدب التخييلي fiction هي بنية structure مؤلفة من مجموعة أحداث (أفعال actions) مترابطة فيما بينها، قد تتشابك بسبب تعارض الرغبات وبسبب عوامل خارجية لا سلطة للإنسان عليها، أي إن هناك صراعاً ومعوقات، وقد نظّم المؤلف تسلسل أو تداخل هذه الأحداث بوعي انتقائي. وبالتالي ترتبط الحبكة ارتباطاً وثيقاً بالجانب الدرامي في فنون السرد (الملحمة، الرواية، القصة، الحكاية) وفي فنون المسرح المأساة، الملهاة، المشجاة، الهزلية، الأوبرا، الأوبريت).
المزيد »